خطبة عن ( مع كل محنة منحة. ومن المحن تأتى المنح )
أكتوبر 15, 2016خطبة عن ( وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ )
أكتوبر 15, 2016الخطبة الأولى (وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ )
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
يقول الله تعالى في محكم آياته : (وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ) (186) البقرة ،وروى البخاري في صحيحه (عَنْ أَبِى مُوسَى الأَشْعَرِيِّ – رضى الله عنه – قَالَ كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – ، فَكُنَّا إِذَا أَشْرَفْنَا عَلَى وَادٍ هَلَّلْنَا وَكَبَّرْنَا ارْتَفَعَتْ أَصْوَاتُنَا ، فَقَالَ النَّبِيُّ – صلى الله عليه وسلم – « يَا أَيُّهَا النَّاسُ ، ارْبَعُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ ، فَإِنَّكُمْ لاَ تَدْعُونَ أَصَمَّ وَلاَ غَائِبًا ، إِنَّهُ مَعَكُمْ ، إِنَّهُ سَمِيعٌ قَرِيبٌ ، تَبَارَكَ اسْمُهُ وَتَعَالَى جَدُّهُ » ،وفي رواية الإمام أحمد « أَيُّهَا النَّاسُ ارْبَعُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ فَإِنَّكُمْ مَا تَدْعُونَ أَصَمَّ وَلاَ غَائِباً إِنَّمَا تَدْعُونَ سَمِيعاً بَصِيراً إِنَّ الَّذِى تَدْعُونَ أَقْرَبُ إِلَى أَحَدِكُمْ مِنْ عُنُقِ رَاحِلَتِهِ ) ،وفي صحيح البخاري (قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ – صلى الله عليه وسلم – « قَالَ اللَّهُ تَعَالَى أَنَا مَعَ عَبْدِى حَيْثُمَا ذَكَرَنِي وَتَحَرَّكَتْ بِي شَفَتَاهُ »
إخوة الإسلام
(وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ) ، إنها آية عظيمة وعجيبة، إنها آية تسكب في قلب المؤمن النداوة والأنس ، والرضا ، والثقة واليقين . لقد أضاف الله عز وجل العباد إليه مباشرة ، دون واسطة ولا حاجز ، لم يقل: فقل لهم: إني قريب ، إنما تولى بذاته العلية الجواب على عباده بمجرد السؤال فقال: { فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ } ،
نعم فإن استجابة الله سبحانه وتعالى لعباده ، إنما تكون بمجرد سؤالهم ودعائهم. وفي ظل هذا الأنس والقرب، يوجه الله عباده إلى الاستجابة له ، والإيمان به لعل هذا يقودهم إلى الرشد والهداية والصلاح. { فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ } ،فالثمرة الأخيرة من الاستجابة والإيمان هي لهم كذلك .. هي الرشد والهدى والصلاح .. فالله غني عن العالمين. واستجابة الله للعباد مرجوة حين يستجيبون هم له ويرشدون .. وحين لا يتعجلون الاستجابة، فهو يقدر الإجابة في وقتها بتقديره الحكيم، ففي الصحيحين عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – قَالَ « يُسْتَجَابُ لأَحَدِكُمْ مَا لَمْ يَعْجَلْ يَقُولُ دَعَوْتُ فَلَمْ يُسْتَجَبْ لِي » . وفي صحيح مسلم : عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- أَنَّهُ قَالَ « لاَ يَزَالُ يُسْتَجَابُ لِلْعَبْدِ مَا لَمْ يَدْعُ بِإِثْمٍ أَوْ قَطِيعَةِ رَحِمٍ مَا لَمْ يَسْتَعْجِلْ ». قِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا الاِسْتِعْجَالُ قَالَ « يَقُولُ قَدْ دَعَوْتُ وَقَدْ دَعَوْتُ فَلَمْ أَرَ يَسْتَجِيبُ لِي فَيَسْتَحْسِرُ عِنْدَ ذَلِكَ وَيَدَعُ الدُّعَاءَ ». فينبغي عليك أيها المؤمن أن تلح في الدعاء ، حتى وإن لم يستجب الله لك على الفور لحكمة يراها عز وجل، بل الزم باب مولاك، فمن الذي دعاه ولم يستجب له؟! ومن الذي طرق بابه ولم يفتح له؟!
أيها المسلمون
و(القريب): هو الذي ليس ببعيد، فالله عز وجل قريب من عباده … وقربه سبحانه وتعالى نوعان: 1- قرب عام: وهو إحاطة علمه بجميع الأشياء، وهو أقرب إلى الإنسان من حبل الوريد، وهو بمعنى المعية العامة. 2- قرب خاص بالداعين والعابدين، هو قرب يقتضي المحبة والنصرة، والتأييد في الحركات والسكنات، والإجابة للداعين، والقبول والإنابة للعابدين ، كما في قوله تعالى: ( وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ)البقرة: 186]. فالله عز وجل قريب ممن دعاه بإجابته، كما في الحديث المتقدم ( إنما تدعون سميعاً قريباً، إن الذي تدعونه أقرب إلى أحدكم من عنق راحلته)) ،وكما في صحيح مسلم :(عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « إِنَّ اللَّهَ يَقُولُ أَنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِى بِي وَأَنَا مَعَهُ إِذَا دَعَانِي ». وكذلك قول صالح -عليه السلام- لقومه، في القرآن الكريم (فَاسْتَغْفِرُوهُ ثُمَّ تُوبُواْ إِلَيْهِ إِنَّ رَبِّي قَرِيبٌ مُّجِيبٌ ) [هود: 61]. فقوله قريب مجيب مقرون بالتوبة والاستغفار، أراد قريب مجيب لاستغفار المستغفرين التائبين إليه. وهو سبحانه وتعالى: المجيب الذي يجيب المضطر إذا دعاه، ويغيث الملهوف إذا ناداه، ويقابل مسألة السائلين بالإسعاف، ودعاء الداعين بالإجابة، وضرورة المضطرين بالكفاية، بل ينعم قبل النداء، ويتفضل قبل الدعاء. وإجابة الله -عز وجل- لعباده نوعان: 1- إجابة عامة لكل من دعاه دعاء عبادة أو دعاء مسألة، قال تعالى: (وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ ) [غافر: 60] ،فدعاء المسألة أن يقول العبد اللهم أعطني كذا أو اللهم ادفع عني كذا، وهذا يقع من البر والفاجر، ويستجيب الله فيه لكل من دعاه بحسب الحال المقتضية وبحسب ما تقتضيه حكمته، وهذا يستدل به على كرم المولى وشمول إحسانه للبر والفاجر، ولا يدل بمجرده على حسن حال الداعي الذي أجيبت دعوته إن لم يقترن بذلك ما يدل عليه وعلى صدقه وتعين الحق معه، أما سؤال الأنبياء ودعائهم لقومهم وعلى قومهم فيجيبهم الله، فإنه يدل على صدقهم فيما أخبروا به وكرامتهم على ربهم، ولهذا كان النبي صلى الله عليه وسلم كثيراً ما يدعو بدعاء يشاهد المسلمون وغيرهم إجابته، وذلك من دلائل نبوته وآيات صدقه، وكذلك ما يذكرونه عن كثير من أولياء الله من إجابة الدعوات، فإنه من أدلة كراماتهم على الله. 2- إجابة خاصة ولها أسباب عديدة، منها دعوة المضطر الذي وقع في شدة وكربة عظيمة، فإن الله يجيب دعوته، قال تعالى: ( أَمَّن يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ ) [النمل: 62]. وسبب ذلك شدة الافتقار إلى الله وقوة الانكسار وانقطاع تعلقه بالمخلوقين، ولسعة رحمة الله التي يشمل بها الخلق بحسب حاجتهم إليها، فكيف بمن اضطر إليها، ومن أسباب الإجابة طول السفر، والتوسل إلى الله بأحب الوسائل إليه من أسمائه وصفاته ونعمه، وكذلك دعوة المريض والمظلوم والصائم والوالد على ولده أو له وفي الأوقات والأحوال الشريفة.
أيها المسلمون
وإذا كان الله قريبٌ من عبده، فهل العبد قريب من ربِّه؟! فإذا كنت تريد القرب من الله فعليك بالدعاء ، قال تعالى ﴿ وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ ﴾ [غافر: 60]. فالدعاء هو التجارة الرابحة، الذي يَستوي فيه الفقراء والأغنياء، لكن عِظَم الرِّبح يكون على قدر حضور القلب وانطِراحه بين يدَي الله. والدعاء طريق الفوز والفلاح في الآخرة، وهو السبب الرئيسي للسعادة في الدنيا والآخرة، بل هو الطريق لانشراح الصدر وسلامته وطُهره. وخزائن الله مَلْأى، يده سحَّاء تنفق الليل والنهار، وملكه لا يَنقُص؛ جاء في الحديث القدسي الذي رواه مسلم: ((يَا عِبَادِي لَوْ أَنَّ أَوَّلَكُمْ وَآخِرَكُمْ وَإِنْسَكُمْ وَجِنَّكُمْ قَامُوا فِي صَعِيدٍ وَاحِدٍ فَسَأَلُونِي فَأَعْطَيْتُ كُلَّ إِنْسَانٍ مَسْأَلَتَهُ مَا نَقَصَ ذَلِكَ مِمَّا عِنْدِي إِلاَّ كَمَا يَنْقُصُ الْمِخْيَطُ إِذَا أُدْخِلَ الْبَحْرَ )). والدعاء صفة الملائكة عليهم السلام؛ لأن أهم وظائفهم التسبيح والاستغفار، والدعاء للمؤمنين، وصدق الله العظيم: ﴿ الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا ﴾ [غافر: 7]. والدعاء صفة الرسل عليهم الصلاة والسلام جميعًا؛ فقد دعا آدم ربه أن يغفر ذنبه، فغفر له، قال تعالى (قَالَ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي فَغَفَرَ لَهُ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ) (16)القصص ، ودعا نوحٌ عليه الصلاة والسلام أن ينصره الله فقال: ﴿ أَنِّي مَغْلُوبٌ فَانْتَصِرْ ﴾ [القمر: 10]، فنصَره الله على قومه وأهلكَهم بالطوفان، ودعا إبراهيمُ عليه الصلاة والسلام حين أُضرِمَت عليه النيران فقال: “حسبي الله ونعم الوكيل”، فقال الله للنار: ﴿ كُونِي بَرْدًا وَسَلَامًا عَلَى إِبْرَاهِيمَ ﴾ [الأنبياء: 69]. ودَعا يونس عليه الصلاة والسلام ربَّه لما ابتلَعه الحوتُ فقال: ﴿ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ ﴾ [الأنبياء: 87]، فاستجاب الله دُعاءه ونجَّاه من الغم، وكذلك ينجي المؤمنين. ودعا سليمانُ عليه الصلاة والسلام فقال: ﴿ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكًا لَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ ﴾ [ص: 35]، فآتاه الله ما طلب. ودعا موسى عليه الصلاة والسلام عندما أدرَكَه فرعونُ وقومُه، فاستجاب الله له، وفَلَق البحر له، وأغرَق فرعونَ وقومه. قال تعالى : (قَالَ أَصْحَابُ مُوسَى إِنَّا لَمُدْرَكُونَ (61) قَالَ كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ (62) فَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنِ اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْبَحْرَ فَانْفَلَقَ فَكَانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ (63) وَأَزْلَفْنَا ثَمَّ الْآخَرِينَ (64) وَأَنْجَيْنَا مُوسَى وَمَنْ مَعَهُ أَجْمَعِينَ (65) ثُمَّ أَغْرَقْنَا الْآخَرِينَ ) (66) الشعراء ،ودعا محمدٌ عليه الصلاة والسلام في مواقفَ عديدة، فاستجاب الله دعاءه وأظهَر أمرَه، ونصَره على القوم الكافرين، وقد ذكر الله ذلك في قصة الهجرة ومعركة بدر ويوم الأحزاب، وغيرها.
أيها المسلمون
والدعاء صفة المؤمنين الخاشعين، والأولياء المتقين، يَدعون ربَّهم ليل نهار فيتحقَّق مطلوبُهم، وينالون مرغوبَهم، ويفرج الله همومهم، وينفِّس مكروبهم، وهم بذلك يتقربون إلى الله ويتعبدون بالدعاء؛ فهو سلاحهم، وهو سُلوتهم في خَلوتهم؛ لأنهم يَعلمون فضل الله عليهم، ويعلمون حاجتهم إلى خالقهم، وضعْفَ أحوالهم، وتمام غنى خالقهم ورازقِهم، فهم لا يَستغنون عن ربهم طرفة عين. وإنَّ أحدَكم لَيَغضَبُ إن سُئل، والله يَغضب إذا لم يُسأل؛ ﴿ وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ ﴾ [البقرة: 186]، وليُحضِر الدَّاعي قلبَه، وانكسارَه وذُلَّه، وخشوعَه وخضوعه بين يدَي ربِّه.
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية (وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ )
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
ومن الأوقات التي يستجاب فيها الدعاء : آخر الليل، وآخر النهار، وعند الأذان، وبين الأذان والإقامة، وعند صعود الإمام لخطبة الجمعة حتى انتهاء الصلاة، وأدبار الصلوات، وآخر ساعة من يوم الجمعة، وعند نزول الغيث، وعند رؤية الكعبة، وفي أي مكان لم تطَأْه قدمُك من قبل ، ولا يَستعجل العبدُ إجابة الدعاء؛ لأنَّ الله يدَّخر لك الأصلح والأنفع؛ وفي مسند الإمام أحمد (عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « مَا مِنْ رَجُلٍ يَدْعُو اللَّهَ بِدُعَاءٍ إِلاَّ اسْتُجِيبَ لَهُ فَإِمَّا أَنْ يُعَجَّلَ لَهُ فِي الدُّنْيَا وَإِمَّا أَنْ يُدَّخَرَ لَهُ فِي الآخِرَةِ وَإِمَّا أَنْ يُكَفَّرَ عَنْهُ مِنْ ذُنُوبِهِ بِقَدْرِ مَا دَعَا مَا لَمْ يَدْعُ بِإِثْمٍ أَوْ قَطِيعَةِ رَحِمٍ أَوْ يَسْتَعْجِلُ ». قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ وَكَيْفَ يَسْتَعْجِلُ قَالَ « يَقُولُ دَعَوْتُ رَبِّى فَمَا اسْتَجَابَ لِي ».
ويجب أن يكون قُربك من الله بالدعاء في القوَّة والضعف، وفي اليُسر والعُسر، وفي الصحة والمرض، وفي الكدر والصفاء، وفي الشِّدة والرخاء. فقد قال صلى الله عليه وسلم « مَنْ سَرَّهُ أَنْ يَسْتَجِيبَ اللَّهُ لَهُ عِنْدَ الشَّدَائِدِ وَالْكُرَبِ فَلْيُكْثِرِ الدُّعَاءَ فِي الرَّخَاءِ ». رواه الترمذيُّ ، والدعاء يغذِّي حب الله لعباده؛ قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((لا يجتمع ملأٌ فيَدعو بعضهم ويؤمِّن بعضهم إلا أحبهم الله))؛ رواه الطبراني والحاكم. وهذه فئات لا تُردُّ دعوتهم؛ قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((ثَلاَثَةٌ لاَ تُرَدُّ دَعْوَتُهُمْ الإِمَامُ الْعَادِلُ وَالصَّائِمُ حَتَّى يُفْطِرَ وَدَعْوَةُ الْمَظْلُومِ تُحْمَلُ عَلَى الْغَمَامِ وَتُفْتَحُ لَهَا أَبْوَابُ السَّمَوَاتِ وَيَقُولُ الرَّبُّ عَزَّ وَجَلَّ وَعِزَّتِي لأَنْصُرَنَّكِ وَلَوْ بَعْدَ حِينٍ » ؛ رواه أحمد والترمذي وابن ماجه.
والدعاء سلاح المؤمن، فأنت بالدعاء أقوى إنسان، فقبل أن تُقبل على عمل: يا رب، إني تبرأتُ من حولي وقوتي، والتجأتُ إلى حولك وقوتك، يا ذا القوة المتين. وقبل أن تُقبل على مشروع، قبل أن تقبل على سفر، قبل أن تُقدم على عمل كبير، اسأل الله التوفيق، اسأل الله الحفظ، فالدعاء سلاح المؤمن، والنبيُّ عليه الصلاة والسلام يقول:{ إنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُلِحِّينَ فِي الدُّعَاءِ } وفي سنن الترمذي (عَنْ أَنَسٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « لِيَسْأَلْ أَحَدُكُمْ رَبَّهُ حَاجَتَهُ كُلَّهَا حَتَّى يَسْأَلَ شِسْعَ نَعْلِهِ إِذَا انْقَطَعَ » ،والمؤمن كلما تذلَّل في أعتاب الله أعزَّه الله، وغير المؤمن كلما استنكف أن يعبد الله، وأن يدعوه، وتأبَّى – أذله الله؛ فبطولتك أن تتذلل لله في الدعاء، عندئذٍ يعزُّك الله عز وجل. وكما جاء في بعض الآثار : ((يا داود، لو يعلم المعرضون انتظاري لهم، وشوقي إلى ترك مَعاصيهم، لتقطَّعَت أوصالهم من حبي، ولَماتوا شوقًا إليَّ، هذه إرادتي بالمعرضين فكيف بالمؤمنين؟!)).
الدعاء