خطبة عن ( تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيَا وَاللّهُ يُرِيدُ الآخِرَةَ)
ديسمبر 17, 2016خطبة عن (اخْرُجِي أَيَّتُهَا الروح) (وَجَاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ)
ديسمبر 19, 2016الخطبة الأولى ( أعداء الإسلام قالوها صراحة : لن نسمح بقيام دولة إسلامية )
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
يقول الله تعالى في محكم آياته : (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا ) المائدة 3
وقال تعالى:(وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ) (85) آل عمران ،وقال تعالى : (وَلَا يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّى يَرُدُّوكُمْ عَنْ دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُوا وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ) (217) البقرة ،وقال تعالى : (وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدَى وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ بَعْدَ الَّذِي جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ) (120) البقرة
إخوة الإسلام
أعداء الإسلام قالوها صراحة : لن نسمح بقيام دولة اسلامية في أي مكان في العالم ، والمعنى جلي واضح ولا يحتاج مني إلى تفسير . فقد يسمح البعض منهم للمسلمين أن يتعبدوا في مساجدهم بشعائر دينهم ، ولكنهم لا يسمحون للإسلام أبدا أن يطبق أو يحكم ، أو يحكم به . وهذا يبين لنا أيضا أن الحرب بيننا وبينهم عقائدية ، وليست سياسية أو اقتصادية أو غير ذلك كما يدعي البعض . والسؤال : لماذا يرفض أعداء الإسلام أن يحكم الإسلام ؟ وما الذي يخشونه من قيام دولة اسلامية ، أو نظام إسلامي ، أو تكتل اسلامي ؟ ولماذا يكرهون الإسلام ؟؟؟ ولكن قبل الاجابة على هذا السؤال ، يجب على كل مسلم أن يعلم : أن قيام دولة إسلامية أمر واجب على المسلمين كل المسلمين ،فقد أثر عن الخليفة الثالث عثمان بن عفان رضي االله عنه قوله : (إن االله ليزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن) فلعل في هذه الكلمة أبلغ بيان للدور الذي تقوم به الدولة المسلمة في إنفاذ الشرع وتحقيق وجوده، من خلال سلطان الدولة وهيبتها التي تفرض لبناء النظام الإسلامي وتوطيد أركانه في المجتمعات عـبر ممارسـة السلطات العامة في سوق الناس إلى الشريعة والأخذ بأيديهم لتعاليم الدين الحنيف مع التصدي لمظاهر الانحراف والضلال التي تعوق الممارسة الدينية وتمنع أسباب الاستقامة والهداية. والحديث عن وجوب قيام دولة الإسلام من البدهيات الشرعية، ولكن مع اشتداد غربة هذا الموضوع يحسن أن نورد موجزاً ومجملاً من النصوص الدالة على ذلك: قال تعالى: { وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ} [البقرة: 30 ، قال القرطبي في تفسيره :(هذه الآية أصل في نصب إمام وخليفة يسمع له ويطاع لتجتمـع به الكلمة وتنفذ به أحكام الخليفة، ولا خلاف في وجوب ذلك بين الأمة ولا بين الأئمة”، وقال تعالى في سورة النساء: ({يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا ) النساء: ٥٩. ووجه الدلالة من الآية: أن االله أمر بطاعة أولي الأمر وجعلها تبعاً لطاعة االله وطاعة رسـوله، ومفهـوم ذلك أن الطاعة لا تحصل حتى تنصب الإمارة التي يظهر بها أولي الأمر، وهـم الأمـراء والـساسة والعلماء، وبدون دولة الإسلام لا يتسنى تنصيب هؤلاء الأمراء وبذلك لا تتم طاعتهم، فينتف بـذلك مقصد عظيم من مقاصد الشريعة. قال الشيرازي في التبصرة 🙁 قلنا المراد بالآية الطاعة في أمور الدنيا والتجهيز والغزوات والسرايات وغير ذلك، والدليل أنه خص به أولي الأمر)، وقال تعالى : (إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللَّهُ وَلَا تَكُنْ لِلْخَائِنِينَ خَصِيمًا ) (105) النساء ووجه الدلالة من الآية: أن االله أنزل كتابه ليكون حكماً وميزاناً تقوم به حياة الناس ودنيـاهم، وأمـر بذلك نبيه عليه الصلاة والسلام، وذلك لا يكون إلا بشوكة وسلطان، تتأصل مـن خلالهـا إدارات مختلفة تشرف على أجهزة القضاء وسلطات التنفيذ، وهو ما يوجب قيام دولـة تمـارس الـسلطات بأنواعها وتقيمها على مرضات االله. وقال تعالى : (وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَنْ يَفْتِنُوكَ عَنْ بَعْضِ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْكَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَاعْلَمْ أَنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُصِيبَهُمْ بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ لَفَاسِقُونَ (49) أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ) المائدة:٤٩ :50) والأحاديث المتواترة في وجوب طاعة الأئمة كثيرة وهي تدل على وجوب قيام الدولة الـتي تمـارس السلطات السياسية المختلفة فمنها: ما أخرجه البخاري : (عَنْ أَنَسٍ عَنِ النَّبِيِّ – صلى الله عليه وسلم – قَالَ « اسْمَعُوا وَأَطِيعُوا ، وَإِنِ اسْتُعْمِلَ حَبَشِيٌّ كَأَنَّ رَأْسَهُ زَبِيبَةٌ » وفي الصحيحين من حديث أبي هريرة عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – قَالَ « مَنْ أَطَاعَنِي فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ ، وَمَنْ عَصَانِي فَقَدْ عَصَى اللَّهَ ، وَمَنْ أَطَاعَ أَمِيرِي فَقَدْ أَطَاعَنِي ، وَمَنْ عَصَى أَمِيرِي فَقَدْ عَصَانِي » ، فإن بـني آدم لا تـتم مصلحتهم إلا بالاجتماع لحاجة بعضهم إلى بعض، ولابد لهم عند الاجتماع من رأس، و(عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ (…..وَلاَ يَحِلُّ لِثَلاَثَةِ نَفَرٍ يَكُونُونَ بِأَرْضِ فَلاَةٍ إِلاَّ أَمَّرُوا عَلَيْهِمْ أَحَدَهُمْ ) ، فأوجب صلى االله عليه وسلم تأمير الواحد في الاجتماع القليل العارض في السفر، تنبيهاً بذلك على سائر أنواع الاجتماع، ولأن االله تعالى أوجب الأمر بالمعروف والنهي عـن المنكر، ولا يتم ذلك إلا بقوة وإمارة، وكذلك سائر ما أوجبه من الجهاد والعدل وإقامة الحج والجمع والأعياد ونصر المظلوم، وإقامة الحدود لا تتم إلا بالقوة والإمارة ـ إلى قولـه ـ فالواجـب اتخـاذ الإمارة ديناً وقربةً يتقرب بها إلى االله، فإن التقرب إليه فيها بطاعته وطاعة رسوله من أفضل القربات”،
أيها المسلمون
وبعد أن تبين لنا جليا وجوب قيام الدولة الإسلامية ، لحماية الشرع وتطبيقه ، وليكون الدين كله لله ، نأتي إلى سؤال المقدمة : لماذا يرفض أعداء الإسلام أن يحكم الإسلام ؟ وما الذي يخشونه من قيام دولة اسلامية ، أو نظام إسلامي ، أو تكتل اسلامي ؟ ولماذا يكرهون الإسلام؟؟؟ بداية نقول : هم يعلمون جيدا أن قيام الدولة الإسلامية يعني تزلزل العروش من تحت أقدامهم ، وسقوط حكمهم وطغيانهم وفسادهم وظلمهم ، كما سقط قيصر وكسرى ، ومن كان على شاكلتهم من قبل ، وتأمل في موقف الصحابي ربعي بن عامر -رضي الله عنه- بينه وبين رستم قائد الفرس وكلماته البليغة له، التي لخصت فلسفة الإسلام في كلمات قلائل، وعبرت عن أهدافه بوضوح بليغ، وإيجاز رائع: ( إن الله ابتعثنا لنخرج الناس من عبادة العباد إلى عبادة الله وحده، ومن ضيق الدنيا إلى سعتها، ومن جور الأديان إلى عدل الإسلام ). فهم يعلمون يقينا أن قيام الدولة الإسلامية معناه : أن يسود العدل بدلا من الظلم ، والحرية بدلا من العبودية ، والسلام والأمان بدلا من الخوف والطغيان ، هم يرتعدون خوفًا من أن يرجع المسلمون لعدل عمر ودهاء المنصور وغيرة المعتصم وعزيمة الفاتح ولمنطق ابن خلدون وذكاء الخوارزمي واختراعات الجزري وعبقرية سنان ، هم يخشون من عودة عصر الفتوحات من جديد حينما كان المسلمون فرسا وتترا، عربا وتركا، وقبط وبربر، أفارقة وقوقاز، هنود وسنود… ومن جميع الأعراق كانوا أمة واحدة تنصر بعضها بعضا ، هم يخشون دولة الإسلام وحكم الإسلام ، لأن دولة الإسلام لا يوجد بها مكان لنشر المنكرات والضلالات فيسير مجتمعها الي مزيد من العز والازدهار بينما مجتمع أعدائها يسير نحو الهاوية ، وهم يحمون امبراطورياتهم وكنوزهم النفطية؟ وهم يريدون أن تبقى خيرات الشعوب التي هي من الله للبشر ، أن تبقى بين أيديهم بدون حسيب أو رقيب؟ ،هم يخشون دولة الإسلام وحكم الإسلام لأن الإسلام يُحرم أكل أموال الناس بالباطل. ولأن الإسلام يمنع من المتاجرة بأعراض الناس، وإشاعة الشهوات والفواحش والمنكرات بين الناس. هم يخشون دولة الإسلام وحكم الإسلام لأن الإسلام يمنع من التمايز والتفاضل على بقية الخلق، ويعاملهم بالسوية مع الناس جميعا. ولأن الإسلام يُحرم الاستبداد والطغيان والفساد، ويُحرم التحكم في رقاب الناس بغير الحق. هم يكرهون الإسلام لأنهم يكرهون الطهارة والفضيلة والعفة والاستقامة التي جاء بها الإسلام. ويكرهون الإسلام لأنه يمنعهم من التمتع والتلذذ بالعفن والدنس والخبيث من أجساد وأجسام المتكشفات العاريات في الشوارع وعلى شواطئ البحار. فمن أجل هذا كله يكرهون الإسلام ويتآلفون ويتحدون من جميع أصقاع الكرة الأرضية على اختلاف عقائدهم وأفكارهم وأجناسهم، حتى بما فيهم من يزعمون أنهم من ذراري المسلمين، يتآلفون ويتحدون جميعا لمحاربة الإسلام والطعن فيه تحت أشكال وديكورات وأسماء تتنوع وتختلف باختلاف الزمان والمكان. لذلك فإن كراهية الإسلام والخوف منه شيء عادي وطبيعي جداً بل ومنطقي للغاية أكثر من أى شيء آخر في العالم ، فالحق دائماً مكروه في العالم ولذلك فيجب أن يكون الإسلام مكروها لأنه دين الحق ، والأهم هو أن فكرة الإسلام نفسها تستحق كل عداء وكل كراهية من أتباع الأديان المحرفة والوثنيات قديمها وحديثها ، فأنت ؛ في ظل الإسلام ؛ تولد حراً أبيض نقي مبرأ من الذنوب ومن المعاصي والأوزار ومن درن الخطيئة الأصلية ومن كل شيء ،تولد صفحة بيضاء نقية ، ولست محتاجا إلى صكوك غفران من رجال الكهنوت ، ولا أن تكون يهوديا لتدخل الجنة
أيها المسلمون
ولقد حاول الصليبيون تدمير الإسلام في الحروب الصليبية الرهيبة. ففشلت جيوشهم التي هاجمت بلاد الإسلام بالملايين، فعادوا يخططون من جديد لينهضوا.. ثم ليعودوا إلينا بجيوش حديثة، وفكر جديد.. وهدفهم تدمير الإسلام من جديد. وكان جنديهم ينادي بأعلى صوته، وهو يلبس بزة الحرب قادما لاستعمار بلاد الإسلام ، قائلا: أماه … أتمي صلاتك و لا تبكي.. بل أضحكي وتأملي.. أنا ذاهب إلى طرابلس (ليبيا)… فرحا مسروراً… سأبذل دمي في سبيل سحق الأمة الملعونة… سأحارب الديانة الإسلامية… سأقاتل بكل قوتي لمحو القرآن.. وسياسة الغرب وأمريكا مخططة على أساس أن الحروب الصليبية لا تزال مستمرة بين الإسلام والغرب. وما الحرب على أفغانستان والعراق والحرب على ما يسمى بالإرهاب، واتهام الجمعيات الخيرية بأنها تمول الإرهاب، والتدخل في المناهج التعليمية، والمطالبة بإغلاق المدارس الدينية ومدارس تحفيظ القرآن في الدول العربية والإسلامية بحجة أنها تربي أبنا المسلمين على الإرهاب إلا صور منظورة من الحرب على الإسلام غير الخطط غير المنظورة. ذكرت وكالات الأنباء العالمية، يوم الثلاثاء 16ربيع أول 1423هـ الموافق 28مايو 2002م النبأ الاتي: اجتمعت في روما دول حلف شمال الأطلسي الـ (19) في قاعدة (براتيكادي ماري) الجوية القريبة من روما مع روسيا.. وكان من نتيجة هذا الاجتماع : أن اتحدت روسيا وحلف شمال الأطلسي لمواجهة الإرهاب الدولي، وذلك بالتوقيع على إعلان روما (أسس لشراكة متساوية، وتعاون أمني كبير بين (بوتين الرئيس الروسي) ودول الحلف). والإرهاب حسب المفهوم الأمريكي الصهيوني والصليبية العالمية الجديدة هو الإسلام، والحركات الإسلامية النشطة التي تدافع عن الإسلام، وتدعو إلى إصلاح الخلل الحاصل في العالمين العربي والإسلامي وغيره، وكذلك الجمعيات والمؤسسات الخيرية الإسلامية تعتبر إرهابية في نظر الإدارة الأمريكية الصهيونية، وفي نظر الصليبية العالمية. يقول غاردنـر: إن الحروب الصليبية لم تكن لإنقاذ القدس، إنها كانت لتدمير الإسلام. فما هي خطط اليهود والنصارى والمتحالفين معهم لتدمير الإسلام ؟ : فبعد فشل الحروب الصليبية الأولى التي استمرت قرنين كاملين في القضاء على الإسلام، قاموا بدراسة واعية لكيفية القضاء على الإسلام وأمته، باتباع ما يلي: • إشاعة الفرقة بين قادة المسلمين، وإذا حدثت فليعمل على توسيع شقتها ما أمكن حتى يكون هذا الخلاف عاملاً على إضعاف المسلمين. • عدم تمكين البلاد الإسلامية والعربية أن يقوم فيها حكم صالح. • إفساد أنظمة الحكم في البلاد الإسلامية بالرشوة والفساد والنساء، حتى تنفصل القاعدة عن القمة. • الحيلولة دون قيام جيش مؤمن بحق وطنه عليه، يضحي في سبيل مبادئه. • الحيلولة دون قيام وحدة عربية في المنطقة. • العمل على قيام دولة غريبة في المنطقة العربية تمتد ما بين غزة جنوبا، أنطاكية شمالاً، ثم تتجه شرقاً، وتمتد حتى تصل إلى الغرب. وكانت خطواتهم كما يلي: أولاً: القضاء على الحكم الإسلامي المتمثل بالخلافة: وكان أخرها الخلافة العثمانية التركية ثانيا: القضاء على القرآن ومحوه: قال جلادستون رئيس وزراء بريطاني سابق (بداية القرن العشرين): (مادام هذا القرآن موجودا في أيدي المسلمين فلن تستطيع أوروبا السيطرة على الشرق). ثالثاً: تدمير أخلاق المسلمين، وعقولهم، وصلتهم بالله، وإطلاق شهواتهم: ففي مؤتمر القدس للمبشرين المنعقد عام 1935م: (إن مهمة التبشير التي ندبتكم الدول المسيحية للقيام بها في البلاد المحمدية ليست إدخال المسلمين في المسيحية، فإن هذا هدية لهم وتكريماً. إن مهمتكم أن تخرجوا المسلم من الإسلام ليصبح مخلوقا لا صلة له بالله، وبالتالي لا صلة تربطه بالأخلاق التي تعتمد عليها الأمم في حياتها. رابعاً: القضاء على وحدة المسلمين. خامسا: تشكيك المسلمين بدينهم. سادساً: إبقاء العرب ضعفاء. سابعاً: إنشاء ديكتاتوريات سياسية في العالم الإسلامي. ثامناً: إبعاد المسلمين عن تحصيل القوة الصناعية ومحاولة إبقائهم مستهلكين لسلع الغرب. تاسعاً: إبعاد قادة المسلمين الأقوياء عن استلام الحكم في دول العالم الإسلامي حتى لا ينهضوا بالإسلام. عاشراً: إفساد المرأة، وإشاعة الانحراف الجنسي
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية ( أعداء الإسلام قالوها صراحة : لن نسمح بقيام دولة اسلامية )
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون إن الحق معنا ، وإن الباطل مع غيرنا ، ولكن هذا الحق الذي معنا يحتاج إلى قوة تحميه ، فيد تحمل الكتاب ويد تحمل السلاح ، قال تعالى (وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لَا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تُظْلَمُونَ) (60) الانفال ،ولذا كان الجهاد في سبيل الله من أعظم الأعمال والقربات عند الله وكانت منازل المجاهدين ودرجاتهم من أعلى الدرجات يوم القيامة ،والدعوة الإسلامية عندما جعَلت الجهاد أساسًا من أسس قيام أمنها، إنما أباحت ،ممارسته وأذِنت فيه وأمرت به، وحثَّت عليه عند وجود ما يقتضيه، ويتمثل ذلك في أمور: أولاً: الدفاع عن النفس أو الأمة عندما يُعتدى عليها. ثانيًا: الدفاع عن الدعوة وحمايتها، وذلك: أ – عندما يتعرض المؤمنون بها للفتنة بشكل من أنوع العذاب المادية والمعنوية؛ ليرجعوا عن اعتناق الإسلام. ب- عندما يتصدَّى أعداء الإسلام لمنْع مَن شرح صدره للإسلام – ويريد الانضمام إلى قافلة المؤمنين – حتى لا يعتنق الإسلام. ج – وأخيرًا عندما يقف أعداء الإسلام في وجه الدعاة إلى الله؛ لمنْعهم من تبليغ كلمة الله إلى الناس جميعًا. هذا ما أباح الإسلام من أجله القتال، فإذا حدث القتال لأغراض أخرى لا تَمُت إلى سبيل الله، فليس ذلك من الجهاد في شيء، وليبحث له عن سند آخر؛ قال تعالى : ﴿ فَقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ لَا تُكَلَّفُ إِلَّا نَفْسَكَ وَحَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَكُفَّ بَأْسَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَاللَّهُ أَشَدُّ بَأْسًا وَأَشَدُّ تَنْكِيلًا ﴾ [النساء: 84]. فالإسلام لم يأذَن بالجهاد ويأمُر به على أنه غاية للإسلام يهدف إليها، وإنما هو وسيلة يُبيح استخدامها فقط من أجل حماية أتباع الدعوة من الظلم، أو أن يُفتنوا في دينهم.
أيها المسلمون
وقال الله سبحانه وتعالى: ﴿ يُرِيدُونَ أَن يُطْفِؤُواْ نُورَ اللّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللّهُ إِلاَّ أَن يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ * هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ﴾. (التوبة 32, 33) وقال الله عزَّ وجل: ﴿ يُرِيدُونَ لِيُطْفِؤُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ * هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ﴾ (الصف 8, 9) ،فتأملوا معي لقد ابتدأت هاتان الآيتان بلفظ واحد وبالفعل المضارع (يُرِيدُونَ) الذي يدل على الحدوث والتجدد في الحاضر والمستقبل, – ليبّين للمسلمين أن مكر الكفر متجدد ومستمر لن يهدأ لهم تفكير سواء أكان ماضيًا أو حاضرًا أو مستقبلاً في محاولة منهم إطفاء هذا النور, –
هذا ديدن الكفر لا تهدأ لهم حركة, ولا ينام لهم جفن. •فما بالكم يا أمة الإسلام, وأنتم حراس الدين والعقيدة, وأنتم جند الله وأحباؤه, وأهل السياسية والفكر, وميادين الجهاد والاستشهاد؟ •أيعقل أن تنام لكم عين, ويغفل لكم تفكير وقد اشتدت المعركة, وكشَّر الكفر عن أنيابه, وشمّر عن ساقه وساعديه؟ •أيعقل أن يكون لنا موقف غير موقف العزة والكرامة, والرجولة والفداء؟ •أيعقل أن نغط في سبات عميق, ونحن في مقدمة الصفوف في المعركة؟ •أيعقل أن تسبى المسلمات بكل أرض … وعيش المسلمين إذًا يطيب؟ لا, والله يا أمة الإسلام, لن يطيب للمسلم عيش, وأحكام الله معطلة, ودينه مستباح, ولون الدم غطى وجه الأرض!! لقد عبرت الآيات بالتعبير نفسه في استخدام كلمة (الإطفاء), ولم تعبر بكلمة أخرى كمثل (الإخماد) – وهنا مكمن السر وخطورته يا أمة الإسلام، الكفر يريد أن يطفئ نور الإسلام وأحكامه وعقيدته وشعائره كاملة, ولن يقبل ببعض الأحكام, ولو قلَّت, فهو يريد إطفاء أي شعاع, وأي حكم مهما صغر وكل مسألة ولو صغرت، فإن سكتوا عن أمر معين لاعتبارات تقتضيها الظروف والإمكانات والاعتبارات فهو سكوت مؤقت سرعان ما ينقض عليه بعد توفر إمكاناته وظروفه, فهم في حرب مع الإسلام كله, سواء أكان نظام حكم أو اقتصاد أو سياسية خارجية. وأيضًا في حرب مع النظام الاجتماعي والعبادات وكل شعائر الإسلام – ولعل بعضنا يئس من طول الطريق, وكثرة الدماء والأشلاء, ولكنَّ الله حسم أمر المعركة ونتيجتها فهي حرب مع الله, وجاء التعبير في السورتين مختلفًا ، فقال تعالى: (وَيَأْبَى اللّهُ إِلاَّ أَن يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ), والأخرى (وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ ) –
فهم يريدون إطفاء النور، واللهُ الذي له جميع العظمة, وكمال القدرة والعز, ونفوذ الكلمة يأبى إلا أن يتمّ نوره، ثم يجدّدون الإرادة، والله يأبى … وما تزال إراداتهم تتجدّد, ويتجدّد معها إباء العظيم – جل وعلا – وامتناعه من كل شيء إلا إتمام النور – فهذه حرب معلومة النتيجة قطعًا, فالله أرسل رسوله بالحق والهدى والنور؛ ليظهره على الدين كله, والإظهار هو الظهور بلا منازع, وهو وعد من الله, ولن يخلف الله وعده، ظهورًا وإظهارًا على كافة الأديان, والمبادئ والأفكار, والعقائد والأنظمة, ظهورًا وإظهارًا لا منازعة فيه, ولكن ليست القضية هنا, فهذا أمر نعتقد به اعتقادًا جازمًا, وندين به لله, لا شك فيه, وإنما القضية نحن! نعم القضية نحن: هل اخترنا لأنفسنا مقعدًا متقدمًا في هذه الحرب أم جلسنا ننتظر؟ لا أقول كالنساء فو الله إن نساء المسلمين أذهلن الكفر بمواقفهن, وسطر الحاضر أعظم مواقف الرجولة لهن!! ولكن فلينظر كل منا إلى مقعده أين هو من هذه الحرب؟ وأين يقف؟ وفيم الانتظار؟ ألسنا حراسًا للعقيدة وللإسلام؟ ألسنا المخاطبين بالجهاد والبيان والصدع بكلمة الحق ولو على حز الرقاب؟ أين نحن في هذه المعركة المصيرية؟ وأين دورنا وجهدنا وأوقاتنا وأموالنا وأهلنا وذرياتنا؟ هذه المعركة التي ينبني عليها عز الدارين ورضا الرحمن ، أو خسارة ليس بعدها خسارة!! وأخشى ما أخشاه أن تكون فينا هذه الآيات نزلت : (وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ ) (38) محمد ، وأما أنتم أيها الكارهون للإسلام ، فقد قال تعالى فيكم : (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ فَسَيُنْفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ وَالَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ) (36) الانفال
الدعاء