خطبة عن (من مواقف الشجاعة في حياة الرسول)
ديسمبر 6, 2016خطبة عن (من صور الصبر في حياة الرسول)
ديسمبر 6, 2016الخطبة الأولى ( من أخلاق الرسول صلى الله عليه وسلم : الشجاعة )
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والإيمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له. وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
يقول الله تعالى في محكم آياته مخاطبا عباده المؤمنين : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ) الانفال 45، وروى أحمد في مسنده (عَنْ عَلِىٍّ قَالَ كُنَّا إِذَا احْمَرَّ الْبَأْسُ وَلَقِىَ الْقَوْمُ الْقَوْمَ اتَّقَيْنَا بِرَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فَمَا يَكُونُ مِنَّا أَحَدٌ أَدْنَى إِلَى الْقَوْمِ مِنْهُ.) ،وفي رواية : (عَنْ عَلِىٍّ قَالَ لَمَّا حَضَرَ الْبَأْسُ يَوْمَ بَدْرٍ اتَّقَيْنَا بِرَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- وَكَانَ مِنْ أَشَدِّ النَّاسِ مَا كَانَ أَوْ لَمْ يَكُنْ أَحَدٌ أَقْرَبَ إِلَى الْمُشْرِكِينَ مِنْهُ )
إخوة الإسلام
الشجاعة خلق فاضل ووصف كريم ، لا سيما إذا كانت في العقل والقلب ، وفي الناحيتين المعنوية والحسية على السواء ، وصاحبها من أهل الإيمان والعلم ، وقد كان ـ صلى الله عليه وسلم ـ مثلاً أعلى في الشجاعة كلها .
وقد تجلت شجاعته المعنوية في وقوفه بدعوته الربانية في وجه الكفر وأهله ، إذ كان العالم حين بُعِث ـ صلى الله عليه وسلم ـ قد انصرف عن طريق الله ، وغرق في بحر من المعاصي والآثام والشرك ، فثبت النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ على دعوته يحتمل في سبيلها أشد ألوان الأذى والبلاء .. وقد حاولت قريش معه مختلف الوسائل من الاضطهاد والإيذاء ، والإغراء بالمال والنساء ، والزعامة والملك ، فلم يزدد النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ إلا ثباتاً على دينه ، وتصميماً على إبلاغ دعوته ، حتى كتب الله له الفلاح والنصر ، وأظهر دينه على الدين كله .. أما شجاعته الحسية فعجب من العجب ، يشهد له بها أهل البطولة ، إذ كان من الشجاعة والقوة بالمكان الذي لا يجهل ، حضر المواقف والمعارك الصعبة ، وفر عنه الأبطال والشجعان ، وهو ثابت لا يتزحزح ، ومُقْبِل لا يدبر، وما شجاع إلا وقد أحصيت له فرة إلا رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ، قال علي ـ رضي الله عنه ـ : وقد روى البخاري (عَنْ أَنَسٍ – رضى الله عنه – قَالَ كَانَ النَّبِيُّ – صلى الله عليه وسلم – أَحْسَنَ النَّاسِ وَأَشْجَعَ النَّاسِ ، وَلَقَدْ فَزِعَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ لَيْلَةً فَخَرَجُوا نَحْوَ الصَّوْتِ فَاسْتَقْبَلَهُمُ النَّبِيُّ – صلى الله عليه وسلم – وَقَدِ اسْتَبْرَأَ الْخَبَرَ ، وَهْوَ عَلَى فَرَسٍ لأَبِى طَلْحَةَ عُرْىٍ وَفِى عُنُقِهِ السَّيْفُ وَهْوَ يَقُولُ « لَمْ تُرَاعُوا لَمْ تُرَاعُوا » . ثُمَّ قَالَ « وَجَدْنَاهُ بَحْرًا » . أَوْ قَالَ « إِنَّهُ لَبَحْرٌ » ) .. وفي ذلك بيان لشجاعته ـ صلى الله عليه وسلم ـ ، حيث خرج قبل الناس وحده لمعرفة الأمر ليطمئنهم .. والأمثلة التطبيقية العملية من حياة وسيرة النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ التي تدلل على شجاعته وثباته كثيرة فقد كان رسول الله – صلى الله عليه وسلم – يتقدم أصحابه في الجهاد في سبيل الله ، وقد شج وجهه ، وكُسِرَت رَبَاعِيَتُه – صلى الله عليه وسلم – يوم أحد .
وفي يوم حنين ثبت النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ في وجه الآلاف من هوازن ، بعد أن تفرق عنه الناس خوفا واضطراباً من الكمين المفاجئ الذي تعرضوا له . ويصف البراء بن عازب ـ رضي الله عنه ـ الموقف فيقول لرجل سأله كما في صحيح مسلم (عَنْ أَبِى إِسْحَاقَ قَالَ جَاءَ رَجُلٌ إِلَى الْبَرَاءِ فَقَالَ أَكُنْتُمْ وَلَّيْتُمْ يَوْمَ حُنَيْنٍ يَا أَبَا عُمَارَةَ فَقَالَ أَشْهَدُ عَلَى نَبِيِّ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- مَا وَلَّى وَلَكِنَّهُ انْطَلَقَ أَخِفَّاءُ مِنَ النَّاسِ وَحُسَّرٌ إِلَى هَذَا الْحَىِّ مِنْ هَوَازِنَ وَهُمْ قَوْمٌ رُمَاةٌ فَرَمَوْهُمْ بِرِشْقٍ مِنْ نَبْلٍ كَأَنَّهَا رِجْلٌ مِنْ جَرَادٍ فَانْكَشَفُوا فَأَقْبَلَ الْقَوْمُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- وَأَبُو سُفْيَانَ بْنُ الْحَارِثِ يَقُودُ بِهِ بَغْلَتَهُ فَنَزَلَ وَدَعَا وَاسْتَنْصَرَ وَهُوَ يَقُولُ « أَنَا النَّبِيُّ لاَ كَذِبْ أَنَا ابْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبْ اللَّهُمَّ نَزِّلْ نَصْرَكَ ». قَالَ الْبَرَاءُ كُنَّا وَاللَّهِ إِذَا احْمَرَّ الْبَأْسُ نَتَّقِى بِهِ وَإِنَّ الشُّجَاعَ مِنَّا لَلَّذِي يُحَاذِى بِهِ. يَعْنِى النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم-. ) ، قال ابن كثير في تفسيره بعد سياق هذا الحديث : ” .. وهذا في غاية ما يكون من الشجاعة التامة ، أنه في مثل هذا اليوم في حومة الوغى ، وقد انكشف عنه جيشه ، وهو مع هذا على بغلة ، وليست سريعة الجري ، ولا تصلح لفر ولا كر ولا هرب ، وهو مع هذا يركضها على وجوههم وينوه باسمه ، ليعرف من لم يعرفه – صلى الله عليه وسلم – دائما إلى يوم الدين ، وما هذا كله إلا ثقة بالله ، وتوكلا عليه ، وعلما منه بأنه سينصره ، ويتم ما أرسله له ، ويظهر دينه على سائر الأديان ” ..
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية ( من أخلاق الرسول الشجاعة )
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والإيمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له. وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
وروى مسلم في صحيحه (عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ غَزَوْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- غَزْوَةً قِبَلَ نَجْدٍ فَأَدْرَكَنَا رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فِي وَادٍ كَثِيرِ الْعِضَاهِ فَنَزَلَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- تَحْتَ شَجَرَةٍ فَعَلَّقَ سَيْفَهُ بِغُصْنٍ مِنْ أَغْصَانِهَا – قَالَ – وَتَفَرَّقَ النَّاسُ فِي الْوَادِي يَسْتَظِلُّونَ بِالشَّجَرِ – قَالَ – فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « إِنَّ رَجُلاً أَتَانِي وَأَنَا نَائِمٌ فَأَخَذَ السَّيْفَ فَاسْتَيْقَظْتُ وَهُوَ قَائِمٌ عَلَى رَأْسِي فَلَمْ أَشْعُرْ إِلاَّ وَالسَّيْفُ صَلْتًا فِي يَدِهِ فَقَالَ لِي مَنْ يَمْنَعُكَ مِنِّى قَالَ قُلْتُ اللَّهُ. ثُمَّ قَالَ فِي الثَّانِيَةِ مَنْ يَمْنَعُكَ مِنِّى قَالَ قُلْتُ اللَّهُ . قَالَ فَشَامَ السَّيْفَ فَهَا هُوَ ذَا جَالِسٌ ». ثُمَّ لَمْ يَعْرِضْ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-.) قال ابن حجر في فتح الباري : ” وفي الحديث فرط شجاعة النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ وقوة يقينه ، وصبره على الأذى ، وحلمه عن الجهال ” .
الدعاء