خطبة عن: من نعيم الجنة (وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاعِمَةٌ)
فبراير 28, 2023خطبة عن: ( وَدَاعِيًا إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا مُنِيرًا )
فبراير 28, 2023الخطبة الأولى ( وَأَصْلَحَ بَالَهُمْ )
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
يقول الله تعالى في محكم آياته: (وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَآمَنُوا بِمَا نُزِّلَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَهُوَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ كَفَّرَ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَأَصْلَحَ بَالَهُمْ) (2) محمد
إخوة الإسلام
(وَأَصْلَحَ بَالَهُمْ): الكثير من الناس في هذا الزمان يشتكي من شغل البال، وعدم صلاح الحال، فتشعبت الهموم، وزاد الضيق، فصلاح البال هو طريق السعادة، والتي ينبني عليها الفوز في الدنيا والآخرة، فصلاح البال نعمة كبرى ،تلي نعمة الإيمان في القدر والقيمة والأثر، ومتى صلح البال، استقام الشعور والتفكير، واطمأن القلب والضمير، وارتاحت المشاعر والأعصاب، ورضيت النفس واستمتعت بالأمن والسلام ، فهيا نبحث عن أسباب صلاح الحال والبال: من أسباب صلاح الحال والبال: تحسين العلاقة مع الله، بأداء الفرائض والنوافل رواه البخاري في صحيحه: (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم «إِنَّ اللَّهَ قَالَ مَنْ عَادَى لِي وَلِيًّا فَقَدْ آذَنْتُهُ بِالْحَرْبِ، وَمَا تَقَرَّبَ إِلَىَّ عَبْدِى بِشَيْءٍ أَحَبَّ إِلَىَّ مِمَّا افْتَرَضْتُ عَلَيْهِ، وَمَا يَزَالُ عَبْدِى يَتَقَرَّبُ إِلَىَّ بِالنَّوَافِلِ حَتَّى أُحِبَّهُ، فَإِذَا أَحْبَبْتُهُ كُنْتُ سَمْعَهُ الَّذِى يَسْمَعُ بِهِ، وَبَصَرَهُ الَّذِى يُبْصِرُ بِهِ، وَيَدَهُ الَّتِي يَبْطُشُ بِهَا وَرِجْلَهُ الَّتِي يَمْشِى بِهَا، وَإِنْ سَأَلَنِي لأُعْطِيَنَّهُ، وَلَئِنِ اسْتَعَاذَنِي لأُعِيذَنَّهُ) ،
ومن أسباب صلاح الحال والبال: القناعة والرضى بالرزق، فيقنع الإنسان بما قسم الله له، وفي سنن الترمذي: (عَنْ سَلَمَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ مِحْصَنٍ الْخَطْمِيِّ عَنْ أَبِيهِ وَكَانَتْ لَهُ صُحْبَةٌ – قَالَ :قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « مَنْ أَصْبَحَ مِنْكُمْ آمِنًا فِي سِرْبِهِ مُعَافًى فِي جَسَدِهِ عِنْدَهُ قُوتُ يَوْمِهِ فَكَأَنَّمَا حِيزَتْ لَهُ الدُّنْيَا »، فمن قنع استراح ومن طمع تعب وأتعب، وفي سنن الترمذي: «اتَّقِ الْمَحَارِمَ تَكُنْ أَعْبَدَ النَّاسِ وَارْضَ بِمَا قَسَمَ اللَّهُ لَكَ تَكُنْ أَغْنَى النَّاسِ)
ومن أسباب صلاح الحال والبال: الدعاء: ففي مسند أحمد: « دَعَوَاتُ الْمَكْرُوبِ اللَّهُمَّ رَحْمَتَكَ أَرْجُو فَلاَ تَكِلْنِي إِلَى نَفْسِى طَرْفَةَ عَيْنٍ أَصْلِحْ لِي شَأْنِي كُلَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ أَنْتَ ». وفي صحيح مسلم: (عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ « اللَّهُمَّ أَصْلِحْ لِي دِينِيَ الَّذِى هُوَ عِصْمَةُ أَمْرِى وَأَصْلِحْ لِي دُنْيَايَ الَّتِي فِيهَا مَعَاشِي وَأَصْلِحْ لِي آخِرَتِي الَّتِي فِيهَا مَعَادِى وَاجْعَلِ الْحَيَاةَ زِيَادَةً لِى فِي كُلِّ خَيْرٍ وَاجْعَلِ الْمَوْتَ رَاحَةً لِي مِنْ كُلِّ شَرٍّ ». وفي صحيح البخاري: (عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ – رضى الله عنه – عَنِ النَّبِيِّ – صلى الله عليه وسلم – قَالَ « إِذَا عَطَسَ أَحَدُكُمْ فَلْيَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ. وَلْيَقُلْ لَهُ أَخُوهُ أَوْ صَاحِبُهُ يَرْحَمُكَ اللَّهُ . فَإِذَا قَالَ لَهُ يَرْحَمُكَ اللَّهُ. فَلْيَقُلْ يَهْدِيكُمُ اللَّهُ وَيُصْلِحُ بَالَكُمْ » ومن أسباب صلاح الحال والبال: توحيد الهم: بأن يكون الهم هماً واحداً، وهو هم الآخرة، ففي سنن ابن ماجه : (قَالَ عَبْدُ اللَّهِ سَمِعْتُ نَبِيَّكُمْ -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ « مَنْ جَعَلَ الْهُمُومَ هَمًّا وَاحِدًا هَمَّ الْمَعَادِ كَفَاهُ اللَّهُ هَمَّ دُنْيَاهُ وَمَنْ تَشَعَّبَتْ بِهِ الْهُمُومُ فِي أَحْوَالِ الدُّنْيَا لَمْ يُبَالِ اللَّهُ فِي أَيِّ أَوْدِيَتِهِ هَلَكَ ».
ومن أسباب صلاح الحال والبال: الإيمان بالقضاء والقدر: ففيه راحة البال وطمأنينة النفس وثبات القلب وزيادة الإيمان بالله والقناعة بما قسم الله. وفي سنن الترمذي: (وَاعْلَمْ أَنَّ الأُمَّةَ لَوِ اجْتَمَعَتْ عَلَى أَنْ يَنْفَعُوكَ بِشَيْءٍ لَمْ يَنْفَعُوكَ إِلاَّ بِشَيْءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللَّهُ لَكَ وَلَوِ اجْتَمَعُوا عَلَى أَنْ يَضُرُّوكَ بِشَيْءٍ لَمْ يَضُرُّوكَ إِلاَّ بِشَيْءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللَّهُ عَلَيْكَ رُفِعَتِ الأَقْلاَمُ وَجَفَّتِ الصُّحُفُ»
ومن أسباب صلاح الحال والبال: الصبر والثبات عند الشدائد، وترك المعارضة والاعتراض، ففي سنن الترمذي: (فَمَنْ رَضِىَ فَلَهُ الرِّضَا وَمَنْ سَخِطَ فَلَهُ السَّخَطُ»، وفي مسند أحمد: «أَنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى يَبْتَلِى عَبْدَهُ بِمَا أَعْطَاهُ فَمَنْ رَضِىَ بِمَا قَسَمَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ لَهُ بَارَكَ اللَّهُ لَهُ فِيهِ وَوَسَّعَهُ وَمَنْ لَمْ يَرْضَ لَمْ يُبَارِكْ لَهُ ».
ومن أسباب صلاح البال: أداء العبادة في خشوع واطمئنان؛ وحضور قلب. وفي الحديث:” إن أحدكم إذا قام يصلي فإنما يناجي ربه فلينظر كيف يناجيه ” صححه الألباني.
وفي سنن ابن ماجه: (عَنْ أَبِى أَيُّوبَ قَالَ جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ عَلِّمْنِي وَأَوْجِزْ. قَالَ « إِذَا قُمْتَ فِي صَلاَتِكَ فَصَلِّ صَلاَةَ مُوَدِّعٍ وَلاَ تَكَلَّمْ بِكَلاَمٍ تَعْتَذِرُ مِنْهُ وَأَجْمِعِ الْيَأْسَ عَمَّا فِي أَيْدِي النَّاسِ».
ومن أسباب صلاح البال: الإكثار من ذكر الله ،وقراءة القرآن؛ قال عز وجل: ﴿أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ﴾ [الرعد: 28]، أما من أعرض عن ذكر الله، فهو من التعساء البؤساء، قال تعالى : ﴿وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمَنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَانًا فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ﴾ [الزخرف: 36].
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية ( وَأَصْلَحَ بَالَهُمْ )
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
ومن أسباب صلاح البال: البعد عن المعاصي والآثام، فلها عواقب وخيمة، فمن عصى الله فجزاؤه كما أخبر الله عز وجل: ﴿ وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى﴾ [طه: 124]. وفي مسند أحمد: (أَنَّ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ «حُسْنُ الْخُلُقِ نَمَاءٌ وَسُوءُ الْخُلُقِ شُؤْمٌ وَالْبِرُّ زِيَادَةٌ فِي الْعُمُرِ وَالصَّدَقَةُ تَمْنَعُ مِيتَةَ السَّوْءِ»
ومن أسباب صلاح البال: مصاحبة الأخيار؛ فإنهم يقودونك إلى الخير ويدلُّونك عليه، وفي الصحيحين: (عَنِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ « إِنَّمَا مَثَلُ الْجَلِيسِ الصَّالِحِ وَالْجَلِيسِ السَّوْءِ كَحَامِلِ الْمِسْكِ وَنَافِخِ الْكِيرِ فَحَامِلُ الْمِسْكِ إِمَّا أَنْ يُحْذِيَكَ وَإِمَّا أَنْ تَبْتَاعَ مِنْهُ وَإِمَّا أَنْ تَجِدَ مِنْهُ رِيحًا طَيِّبَةً وَنَافِخُ الْكِيرِ إِمَّا أَنْ يُحْرِقَ ثِيَابَكَ وَإِمَّا أَنْ تَجِدَ رِيحًا خَبِيثَةً ».
ومن أسباب صلاح البال: طلب العلم الشرعي، فإن الإنسان إذا طلب العلم كان سيره على هدى من الكتاب والسنة؛ قال عز وجل: ﴿هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ﴾ [الزمر: 9]، وقال سبحانه: ﴿يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ﴾ [المجادلة: 11].
الدعاء