خطبة عن ( صدقة الفطر )
أبريل 17, 2022خطبة عن ( الصدقة في رمضان )
أبريل 17, 2022الخطبة الأولى ( لَيْلَة الْقَدْرِ )
الحمد لله رب العالمين .. اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام….. وأشهد أن لا إله إلا لله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.. نشهد أنه بلغ الرسالة وأدى الأمانة ونصح الأمة اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
قال الله تعالى : ( إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ (1) وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ (2) لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ (3) تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ (4) سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ (5)) سورة القدر
إخوة الإسلام
إن الله اصطفى صفايا من خلقه ، فاصطفي من الملائكة رسلا ، ومن الناس رسلا ، واصطفى من الكلام ذكره ، ومن الأرض المساجد ، واصطفي من الشهور شهر رمضان والأشهر الحرم ، واصطفى من الأيام يوم الجمعة ، واصطفي من الليالي ليلة القدر ، وقد منَّ الله تبارك وتعالى على أمَّة محمد بأَنِ اختصَّها بتلك الليلة المباركة التي هي خير ليالي العام على الإطلاق، والتي نزل فيها القرآن الكريم، ويُكتب فيها ما يكون في سنتها من موت وحياة ورزق ومطر، وقد جعل الله عزَّ وجلَّ العبادة فيها هي خير من عبادة ألف شهر؛ قال تعالى: {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ . وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ . لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ . تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ . سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ} [القدر: 1-5].
أيها المسلمون
وفضائل ليلة القدر كثيرة وعظيمة، من حُرم خيرها فهو المحروم حقًّا، ومن وفقه الله عزَّ وجلَّ لقيامها فهو الفائز السَّعيد، ومن فضائل ليلة القدر أنَّها ليلة مباركة نزل فيها القرآن الكريم على النبي؛ قال تعالى: {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنْذِرِينَ} [الدخان: 3]، وقال تعالى: {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ} [القدر: 1]، وفيها تكتب الآجال والمقادير؛ وقال تعالى: {فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ} [الدخان: 4]. وعن ربيعة بن كلثوم قال: “سأل رجلٌ الحسن ونحن عنده، فقال: يا أبا سعيد، أرأيت ليلة القدر؟ أفي كل رمضان هي؟ قال: إي والله الذي لا إله إلا هو، إنَّها لفي كل شهر رمضان، إنها ليلة يفرق فيها كل أمر حكيم، فيها يقضي الله عزَّ وجلَّ كل خلق وأجل وعمل ورزق إلى مثلها” (الإبانة لابن بطة). وعن مجاهد في قوله تعالى: {يَمْحُو اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتَابِ} [الرعد: 39]، قال: إنَّ الله ينزل كلَّ شيء في ليلة القَدْر، فيمحو ما يشاء من المقادير والآجال والأرزاق، إلاَّ الشقاء والسَّعادة، فإنَّه ثابت العمل فيها خير من عمل ألف شهر؛ قال تعالى: {لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ} [القدر :3]، وأنَّ قيام ليلها سبب لغفران الذنوب؛ فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رسول الله: «من قَامَ لَيْلَةَ القَدْرِ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا، غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِه »(متفق عليه). من حرمها فقد حُرم؛ فعن أنس بن مالك قال: دخل رمضان، فقال رسول الله: «إنَّ هذا الشهر قد حضركم، وفيه ليلة خير من ألف شهر، مَن حُرمها، فقد حرم الخير كله، ولا يحرم خيرها إلا مَحروم» (صحيح سنن ابن ماجه). وإنَّ الملائكةَ تلك الليلةَ أكثر في الأرض من عدد الحصى، يَقْبَلُ الله التوبةَ فيها من كل تائب، وتفتح فيها أبوابُ السماء، وهي من غروب الشمس إلى طلوعها، وعلى كل من الحائض والنفساء أن تحسن العملَ طوال الشهر؛ حتى يتقبل الله منهن، ولا يحرمهن فضل هذه الليلة؛ قال جويبر قلت للضحاك: “أرأيت النفساء والحائض والمسافر والنائم لهم في ليلة القدر نصيب؟”، قال: “نعم، كلُّ مَن تقبَّل الله عمله، سيعطيه نصيبه من ليلة القدر”. وشؤم المشاجرة والمُلاَحاة، رفعت معرفةُ ليلةِ القدر بسبب الشجار، والمخاصمة، والتنازع؛ فعَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه قَالَ: أَخْبَرَنِي عُبَادَةُ بْنُ الصَّامِتِ رضي الله عنه: أَنَّ النَّبِيَّ خَرَجَ لِيُخْبِرَنَا بِلَيْلَةِ القَدْرِ، فَتَلاحَى رَجُلانِ مِنَ المُسْلِمِينَ، فَقَالَ: «إِنِّي خَرَجْتُ لأُخْبِرَكُمْ بِلَيْلَةِ القَدْرِ، فَتَلاحَى فُلانٌ وَفُلانٌ، فَرُفِعَتْ، وَعَسَى أَنْ يَكُونَ خَيْرًا لَكُمْ، فَالتَمِسُوهَا فِي التِّسْعِ وَالسَّبْعِ وَالخَمْسِ» ، فالتنازع والتشاجر سبب في رفع البَركة، وفي رفع الخير الذي يحدث لهذه الأمة.
أيها المسلمون
وقد اختلف العلماء في ليلة القدر اختلافًا كثيرًا، ومنها أنَّها في جميع ليالي رمضان، ومنها أنَّها أول ليلة من رمضان، وأنها ليلة النصف، وأنها ليلة إحدى وعشرين، وثلاث وعشرين، وسبع وعشرين وغير ذلك من الأقوال. ولقد قال سلفنا رضي الله عنهم : ( أخفى الرب أمورا في أمور لحكم : أخفي ليلة القدر في الليالي ليحيى جميعها ، وأخفى ساعة الإجابة في يوم الجمعة ليدعى في جميعها ، وأخفى الصلاة الوسطى في الصلوات ليحافظ على الكل ، وأخفي الاسم الأعظم في أسمائه ليدعى بالجميع ، وأخفى رضاه في طاعته ليحرص العبد على جميع الطاعات ، وأخفى غضبه في معاصيه ، لينزجر عن الكل ، وأخفي أجل الانسان عنه ليكون على استعداد دائما ) والرَّاجح في ليلة القدر أنَّها في العشر الأواخر من رمضان؛ فعن عائشةَ رضي الله عنهما قالت: كان رسولُ الله يُجاور في العشر الأواخر من رمضان، ويقول: «تَحرَّوا ليلة القدر في العشر الأواخر من رمضان»، وعنها أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال: «تَحرَّوا ليلةَ القدر في الوتر من العشر الأواخر من شهر رمضان»، قال شيخ الإسلام ابن تيميَّة رحمه الله: ينبغي أنْ يتحراها المؤمن في العشر الأواخر جميعها، كما قال النبي: «تحروها في العشر الأواخر» ، وتكون في السبع الأواخر أكثر وأكثر ما تكون ليلة سبع وعشرين، كما كان أُبَي بن كعب يحلف أنَّها ليلة سبع وعشرين. ولا شك أنَّ الحكمةَ في إخفاء ليلةِ القدر أنْ يَحصل الاجتهادُ في التماسها وطلبها. ووَرَدَ أن لليلةِ القدر علاماتٌ، منها أنَّها ليلة بلجة منيرة، وأنَّها ساكنة لا حارة ولا باردة، وأنَّ الشمس تطلع في صبيحتها بيضاء مستوية، ليس لها شعاع مثل القمر ليلة البدر. وفي مسند أحمد (قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « إِنَّ أَمَارَةَ لَيْلَةِ الْقَدْرِ أَنَّهَا صَافِيَةٌ بَلْجَةٌ كَأَنَّ فِيهَا قَمَراً سَاطِعاً سَاكِنَةٌ سَاجِيَةٌ لاَ بَرْدَ فِيهَا وَلاَ حَرَّ وَلاَ يَحِلُّ لِكَوْكَبٍ أَنْ يُرْمَى بِهِ فِيهَا حَتَّى تُصْبِحَ وَإِنَّ أَمَارَتَهَا أَنَّ الشَّمْسَ صَبِيحَتَهَا تَخْرُجُ مُسْتَوِيَةً لَيْسَ لَهَا شُعَاعٌ مِثْلَ الْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ وَلاَ يَحِلُّ لِلشَّيْطَانِ أَنْ يَخْرُجَ مَعَهَا يَوْمَئِذٍ ». ومن علاماتها أيضا : أن الشمس تطلع في صبيحتها ليس لها شعاع ، صافية ليست كعادتها في بقية الأيام ، ويدل لذلك حديث أبي بن كعب رضي الله عنه أنه قال : أخبرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( أنها تطلع يومئذٍ لا شعاع لها ) -رواه مسلم . وتنزل الملائكة فيها إلى الأرض بالخير والبركة والرحمة والمغفرة ، قال تعالى : (تَنَزَّلُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ) (القدر:4) ، وهي ليلة خالية من الشر والأذى وتكثر فيها الطاعة وأعمال الخير والبر ، وتكثر فيها السلامة من العذاب ، فهي سلام كلها ، قال تعالى { سلام هي حتى مطلع الفجر } ، وثبت من حديث ابن عباس عند ابن خزيمة ، ورواه الطيالسي في مسنده ، وسنده صحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( ليلة القدر ليلة طلقة ، لا حارة ولا باردة ، تُصبح الشمس يومها حمراء ضعيفة ) صحيح ابن خزيمة ومسند الطيالسي .
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية ( لَيْلَة الْقَدْرِ )
الحمد لله رب العالمين .. اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام….. وأشهد أن لا إله إلا لله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.. نشهد أنه بلغ الرسالة وأدى الأمانة ونصح الأمة اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
وسألت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها النبي: ماذا أقول إنْ وافقت ليلة القدر؟ قال لها النبي: «قولي: اللهم إنك عفوٌّ تُحب العفو فاعف عني» ، ولو تأمَّلت أخي في جواب النبي تَجد أنَّ هذه الكلمات تجمع للإنسان خيري الدُّنيا والآخرة، بأنْ يسلم من البلاء في الدُّنيا، ومن العذاب في الآخرة، فإذا عُوفي الإنسانُ في دُنياه وآخرته، كان مآله إلى الجنة ولا بُدَّ.فبالعافية تندفع عنك الأسقام، ويَقيك الله شرها، ويَرفعها عنك إن وقعت بك، وبالعافية يقيك الله شَرَّ ما لم ينزل من البلاء، وتستشعر نعمةَ الله عليك، وقد علَّمنا النبي أنْ نقول عند رُؤية المبتلى -سواء في دينه أم في بدنه وأهله وماله-: الحمدُ لله الذي عافاني مما ابتلاك به وفضلني على كثير ممن خلق تفضيلاً، وبيَّن لنا أنَّها بمثابة الْمَصْل الواقي من طروء مثل هذا البلاء.فمن قالَها عند أهل البلاء، لم يصبه ذلك البلاء، وقد ثَبَتَ عن النبي أنَّه كان يسأل ربَّه العفو والعافية والستر والأمن والحفظ في كل يوم وليلة؛ عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: لم يكن رسول الله يدع هؤلاء الكلمات إذا أصبحَ وإذا أمسى: «اللهم إنِّي أسألك العافية في الدُّنيا والآخرة، اللهم إنِّي أسألك العفو والعافية في ديني ودُنياي وأهلي ومالي، اللهم استر عوراتي، وآمن روعاتي، اللهم احفظني من بين يدي ومن خلفي، وعن يميني وعن شمالي ومن فوقي، وأعوذ بعظمتك من أنْ أغتال من تحتي»؛ “الأدب المفرد”، و”سنن الترمذي”؛ قال الشيخ الألباني: صحيح، وأتى النبيَّ رجلٌ، فقال: يا رسول الله، أيُّ الدعاء أفضل؟ قال: «سَلِ الله العفو والعافية في الدُّنيا والآخرة» ،ثم أتاه الغد، فقال: يا نَبِيَّ الله؛ أيُّ الدعاء أفضل؟ قال: «سل الله العفو والعافية في الدنيا والآخرة»، فإذا أُعطيت العافية في الدنيا والآخرة، فقد أفلحت، قال الشيخ الألباني: صحيح.
الدعاء