خطبة عن ( من أسباب النصر والتمكين)
سبتمبر 21, 2016خطبة عن حديث : ( الْحَمْوُ الْمَوْتُ )
أكتوبر 8, 2016الخطبة الأولى ( الإسلام هو الدين الحق )
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
يقول الله تعالى في محكم آياته وهو أصدق القائلين : (وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ) (153) الأنعام ،وقال تعالى : (إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ وَمَا اخْتَلَفَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إِلَّا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ وَمَنْ يَكْفُرْ بِآيَاتِ اللَّهِ فَإِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ ) (19) آل عمران
وقال تعالى : (وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ ) (85) آل عمران ،وقال تعالى : (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا ) المائدة 3
إخوة الإسلام
لئن كان للناس في سعيِهم إلى بلوغ سعادة الدنيا ومعرفة الطريقِ إليها مذاهبُ يستمسِكون بها، وينتصِرون لها؛
فإن أُولِي الألباب يستيقِنون أن السبيلَ إلى ذلك إنما هو طريقٌ واحدٌ يُنالُ به رِضا الربِّ، وتتحقَّقُ به مصالِحُ الخلق، وتجتمعُ به للسالكين سعادةُ الدنيا والآخرة، والحياة الطيبةُ في العاجِلة والآجِلة. إن الإسلام هو الدينُ الحقُّ الذي لا يقبلُ الله من أحدٍ دينًا سِواه، ولم يكن له قطُّ ولا يكون له أبدًا دينٌ غيرُه، قال تعالى : (إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ) [آل عمران: 19]. وجعلَه – سبحانه – دينَ جميع الأنبياء والرُّسُل وأتباعِهم، قال أولُ الرُّسُل نوحٌ – عليه السلام ، قال تعالى -: (فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَمَا سَأَلْتُكُمْ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى اللَّهِ وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ) [يونس: 72]. وقال خليلُ الله إبراهيم وابنُه إسماعيل – عليهما السلام -: (رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ) [البقرة: 128]، وقال تعالى : (وَوَصَّى بِهَا إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ يَا بَنِيَّ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ فَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ) [البقرة: 132]. وقال موسى – عليه السلام – لقومه: (إِنْ كُنْتُمْ آمَنْتُمْ بِاللَّهِ فَعَلَيْهِ تَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُسْلِمِينَ) [يونس: 84].
وقال – عز وجل – عن نبيِّه عيسى – عليه السلام -: (فَلَمَّا أَحَسَّ عِيسَى مِنْهُمُ الْكُفْرَ قَالَ مَنْ أَنْصَارِي إِلَى اللَّهِ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنْصَارُ اللَّهِ آمَنَّا بِاللَّهِ وَاشْهَدْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ) [آل عمران: 52]. وقالت ملِكة سبأ: (رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي وَأَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمَانَ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ) [النمل: 44]. والإسلام هو الدينُ الذي رضِيَ الله تعالى لعباده، فقال مُخاطِبًا هذه الأمة المحمدية: (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا) [المائدة: 3]. وأخبر – سبحانه – عن وعدِه الصادقِ الذي لا يتخلَّف بإظهار هذا الدين على كافَّة الأديان، قال تعالى : (هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ) [التوبة: 33]. وهل ثمَّة أغلى من دينٍ ارتضاه الله لخلقِه، وجعلَه السبيلَ المُوصِلَ إليه، والطريقَ الوحيدَ إلى مراتِب العِزَّة، ومراقِي الرِّفعة والنصر والتمكين، كما جاء في الحديث – الذي أخرجه الإمام أحمد في “مسنده”، وابن حبان في “صحيحه”، والحاكم في “مستدركه” بإسنادٍ صحيحٍ عَنْ أُبَىِّ بْنِ كَعْبٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « بَشِّرْ هَذِهِ الأُمَّةَ بِالسَّنَاءِ وَالرِّفْعَةِ وَالدِّينِ وَالنَّصْرِ وَالتَّمْكِينِ فِي الأَرْضِ ». وفي “صحيح مسلم” وغيره: (عَنْ ثَوْبَانَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « إِنَّ اللَّهَ زَوَى لِيَ الأَرْضَ فَرَأَيْتُ مَشَارِقَهَا وَمَغَارِبَهَا وَإِنَّ أُمَّتِى سَيَبْلُغُ مُلْكُهَا مَا زُوِىَ لِي مِنْهَا )
أيها المسلمون
وإن الإسلام هو استسلامٌ وانقيادٌ وإذعانٌ لأمر الله وأمر رسولِه – صلى الله عليه وسلم -، يُوجِبُ إفرادَ الإله المعبود – سبحانه – بالعبادة، بصرفِ جميع أنواعها له وحده بإخلاصٍ له ومُتابعةٍ لرسولِه – صلوات الله وسلامه عليه -،
وذلك مُستلزِمٌ البراءة من الشِّرك وأهلِه؛ إذ هو انتِقاصٌ للربِّ – تبارك وتعالى -، يُورِثُ صاحبَه هبوطًا نفسيًّا وروحيًّا يهوِي به إلى الدَّرك الأسفَل عِوَضًا أن يسمُو بتوحيده، ويرقَى بإخلاصِه، ويشرُف بعبوديَّته لله ربِّ العالمين، قال تعالى : (وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَكَأَنَّمَا خَرَّ مِنَ السَّمَاءِ فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ فِي مَكَانٍ سَحِيقٍ) [الحج: 31]. وكان الشرك هو الذنبَ الذي لا يُغفَر لصاحبِه إن ماتَ عليه، قال تعالى : (إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ) [النساء: 48]. وإن الإسلام – يا عباد الله – هو دينُ الحنيفيَّة السَّمحة المُوافِقة للفِطَر السليمة، والدي الذي رفع به الآصارَ والأغلالَ التي كانت على من قبلَنا، رحمةً منه وكرمًا وإحسانًا، كما قال – سبحانه -: (الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) [الأعراف: 157]. والإسلام دينٌ أرسَى الله به أُسسَ النظام الاجتماعيِّ المُترابِط ترابُط البُنيان الذي يشدُّ بعضُه بعضًا، كما جاء في الحديث – الذي أخرجه الشيخان في “صحيحيهما” عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « مَثَلُ الْمُؤْمِنِينَ فِي تَوَادِّهِمْ وَتَرَاحُمِهِمْ وَتَعَاطُفِهِمْ مَثَلُ الْجَسَدِ إِذَا اشْتَكَى مِنْهُ عُضْوٌ تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الْجَسَدِ بِالسَّهَرِ وَالْحُمَّى ». وفي “الصحيحين” أيضًا عَنْ أَبِى مُوسَى عَنِ النَّبِيِّ – صلى الله عليه وسلم – قَالَ « إِنَّ الْمُؤْمِنَ لِلْمُؤْمِنِ كَالْبُنْيَانِ ، يَشُدُّ بَعْضُهُ بَعْضًا » . وَشَبَّكَ أَصَابِعَهُ .
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية ( الإسلام هو الدين الحق )
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
والإسلام دينٌ حفِظَ الله به الأرواحَ والأنفُسَ والأموالَ والعقولَ، حين حرَّم قتلَ النفس التي حرَّم الله إلا بالحقِّ، وحين حرَّم انتِهاكَ الأعراض وتلويثَ الفُرُش، وحين حظَرَ تعاطِي كل ما يُهدِّد سلامةَ العقول من المُسكِرات والمُخدِّرات والمُفتِّرات، ومنعَ أكلَ أموال الناس بالباطل في كل صُوره وألوانِه. والإسلام حفِظَ لكل إنسانٍ حقَّه، وأوضحَ له واجِبَه في تشريعٍ حقوقيٍّ مُتفرِّد سبقَ كل ما سِواه من تشريعاتٍ، وفاقَ ما سنَّه البشرُ من قوانين لحِفظِ حقوق الإنسان ورفع قدرِه وصَون كرامتِه. والإسلام دينٌ أرسَى الله به قواعِد العدالة بين الخلق كافَّة مُسلمِهم وكافِرهم، عربيِّهم وعجميِّهم، أسودِهم وأبيضِهم، ذكرِهم وأُنثاهم، صغيرِهم وكبيرِهم، وجعلَ تقوى الله قاعدةَ التفاضُل بينهم، قال تعالى : (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ) [الحجرات: 13]. فلا غرْوَ أن تكون لدينٍ هذه بعضُ فضائلِه ومحاسِنِه: الرِّفعةُ والسُّمُوُّ والظهورُ والتمكينُ في الأرض، وحرِيٌّ بأهل الإسلام أن يُخلِصُوا دينَهم لله، وأن يستجِيبُوا له ولرسولِه إذا دعاهُم لما يُحيِيهم، وأن يعتصِمُوا بحبلِ الله جميعًا ولا يتفرَّقُوا؛ لتكون لهم السيادةُ والرِّيادةُ والعِزَّةُ التي كتبَها الله لعبادِه المُؤمنين حقًّا، قال تعالى : (وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَا يَعْلَمُونَ) [المنافقون: 8].
أيها المسلمون
ولقد جاء في صحيح السنة النبوية مُبشِّراتٌ بالنصر والرِّفعة والتمكين لهذا الدين؛ ومنها: ما أخرجه البخاري ومسلم في “صحيحيهما” عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ – رضى الله عنه – أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – قَالَ « بُعِثْتُ بِجَوَامِعِ الْكَلِمِ ، وَنُصِرْتُ بِالرُّعْبِ ، فَبَيْنَا أَنَا نَائِمٌ أُتِيتُ بِمَفَاتِيحِ خَزَائِنِ الأَرْضِ ، فَوُضِعَتْ فِي يَدِى » وفي “الصحيحين” أن مُعَاوِيَةَ يَقُولُ سَمِعْتُ النَّبِيَّ – صلى الله عليه وسلم – يَقُولُ « لاَ يَزَالُ مِنْ أُمَّتِى أُمَّةٌ قَائِمَةٌ بِأَمْرِ اللَّهِ ، لاَ يَضُرُّهُمْ مَنْ خَذَلَهُمْ وَلاَ مَنْ خَالَفَهُمْ حَتَّى يَأْتِيَهُمْ أَمْرُ اللَّهِ وَهُمْ عَلَى ذَلِكَ » . وأخرج الإمام أحمد في “مسنده”، وابن حبان في “صحيحه” بإسنادٍ صحيحٍ عَنْ أُبَىِّ بْنِ كَعْبٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « بَشِّرْ هَذِهِ الأُمَّةَ بِالسَّنَاءِ وَالرِّفْعَةِ وَالدِّينِ وَالنَّصْرِ وَالتَّمْكِينِ فِي الأَرْضِ » ، إنها لبِشاراتٌ مُباركاتٌ أخبرَ بها الصادقُ المصدوقُ الذي لا ينطِقُ عن الهوَى – صلوات الله وسلامُه عليه -. فاحرِصُوا – رحمكم الله – على الحَظوة بحُسن الموعودِ فيها، بالقِيام بأمر الله، والاستِمساك بدينِ الله؛ تكونوا من الفائزين المُفلِحين ،قال الله تعالى : (وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا الْمُرْسَلِينَ (171) إِنَّهُمْ لَهُمُ الْمَنْصُورُونَ (172) وَإِنَّ جُنْدَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ ) (173) الصافات ،وقال تعالى : (فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً وَأَمَّا مَا يَنْفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ) (17) الرعد
الدعاء