خطبة عن ( جعفر بن أبي طالب وهجرته إلى الحبشة)
مارس 13, 2016خطبة عن ( منزلة عم رسول الله حمزة وفضائله)
مارس 13, 2016الخطبة الأولى عن ( جعفر بن أبي طالب )
الحمد لله رب العالمين .. اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والإيمان. ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام.. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.. نشهد أنه بلغ الرسالة وأدى الأمانة ونصح الأمة اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
يقول الله تعالى في محكم آياته وهو أصدق القائلين : {مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا} [الفتح:29]، وروى مسلم في صحيحه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم « النُّجُومُ أَمَنَةٌ لِلسَّمَاءِ فَإِذَا ذَهَبَتِ النُّجُومُ أَتَى السَّمَاءَ مَا تُوعَدُ وَأَنَا أَمَنَةٌ لأَصْحَابِي فَإِذَا ذَهَبْتُ أَتَى أَصْحَابِي مَا يُوعَدُونَ وَأَصْحَابِي أَمَنَةٌ لأُمَّتِي فَإِذَا ذَهَبَ أَصْحَابِي أَتَى أُمَّتِى مَا يُوعَدُونَ ».
إخوة الإسلام
روى الامام البخاري في صحيحه : ( عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ – رضى الله عنه – أَنَّ النَّاسَ كَانُوا يَقُولُونَ أَكْثَرَ أَبُو هُرَيْرَةَ . وَإِنِّى كُنْتُ أَلْزَمُ رَسُولَ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – بِشِبَعِ بَطْنِى ، حَتَّى لاَ آكُلُ الْخَمِيرَ ، وَلاَ أَلْبَسُ الْحَبِيرَ ، وَلاَ يَخْدُمُنِى فُلاَنٌ وَلاَ فُلاَنَةُ ، وَكُنْتُ أُلْصِقُ بَطْنِى بِالْحَصْبَاءِ مِنَ الْجُوعِ ، وَإِنْ كُنْتُ لأَسْتَقْرِئُ الرَّجُلَ الآيَةَ هِىَ مَعِى كَىْ يَنْقَلِبَ بِى فَيُطْعِمَنِى ، وَكَانَ أَخْيَرَ النَّاسِ لِلْمِسْكِينِ جَعْفَرُ بْنُ أَبِى طَالِبٍ ، كَانَ يَنْقَلِبُ بِنَا فَيُطْعِمُنَا مَا كَانَ فِى بَيْتِهِ ، حَتَّى إِنْ كَانَ لَيُخْرِجُ إِلَيْنَا الْعُكَّةَ الَّتِى لَيْسَ فِيهَا شَىْءٌ ، فَنَشُقُّهَا فَنَلْعَقُ مَا فِيهَا) ، فإذا أراد المرء منا أن يرتقي أو يتقدم أو يفوز بعلو الدنيا وعلو الآخرة فلابد من أن يستضيء بنور أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فهم الذين عضوا بالنواجذ على سنة النبي صلى الله عليه وسلم، وتتجلى روعة أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في أنهم رأوا في الإسلام المنهج السامي الذي يحقق لهم الحياة مثلى في دنياهم وأخرتهم، فتمثلوا بمبادئ الإسلام وتعاليمه إلى أرض الواقع، وحققوها في أنفسهم وفيمن حولهم، فحوت سيرتهم العطرة دروسا وعبرا وحلولا لجل المشاكل التي تعصف بالأمة الإسلامية اليوم .. إنه الماضي الذي نسيناه وأخذنا في خضم الأزمات نبحث عن مخرج في آراء مفكري الغرب تارة والشرق تارة أخرى رغم أن الحل في إسلامنا وما هو منا ببعيد.واليوم إن شاء الله نريد أن نقترب من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم في خشوع وغبطة ، نقترب منهم لنرى إيمانهم ، وثباتهم ، وبطولاتهم ، وولاءهم لله ورسوله ،نرى البذل الذي بذلوا ، والهول الذي احتملوا ، والفوز الذي أحرزوا ،نرى الدور الجليل الذي نهضوا به لتحرير البشرية كلها من وثنية الضمير ، وضياع المصير ، فللإسلام رجال بذكرهم توقظ الهمم، وتحيا القلوب، وفي قصصهم عبر ، و موعدنا اليوم إن شاء الله مع الصحابي الجليل ( جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه ) : فهو جعفر بن عبد مناف ( أبو طالب ) بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصي القرشي الهاشمي، ابن عم رسول الله ، وأخو عليّ بن أبي طالب لأبويه، وهو جعفر الطَّيَّار، وأمه فاطمة بنت أسد بن هاشم بن عبد مناف بن قصي، ولد في مكة المكرمة سنة 34 قبل الهجرة. وأسلم قديمًا، فعن يزيد بن رومان قال: أسلم جعفر بن أبي طالب قبل أن يدخل رسول الله دار الأرقم ويدعو فيها. فقد أسلم بعد إسلام أخيه عليّ بقليل. وروي أن أبا طالب رأى النبي وعليًّا يصليان، وعليّ عن يمينه، فقال لجعفر : “صل جناح ابن عمك، وصلِّ عن يساره”. وقيل: أسلم بعد واحد وثلاثين إنسانًا، وكان هو الثاني والثلاثين. وله هجرتان: هجرة إلى الحبشة، وهجرة إلى المدينة ، وعن صفاته الخلقية والخلقية فعن علي قال: قال رسول الله لجعفر: “أشبهت خُلُقي وخَلْقي”. وكانت أسماء بنت عُمَيْس -رضي الله عنها- تحت جعفر بن أبي طالب ، وهاجرت معه إلى الحبشة، وولدت هناك عبد الله بن جعفر، ومحمد بن جعفر، وعون بن جعفر؛ يقول أبو نُعَيْم الأصبهاني في وصفه لجعفر رضي الله عنه : “هو الخطيب المقدام، السخيِّ المطعام، خطيب العارفين، ومضيف المساكين، ومهاجر المهاجَرتَين، ومصلِّي القِبلتين، البطل الشجاع، الجواد الشَّعشاع)
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية ( جعفر بن أبي طالب )
الحمد لله رب العالمين .. اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والإيمان. ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام.. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.. نشهد أنه بلغ الرسالة وأدى الأمانة ونصح الأمة اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
أما عن هجرته رضي الله عنه إلى الحبشة ، ففي مسند أحمد : (عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ ابْنَةِ أَبِى أُمَيَّةَ بْنِ الْمُغِيرَةِ زَوْجِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَتْ لَمَّا نَزَلْنَا أَرْضَ الْحَبَشَةِ جَاوَرْنَا بِهَا خَيْرَ جَارٍ النَّجَاشِيَّ أَمَّنَا عَلَى دِينِنَا وَعَبَدْنَا اللَّهَ لاَ نُؤْذَى وَلاَ نَسْمَعُ شَيْئاً نَكْرَهُهُ ،فَلَمَّا بَلَغَ ذَلِكَ قُرَيْشاً ائْتَمَرُوا أَنْ يَبْعَثُوا إِلَى النَّجَاشِيِّ فِينَا رَجُلَيْنِ جَلِدَيْنِ وَأَنْ يُهْدُوا لِلنَّجَاشِيِّ هَدَايَا مِمَّا يُسْتَطْرَفُ مِنْ مَتَاعِ مَكَّةَ وَكَانَ مِنْ أَعْجَبِ مَا يَأْتِيهِ مِنْهَا إِلَيْهِ الأَدَمُ فَجَمَعُوا لَهُ أَدَماً كَثِيراً وَلَمْ يَتْرُكُوا مِنْ بَطَارِقَتِهِ بِطْرِيقاً إِلاَّ أَهْدَوْا لَهُ هَدِيَّةً ثُمَّ بَعَثُوا بِذَلِكَ مَعَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِى رَبِيعَةَ بْنِ الْمُغِيرَةِ الْمَخْزُومِيِّ وَعَمْرِو بْنِ الْعَاصِ بْنِ وَائِلٍ السَّهْمِيِّ وَأَمَرُوهُمَا أَمْرَهُمْ وَقَالُوا لَهُمَا ادْفَعَا إِلَى كُلِّ بِطْرِيقٍ هَدِيَّتَهُ قَبْلَ أَنْ تُكَلِّمُوا النَّجَاشِيَّ فِيهِمْ ثُمَّ قَدِّمُوا لِلنَّجَاشِيِّ هَدَايَاهُ ثُمَّ سَلُوهُ أَنْ يُسْلِمَهُمْ إِلَيْكُمْ قَبْلَ أَنْ يُكَلِّمَهُمْ. قَالَتْ فَخَرَجَا فَقَدِمَا عَلَى النَّجَاشِيِّ وَنَحْنُ عِنْدَهُ بِخَيْرِ دَارٍ وَعِنْدَ خَيْرِ جَارٍ فَلَمْ يَبْقَ مِنْ بَطَارِقَتِهِ بِطْرِيقٌ إِلاَّ دَفَعَا إِلَيْهِ هَدِيَّتَهُ قَبْلَ أَنْ يُكَلِّمَا النَّجَاشِيَّ ثُمَّ قَالاَ لِكُلِّ بِطْرِيقٍ مِنْهُمْ إِنَّهُ قَدْ صَبَأَ إِلَى بَلَدِ الْمَلِكِ مِنَّا غِلْمَانٌ سُفَهَاءُ فَارَقُوا دِينَ قَوْمِهِمْ وَلَم يَدْخُلُوا فِي دِينِكُمْ وَجَاءُوا بِدِينٍ مُبْتَدَعٍ لاَ نَعْرِفُهُ نَحْنُ وَلاَ أَنْتُمْ وَقَدْ بَعَثَنَا إِلَى الْمَلِكِ فِيهِمْ أَشْرَافُ قَوْمِهِمْ لِنَرُدَّهُمَ إِلَيْهِمْ فَإِذَا كَلَّمْنَا الْمَلِكَ فِيهِمْ فَتُشِيرُوا عَلَيْهِ بِأَنْ يُسْلِمَهُمْ إِلَيْنَا وَلاَ يُكَلِّمَهُمْ فَإِنَّ قَوْمَهُمْ أَعَلَى بِهِمْ عَيْناً وَأَعْلَمُ بِمَا عَابُوا عَلَيْهِمْ. فَقَالُوا لَهُمَا نَعَمْ. ثُمَّ إِنَّهُمَا قَرَّبَا هَدَايَاهُمْ إِلَى النَّجَاشِيِّ فَقَبِلَهَا مِنْهُمَا ثُمَّ كَلَّمَاهُ فَقَالاَ لَهُ : أَيُّهَا الْمَلِكُ إِنَّهُ قَدْ صَبَأَ إِلَى بَلَدِكَ مِنَّا غِلْمَانٌ سُفَهَاءُ فَارَقُوا دِينَ قَوْمِهِمْ وَلَمْ يَدْخُلُوا فِي دِينِكَ وَجَاءُوا بِدِينٍ مُبْتَدَعٍ لاَ نَعْرِفُهُ نَحْنُ وَلاَ أَنْتَ وَقَدْ بَعَثَنَا إِلَيْكَ فِيهِمْ أَشْرَافُ قَوْمِهِمْ مِنْ آبَائِهِمْ وَأَعْمَامِهِمْ وَعَشَائِرِهِمْ لِتَرُدَّهُمْ إِلَيْهِمْ فَهُمْ أَعَلَى بِهِمْ عَيْناً وَأَعْلَمُ بِمَا عَابُوا عَلَيْهِمْ وَعَاتَبُوهُمْ فِيهِ. قَالَتْ وَلَمْ يَكُنْ شَيْءٌ أَبْغَضَ إِلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِى رَبِيعَةَ وَعَمْرِو بْنِ الْعَاصِ مِنْ أَنْ يَسْمَعَ النَّجَاشِيُّ كَلاَمَهُمْ ،فَقَالَتْ بَطَارِقَتُهُ حَوْلَهُ صَدَقُوا أَيُّهَا الْمَلِكُ قَوْمُهُمْ أَعَلَى بِهِمْ عَيْناً وَأَعْلَمُ بِمَا عَابُوا عَلَيْهِمْ فَأَسْلِمْهُمْ إِلَيْهِمَا فَلْيَرُدَّاهُمْ إِلَى بِلاَدِهِمْ وَقَوْمِهِمْ. قَالَ فَغَضِبَ النَّجَاشِيُّ ثُمَّ قَالَ لاَهَا اللَّهِ ايْمُ اللَّهِ إِذاً لاَ أُسْلِمُهُمْ إِلَيْهِمَا وَلاَ أَكَادُ قَوْماً جَاوَرُونِي وَنَزَلُوا بِلاَدِي وَاخْتَارُونِي عَلَى مَنْ سِوَايَ حَتَّى أَدْعُوَهُمْ فَأَسْأَلَهُمْ مَا يَقُولُ هَذَانِ فِي أَمْرِهِمْ فَإِنْ كَانُوا كَمَا يَقُولاَنِ أَسْلَمْتُهُمْ إِلَيْهِمَا وَرَدَدْتُهُمْ إِلَى قَوْمِهِمْ وَإِنْ كَانُوا عَلَى غَيْرِ ذَلِكَ مَنَعْتُهُمْ مِنْهُمَا وَأَحْسَنْتُ جِوَارَهُمْ مَا جَاوَرُونِي ، قَالَتْ ثُمَّ أَرسَلَ إِلَى أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فَدَعَاهُمْ فَلَمَّا جَاءَهُمْ رَسُولُهُ اجْتَمَعُوا ثُمَّ قَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ مَا تَقُولُونَ لِلرَّجُلِ إِذَا جِئْتُمُوهُ قَالُوا نَقُولُ وَاللَّهِ مَا عَلَّمَنَا وَمَا أَمَرَنَا بِهِ نَبِيُّنَا -صلى الله عليه وسلم- كَائِنٌ فِي ذَلِكَ مَا هُوَ كَائِنٌ ،فَلَمَّا جَاءُوهُ وَقَدْ دَعَا النَّجَاشِيُّ أَسَاقِفَتَهُ فَنَشَرُوا مَصَاحِفَهُمْ حَوْلَهُ سَأَلَهُمْ ،فَقَالَ مَا هَذَا الدِّينُ الَّذِى فَارَقْتُمْ فِيهِ قَوْمَكُمْ وَلَمْ تَدْخُلُوا فِي دِينِي وَلاَ فِي دِينِ أَحَدٍ مِنْ هَذِهِ الأُمَمِ ،قَالَتْ فَكَانَ الَّذِى كَلَّمَهُ جَعْفَرُ بْنُ أَبِى طَالِبٍ ) ونستكمل اللقاء بينهم في القادم إن شاء الله
الدعاء