خطبة عن حديث (مَنْ كَانَ لَيِّنًا هَيِّنًا سَهْلاً حَرَّمَهُ اللَّهُ عَلَى النَّارِ)
مايو 5, 2018خطبة عن حديث (الْمُؤْمِنُ غِرٌّ كَرِيمٌ وَالْفَاجِرُ خِبٌّ لَئِيمٌ)
مايو 5, 2018الخطبة الأولى ( مع الصحابي : (زَيْدُ بْنُ الْخَطَّابِ )
الحمد لله رب العالمين .. اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والإيمان. ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام.. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.. نشهد أنه بلغ الرسالة وأدى الأمانة ونصح الأمة اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
يقول الله تعالى في محكم آياته وهو أصدق القائلين : {مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا} [الفتح:29]،وروى مسلم في صحيحه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم « النُّجُومُ أَمَنَةٌ لِلسَّمَاءِ فَإِذَا ذَهَبَتِ النُّجُومُ أَتَى السَّمَاءَ مَا تُوعَدُ وَأَنَا أَمَنَةٌ لأَصْحَابِي فَإِذَا ذَهَبْتُ أَتَى أَصْحَابِي مَا يُوعَدُونَ وَأَصْحَابِي أَمَنَةٌ لأُمَّتِي فَإِذَا ذَهَبَ أَصْحَابِي أَتَى أُمَّتِى مَا يُوعَدُونَ ».
إخوة الاسلام
إن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، هم – أبر الناس قلوباً، وأعمقهم علماً ، وأحسنهم خلقاً، واليوم إن شاء الله نريد أن نقترب من أولئك الرجال الأبرار ، لنستقبل فيهم أروع نماذج البشرية ، ولنرى في سيرتهم اسمى ما عرفت البشرية من عظمة ونبل ورشاد ،نقترب منهم لنرى إيمانهم ، وثباتهم ، وبطولاتهم ، وولاءهم لله ورسوله ، لنرى البذل الذي بذلوا ، والهول الذي احتملوا ، والفوز الذي أحرزوا ،نرى الدور الجليل الذي نهضوا به لتحرير البشرية كلها من وثنية الضمير ،وضياع المصير ، حقا ، إنهم فتية آمنوا بربهم ، فزادهم الله هدى ،واليوم إن شاء الله موعدنا مع صحابي جليل ، إنه الصحابي 🙁 زَيْدُ بْنُ الْخَطَّابِ ) ، أما عن اسمه نسبه : فهو زَيْدُ بْنُ الْخَطَّابِ بن نفيل القرشي العدوي، أخو عمر بن الخطاب لأبيه رضي الله عنهما ،وأمه هي أسماء بنت وهب بن حبيب من بني أسد ، وقد قيل في وصفه أنه كان أسمر البشرة شديد الطّول ، ذا هيبة وجلال تعلو وجهه علامات الحزم والعزيمة والإخلاص ، وقد أسلم زيد قديماً قبل أخيه عمر رضي الله عنهما ، وهو من المهاجرين الأولين، وقد قام النبي صلى الله عليه وسلم بالمؤاخاة بينه وبين معن بن عدي ،وظلا معًا حتى استشهدا في اليمامة ، وقد شهد رضي الله عنه بدرًا، وأحدًا، والخندق، والحديبية، والمشاهد كلها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ،فقد كان سيدنا زيد بن الخطاب من طلاَّب الشهادة في سبيل الله؛ ويتجلى حبه للشهادة في سبيل الله في عدة مواقف كان أحدها في غزوة “أُحد” عندما سقط درعه خلال المعركة ، فرآه أخوة سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه فصاح قائلًا: “خذ درعي يا زيد فقاتل به”، فردَّ عليه زيد: “إني أريد من الشهادة ما تريده يا عمر”، وظل رضي الله عنه يقاتل بغير درع في فدائية، ولكن الله لم يكتب له الشهادة في تلك الغزوة ،ومن الأحاديث التي رواها رضي الله عنه ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ما رواه مسلم في صحيحه : (قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ فَلَبِثْتُ لاَ أَتْرُكُ حَيَّةً أَرَاهَا إِلاَّ قَتَلْتُهَا فَبَيْنَا أَنَا أُطَارِدُ حَيَّةً يَوْمًا مِنْ ذَوَاتِ الْبُيُوتِ مَرَّ بِي زَيْدُ بْنُ الْخَطَّابِ أَوْ أَبُو لُبَابَةَ وَأَنَا أُطَارِدُهَا فَقَالَ مَهْلاً يَا عَبْدَ اللَّهِ. فَقُلْتُ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- أَمَرَ بِقَتْلِهِنَّ. قَالَ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَدْ نَهَى عَنْ ذَوَاتِ الْبُيُوتِ).
أيها المسلمون
وبعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم، ارتدت كثير من قبائل العرب، فرفع الصديق لواء الجهاد في وجوه المرتدين حتى يعودوا إلى الإسلام، وكانت حرب اليمامة من أشد حروب الردة، ودارت رحاها بين المسلمين وبين جيوش مسيلمة الكذاب، وكاد المسلمون أن ينهزموا بعد أن سقط منهم شهداء كثيرون، فلما رأى زيد ذلك، صعد على ربوة وصاح في إخوانه: يا أيها الناس، عضوا على أضراسكم، واضربوا عدوكم، وامضوا قدمًا، ثم رفع بصره إلى السماء، وقال: اللهم إني أعتذر إليك من فرار أصحابي، وأبرأ إليك مما جاء به مسيلمة وأصحابه. ثم نذر ألا يكلم أحدًا حتى يقضي الله بين المسلمين وأعدائهم فيما هم فيه مختلفون، ثم قال: والله لا أتكلم اليوم حتى يهزمهم الله أو ألقى الله، فأكلمه بحجتي. ونزل من فوق الربوة عاضا على أضراسه، زاما شفتيه لا يحرك لسانه بهمس، وتركز مصير المعركة لديه في مصير قائد جيش مسيلمة وهو (الرّجال). ثم أخذ سيفه، وقاتل قتالا شديدًا، وعمد إلى الرجَّال بن عنفوة قائد جيوش مسيلمة ،وراح يأتيه من يمين ومن شمال ،حتى أمسكه بخناقه وأطاح بسيفه رأسه المغرور ، وهكذا حقق أمنيته بقتل هذا القائد المرتد، وهذا ما أحدث دمارا كبيرا في نفوس أتباع مسيلمة، وقوّى في الوقت ذاته عزائم المسلمين ، فرفع زيد بن الخطاب يديه الى السماء مبتهلا لربه شاكرا نعمته، ثم عاد الى سيفه وصمته ، وتابع القتال ،والنصر بات مؤكدا للمسلمين، وهنالك تمنى زيد-رضي الله عنه- أن يختم حياته بالشهادة، وتم له ما أراد ، فقد رزقه الله الشهادة في سبيله .
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية ( مع الصحابي : (زَيْدُ بْنُ الْخَطَّابِ )
الحمد لله رب العالمين .. اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والإيمان. ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام.. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.. نشهد أنه بلغ الرسالة وأدى الأمانة ونصح الأمة اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين أما بعد أيها المسلمون
لقد حزن المسلمون لموت زيد حزنًا شديدًا، وكان أشدهم حزنًا عليه أخوه عمر الذي قال حينما علم بموته: رحم الله زيدًا سبقني إلى الحسنيين، أسلم قبلي، واستشهد قبلي. وكان عمر يقول: إن الصبا لتهب فتأتي بريح زيد بن الخطاب، وأبصر عمر رضي الله عنه قاتل أخيه زيد فقال له: ويحك لقد قتلت لي أخا ما هبت الصبا إلا ذكرته. وها هو عمر رضي الله عنه يقول لمتمم بن نويرة: لو كنت أحسن الشعر لقلت في أخي زيد مثل ما قلت في أخيك مالك، وكان متمم قد رثى أخاه مالكًا بأبيات كثيرة، فقال متمم، ولو أن أخي ذهب على ما ذهب عليه أخوك ما حزنت عليه، فقال عمر: ما عزاني أحد بأحسن مما عزيتني به. وهكذا استشهد زيد بن الخطاب رضي الله عنه في معركة اليمامة بعد حياة حافلة بالجهاد، ليستقر في أعلى عليين مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين، وحسن أولئك رفيقًا.
الدعاء