خطبة عن (اليمين الكاذبة (إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلًا )
أبريل 13, 2016خطبة عن قوله تعالى ( ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا )
أبريل 13, 2016الخطبة الأولى (إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا )
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والإيمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له.وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
قال الله تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ) الحجرات 6 .
إخوة الإسلام
جاء في أسباب نزول هذه الآية الكريمة كما عند الإمام أحمد : (أن الْحَارِثَ بْنَ ضِرَارٍ الْخُزَاعِىَّ قَالَ قَدِمْتُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَدَعَانِى إِلَى الإِسْلاَمِ فَدَخَلْتُ فِيهِ وَأَقْرَرْتُ بِهِ فَدَعَانِى إِلَى الزَّكَاةِ فَأَقْرَرْتُ بِهَا وَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَرْجِعُ إِلَى قَوْمِى فَأَدْعُوهُمْ إِلَى الإِسْلاَمِ وَأَدَاءِ الزَّكَاةِ فَمَنِ اسْتَجَابَ لِى جَمَعْتُ زَكَاتَهُ فَيُرْسِلُ إِلَىَّ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم رَسُولاً لإِبَّانِ كَذَا وَكَذَا لِيَأْتِيَكَ مَا جَمَعْتُ مِنَ الزَّكَاةِ فَلَمَّا جَمَعَ الْحَارِثُ الزَّكَاةَ مِمَّنِ اسْتَجَابَ لَهُ وَبَلَغَ الإِبَّانَ الَّذِى أَرَادَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ يُبْعَثَ إِلَيْهِ احْتَبَسَ عَلَيْهِ الرَّسُولُ فَلَمْ يَأْتِهِ فَظَنَّ الْحَارِثُ أَنَّهُ قَدْ حَدَثَ فِيهِ سَخْطَةٌ مِنَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَرَسُولِهِ فَدَعَا بِسَرَوَاتِ قَوْمِهِ(أي أشرافهم) ، فَقَالَ لَهُمْ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ وَقَّتَ لِى وَقْتاً يُرْسِلُ إِلَىَّ رَسُولَهُ لِيَقْبِضَ مَا كَانَ عِنْدِى مِنَ الزَّكَاةِ وَلَيْسَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الْخُلْفُ وَلاَ أَرَى حَبْسَ رَسُولِهِ إِلاَّ مِنْ سَخْطَةٍ كَانَتْ فَانْطَلِقُوا فَنَأْتِىَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَبَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الْوَلِيدَ بْنَ عُقْبَةَ إِلَى الْحَارِثِ لِيَقْبِضَ مَا كَانَ عِنْدَهُ مِمَّا جَمَعَ مِنَ الزَّكَاةِ فَلَمَّا أَنْ سَارَ الْوَلِيدُ حَتَّى بَلَغَ بَعْضَ الطَّرِيقِ فَرِقَ(أي خاف وفزع) فَرَجَعَ. فَأَتَى رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إنَّ الْحَارِثَ مَنَعَنِى الزَّكَاةَ وَأَرَادَ قَتْلِى) . ( وفي رواية (فَسَمِعَ بِذَلِكَ الْقَوْمُ، فَتَلَقَّوْهُ يُعَظِّمُونَ أَمْرَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَتْ: فَحَدَّثَهُ الشَّيْطَانُ أَنَّهُمْ يُرِيدُونَ قَتْلَهُ، قَالَتْ: فَرَجَعَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ فَقَالَ :إِنَّ بَنِي الْمُصْطَلِقِ قَدْ مَنَعُونِي صَدَقَاتِهِمْ فَغَضِبَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْمُسْلِمُونَ) (فَضَرَبَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الْبَعْثَ إِلَى الْحَارِثِ فَأَقْبَلَ الْحَارِثُ بِأَصْحَابِهِ إِذِ اسْتَقْبَلَ الْبَعْثَ وَفَصَلَ مِنَ الْمَدِينَةِ لَقِيَهُمُ الْحَارِثُ فَقَالُوا هَذَا الْحَارِثُ فَلَمَّا غَشِيَهُمْ قَالَ لَهُمْ إِلَى مَنْ بُعِثْتُمْ قَالُوا إِلَيْكَ. قَالَ وَلِمَ قَالُوا إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ بَعَثَ إِلَيْكَ الْوَلِيدَ بْنَ عُقْبَةَ فَزَعَمَ أَنَّكَ مَنَعْتَهُ الزَّكَاةَ وَأَرَدْتَ قَتْلَهُ.قَالَ لاَ وَالَّذِى بَعَثَ مُحَمَّداً بِالْحَقِّ مَا رَأَيْتُهُ بَتَّةً وَلاَ أَتَانِى. فَلَمَّا دَخَلَ الْحَارِثُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ « مَنَعْتَ الزَّكَاةَ وَأَرَدْتَ قَتْلَ رَسُولِى » قَالَ لاَ وَالَّذِى بَعَثَكَ بِالْحَقِّ مَا رَأَيْتُهُ وَلاَ أَتَانِى وَمَا أَقْبَلْتُ إِلاَّ حِينَ احْتَبَسَ عَلَىَّ رَسُولُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم خَشِيتُ أَنْ تَكُونَ كَانَتْ سَخْطَةً مِنَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَرَسُولِهِ. قَالَ فَنَزَلَتِ الْحُجُرَاتُ ( يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ)
أيها المسلمون
كم من الأحكام نصدرها على الناس بمجرد سماع كلمة من هنا أو كلمة من هناك ,وكم تقطعت من علاقات وأواصر وكم تفككت من أُسر, وتباعدت من قرابات و تحولت المحبة إلى عداوات والقرب إلى بعد.والألفة والمودة إلى جفوة وغلظة. كل هذا بسبب كلمات سمعها المسلم عن أخيه المسلم ولم يتبين ولم يتثبت من صحت وقوعها ،وهذه الآية التي استمعنا إليها من كتاب الله ترسم لنا الطريق الصحيح في التعامل مع الأخبار ،إنها قاعدة قرآنية ربانية عظيمة الصلة بواقع الناس الآية تقول لك : لا تصدر أحكاما قبل أن تتثبت من الأمر.ولا تتحامل ولا تغضب على الآخرين.قبل أن تسمع منهم . فمثلا .إذا نقل إليك محدثك خبرا تكرهه عن زوجتك أو والديك أوعن جيرانك أو عن أحد من أرحامك أو أصدقائك.أو عن زميلك في العمل.فتثبت أولا من صحة الخبر تبين قبل أن تتكلم بكلمة فقد يكون الخبر غير صحيح. بل ويعلمنا القرآن كيف نتصرف إذا ما سمعنا خبرا أو إشاعة فيها إساءة إلى الآخرين ونتعرف على ذلك بعد قليل إن شاء الله
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية (إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا )
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والإيمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له.وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
يعلمنا القرآن كيف نتصرف إذا ما سمعنا خبرا أو إشاعة فيها إساءة إلى الآخرين. أولا: لا نصدق الخبر أو الإشاعة بل ونظن الخير بمن سمعنا عنه.ونقول هذا كذب .قال تعالى (لَوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بِأَنْفُسِهِمْ خَيْرًا. وَقَالُوا هَذَا إِفْكٌ مُبِينٌ ) النور 12. ثانيا لا نتكلم به أبدا ولا ننقله إلى غيرنا ولا نحدث به أحدا أبدا فإن قلت. قل لي فلان أو فلانة. فقد شاركت أنت في نقل الخبر والاشاعة وارتكبت ذنبا عظيما وأنت لا تدري.وقد يقول قائل (وأنا مالي.أنت قلت ماسمعت) أقول لك. لا تقل كل ما تسمع خاصة لو كان فيه إساءة للآخرين قال الله تعالى : (وَلَوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ قُلْتُمْ مَا يَكُونُ لَنَا أَنْ نَتَكَلَّمَ بِهَذَا سُبْحَانَكَ هَذَا بُهْتَانٌ عَظِيمٌ) النور 16. وفي صحيح مسلم قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم « كَفَى بِالْمَرْءِ كَذِبًا أَنْ يُحَدِّثَ بِكُلِّ مَا سَمِعَ » ،وفي رواية عند غير مسلم قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم «كَفَى بِالْمَرْءِ إِثْمًا أَنْ يُحَدِّثَ بِكُلِّ مَا سَمِعَ » ،ويبين لنا الحق تبارك وتعالى عظم ذنب من تكلم بما لم يتثبت منه.ولا علم له به. فيقول وقوله الحق(وَتَقُولُونَ بِأَفْوَاهِكُمْ مَا لَيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّنًا وَهُوَعِنْدَ اللَّهِ عَظِيمٌ) النور 15
أخي في الإسلام
إن شئت فقل .نحن الآن في عصر الأخبار الكاذبة .بل والملفقة. فأغلب ما يتناقل إلى مسامعنا من أخبار في وسائل الاعلام ووسائل الاتصال فهو عار من الصحة بل قد يكون على العكس من ذلك. لذا أقول لكم ناصحا لا تصدقوا كل ما تسمعوا ولا تتناقلوا كل ما تقرأوا أو تسمعوا قبل أن تتثبتوا.حتى لاتشاركوا في نقل خبر كاذب وتقعوا بسبب ذلك في المعصية وأنتم لا تقصدون. وفي النهاية أذكركم بقوله تعالى : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ).
الدعاء