خطبة عن قوله تعالى (قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ)
أبريل 17, 2016خطبة عن (عقوبة تارك الصلاة، وبشرى المحافظ عليها)
أبريل 17, 2016الخطبة الأولى ( بشرى المحافظ علي الصلاة )
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والإيمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له. وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
قال الله تعالى : ( وَالَّذِينَ يُمَسَّكُونَ بِالْكِتَابِ وَأَقَامُواْ الصَّلاَةَ إِنَّا لاَ نُضِيعُ أَجْرَ الْمُصْلِحِينَ) [الأعراف:170].
إخوة الإسلام
لقد وعد الرحمن عز وجل مقيمي الصلاة بأن لا يضيع أجرهم، بل يحفظه لهم كما حفظوا صلاتهم وحفظوا أوامر الله عز وجل، ومن ثواب الصلاة وفضلها أنها منجاة للعبد من النار، فمداومة الصلوات والمحافظة عليها تنجي صاحبها من النار التي توعد بها الله سبحانه وتعالى تاركي الصلاة والساهين عنها، كما يقول في الحديث الذي رواه مسلم عن عمارة بن رويبة: (أن رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ « لَنْ يَلِجَ النَّارَ أَحَدٌ صَلَّى قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا ». يَعْنِى الْفَجْرَ وَالْعَصْرَ.. فالصلاة ـ فضلها كبير وقدرها عظيم، ولكن الإنسان من طبيعته أنه لا يعرف قيمة الأشياء إلا بعد أن يفقدها، فإذا فقدها أحسّ بقدرها بعد أن حيل بينه وبينها، عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله مرّ بقبر فقال: ((من صاحب هذا القبر؟)) فقالوا: فلان، فقال: ((ركعتان أحب إلى هذا من بقية دنياكم)) أخرجه الطبراني والمنذري. ركعتان قد لا تعني عندنا شيئا، لكنها أحب إلى صاحب هذا القبر من بقية دنيا أصحاب رسول الله . ومن كرامات المحافظ على الصلاة في المساجد وثوابه الذي يلقاه من الله سبحانه جزاء محافظته على الصلاة ومداومته عليها وتعميره لبيوت الله سبحانه أن الله سبحانه وتعالى يظله بظله يوم القيامة يوم لا ظل إلا ظله، وأكرم بها من منزلة عالية وتكريم عظيم في ذلك اليوم العصيب الذي تدنو فيه الشمس من رؤوس الخلائق، ويغرق الناس في عرقهم كل حسب عمله، ويصيبهم كرب شديد وعناء كبير، في هذه الظروف تُكرَّم ـ فيا من ترتاد المساجد وتصلي فيها ويهفو قلبك إليها ـ تكرَّم بكرامة عظيمة بأن يظلك الرحمن بظلّه، فتنجو من هذا الكرب الذي يلقاه الناس ويعانونه، يقول : ((سبعة يظلهم الله بظله يوم لا ظل إلا ظله))، وذكر منهم: ((ورجل قلبه معلق بالمساجد)) أخرجه البخاري ومسلم ، وعن أبي هريرة. فمن بين هؤلاء السبعة رجل قلبه معلق ببيوت الله، محب للصلاة فيها، يشتاق إلى هذه الماكن الطاهرة، ويجد الراحة والهناء فيها، ما إن يقترب وقت الصلاة حتى تأخذه رجلاه دون أن يشعر إلى بيت الله طالبا للراحة والأمن، وما دامت راحته في بيوت الله سبحانه لا في بيوت شياطين الإنس والجن وأماكن المعصية فإنه حقّ على الله سبحانه أن يظله في ظله يوم تختفي كل الظلال إلا ظل الرحمن عز وجل. ومن ثواب المحافظ على الصلاة دخول الجنان والتنعم بنعيمها المقيم الدائم، فالله سبحانه وعد أهل الصلاة والمحافظين عليها أن يدخلهم ومن صلح من ذرياتهم وآبائهم وأزواجهم جنات عدن التي أعدها للصالحين من عباده يقول سبحانه: ( وَالَّذِينَ صَبَرُواْ ابْتِغَاء وَجْهِ رَبِّهِمْ وَأَقَامُواْ الصَّلاَةَ وَأَنفَقُواْ مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلاَنِيَةً وَيَدْرَؤُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ أُوْلَئِكَ لَهُمْ عُقْبَى الدَّارِ جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ وَالمَلاَئِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِم مِّن كُلِّ بَابٍ سَلاَمٌ عَلَيْكُم بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ [الرعد:22-24]، ويقول فيما أخرجه الشيخان من حديث أبي هريرة: ((عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ – صلى الله عليه وسلم – قَالَ «مَنْ غَدَا إِلَى الْمَسْجِدِ وَرَاحَ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُ نُزُلَهُ مِنَ الْجَنَّةِ كُلَّمَا غَدَا أَوْ رَاحَ) ، فليحتسب كل مسلم خطواته إلى الصلاة، ليحتسب عند الله غدوّه ورواحه إلى المسجد، وليعلم أنه لن يضيع من ذلك شيء، بل إن الله يعده بمنزل في الجنة في كل غدو ورواح، كما وعد سبحانه المصلين بالليل والناس نيام القائمين بين يديه بالأسحار الذين يناجونه في هدأة الليل وحلكة الظلمة ونومة العيون وخفوت الأصوات، وعدهم بغرف أخروية غير غرف الدنيا الفانية، ونعيم غير نعيمها الزائل، ففيما أخرجه ابن حبان والبزار واللفظ له (عَنْ عَلِيٍّ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم : إِنَّ فِي الْجَنَّةِ غُرَفًا يُرَى ظَاهِرُهَا مِنْ بَاطِنِهَا ، وَبَاطِنُهَا مِنْ ظَاهِرُهَا ، فَقَالَ رَجُلٌ : يَا رَسُولَ اللهِ تِلْكَ مَنَازِلُ الأَنْبِيَاءِ ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم : أَعَدَّهَا اللَّهُ لِمَنْ أَطْعَمَ الطَّعَامَ ، وَأَفْشَى السَّلامَ ، وَأَدَامَ الصِّيَامَ ، وَصَلَّى بِاللَّيْلِ وَالنَّاسُ نِيَامٌ. )
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية ( بشرى المحافظ علي الصلاة )
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والإيمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له. وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
ومن أعظم ثمرات الصلاة وجوائزها أنها من أهم الأمور التي تؤهل المسلم إلى رؤية الله سبحانه في الآخرة، هذه الرؤية التي يفوق نعيمها كل نعيم في الجنة، يقول في الحديث المتفق عليه والذي رواه جرير بن عبد الله: ((عَنْ قَيْسٍ عَنْ جَرِيرٍ قَالَ كُنَّا عِنْدَ النَّبِيِّ – صلى الله عليه وسلم – فَنَظَرَ إِلَى الْقَمَرِ لَيْلَةً – يَعْنِى الْبَدْرَ – فَقَالَ « إِنَّكُمْ سَتَرَوْنَ رَبَّكُمْ كَمَا تَرَوْنَ هَذَا الْقَمَرَ لاَ تُضَامُّونَ فِي رُؤْيَتِهِ ، فَإِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ لاَ تُغْلَبُوا عَلَى صَلاَةٍ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا فَافْعَلُوا » . ثُمَّ قَرَأَ ( وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ الْغُرُوبِ ) . قَالَ إِسْمَاعِيلُ افْعَلُوا لاَ تَفُوتَنَّكُمْ .))، وهل نعيم أعظم من نعيم رؤية الباري عز وجل؟! وهل ثواب أكبر من هذا الثواب الجليل؟! فلنفعل ـ يا عباد الله ـ ما يرشدنا إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى نفوز بهذا النعيم المقيم وهذه السعادة التامة،فالصلاة الصلاة يا من ترغب في الجنان، والمسجد المسجد يا من ترغب في الأمان، فهما أقرب رفيقين للمسلم في حياته، وهما أصدق من يشهدان له بالفلاح بين يدي الله سبحانه، فمحروم من لم يحافظ على صلاته وصلته بالله سبحانه، ومحروم من لم يعرف الطريق إلى بيوت الله سبحانه. فاتقوا الله عباد الله، وعمّروا آخرتكم بالسعي والعمل في دنياكم، يقول سبحانه: ( وَأَقِمِ الصَّلاَةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِّنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّـيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ وَاصْبِرْ فَإِنَّ اللّهَ لاَ يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ ) [هود:114، 115].
الدعاء