خطبة عن (الإسلام يحارب البطالة ويحث على العمل)
يوليو 24, 2016خطبة عن (شخصية القائد: ( سيدنا سليمان)
يوليو 24, 2016الخطبة الأولى ( الرياء والسمعة : الأسباب والنتائج والعلاج )
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
يقول الله تعالى في محكم آياته : (إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلَاةِ قَامُوا كُسَالَى يُرَاءُونَ النَّاسَ وَلَا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلًا ) (142) النساء ، وروى البخاري في صحيحه : (قَالَ النَّبِيُّ – صلى الله عليه وسلم – « مَنْ سَمَّعَ سَمَّعَ اللَّهُ بِهِ ، وَمَنْ يُرَائِي يُرَائِي اللَّهُ بِهِ » ، وروى مسلم في صحيحه (عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى أَنَا أَغْنَى الشُّرَكَاءِ عَنِ الشِّرْكِ مَنْ عَمِلَ عَمَلاً أَشْرَكَ فِيهِ مَعِي غَيْرِى تَرَكْتُهُ وَشِرْكَهُ ».
إخوة الإسلام
الرياء والسمعة من أمراض القلوب ، ومن أخلاق المنافقين ، ومن سمات المضلين أعداء الملة والدين ، لذا وجب على المؤمن أن يكون على بصيرة منهما حتى لا يقع فيهما ،فالرياء : فمشتق من الرؤية وهو أن يعمل العمل ليراه الناس ، فيمدحوه ، وهو محبط للعمل ، وموجب للعقاب ، وهو شيء في القلب ، وقد سماه النبي صلى الله عليه وسلم الشرك الخفي ، والسمعة : مشتقة من السمع وهو: أن يعمل العمل ليسمعه الناس. طلبا للمنزلة والمكانة عندهم أو طمعا في دنياهم ،فإن وقعت أمامهم ورأوها فذلك هو الرياء ،وإن لم تقع أمامهم لكنه حدثهم بها فتلك هي السمعة ،وفي سنن ابن ماجة : (عَنْ أَبِى سَعِيدٍ قَالَ خَرَجَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- وَنَحْنُ نَتَذَاكَرُ الْمَسِيحَ الدَّجَّالَ فَقَالَ « أَلاَ أُخْبِرُكُمْ بِمَا هُوَ أَخْوَفُ عَلَيْكُمْ عِنْدِي مِنَ الْمَسِيحِ الدَّجَّالِ ». قَالَ قُلْنَا بَلَى. فَقَالَ « الشِّرْكُ الْخَفِيُّ أَنْ يَقُومَ الرَّجُلُ يُصَلِّى فَيُزَيِّنُ صَلاَتَهُ لِمَا يَرَى مِنْ نَظَرِ رَجُلٍ ».والرياء لا يحبط كل الأعمال ، وإنما يحبط العمل الذي حصل فيه الرياء، فالرياء كله مذموم ،أما السمعة : فقد تكون مذمومة إذا قصد بالحديث عن عمله وجه الناس ، ومحمودة إذا قصد بذلك وجه الله وابتغاء مرضاته ،يقول الله عز وجل :{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالْأَذَى كَالَّذِي يُنْفِقُ مَالَهُ رِئَاءَ النَّاسِ } البقرة 264 ، وفي الصحيحين : (قَالَ النَّبِيُّ – صلى الله عليه وسلم – « مَنْ سَمَّعَ سَمَّعَ اللَّهُ بِهِ ، وَمَنْ يُرَائِي يُرَائِى اللَّهُ بِهِ » ، وفي مسند أحمد : (عَنْ مَحْمُودِ بْنِ لَبِيدٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ « إِنَّ أَخْوَفَ مَا أَخَافُ عَلَيْكُمُ الشِّرْكُ الأَصْغَرُ ». قَالُوا وَمَا الشِّرْكُ الأَصْغَرُ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ « الرِّيَاءُ يَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِذَا جُزِىَ النَّاسُ بِأَعْمَالِهِمْ اذْهَبُوا إِلَى الَّذِينَ كُنْتُمْ تُرَاءُونَ فِي الدُّنْيَا فَانْظُرُوا هَلْ تَجِدُونَ عِنْدَهُمْ جَزَاءً »
أيها المسلمون
وللرياء أو السمعة أسباب أو بواعث توقع فيه وتؤدي إليه نذكر منها : (1) النشأة الأولى : إذ قد ينشأ الولد في أحضان بيت دأبه وديدنه الرياء أو السمعة فما يكون منه إلا التقليد والمحاكاة وبمرور الزمن تتأصل هذه الآفة في نفسه وتصبح وكأنما هي جزء لا يتجزأ من شخصيته ، (2) الصحبة أو الرفقة السيئة : وقد تحتويه صحبة أو رفقة سيئة لا هم لها إلا الرياء أو السمعة فيقلدهم ويحاكيهم لاسيما إذا كان ضعيف الشخصية شديد التأثر بغيره وبتوالي الأيام يتمكن هذا الداء من نفسه ويطبعها بطابعه ، (3) عدم المعرفة الحقيقة بالله عز وجل :- وقد يكون عدم المعرفة الحقيقة بالله عز وجل هو السبب أو الباعث على الرياء أو السمعة إذ أن الجهل بالله أو نقصان المعرفة به يؤدى إلى عدم تقديره حق قدره : ومن ثم يظن هذا الجاهل بالله الذي لم يعرفه حق المعرفة ولم يقدره أن العباد يملكون شيئا من الضر أو النفع فيحرص على مراءاتهم وتسميعهم كل ما يصدر عنه من الصالحات ليمنحوه شيئا مما يتصور أنهم مالكوه ، (4) الرغبة في الصدارة أو المنصب : وقد تدفع الرغبة في الصدارة أو في المنصب إلى الرياء أو السمعة حتى يثق به من بيدهم هذا الأمر فيجعلوه في الصدارة أو يبوئوه المنصب ، (5) الطمع فيما في أيدي الناس : وقد يحمله الطمع فيما بين أيدي الناس والحرص على الدنيا على الرياء أو السمعة ليثق به الناس وترق قلوبهم له فيعطونه ما يملأ جيبه ويشبع بطنه ، (6) إشباع غريزة حب المحمدة أو الثناء من الناس : ففي صحيح البخاري (قَالَ جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ – صلى الله عليه وسلم – فَقَالَ الرَّجُلُ يُقَاتِلُ لِلْمَغْنَمِ ، وَالرَّجُلُ يُقَاتِلُ لِلذِّكْرِ ، وَالرَّجُلُ يُقَاتِلُ لِيُرَى مَكَانُهُ ، فَمَنْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ قَالَ« مَنْ قَاتَلَ لِتَكُونَ كَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا فَهُوَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ » ، (7) شدة ذوى المسؤولية في المحاسبة : وقد تكون شدة ذوى المسئولية في المحاسبة هي السبب في الرياء أو السمعة لاسيما إذا كان هناك ضعف في الإرادة وفتور في العزيمة وكأنه يحاول بهذا الرياء أو بهذه السمعة ستر ضعفه وفتوره ، (8) إظهار الآخرين إعجابهم به وبما يصدر عنه من أعمال : وقد يكون إظهار الآخرين إعجابهم به وبما يصدر عنه من أعمال هو الباعث على الرياء أو السمعة كي يكون هناك مزيد من هذا الإعجاب . (9) الخوف من قالة الناس لا سيما الأقران : وقد يكون الخوف من قلة الناس لا سيما الأقران هو الباعث على الرياء أو السمعة حتى يظهر أمامهم بالصورة التي ترضيهم وتسكت ألسنتهم عنه وإذا ما خلا بنفسه انتهك محارم الله { يَسْتَخْفُونَ مِنَ النَّاسِ وَلَا يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللَّهِ وَهُوَ مَعَهُمْ إِذْ يُبَيِّتُونَ مَا لَا يَرْضَى مِنَ الْقَوْلِ وَكَانَ اللَّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطًا) (108) النساء . (10) الجهل أو الغفلة عن العواقب أو الآثار الناجمة عن الرياء أو السمعة
أيها المسلمون
ومما تقدم تتبين لنا خطورة الرياء والسمعة في العمل ، فهي محبطة للعمل ، ومفسدة للسعي ، ووخيمة العواقب ، فقد عُدّ الرّياء من صفات المنافقين، فقال تعالى في وصفهم: { يُرَاءُونَ النَّاسَ وَلَا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلًا ) (142) } النساء ، فللرياء أو للسمعة آثار ضارة وعواقب مهلكة ، وإليك طرفا من هذه الآثار وتلك العواقب: 1 – الحرمان من الهداية والتوفيق وصدق الله الذي يقول : { فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ) (5) الصف. 2 – الضيق أو الاضطراب النفسي : ذلك أن المرائي أو المسمع إنما يفعل طلبا لمرضاة لناس وطمعا فيما بأيديهم وقد يحول قضاء الله وقدره دون تحقيق ذلك نظرا لأن الأمور عنده سبحانه تجرى بالمقادير، قال تعالى : { وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى ) (124) } طه ، 3 – نزع الهيبة من قلوب الناس : ذلك أن الله وحده هو الذي يملك غرس هذه الهيبة في قلوب من يشاء من عباده بيد أن ذلك مرهون بتقديم الإخلاص بين يدي كل سلوك أو تصرف ، قال تعالى : { وَمَنْ يُهِنِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ مُكْرِمٍ إِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ ) (18) } الحج. وحسبنا منها ما أوصى به عمر بن الخطاب – رضى الله تعالى عنه أبا موسى الأشعري إذا قال له :(( من خلصت نيته كفاه الله تعالى ما بينه وبين الناس )). 4 – الإعراض من الناس وعدم التأثر : ذلك أن القلب هو محل التأثر من الإنسان والقلوب بيد الرحمن يقلبها كيف يشاء ومن راءى أو سمع بعمله فقد قطع ما بينه وبين الله وأنى لذلك أن يمنحه الله إقبالا من الناس أو تأثيرا فيهم لذا تره إذا تكلم لا يسمع وإذا عمل لا يحرك 5- عدم إتقان العمل : ذلك أن المرائي أو المسمِّع إنما يراقب الخلق لا الخالق ، 6- الفضيحة في الدنيا وعلى رؤوس الأشهاد يوم القيامة : ففي سنن البيهقي وأبي داود (عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو رَضِىَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّهُ قَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ أَخْبِرْنِي عَنِ الْجِهَادِ وَالْغَزْوِ فَقَالَ : « يَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرٍو إِنْ قَاتَلْتَ صَابِرًا مُحْتَسِبًا بَعَثَكَ اللَّهُ صَابِرًا مُحْتَسِبًا وَإِنْ قَاتَلْتَ مُرَائِيًا مُكَاثِرًا بَعَثَكَ اللَّهُ مُرَائِيًا مُكَاثِرًا يَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرٍو عَلَى أَيِّ حَالٍ قَاتَلْتَ أَوْ قُتِلْتَ بَعَثَكَ اللَّهُ عَلَى تِلْكَ الْحَالِ ». 7- الوقوع في غوائل الإعجاب بالنفس ، ثم الغرور ثم التكبر : ذلك أن المرائي أو المسمع يخدع كثيراً من الناس فترة زمنية معينة ، وخلال هذه الفترة تلهج ألسنة الناس وأفئدتهم بحمده و الثناء عليه ، وقد يحمله ذلك على الإعجاب بنفسه ، ثم الغرور ، ثم التكبر ، ثم يعيث في الأرض فساداً ، 8- بطلان العمل : ذلك أن الحق – سبحانه – مضت سنته في خلقه ألا يقبل من العمل إلا ما كان خالصاً له ، وابتغى به وجهه قال تعالى : { فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا ) (110) } الكهف. وقال تعالى { وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُورًا) (23) الفرقان 9- العذاب الشديد في الآخرة : وأخيراً … فإن من حبط عمله على النحو الذي قدمنا ، ليس له من جزاء إلا العذاب الشديد في الآخرة ، ولذلك العذاب صور أبرزها صورتان : الأولى : أنه يكون أول من تسعر بهم النار ،ففي صحيح مسلم (عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ .. سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ « إِنَّ أَوَّلَ النَّاسِ يُقْضَى يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَيْهِ رَجُلٌ اسْتُشْهِدَ فَأُتِىَ بِهِ فَعَرَّفَهُ نِعَمَهُ فَعَرَفَهَا قَالَ فَمَا عَمِلْتَ فِيهَا قَالَ قَاتَلْتُ فِيكَ حَتَّى اسْتُشْهِدْتُ. قَالَ كَذَبْتَ وَلَكِنَّكَ قَاتَلْتَ لأَنْ يُقَالَ جَرِىءٌ. فَقَدْ قِيلَ. ثُمَّ أُمِرَ بِهِ فَسُحِبَ عَلَى وَجْهِهِ حَتَّى أُلْقِىَ فِى النَّارِ وَرَجُلٌ تَعَلَّمَ الْعِلْمَ وَعَلَّمَهُ وَقَرَأَ الْقُرْآنَ فَأُتِىَ بِهِ فَعَرَّفَهُ نِعَمَهُ فَعَرَفَهَا قَالَ فَمَا عَمِلْتَ فِيهَا قَالَ تَعَلَّمْتُ الْعِلْمَ وَعَلَّمْتُهُ وَقَرَأْتُ فِيكَ الْقُرْآنَ. قَالَ كَذَبْتَ وَلَكِنَّكَ تَعَلَّمْتَ الْعِلْمَ لِيُقَالَ عَالِمٌ. وَقَرَأْتَ الْقُرْآنَ لِيُقَالَ هُوَ قَارِئٌ. فَقَدْ قِيلَ ثُمَّ أُمِرَ بِهِ فَسُحِبَ عَلَى وَجْهِهِ حَتَّى أُلْقِىَ فِى النَّارِ. وَرَجُلٌ وَسَّعَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَعْطَاهُ مِنْ أَصْنَافِ الْمَالِ كُلِّهِ فَأُتِىَ بِهِ فَعَرَّفَهُ نِعَمَهُ فَعَرَفَهَا قَالَ فَمَا عَمِلْتَ فِيهَا قَالَ مَا تَرَكْتُ مِنْ سَبِيلٍ تُحِبُّ أَنْ يُنْفَقَ فِيهَا إِلاَّ أَنْفَقْتُ فِيهَا لَكَ قَالَ كَذَبْتَ وَلَكِنَّكَ فَعَلْتَ لِيُقَالَ هُوَ جَوَادٌ. فَقَدْ قِيلَ ثُمَّ أُمِرَ بِهِ فَسُحِبَ عَلَى وَجْهِهِ ثُمَّ أُلْقِىَ فِى النَّارِ ».
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية ( الرياء والسمعة : الأسباب والنتائج والعلاج )
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
وحتى يسلم المؤمن ويقي نفسه من هذا الداء العضال فعليه أن يتعرف على علامات مرض الرياء والسمعة ، فهناك علامات وأمارات على الرياء ، فإذا وجد العبد بعضها ، وجب عليه أن يراجع نفسه ويصحح نيته وقصده ، فمن ذلك : – تحسين العمل وتزيينه لما يرى من نظر الناس إليه ، فهو يحسنه لأجل نظر الناس ، لا لله ، كما في الحديث ( الشِّرْكُ الْخَفِيُّ، أَنْ يَقُومَ الرَّجُلُ يُصَلِّي، فَيُزَيِّنُ صَلَاتَهُ، لِمَا يَرَى مِنْ نَظَرِ رَجُلٍ) . وحسنه الألباني في “صحيح ابن ماجة” . – أن يعمل العمل يطلب به مدح الناس وثناءهم عليه ، فيكون طلبُ مدحِ الناس له أحدَ دوافعه على هذا العمل . – العمل لأجل ما عند الناس ، أو خوف ما عندهم .قال ابن القيم رحمه الله :” الرِّيَاءُ الْمَذْمُومُ : أَنْ يَكُونَ الْبَاعِثُ قَصْدَ التَّعْظِيمِ وَالْمَدْحِ، وَالرَّغْبَةَ فِيمَا عِنْدَ مَنْ تُرَائِيهِ ، أَوِ الرَّهْبَةَ مِنْهُ ” وقال أيضا : ” لَا يجْتَمع الْإِخْلَاص فِي الْقلب ومحبة الْمَدْح وَالثنَاء ، أما من عمل العمل لله ثم مدحه الناس عليه ، فسره ذلك ، فليس ذلك من الرياء . ” فعلامة الرياء حُبّ الثناء ، والتطلّع إلى مدح المخلوقين ، وكون النية مَشُوبة بِغرَضٍ دنيويّ ، ومحاولة الإنسان إظهار نفسه ، ونِسبَة نفسه دائما إلى الكمال ، ونسيان عيوبها . أما أن تَسُرّ الإنسان حسَنَته ، أو يَعمل العَمَل فيُثنى عليه به بعد ذلك ، فيسرّه ؛ فليس هذا من الرياء ، ولا هو قادِح في الإخلاص ” ا ومن علاماته: أن ينشط الإنسان في العمل إذا كان يراه الناس ، وإذا كانوا لا يرونه ؛ ترك العمل . ويشير سيدنا على رضى الله تعالى عنه : فيقول : (( للمرائي علامات : كسل إذا كان وحده وينشط إذا كان في الناس ويزيد في العمل إذا أثنى عليه وينقص إذا ذم )).
أيها المسلمون
ومن علامات مرض الرياء والسمعة – حب الظهور في المجتمع. – الرغبة في الشهرة. – العلو على الأقران. – العمل لأجل ما عند الناس، أو خوف ما عندهم.– الجرأة على الفتوى وتعجل التدريس والتصدر لذلك. – حب المناظرة مع الأخرين، وحب الجدل وكثرة الكلام. – محاولة الشخص إظهار نفسه، ونِسبَة نفسه دائما إلى الكمال، ونسيان عيوبها. – الولع بالغرائب من المسائل والبحث عن المهجور من الأقوال الشاذة. – شعار بعض المرائين “خالف تُعرف” فالخلاف عنده أشهى من الاتفاق. – يطبق مقولة: ( يهرف بما لا يعرف).
إخوة الإسلام
وبعد أن تعرفنا على هذا المرض وشخصنا الداء ، وتعرفنا على أسبابه وعلاماته ، فتعالوا بنا نصف الدواء ، ونتعرف على العلاج من هذا الداء فالطريق لعلاج الرياء أو السمعة تتلخص في : 1- تذكر عواقب الرياء أو السمعة الدنيوية والأخروية على النحو الذي قدمنا آنفاً ، فإن ذلك له أثر كبير في تحريك القلوب ، لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد ، ثم إقلاعها عن هذه الآفة ، أو عن هذا الداء الخطير . 2- الانسلاخ من الصحبة المعروفين بالرياء أو بالسمعة ، ثم الارتماء في أحضان المخلصين الصادقين ، 3- معرفة الله – عز وجل – حق المعرفة ، فإن هذه المعرفة تعين على تقدير الله حق قدره ، الأمر الذي يؤدى إلى التخلص من الرياء أو السمعة ، ثم التحلي بالإخلاص ، وسبيل ذلك معايشة الكتاب و السنة . 4- مجاهدة النفس ، حتى تهذب من الغرائز التي تملى على الإنسان الرياء أو السمعة و التي من جملتها الرغبة في الصدارة أو المنصب ، وكذلك الطمع فيما في أيدي الناس ، وحب الثناء أو المحمدة . 5- رفق ذوى المسئولية في المحاسبة ، فإن الرفق ما كان في شئ إلا زانه ، وما نزع من شيء إلا شانه . 6- الالتزام بأدب الإسلام في المعاملة فلا غلو في الاحترام و التقدير ، ولا إهمال ولا تقصير ، وإنما هو الأمر الوسط ، وخير الأمور أوساطها . 7- الوقوف على أخبار المرائين ، ومعرفة عواقبهم ، فإن ذلك مما يساعد على تجنب هذا الداء ، أو هذه الآفة ، لئلا تكون العاقبة كعاقبة هؤلاء . 8- دوام النظر أو السماع للنصوص المرغبة في الإخلاص ، و المحذرة من الرياء ، 9- محاسبة النفس أولاً بأول للوقوف على عيوبها ، ثم التخلص من هذه العيوب . 10- اللجوء التام إلى الله ، والاستعانة به ، فإن من لجأ إلى الله واستعان به ، وكان صادقاً في ذلك ، أيده الله ، وأعانه ، 11- التذكر بأن كل شيء يجرى في هذا الكون بقضاء وقدر { مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ ) (22) } الحديد ،وأن الخلق مهما كانت قوتهم ، ومهما كان سلطانهم فإنهم عاجزون عن أن يجلبوا لأنفسهم نفعاً أو يدفعوا عنها ضراً فضلاً عن أن يملكون هذا لغيرهم ومما ورد عن العلاج النبوي للرياء : ما رواه البخاري في الأدب المفرد عن معقل بن يسار رضي الله عنه قال : انطلقت مع أبي بكر الصديق رضي الله عنه إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال : يا أبا بكر، للشِّرك فيكم أخفى من دبيب النمل. فقال أبو بكر : وهل الشرك إلا من جعل مع الله إلها آخر ؟ قال النبي صلى الله عليه وسلم : «والذي نفسي بيده، للشِّرك أخفى من دبيب النمل، ألا أدلك على شيء إذا قـُلتـه ذهب عنك قليله وكثيره؟ قال: قل: اللهم إني أعوذ بك أن أشرك بك وأنا أعلم، وأستغفرك لما لا أعلم» (صححه الألباني)
الدعاء