خطبة عن (مما يعين على محاسبة النفس )
فبراير 4, 2016خطبة عن ( محاسبة النفس )
فبراير 4, 2016الخطبة الأولى ( فوائد محاسبة النفس )
الحمد لله رب العالمين .. اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والإيمان. ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام.. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.. نشهد أنه بلغ الرسالة وأدى الأمانة ونصح الأمة اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
قال الله تعالى : (يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ) (18) الحشر ،
إخوة الإسلام
ونواصل الحديث عن محاسبة النفس وفوائد وثمار محاسبتها : فعلك أخي المسلم أن تحاسب نفسك قبل أي عمل وقبل أن تقوم به ، هل هو لله ؟،أم لدنيا ؟ أم لشهوة ؟ فإن كان لله فاستعن بالله ثم حاسب نفسك أثناء العمل وأخلص النية. وأخيراً حاسب نفسك بعد العمل ، أن لا يخالطه عجب ولا رياء ثم استغفر من كل نقص . ومن فوائد محاسبة النفس أنها تذكر الإنسان وتبعث فيه الاستعداد للقاء الله – عز وجل – الذي سوف يكون بين يديه الحساب فها هو الأحنف بن قيس كان يجيء بالمصباح فيضع أصبعه ثم يقول : حس يا حنيف ما حملك على مافعلت يوم كذا ويوم كذا ألك قدرة على النار ؟ ، وها هو عمر بن الخطاب يخاطب نفسه كما يقول أنس أني سمعته وبيني وبينه جدار وهو يحاسب نفسه ويقول :(عمر بن الخطاب أمير المؤمنين بخ بخ والله لتتقين الله أو ليحاسبنك الله ويكررها ) ، وقال الحسن البصري : في قوله ((وَلا أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ)) القيامة:2 ، قال نفس المؤمن لا تلقى المؤمن إلا يعاتب نفسه ماذا أردت بكلمتي ماذا أردت بأكلتي والفاجر يمضي قدماً لا يعاتب نفسه ، وهذا الربيع بن خثيم كان له تحت سريره حفرة كلما رأى من نفسه إقبالاً على الدنيا نزل فيها وكأنه في قبره ويصبح ويبكي وكأنه في عداد الموتى ويقول : رب ارجعون رب ارجعون ثم يصعد من الحفرة ويقول يا نفس ها أنت في الدنيا فاعملي صالحاً ويقول إبراهيم التيمي مثلت لنفس كأني في الجنة أكل من ثمارها ، وأشرب من أنهارها وأطوف في وديانها ، وأعانق أبكارها ، ثم مثلت لنفسي وكأني في النار آكل من زقومها وأشرب من حميمها ، وأصيح بين أهلها ثم قلت يا نفس أي دار تريدين؟ فقالت أعود إلى الدنيا فأعمل صالحاً ، كي أنال الجنة ،فقلت يا نفسي ها أنت في الدنيا فأعملي إخوة الإسلام
والناظرُ في حالِ الناسِ اليوم ، يرى رُخص النفوسِ عند أهلِـها ، ويرى الخسارةَ في حياتِـها لعدمِ مُحاسبتِها ، والذين فقدوا أو تركوا محاسبةَ نفوسِهم سيتحسرون في وقتٍ لا ينفعُ فيه التحسر ، يقول جل شأنه : ( أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يَا حَسْرَتَا عَلَى مَا فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ وَإِنْ كُنْتُ لَمِنَ السَّاخِرِينَ ) الزمر 56. وبتركِ محاسبة النفس ، تسلط الشيطانُ الذي دعا إلى المعصية ، وحذّر من الطاعة ، وزينَ الباطل ، وثبطّ عن العَملِ الصالح وصدّ عنه . وبتركِ محاسبة النفس تمكنت الغفلةُ من الناسِ ، فأصبحَ لهم قلوبٌ لا يفقهونَ بها ولهم أعينٌ لا يبصرونَ بها ، ولهم آذانٌ لا يسمعونَ بها ، أولئكَ كالأنعامِ بل هم أضل ، أولئكَ هم الغافلون .يقول جل وعلا : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنظُرْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ } الحشر 18. يقولُ ابنُ كثيرٍ – رحمه الله – في تفسيرِ قولِه تعالى : { وَلْتَنظُرْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ لِغَدٍ } : (( أي حاسبوا أنفسَكم قبل أن تحاسبوا وانظروا ماذا ادخرتُم لأنفسِـكم من الأعمالِ الصالحةِ ليومِ معادِكم وعرضِـكم على ربِكم ، واعلموا أنه عالمٌ بجميعِ أعمالِكم وأحوالِكم ، لا تخفى عليهِ منكم خافيه )) ويترتبُ – كذلكَ – على ترك محاسبة النفس أمرٌ هامٌ جداً ، ألا وهو هلاكُ القلب ، نعم هـلاكُ القلب ! يقولُ ابنُ القيّم – رحمه الله – : ” وهلاكُ القلب من إهمالِ النفسِ ومن موافقتها وإتباع هواها ” . وقالَ رحمه الله في إغاثةِ اللهفان : ” وتركُ المحاسبة والاسترسالُ وتسهيلُ الأمورِ وتمشيتُـها ، فإنَّ هذا يقولُ بهِ إلى الهلاكِ ، وهذه حالُ أهلِ الغرور ، يُغْمضُ عينيهِ عن العواقبِ ويُمَشّي الحال ، ويتكلُ على العفو ، فيهملُ محاسبة نفسهِ والنظرُ في العاقبة ، وإذا فعلَ ذلكَ سَهُلَ عليه مواقعةُ الذنوبِ وأنِسَ بها وعَسُرَ عليه فِطامُها ولو حَضَرَه رُشْدَه لعلِم أنّ الحميةَ أسهلُ من الفِطام وتركُ المألوف والمعتاد ”
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية ( محاسبة النفس ) 2
الحمد لله رب العالمين .. اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والإيمان. ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام.. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.. نشهد أنه بلغ الرسالة وأدى الأمانة ونصح الأمة اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
وكتبَ عمرُ بن الخطابِ t إلى بعضِ عمُّالِهِ : (( حاسب نفسكَ في الرخاء قبلَ حسابِ الشدة ، فإن من حاسبَ نفسهُ في الرخاءِ قبلَ حساب الشدة ، عادَ أمرُه إلى الرضا والغبطة ، ومن ألهته حياته وشغلتْـهُ أهواؤه عادَ أمرُه إلى الندامةٍ والخسارة )) . وقال الحسن: إن العبد لا يزال بخير ما كان له واعظ من نفسه، وكانت المحاسبة همته. وذكر الإمام أحمد عن وهب قال: مكتوب في حكمة آل داود: حق على العاقل ألا يغفل عن أربع ساعات: ساعة يناجي فيها ربه، وساعة يحاسب فيها نفسه، وساعة يخلوا فيها مع إخوانه الذين يخبرونه بعيوبه ويصدقونه عن نفسه، وساعة يخلي فيها بين نفسه وبين لذاتها فيما يحل ويجعل، فإن في هذه الساعة عوناً على تلك الساعات وإجماماً للقلوب. ولمحاسبة النفس فوائد أخرى أذكر لكم منها: 1- الإطلاع على عيوب النفس، ومن لم يطلع على عيب نفسه لم يمكنه إزالته. 2- التوبة والندم وتدارك ما فات في زمن الإمكان. 3- معرفة حق الله تعالى فإن أصل محاسبة النفس هو محاسبتها على تفريطها في حق الله تعالى. 4- انكسار العبد وزلته بين يدي ربه تبارك وتعالى. 5- معرفة كرم الله سبحانه وتعالى وعفوه ورحمته بعباده في أنه لم يعجل عقوبتهم مع ما هم عليه من المعاصي والمخالفات. 6- مقت النفس والإزراء عليها، والتخلص من العجب ورؤية العمل. 7- الاجتهاد في الطاعة وترك العصيان لتسهل عليه المحاسبة فيما بعد. 8- رد الحقوق إلى أهلها، وسل السخائم، وحسن الخلق، وهذه من أعظم ثمرات محاسبة النفس. ونواصل الحديث عن محاسبة النفس في لقاء قادم إن شاء الله
الدعاء