خطبة عن ( الشباب هم عماد الأمة )
ديسمبر 30, 2017خطبة عن (هموم الأمة الاسلامية)
ديسمبر 30, 2017الخطبة الأولى ( مع اسم الله (الأَوَّلُ وَالآخِرُ )
الحمد لله رب العالمين .. اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا لله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.. نشهد أنه بلغ الرسالة وأدى الأمانة ونصح الأمة اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
يقول الحق تبارك وتعالى في محكم آياته وهو أصدق القائلين : (وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا) الأعراف 180، وروى البخاري ومسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: « إِنَّ لِلَّهِ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ اسْمَا مِائَةً إِلاَّ وَاحِدًا مَنْ أَحْصَاهَا دَخَلَ الْجَنَّةَ »، وقال تعالى : (هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ) (3) الحديد
إخوة الإسلام
إن معرفة أسماء الله جل جلاله الواردة في الكتاب والسنة ،وما تتضمنه من معاني جليلة ،وأسرار بديعة ،لمن أعظم الأسباب التي تعين على زيادة إيمان العبد ، وتقوية يقينه، قال شيخ الإسلام ابن تيمية –رحمه الله-:”ولما كانت حاجة النفوس إلى معرفة ربها أعظم الحاجات، كانت طرق معرفتهم له أعظم من طرق معرفة ما سواه، وكان ذكرهم لأسمائه أعظم من ذكرهم لأسماء ما سواه”. ومن الأسماء الحسنى التي وردت في كتاب الله العزيز: اسمه سبحانه : (الأَوَّلُ وَالآخِرُ ) ،قال تعالى : (هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ) (3) الحديد، وروى مسلم في صحيحه :(عَنْ سُهَيْلٍ قَالَ كَانَ أَبُو صَالِحٍ يَأْمُرُنَا إِذَا أَرَادَ أَحَدُنَا أَنْ يَنَامَ أَنْ يَضْطَجِعَ عَلَى شِقِّهِ الأَيْمَنِ ثُمَّ يَقُولُ :« اللَّهُمَّ رَبَّ السَّمَوَاتِ وَرَبَّ الأَرْضِ وَرَبَّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ رَبَّنَا وَرَبَّ كُلِّ شَيْءٍ فَالِقَ الْحَبِّ وَالنَّوَى وَمُنْزِلَ التَّوْرَاةِ وَالإِنْجِيلِ وَالْفُرْقَانِ أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ كُلِّ شَيْءٍ أَنْتَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهِ اللَّهُمَّ أَنْتَ الأَوَّلُ فَلَيْسَ قَبْلَكَ شَيْءٌ وَأَنْتَ الآخِرُ فَلَيْسَ بَعْدَكَ شَيْءٌ وَأَنْتَ الظَّاهِرُ فَلَيْسَ فَوْقَكَ شَيْءٌ وَأَنْتَ الْبَاطِنُ فَلَيْسَ دُونَكَ شَيْءٌ اقْضِ عَنَّا الدَّيْنَ وَأَغْنِنَا مِنَ الْفَقْرِ ». وَكَانَ يَرْوِى ذَلِكَ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- ) .
أيها المسلمون
وجاء في معاني اسمه تعالى : (الأَوَّلُ وَالآخِرُ ) أن الأول سبحانه : هو الذي لم يسبقه في الوجود شيء ، فأولية الله تقدمه على كل من سواه في الزمان ،وفي صحيح البخاري : (عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ قَالَ إِنِّي عِنْدَ النَّبِيِّ – صلى الله عليه وسلم – إِذْ جَاءَهُ قَوْمٌ مِنْ بَنِى تَمِيمٍ فَقَالَ « اقْبَلُوا الْبُشْرَى يَا بَنِى تَمِيمٍ » . قَالُوا بَشَّرْتَنَا فَأَعْطِنَا . فَدَخَلَ نَاسٌ مِنْ أَهْلِ الْيَمَنِ فَقَالَ « اقْبَلُوا الْبُشْرَى يَا أَهْلَ الْيَمَنِ إِذْ لَمْ يَقْبَلْهَا بَنُو تَمِيمٍ » . قَالُوا قَبِلْنَا . جِئْنَاكَ لِنَتَفَقَّهَ فِي الدِّينِ وَلِنَسْأَلَكَ عَنْ أَوَّلِ هَذَا الأَمْرِ مَا كَانَ .قَالَ « كَانَ اللَّهُ وَلَمْ يَكُنْ شَيْءٌ قَبْلَهُ ، وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ ، ثُمَّ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ ، وَكَتَبَ فِي الذِّكْرِ كُلَّ شَيْءٍ » ، وقال الخطابي: (الأول) هو السابق للأشياء كلها، الكائن الذي لم يزل قبل وجود الخلق، فاستحق الأولية إذ كان موجوداً ولا شيء قبله ولا معه. وقال الحليمي: (الأول): الذي لا قبل له، والآخر هو الذي لا بعد له، (وهذا لأن) (قبل وبعد) نهايتان، فقبل نهاية الموجود من قبل ابتدائه، وبعد غايته من قبل انتهائه، فإذا لم يكن له ابتداء ولا انتهاء لم يكن للموجود قبل ولا بعد، فكان هو الأول والآخر ،وقال ابن جرير: هو (الأول) قبل كل شيء بغير حد، و(الآخر) بعد كل شيء بغير نهاية، وإنما قيل ذلك كذلك، لأنه كان ولا شيء موجوداً سواه، وهو كائن بعد فناء الأشياء كلها، ومن معاني اسمه تعالى “الأوّل”: هو الذي ليس قبله شيء، فكلّ ما سواه حادث مخلوق .وفي الحديث: ( كَانَ اللَّهُ وَلَمْ يَكُنْ شَيْءٌ غَيْرُهُ، وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ، وَكَتَبَ فِي الذِّكْرِ كُلَّ شَيْءٍ، وَخَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ..) [رواه البخاري]. وفي رواية له أيضا قَالَ صلّى الله عليه وسلّم: ( كَانَ اللَّهُ وَلَمْ يَكُنْ شَيْءٌ قَبْلَهُ)، وفي رواية : ( وَلَمْ يَكُنْ شَيْءٌ مَعَهُ) .
واسم الله الأول يدل باللزوم على الحياة والقيومية ، والسمع والبصر والعلم ، والمشيئة والقدرة والعلو والغنى والعظمة فهو لا يحتاج إلى غيره في شيء ، وهو المستغني بنفسه عن كل شيء ،ومن الأولية أيضا : تقدمه سبحانه على غيره تقدما مطلقا ، في كل وصف كمال ،وهذا معنى الكمال في الذات والصفات، في مقابل العجز والقصور لغيره من المخلوقات، فلا يدانيه ولا يساويه أحد من خلقه ،لأنه سبحانه منفرد بذاته ووصفه وفعله ، والأولية وصف لله وليست لأحد سواه، كما أن الأولية في الأشياء مرجعيتها إلي الله خلقا وإيجادا وعطاء وإمدادا ، قال الله تعالى : (كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلقٍ نُعِيدُهُ وَعْداً علينَا إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ ) [الأنبياء:104] ،وقال الله تعالى : (قُل يُحْيِيهَا الذِي أَنْشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلقٍ عَلِيمٌ ) [يس:79] ،واسمه تعالى: (الآخر ) : أي هو المتصف بالبقاء والآخرية ، فهو الآخر الذي ليس بعده شيء ، وهو الباقي بعد فناء الخلق ، قال الله تعالى : (كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلاَّ وَجْهَهُ لَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ ) [ القصص 88] ،فمعنى اسمه تعالى : “الآخر”: يدلّ على دوام بقائه سبحانه وتعالى، كما قال تعالى :{ كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ (26) وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ} (26) ،(27) الرحمن والمقصود بدوامه وبقائه أنّه باقٍ بذاته سبحانه وتعالى، بخلاف المخلوقات الّتي لا تفنى ولا تبيد كالجنّة والنّار والعرش والكرسيّ والقلم وما قام الدّليل على دوامه، فهي لا تدوم بذاتها ولكن بإذن الله ومشيئته، وفي الصحيحين (عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ – رضى الله عنه – قَالَ قَالَ النَّبِيُّ – صلى الله عليه وسلم – « أَصْدَقُ كَلِمَةٍ قَالَهَا الشَّاعِرُ كَلِمَةُ لَبِيدٍ أَلاَ كُلُّ شَيْءٍ مَا خَلاَ اللَّهَ بَاطِلٌ .. » ، ومن معاني اسم الله الآخر : أنه هو سبحانه الذي تنتهي إليه أمور الخلائق كلها ، كما ورد عند البخاري من حديث البراء رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( اللَّهُمَّ أَسْلَمْتُ نَفْسِي إِلَيْكَ وَفَوَّضْتُ أَمْرِي إِلَيْكَ وَأَلْجَأْتُ ظَهْرِي إِلَيْكَ رَهْبَةً وَرَغْبَةً إِلَيْكَ ، لاَ مَلْجَأَ وَلاَ مَنْجَا مِنْكَ إِلاَّ إِلَيْكَ ) ، فأحاطت أوليته وآخريته بالأوائل والأواخر، وما من أول إلا والله قبله ،وما من آخر إلا والله بعده ،فالأول قدمه ،والآخر دوامه وبقاؤه , فسبق كل شيء بأوليته , وبقي بعد كل شيء بآخريته ، فهو الأول في آخريته , والآخر في أوليته . إذن: فهو الأول لأنه الواحد الذي لا شريك له، والواحد منه الانطلاق العددي والخلقي والكوني والحركي، وأوليته بلا بداية، فإذا نظرنا إلي وجود شيء نجد سبق الأولية فيه لله، وعندما ينتهي الشيء نجد انتهاءه بأمره، فهو الآخر، وعندما يبدأ الشيء نمواً وصعوداً يكون الأول، فأوليته أبدية وآخرته لا نهائية.
أيها المسلمون
واعتقاد المسلم وإيمانه باسمه تعالى : (الأَوَّلُ وَالآخِرُ ) ، له آثاره في عقيدة المسلم وسلوكه وحياته ، فمن هذه الآثار : إنّ معرفة أوّليته وآخريّته تدلّ على غناه المطلق، فهو غنيّ عن العباد، كما قال تعالى:{وَرَبُّكَ الْغَنِيُّ ذُو الرَّحْمَة} [الأنعام: 13]، وقال: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ} [فاطر:15]، فهو سبحانه بخلقه للعباد ملائكتهم، وإنسهم، وجنّهم، وجمادهم، فإنّما هو ليُعبد، لا لأنّه مفتقر إلى العباد. فالأوّل: يدلّ على أنّ كلّ ما سواه حادث كائن بعد أن لم يكن. والآخر: يدلّ على أنّه سبحانه وتعالى الغاية والمنتهى والمقصد الذي تريده جميع المخلوقات، فلا تبتغي إلاّ رضاه، ولا تريد إلاّ إيّاه. فإذا آمن المسلم واعتقد أن الله سبحانه وتعالى هو (الأَوَّلُ وَالآخِرُ) ،علم العبد غنى الرب من كل وجه بذاته وصفاته ، وأن كمال أوصافه أيضا أوَّلي بأولية ذاته ؛ فلم يكتسب وصفا كان مفقودا ، أو كمالا لم يكن موجودا ، كما هو الحال بين المخلوقات في اكتساب أوصاف الكمال كانت مفقودة من قبل. ومن آثار الإيمان باسمه تعالى (الأَوَّلُ وَالآخِرُ) : أن يعلم المسلم أن أصله من طين ، وله بداية ، وله نهاية وحياة إلى حين ؛ فإذا علم ذلك أيقن أن ما قام به من الحسن فمرجعه إلى رب العالمين ، وأن الفرع لا محالة سيرجع إلى أصله ، كما ذكر الله تعالى في قوله تعالى : (إِليْهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعاً وَعْدَ اللهِ حَقّاً إِنَّهُ يَبْدأُ الخَلقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ ليَجْزِيَ الذِينَ آمَنُوا وَعَمِلوا الصَّالحَاتِ بِالقِسْطِ وَالذِينَ كَفَرُوا لهُمْ شَرَابٌ مِنْ حَمِيمٍ وَعَذَابٌ أَليمٌ بِمَا كَانُوا يَكْفُرُونَ) [يونس:4]، ومن آثار الإيمان باسمه تعالى (الأَوَّلُ وَالآخِرُ) : اعتراف العبد أن الفضل كله من الأول والآخر سبحانه وليس من نفسه ولا من أحد سواه قال ابن القيم : ” فعبوديته باسمه الأول تقتضي التجرد من مطالعة الأسباب أو الالتفات إليها , وتجريد النظر إلى مجرد سبق فضله ورحمته , وأنه هو المبتدئ بالإحسان من غير وسيلة من العبد إذ لا وسيلة له في العدم قبل وجوده ؛ فأي وسيلة كانت هناك وإنما هو عدم محض وقد أتى عليه حين من الدهر لم يكن شيئا مذكورا , ” ، ومن آثار الإيمان باسمه تعالى (الأَوَّلُ وَالآخِرُ) : أن التحقق بمعرفة اسم الله الآخر يوجب صحة الاضطرار وكمال الافتقار ،يقول ابن القيم : ” وعبوديته باسمه الآخر تقتضي أيضا عدم ركونه ووثوقه بالأسباب والوقوف معها فإنها تنعدم لا محالة وتنقضي بالآخرية ويبقى الدائم الباقي بعدها . فالتعلق بها تعلق بعدم وينقضي , والتعلق بالآخر سبحانه تعلق بالحي الذي لا يموت ولا يزول ؛ فالمتعلق به حقيق أن لا يزول ولا ينقطع بخلاف التعلق بغيره مما له آخر يفنى به .
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية ( مع اسم الله (الأَوَّلُ وَالآخِرُ )
الحمد لله رب العالمين .. اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا لله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.. نشهد أنه بلغ الرسالة وأدى الأمانة ونصح الأمة اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
ومن آثار الإيمان باسمه تعالى (الأَوَّلُ وَالآخِرُ) :أن يظهر أثر الاسم على سلوك العبد فيظهر من محبة الأولية في طلب الخير ، وطلب الأسبقية في التزام الأمر ، وحرصه على المزيد والمزيد من الأجر ، قال الله تعالى في وصف عباده الموحدين : ( أُولئِكَ يُسَارِعُونَ فِي الخَيْرَاتِ وَهُمْ لهَا سَابِقُونَ ) [المؤمنون:61] ، وقال سبحانه أيضا : (إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَباً وَرَهَباً وَكَانُوا لنَا خَاشِعِينَ ) [الأنبياء:90]، فتجد توحيد الله في اسمه الأول باديا على العبد عند مداومته على الصلاة في أول الوقت ، عملا بما ورد عند البخاري من حديث ابن مسعود رضي الله عنه أن رجلا سأل النبي صلى الله عليه وسلم أي الأعمال أفضل قال : ( الصَّلاَةُ لوَقْتِهَا وَبِرُّ الوَالدَيْنِ ثُمَّ الجِهَادُ في سَبِيل اللهِ) ، وكذلك حرصه على الصف الأول ومجاهدة الآخرين في استباقهم إليه ، فقد ورد عند البخاري من حديث أَبِي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( لوْ يَعْلمُ النَّاسُ مَا فِي النِّدَاءِ وَالصَّفِّ الأَوَّل ثُمَّ لمْ يَجِدُوا إِلاَّ أَنْ يَسْتَهِمُوا عَليْهِ لاَسْتَهَمُوا ، وَلوْ يَعْلمُونَ مَا فِي التَّهْجِيرِ لاَسْتَبَقُوا إِليْهِ ، وَلوْ يَعْلمُونَ مَا فِي العَتَمَةِ وَالصُّبْحِ لأَتَوْهُمَا وَلوْ حَبْوًا ) ، ومن آثار الإيمان باسمه تعالى (الأَوَّلُ وَالآخِرُ) : التوجه إليه وحده وعدم التفات القلب لغيره فكما أن كل الذوات فانية وزائلة إلا ذاته تعالى وتقدس فكذا لن يبقى إلا ما أريد به وجهه وكل ما كان لغيره يضمحل وهو أحد التفسيرين في قوله تعالى : (كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلاَّ وَجْهَهُ لَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ ) [القصص 88] ، ومن آثار الإيمان باسمه تعالى (الأَوَّلُ وَالآخِرُ) : أن تجعله وحده غايتك التي لا غاية لك سواه ولا مطلوب لك وراءه ، فكما انتهت إليه الأواخر، وكان بعد كل آخر ، فكذلك اجعل نهايتك إليه ، فإن إلى ربك المنتهى ، انتهت الأسباب والغايات ، فليس وراءه مرمى ينتهي إليه طريق . ومن آثار الإيمان باسمه تعالى (الأَوَّلُ وَالآخِرُ) :أن العبد إذا علم أنه من جملة من كتب الله عليهم الفناء دعاه ذلك إلى أن يبادر بالتوبة قبل أن ينزل به ما لا طاقة له على دفعه ويقوده ذلك إلى التسليم له سبحانه حين يقضي على العبد بفوت صفقة , وخسار تجارة ؛ ولا يتسخط على الرب في قضائه ، ومن آثار الإيمان باسمه تعالى (الأَوَّلُ وَالآخِرُ) : الدعاء بهما ، فقد روى مسلم عن أَبِى هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أن النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قال : (اللهُمَّ أَنْتَ الأَوَّلُ فَليْسَ قَبْلكَ شيء وَأَنْتَ الآخِرُ فَليْسَ بَعْدَكَ شيء ، وَأَنْتَ الظَّاهِرُ فَليْسَ فَوْقَكَ شيء ، وَأَنْتَ البَاطِنُ فَليْسَ دُونَكَ شيء ، اقْضِ عَنَّا الدَّيْنَ وَاغْنِنَا مِنَ الفَقْرِ) ، ومن آثار الإيمان باسمه تعالى (الأَوَّلُ وَالآخِرُ) : أن المسلم يتعبد لله بهما ، فيعامل سبقه تعالى بأوّليته لكلّ شيء ،وسبقه بفضله وإحسانه الأسباب كلها، وعدم الالتفات إلى غيره، وعدم الوثوق بسواه والتوكل على غيره. ويتعبّد له باسمه الآخر: بأن يجعلَه وحدَه غايتَه الَّتي لا غاية له سواه، ولا مطلوب له وراءه، فكما انتهت إليه الأواخر، وكان هو سبحانه بعد كل آخر، فكذلك اجعل نهايتك إليه، فإنّ إلى ربك المنتهى، إليه انتهت الأسباب والغايات، فليس وراءه مرمى ينتهي إليه. ومن آثار الإيمان باسمه تعالى (الأَوَّلُ وَالآخِرُ) : أنّ معرفة أوّليته سبحانه تدلّ على أنّه ليس في كلّ مكان كما يقول الجهميّ،
الدعاء