خطبة عن (منزلة اليقين بالله تعالى ووسائل بلوغها)
أبريل 20, 2016خطبة عن (كيف يُختبر اليقين؟)
أبريل 20, 2016الخطبة الأولى (كيف نصل إلى منزلة اليقين بالله ؟ وكيف نتربى عليه؟)
الحمد لله رب العالمين ..اللهم لك الحمد كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك .. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له .وأشهد أن محمدا عبده ورسوله اللهم صل وسلم وبارك عليه وعلى آله واصحابه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
قال الله تعالى : ( الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ (3) وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَبِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ (4) أُولَئِكَ عَلَى هُدًى مِنْ رَبِّهِمْ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) (3 ): (5) البقرة
إخوة الإسلام
كيف نصل بأنفسنا إلى اليقين بالله تعالى ؟ وكيف نتربى على اليقين؟.. وكيف نرتقي بإيماننا إلى هذه المرتبة السامية والمنزلة الرفيعة ؟، وبداية أقول: إن التوفيق بيد الله عز وجل، وأن المواهب بيده، فما على العبد إلاّ أن يلتجأ إليه، وأن يصدق في الإقبال عليه، فيسأل ربه قائماً، وقاعداً أن يرزقه الإيمان الكامل، واليقين الجازم الراسخ الذي لا يتزعزع. ومع ذلك فعليه أيضاً أن يبذل الأسباب التي توصله إلى هذه المرتبة، ومن هذه الأسباب: العلم: قال بعض السلف: ‘العلم يستعملك –فتعمل بمقتضاه- واليقين يجملك’ فإن العلم إذا رسخ؛ أثمر اليقين الذي هو أعظم حياة القلب، وبه طمأنينته وقوته ونشاطه . وهذا العلم الذي يحتاج إليه العبد ليصل إلى مرتبة اليقين يشمل: العلم بالله عز وجل، وعلمه بأنه سبحانه هو المعبود وحده لا شريك له، وأنه لا يستحق العبادة أحد سواه، فلا يلتفت قلبه إلى أحد من الخلق، ولا يتعلق بهم، وهو يعلم أيضاً ربوبية الله عز وجل للكائنات، وأن أَزِمَّة الأمور بيده، وأنه مدبر هذا الكون ومُصَرِّفه، وأن الخلق عبيده يربيهم ويتصرف بهم، إذا علم العبد ذلك اطمأن إلى رزقه؛ لأن الأرزاق بيد الله، فهذا من معاني ربوبية الله عز وجل، وإذا علم العبد ذلك اطمأن إلى أجله؛ لأن الآجال بيد الله عز وجل، وإذا علم العبد ربوبية الله عز وجل؛ اطمأن إلى أقداره، وإلى عطاءه ومنعه، فلا يعترض على الله، ولا يقترح، ويتقدم بين يدي الله عز وجل، ولا يسيء الأدب معه. والعلم بالله يشمل أيضاً: العلم بأسمائه وصفاته، فيعلم أن الله هو العظيم الأعظم، فلا يعظم أحد في عينه عظمة لا تصلح إلا الله، ويعلم أن الله عز وجل هو الجبار القاهر، القادر القوى المتين، فلا يهاب المخلوقين، وإنما يعظم الخوف من الله عز وجل في نفسه، ويعلم أن الله هو الرقيب، فلا تمتد عينه إلى الحرام، ولا تمتد يده إلى الحرام، ولا تخطو رجله إلى الحرام؛ لأن يقينه راسخ بأن الله هو الرقيب، وأن ما يخفى على المخلوقين لا يخفى على الله جل جلاله؛ فتسكن جوارحه، وتلتزم طاعة ربها ومليكها ، فلا يصدر منه شيء ينافي هذا الإيمان، وإذا علم أن ربه قوي؛ عرف أن ربه قادر على أن يمنعه من كل المخاوف، وأن الله قادر على حفظه، فهو يلجأ إلى ركن قوى، فيفوض أموره إليه، فيكون بذلك متوكلاً على الله لا متوكلاً على ذاته، ويكون متوكلاً على الله لا متوكلاً على أبيه، ويكون متوكلاً على الله لا متوكلاً على ذكائه، ويكون متوكلاً على الله لا متوكلاً على سوقه ومتجره ومصنعه. إذا عرف العبد ربه معرفةً صحيحة بأسمائه وصفاته؛ فإنه يرضى بالله عز وجل رباً، ويذوق حلاوة الإيمان بهذا الرضا: [ ذَاقَ طَعْمَ الْإِيمَانِ مَنْ رَضِيَ بِاللَّهِ رَبًّا…] رواه مسلم . ويؤمن بقضاء الله وقدره، فتمر به الآلام والمصائب، والأمور المكروهة. وهو ساكن مطمئن لا يتزعزع ولا يصدر منه ما يصدر من السفهاء الذين لم يعرفوا الله عز وجل المعرفة اللائقة به،
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية (كيف نصل إلى منزلة اليقين؟ وكيف نتربى عليه؟)
الحمد لله رب العالمين ..اللهم لك الحمد كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك .. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له .وأشهد أن محمدا عبده ورسوله اللهم صل وسلم وبارك عليه وعلى آله واصحابه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
والعلم أيضاً كما أنه علم بالرب المعبود ، فهو أيضاً علم بالنفس وبالخلق: فيعلم الانسان قدر نفسه ، ومدى ضعفه وعجزه، فلا يركن إلى نفسه، ولا يركن إلى المخلوقين؛ لعلمه أنهم مربوبون، وأن الله عز وجل يصرّفهم ويدبّرهم كيف يشاء ، ومن ثم فلا يمتد طمعه إلى أحد من هؤلاء الضعفاء العاجزين، وإنما يكون ملتفتاً إلى الله عز وجل، ولهذا قال بعض أهل العلم: ‘إذا أردت اليقين فكن أفقر الخلق إلى الله’ مع أن الله أغنى ما يكون عنك . الأمر الثاني: مما يقوى اليقين في نفس الإنسان: دفع الواردات والخواطر والأمور المنافية له: ولهذا كان جهاد الشيطان على مرتبتين اثنتين: جهاده فيما يُلقيه من الشبهات والوساوس والخواطر المزعزعة لليقين، فهذا لا يسلم منه إلا إذا دفعه العبد، وجاهد هذا الشيطان بدفع هذه الخواطر والوساوس والشُبه، فلا يقرأ في كتب الشُبه، ولا يناقش أهل الشُبه، ولا يسمع منهم، ولا يجعل قلبه عرضة لكل آسرٍ وكاسرٍ وقاطع طريق، فلا يدخل في المنتديات في شبكة الإنترنت التي تُلقى الشُبه من قِبَل زنادقة، ومن قِبَل ضُلال ممن ينتسبون إلى الإسلام، أو ينتسبون إلى غيره، فلا يجعل قلبه عرضة لسهام هؤلاء، فقد يدخل فيه شئ ولا يخرج منه؛ ولذلك فإن من الأمور المهمة التي تُعين العبد على الوصول لمرتبة اليقين هو أن يدفع الخواطر والوساوس، وأسباب الشكوك والشبهات،
الدعاء