الخطبة الأولى ( إِنَّ أَهْوَنَ أَهْلِ النَّارِ عَذَابًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ رَجُلٌ عَلَى أَخْمَصِ قَدَمَيْهِ جَمْرَتَانِ)
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
إخوة الإسلام
لقاؤنا اليوم – إن شاء الله – مع هذا الحديث النبوي الكريم ، والذي يحذرنا فيه صلى الله عليه وسلم من النار ، ويخبرنا عما يجده أهون أهل النار عذابا يوم القيامة ، لنحذرها ، ونتجنب الأعمال الموصلة إليها .ففي قوله صلى الله عليه وسلم : « إِنَّ أَهْوَنَ أَهْلِ النَّارِ عَذَابًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ رَجُلٌ عَلَى أَخْمَصِ قَدَمَيْهِ جَمْرَتَانِ يَغْلِى مِنْهُمَا دِمَاغُهُ ، كَمَا يَغْلِى الْمِرْجَلُ وَالْقُمْقُمُ »، وفي رواية مسلم : « إِنَّ أَهْوَنَ أَهْلِ النَّارِ عَذَابًا مَنْ لَهُ نَعْلاَنِ وَشِرَاكَانِ مِنْ نَارٍ يَغْلِى مِنْهُمَا دِمَاغُهُ كَمَا يَغْلِى الْمِرْجَلُ مَا يَرَى أَنَّ أَحَدًا أَشَدُّ مِنْهُ عَذَابًا وَإِنَّهُ لأَهْوَنُهُمْ عَذَابًا » ، قال الإمام النووي في كتابه المنهاج لشرح صحيح مسلم، إن قول النبي ( صلى الله عليه وسلم ) : «أَهْوَن أَهْل النَّار عَذَابًا مَنْ لَهُ نَعْلَانِ» أي أقل أهل النار عذاباً يوم القيامة هو من كان يرتدي حذائين وشراكين من نار، و «الشِّرَاك» هو أَحَد سُيُور النَّعْل، وَهُوَ الَّذِي يَكُون عَلَى وَجْههَا وَعَلَى ظَهْر الْقَدَم. والقصود بقوله صلى الله عليه وسلم : «يَغْلِي مِنْهُمَا دِمَاغه كَمَا يَغْلِي الْمِرْجَل» فالغليان هُوَ شِدَّة اِضْطِرَاب الْمَاء، وهي كلمة تشير إلى شدة اتقاد النار، وَأَمَّا «الْمِرْجَل» فَهُوَ قِدْر مَعْرُوف سَوَاء كَانَ مِنْ حَدِيد أَوْ نُحَاس أَوْ حِجَارَة أَوْ خَزَف، وأوضح النووي –رحمه الله- أن في هذا الحديث تصريح بتفاوت عذاب أهل النار ، كما أن نعيم أهل الجنة متفاوت.
أيها المسلمون
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية ( إِنَّ أَهْوَنَ أَهْلِ النَّارِ عَذَابًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ رَجُلٌ عَلَى أَخْمَصِ قَدَمَيْهِ جَمْرَتَانِ)
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
ومن ألوان عذابهم ، وسوء مآلهم أن تؤصد وتغلق عليهم الأبواب، ويعظم هناك الخطب والمصاب، قال الله تعالى : (وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ (1) الَّذِي جَمَعَ مَالًا وَعَدَّدَهُ (2) يَحْسَبُ أَنَّ مَالَهُ أَخْلَدَهُ (3) كَلَّا لَيُنْبَذَنَّ فِي الْحُطَمَةِ (4) وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْحُطَمَةُ (5) نَارُ اللَّهِ الْمُوقَدَةُ (6) الَّتِي تَطَّلِعُ عَلَى الْأَفْئِدَةِ (7) إِنَّهَا عَلَيْهِمْ مُؤْصَدَةٌ (8) فِي عَمَدٍ مُمَدَّدَةٍ) (1) :(9) سورة الهمزة ، وقال الله تعالى : (وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمَوْعِدُهُمْ أَجْمَعِينَ (43) لَهَا سَبْعَةُ أَبْوَابٍ لِكُلِّ بَابٍ مِنْهُمْ جُزْءٌ مَقْسُومٌ) (43) ،(44) الحجر، ويلقى عليهم البكاء والحزن، فيصيحون بكيا من شدة العذاب، وهم في فجاجها وشعوبها وأوديتها يهيمون، فأهل النار حزنهم دائم ،فهم لا يفرحون، ومقامهم محتوم فما يبرحون، يبكون على ضياع الحياة بلا زاد، فيا حسرتهم لغضب الخالق، ويا فضيحتهم بين الخلائق، ينادون ويصطرخون ، قال الله تعالى : (وَالَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ نَارُ جَهَنَّمَ لَا يُقْضَى عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُوا وَلَا يُخَفَّفُ عَنْهُمْ مِنْ عَذَابِهَا كَذَلِكَ نَجْزِي كُلَّ كَفُورٍ (36) وَهُمْ يَصْطَرِخُونَ فِيهَا رَبَّنَا أَخْرِجْنَا نَعْمَلْ صَالِحًا غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ مَا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَنْ تَذَكَّرَ وَجَاءَكُمُ النَّذِيرُ فَذُوقُوا فَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ نَصِيرٍ) (36) ،(37) فاطر ،قال الله تعالى : (وَلَوْ تَرَى إِذِ الْمُجْرِمُونَ نَاكِسُو رُءُوسِهِمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ رَبَّنَا أَبْصَرْنَا وَسَمِعْنَا فَارْجِعْنَا نَعْمَلْ صَالِحًا إِنَّا مُوقِنُونَ (12) وَلَوْ شِئْنَا لَآتَيْنَا كُلَّ نَفْسٍ هُدَاهَا وَلَكِنْ حَقَّ الْقَوْلُ مِنِّي لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ (13) فَذُوقُوا بِمَا نَسِيتُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا إِنَّا نَسِينَاكُمْ وَذُوقُوا عَذَابَ الْخُلْدِ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) (12) :(14) السجدة ، قال الله تعالى : (وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ فِي جَهَنَّمَ خَالِدُونَ (103) تَلْفَحُ وُجُوهَهُمُ النَّارُ وَهُمْ فِيهَا كَالِحُونَ (104) أَلَمْ تَكُنْ آيَاتِي تُتْلَى عَلَيْكُمْ فَكُنْتُمْ بِهَا تُكَذِّبُونَ (105) قَالُوا رَبَّنَا غَلَبَتْ عَلَيْنَا شِقْوَتُنَا وَكُنَّا قَوْمًا ضَالِّينَ (106) رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْهَا فَإِنْ عُدْنَا فَإِنَّا ظَالِمُونَ (107) قَالَ اخْسَئُوا فِيهَا وَلَا تُكَلِّمُونِ) (103) :(108) المؤمنون ، هكذا هم ينادون إلها طالما خالفوا أمره، وانتهكوا حدوده، وعادوا أولياءَه ، فلا يُرحَم باكِيهم ، ولا يجاب داعيهم ،
أيها المسلمون
وقد دل هذا الحديث على بعض الحقائق الهامة ، ومنها : أولاً : شدة نار جهنم، لأنه إذا كان أخفها تغلي له الرؤوس، وتفور الأدمغة، فما بالك بما زاد على ذلك، وقد دلت الأحاديث الصحيحة على أن أهون أهل النار عذاباً هو أبو طالب كما جاء في صحيح مسلم : (عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ « أَهْوَنُ أَهْلِ النَّارِ عَذَابًا أَبُو طَالِبٍ وَهُوَ مُنْتَعِلٌ بِنَعْلَيْنِ يَغْلِى مِنْهُمَا دِمَاغُهُ ». وفي الصحيحين : (عَنْ عَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ هَلْ نَفَعْتَ أَبَا طَالِبٍ بِشَيْءٍ ، فَإِنَّهُ كَانَ يَحُوطُكَ وَيَغْضَبُ لَكَ قَالَ « نَعَمْ هُوَ فِي ضَحْضَاحٍ مِنْ نَارٍ ، لَوْلاَ أَنَا لَكَانَ فِي الدَّرَكِ الأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ » .ثانياً : أن أهل النار يتفاوتون في العذاب فبعضهم أهون من بعض.