خطبة عن (تثبتوا )
فبراير 28, 2023خطبة عن ( رب الخير لا يأتي إلا بخير)
فبراير 28, 2023الخطبة الأولى ( خَالِفُوا الْمُشْرِكِينَ ) مختصرة
الحمد لله رب العالمين. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له. وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
روى الإمام الترمذي في سننه بسند حسن صحيح: (عَنْ أَبِي وَاقِدٍ اللَّيْثِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- لَمَّا خَرَجَ إِلَى خَيْبَرَ مَرَّ بِشَجَرَةٍ لِلْمُشْرِكِينَ يُقَالُ لَهَا ذَاتُ أَنْوَاطٍ يُعَلِّقُونَ عَلَيْهَا أَسْلِحَتَهُمْ فَقَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ اجْعَلْ لَنَا ذَاتَ أَنْوَاطٍ كَمَا لَهُمْ ذَاتُ أَنْوَاطٍ. فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «سُبْحَانَ اللَّهِ هَذَا كَمَا قَالَ قَوْمُ مُوسَى (اجْعَلْ لَنَا إِلَهًا كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ) وَالَّذِى نَفْسِي بِيَدِهِ لَتَرْكَبُنَّ سُنَّةَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ». وفي رواية في صحيح ابن حبان: (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (الله أكبر إنها السنن)، وفي الصحيحين: (عَنِ النَّبِيِّ – صلى الله عليه وسلم – قَالَ « لَتَتْبَعُنَّ سَنَنَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ شِبْرًا شِبْرًا وَذِرَاعًا بِذِرَاعٍ، حَتَّى لَوْ دَخَلُوا جُحْرَ ضَبٍّ تَبِعْتُمُوهُمْ». قُلْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى قَالَ « فَمَنْ ».
إخوة الإسلام
إن قضية اتباع سنن وأفعال من كان قبلنا من القضايا الهامة، والتي يلزم كل مسلم معرفتها، لأن عدم العلم بها قد يجر إلى الوقوع في التشبه بأمم الكفر والباطل، واتباعهم في كثير مما ينبغي البراءة منه, وهذا يضر بدين العبد ضررا بالغا, وأقل ذلك الضرر هو التشبه بقوم إما مغضوب عليهم وإما ضالين, وفي صحيح البخاري: (عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ (لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى تَأْخُذَ أُمَّتِي بِأَخْذِ الْقُرُونِ قَبْلَهَا شِبْرًا بِشِبْرٍ وَذِرَاعًا بِذِرَاعٍ فَقِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ كَفَارِسَ وَالرُّومِ فَقَالَ وَمَنْ النَّاسُ إِلَّا أُولَئِك) رواه البخاري، وهكذا أخبر الرسول بما يكون من أمته بعده من اتباع سنن وسبل ومناهج وعادات أمم الكفر في الأرض، سواء كانوا متمثلين في أهل الكتاب من اليهود والنصارى, أو في غيرهم ، ومن المؤسف والمحزن أننا نَشهَدُ اليَومَ هذا التشبه، وهذا التقليد الأعمى لأمم الكفر ظاهر بين؛ فأفرادُ هَذِه الأمَّة المسلمة يَتَهافَتونَ ويَتَنافَسونَ ويَتَفاخَرونَ باتِّباعِ طَرائِقِ الكُفَّارِ في كُلِّ شَيءٍ ظاهِرٍ وباطِنٍ، بَدءًا من أزيائِهم، وقَصَّاتِ شُعورِهم، والتَّحَدُّثِ بلُغاتِهم، وأسلوبِ حَياتِهم، إلى مُحاكاتِهم العَمياءِ في أعيادِهم، وقَوانينِهم، ومَناهِجِ تَعليمِهم وتَفكيرِهم ،ونسي هؤلاء أنه يجب أن يكون للمُسلمِ هُويَّتُه التي تُميِّزُه عن غيرِه، وشَريعتُه التي فضَّلَه اللهُ بها على العالَمِين، وقدْ كان النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم حَريصًا على بَقاءِ هذا التَّميُّزِ والتَّفضيلِ، ومِن ثَمَّ كان صلى الله عليه وسلم يَأمُرُ بمُخالَفةِ أهلِ الكِتابِ مِن اليَهودِ والنَّصارَى، وكذا المشركين، ويُحذِّرُ مِن مُتابعتِهم،ففي الصحيحين: (عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنِ النَّبِيِّ – صلى الله عليه وسلم – قَالَ «خَالِفُوا الْمُشْرِكِينَ، وَفِّرُوا اللِّحَى، وَأَحْفُوا الشَّوَارِبَ»، وفي رواية: (خَالِفُوا الْمَجُوسَ»، وفي سنن أبي داود: (قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- «خَالِفُوا الْيَهُودَ فَإِنَّهُمْ لاَ يُصَلُّونَ فِي نِعَالِهِمْ وَلاَ خِفَافِهِمْ»، فالتشبه باليهود والنصارى والمشركين في لبسهم وحركاتهم وكلامهم وعاداتهم وأعيادهم خطر على عقيدة المسلم، فالمتشبه بهم يخشى عليه أن يكون منهم، ففي سنن أبي داود: (قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم «مَنْ تَشَبَّهَ بِقَوْمٍ فَهُوَ مِنْهُمْ» .قال ابن تيمية – رحمه الله- وهذا أقل أحواله التحريم ، إن سلم المتشبه من الكفر والعياذ بالله .
أيها المسلمون
ألا فلنتمسك بديننا، وقيمنا، ولنحذر من الانزلاق في مهاوي التقليد الأعمى لغير المسلمين، ففي هذا انسلاخ من الدين شيئا فشيئا، وقد تكاثرت النصوص الشرعية في التحذير من هذا الانزلاق والتشبه بهم، لما له من ضرر بليغ في عقيدة المسلم، ولعظيم ذلك فقد أمرنا الله تعالى أن نستهديه صراطه المستقيم، صراط الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين؛ وأن يباعدنا عن طريق المغضوب عليهم والضالين. وقال الله تعالى: ﴿ ثُمَّ جَعَلْنَاكَ عَلَى شَرِيعَةٍ مِنَ الْأَمْرِ فَاتَّبِعْهَا وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ * إِنَّهُمْ لَنْ يُغْنُوا عَنْكَ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا وَإِنَّ الظَّالِمِينَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَاللَّهُ وَلِيُّ الْمُتَّقِينَ * هَذَا بَصَائِرُ لِلنَّاسِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ ﴾ الجاثية : 18: 20.
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية ( خَالِفُوا الْمُشْرِكِينَ )
الحمد لله رب العالمين . وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
فعلى المسلم أن يتقي الوقوع في أخطاء السابقين، وألا يتشبه بهم، يقول الله تعالى: (وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُون ) َ(153) الأنعام. وعَنْ الْعِرْبَاضِ بْنِ سَارِيَةَ قَالَ: (وَعَظَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمًا بَعْدَ صَلَاةِ الْغَدَاةِ مَوْعِظَةً بَلِيغَةً ذَرَفَتْ مِنْهَا الْعُيُونُ وَوَجِلَتْ مِنْهَا الْقُلُوبُ فَقَالَ رَجُلٌ إِنَّ هَذِهِ مَوْعِظَةُ مُوَدِّعٍ فَمَاذَا تَعْهَدُ إِلَيْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ أُوصِيكُمْ بِتَقْوَى اللَّهِ وَالسَّمْعِ وَالطَّاعَةِ وَإِنْ تأمر عليكم عَبْدٌ حَبَشِيٌّ فَإِنَّهُ مَنْ يَعِشْ مِنْكُمْ بعدى يَرَى اخْتِلَافًا كَثِيرًا وَإِيَّاكُمْ وَمُحْدَثَاتِ الْأُمُورِ فَإِنَّهَا ضَلَالَةٌ فَمَنْ أَدْرَكَ ذَلِكَ مِنْكُمْ فَعَلَيْهِ بِسُنَّتِي وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ الْمَهْدِيِّينَ عَضُّوا عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ) {رواه الترمذي}.
أيها المسلمون
فالواجب على كل مسلم أن يسلك مسلك الأنبياء والصالحين، وأن يأخذ طريقهم، ويستقيم على نهجهم، وأن يسأل ربه الثبات على ذلك، وألا يغتر بمن هلك وضل من الأمم ،وألا يسلك سبيلهم بالتشبه بهم ، فالطريق السليم، والصراط المستقيم، هو أن تعبد الله وحده، وأن تسلك طريق وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ، فهذا هو الصراط المستقيم، وهذا هو مسلك الأخيار من عباد الله المؤمنين، أما اتباع طريق الضالين، والسير على نهجهم، فهذا نهج المغضوب عليهم والضالين، نهج من خالف الشرع والدين، وأذكركم بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم : «مَنْ تَشَبَّهَ بِقَوْمٍ فَهُوَ مِنْهُمْ».
الدعاء