خطبة عن اسم الله ( الغَافِرِ. الغَفَّار. الغَفُور)
نوفمبر 11, 2017خطبة (احذروا فتنة الأموال والأولاد) (أَنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ)
نوفمبر 11, 2017الخطبة الأولى ( من صفات الْمُؤْمِنينَ )
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
يقول الله تعالى في محكم آياته وهو أصدق القائلين : (قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ (1) الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ (2) وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ (3) وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ (4) وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ (5) إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ (6) فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ (7) وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ (8) وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ) (1): (9) المؤمنون ،وقال تعالى : (وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا (63) وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّدًا وَقِيَامًا (64) وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا اصْرِفْ عَنَّا عَذَابَ جَهَنَّمَ إِنَّ عَذَابَهَا كَانَ غَرَامًا (65) إِنَّهَا سَاءَتْ مُسْتَقَرًّا وَمُقَامًا (66) وَالَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا (67) وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا) (63): (68) الفرقان
إخوة الإسلام
ما أشرف أهل الإيمان ، وما أعلى مكانتهم، وما أرفع قدرهم ومنزلتهم عند ربهم جل في علاه ، قال الله تعالى : ﴿ قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ﴾ أي: قد تحقق فلاحهم وفوزهم وسعادتهم في الدنيا والآخرة ، وقد جاء في الحديث عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه مرفوعاً وموقوفا : لمـَّا خلق الله عز وجل الجنة قال لها : تكلمي ، فقالت : «قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ». هكذا نطقت الجنة ، شاهدة بفلاح المؤمنين ،وفوزهم بالنعيم المقيم ،ورضوان رب العالمين ، ولهذا تشتاق النفوس شوقاً عظيما لمعرفة صفات أهل الإيمان ، والتي استحقوا بها هذا الفلاح العظيم ، والفوز المبين في الدنيا والآخرة ، فصفات المؤمنين كثيرة ، وقد أشار إليها الله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم مجملة ومفصلة، قال الله تعالى : (وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) التوبة (71) ، فالمؤمنون متحابون في الله، ينصح بعضهم بعضاً، ويوالي بعضهم بعضاً، ولا يخذل بعضهم بعضاً، ولا يفسد بعضهم بعضاً، ولا يسبّ بعضهم بعضاً، المؤمنون متوائمون فيما بينهم، يتحابّون في الله، ويتواصون بالحق والصبر عليه، ويتعاونون على البر والتقوى، فلا غش ولا حقد، ولا حسد بينهم ، المؤمنون تخشع قلوبهم عند ذكر الله سبحانه وتعالى وعند تلاوة آياته قال تعالى: (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آَيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ) (الأنفال:2) ، ومن صفاتهم : حسن توكلهم واعتمادهم على الله ـ عز وجل ـ وتجردهم من القوّة والحَوْل، ونسبة الفضل كله إلى الله عز وجل. ومن صفاتهم أيضا :خشوعهم أثناء أدائهم الصلاة، واستحضارهم لعظمة الله سبحانه. ومن صفاتهم : إعراضهم عن مجالس اللغو، ونفورهم منها؛ لأنّهم يعلمون أنّها لا تزيدهم إلا سيئات. يبتعدون عن الفواحش، ويحرصون على علاقات نظيفة في دائرة الحياة الزوجية، فيغضون من أبصارهم، ولا يرسلونها في تتبع ما من شأنه إفساد أخلاقهم. قال تعالى : (وَإِذَا سَمِعُوا اللَّغْوَ أَعْرَضُوا عَنْهُ وَقَالُوا لَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ لَا نَبْتَغِي الْجَاهِلِينَ) (55) القصص ، ومن صفات المؤمنين أنهم يؤدون الأمانات التي استؤمنوا عليها، سواء أكانت مادية أم معنوية، ويحرصون على أدائها كاملة غير منقوصة. والمؤمنون يحافظون على أداء صلاتهم في أوقاتها، مستوفية أركانها وشروطها، ويحرصون على الاستقامة في كل شؤون حياتهم. قال تعالى :(وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ (32) وَالَّذِينَ هُمْ بِشَهَادَاتِهِمْ قَائِمُونَ (33) وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ) (32): (34) المعارج ، والمؤمنون يحرصون على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر .و يلتزمون بواجبهم في الدعوة إلى الله ـ سبحانه ـ ويحرصون على أن يكونوا دعاة بسيرتهم وعملهم قبل ألسنتهم وأقوالهم. لديهم استعداد للبذل والتضحية في سبيل الله بأموالهم وأنفسهم. وهم يؤثرون ويفضلون غيرهم من المؤمنين على أنفسهم فيما هم بحاجة إليه. قال تعالى : (وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ) التوبة 71، والمؤمنون من صفاتهم : التزامهم بالصدق ظاهراً وباطناً. ودوام استشعارهم لرقابة الله ـ عز وجل ـ لهم في كل أقولهم وأفعالهم. ويحرصون على أوقاتهم، ويقضونها في شؤون دينهم ودنياهم، وَيَعُفُّونَ أنفسهم وألسنتهم عن سؤال الناس. روى مسلم أن (عَوْف بْن مَالِكٍ الأَشْجَعِيّ قَالَ كُنَّا عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- تِسْعَةً أَوْ ثَمَانِيَةً أَوْ سَبْعَةً فَقَالَ « أَلاَ تُبَايِعُونَ رَسُولَ اللَّهِ » وَكُنَّا حَدِيثَ عَهْدٍ بِبَيْعَةٍ فَقُلْنَا قَدْ بَايَعْنَاكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ. ثُمَّ قَالَ « أَلاَ تُبَايِعُونَ رَسُولَ اللَّهِ ». فَقُلْنَا قَدْ بَايَعْنَاكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ. ثُمَّ قَالَ « أَلاَ تُبَايِعُونَ رَسُولَ اللَّهِ ». قَالَ فَبَسَطْنَا أَيْدِيَنَا وَقُلْنَا قَدْ بَايَعْنَاكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَعَلاَمَ نُبَايِعُكَ قَالَ « عَلَى أَنْ تَعْبُدُوا اللَّهَ وَلاَ تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَالصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ وَتُطِيعُوا – وَأَسَرَّ كَلِمَةً خَفِيَّةً – وَلاَ تَسْأَلُوا النَّاسَ شَيْئًا ». فَلَقَدْ رَأَيْتُ بَعْضَ أُولَئِكَ النَّفَرِ يَسْقُطُ سَوْطُ أَحَدِهِمْ فَمَا يَسْأَلُ أَحَدًا يُنَاوِلُهُ إِيَّاهُ ).
والمؤمنون: يسارعون ويسابقون ويتنافسون في فعل الخيرات. ويتقربون بذلك إلى الله ـ سبحانه ـ ما استطاعوا ،و لهم سَمت خاص بالمحافظة على قيام الليل، وصلاة الجماعة، ولا سيّما العشاء والفجر. والمؤمنون يفهمون الإسلام فهماً سليماً بعيداً عن الغلو والتشدد، ولا ينقطعون عن الدنيا بحجة العبادة. ويبتعدون عن كل الخرافات، والأوهام، ومظاهر الشرك، كالتمائم، والعِرافة، والتنجيم، والكِهانة، والتطيُّر. والمؤمنون يتحلون بعظيم الأخلاق وحسن الصفات، ويحرصون على ألا يظهر منهم إلا طيب السلوك. ولا يقابلون الإساءة بالإساءة، بل العفو منهجهم، والصفح شرعتهم. ولديهم جرعة وشجاعة في قول الحق، ولا يخشون في الله لومة لائم.
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية ( من صفات الْمُؤْمِنينَ )
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
ومن صفات المؤمنين أنهم يوفون بعهد الله ، ويؤدون حقه ويستقيمون على دينه قولا وعملا وعقيدة ولا ينقضون الميثاق، بل يوفون بالمواثيق والعهود ، قال الله تعالى : (وَالَّذِينَ يَصِلُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ وَيَخَافُونَ سُوءَ الْحِسَابِ (21) وَالَّذِينَ صَبَرُوا ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِمْ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً وَيَدْرَءُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ أُولَئِكَ لَهُمْ عُقْبَى الدَّارِ) الرعد (21) ،(22)، فهم يصلون ما أمر الله به أن يوصل من الاستقامة على أمر الله والإخلاص لله سبحانه وتعالى واتباع سنة الرسول صلى الله عليه وسلم ،وهم يتبعون الإيمان بالعمل ومن ذلك بر الوالدين وصلة الرحم ويخشون ربهم الخشية التي تعينهم على طاعة الله تمنعهم من معاصي الله، وهم صبروا على طاعة الله وصبروا عن محارم الله، لا تجلدا ولا عن رياء، ولكن ابتغاء وجه الله وابتغاء الزلفى لديه، وهكذا أهل الإيمان وأهل العلم بالله يصبرون على الشدائد في أداء طاعة الله وفي ترك معاصي الله، وبتبليغ رسالة الله ، ومما ورد في صفات المؤمنين قوله عليه الصلاة والسلام في الحدث الصحيح الذي رواه البخاري (عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ – رضى الله عنهما – أَخْبَرَهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – قَالَ « الْمُسْلِمُ أَخُو الْمُسْلِمِ ، لاَ يَظْلِمُهُ وَلاَ يُسْلِمُهُ ، وَمَنْ كَانَ فِي حَاجَةِ أَخِيهِ كَانَ اللَّهُ فِي حَاجَتِهِ ، وَمَنْ فَرَّجَ عَنْ مُسْلِمٍ كُرْبَةً فَرَّجَ اللَّهُ عَنْهُ كُرْبَةً مِنْ كُرُبَاتِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ ، وَمَنْ سَتَرَ مُسْلِمًا سَتَرَهُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ » ،وفي رواية مسلم : (عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « لاَ تَحَاسَدُوا وَلاَ تَنَاجَشُوا وَلاَ تَبَاغَضُوا وَلاَ تَدَابَرُوا وَلاَ يَبِعْ بَعْضُكُمْ عَلَى بَيْعِ بَعْضٍ وَكُونُوا عِبَادَ اللَّهِ إِخْوَانًا. الْمُسْلِمُ أَخُو الْمُسْلِمِ لاَ يَظْلِمُهُ وَلاَ يَخْذُلُهُ وَلاَ يَحْقِرُهُ. التَّقْوَى هَا هُنَا ». وَيُشِيرُ إِلَى صَدْرِهِ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ « بِحَسْبِ امْرِئٍ مِنَ الشَّرِّ أَنْ يَحْقِرَ أَخَاهُ الْمُسْلِمَ كُلُّ الْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ حَرَامٌ دَمُهُ وَمَالُهُ وَعِرْضُهُ » .تلك هي بعض صفات المؤمنين ، وأخلاق المقربين ، وسمات الصالحين ، ألا فتخلقوا بها ، وكونوا لله طائعين ، كما قال تعالى في كتابه العزيز : (إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (51) وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَخْشَ اللَّهَ وَيَتَّقْهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ) (51) ،(52) النور
الدعاء