خطبة عن (عيد الفطر) (هم الرزق)
أبريل 17, 2022خطبة حول قوله تعالى (وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا لَاعِبِينَ)
مايو 7, 2022الخطبة الأولى ( الثبات على الإيمان والحق والطاعات )
الحمد لله رب العالمين .وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
في سنن الترمذي: (أن شَدَّادَ بْنَ أَوْسٍ رضي الله عنه قَالَ : كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يُعَلِّمُنَا أَنْ نَقُولَ (اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ الثَّبَاتَ فِي الأَمْرِ، وَأَسْأَلُكَ عَزِيمَةَ الرُّشْدِ )
إخوة الإسلام
لقد كان رسولُ الله صلى الله عليه وسلم يسأل ربه الثبات على (الإيمان والحق والطاعات )، ففي سنن ابن ماجه (عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يُكْثِرُ أَنْ يَقُولَ « اللَّهُمَّ ثَبِّتْ قَلْبِي عَلَى دِينِكَ ». فَقَالَ رَجُلٌ ،يَا رَسُولَ اللَّهِ تَخَافُ عَلَيْنَا وَقَدْ آمَنَّا بِكَ وَصَدَّقْنَاكَ بِمَا جِئْتَ بِهِ ،فَقَالَ « إِنَّ الْقُلُوبَ بَيْنَ إِصْبَعَيْنِ مِنْ أَصَابِعِ الرَّحْمَنِ عَزَّ وَجَلَّ يُقَلِّبُهَا»، فالثبات على الحق والتمسك به من صفات المؤمنين الصادقين، وعلى قدر ثبات العبد على الصراط الذي نصبه الله لعباده في هذه الدنيا ، يكون ثباته على الصراط المنصوب على متن جهنم يوم القيامة ،وعلى قدر سيره على هذا الصراط في الدنيا ،يكون سيره على ذلك الصراط يوم القيامة ،فمنهم من يمر كالبرق ،ومنهم من يمر كالطرف ، ومنهم من يمر كالريح ،ومنهم من يمشي مشياً ،ومنهم من يحبو حبواً، ومنهم المخدوش ،ومنهم من يسقط في النار،
وللثبات على الحق والهدى والطاعات أسباب، ومن هذه الأسباب: الشعور بالفقر إلى تثبيت الله تعالى – قال الله تعالى: (يُثَبِّتُ اللّهُ الَّذِينَ آمَنُواْ بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ) إبراهيم27 ، ومن أسباب الثبات على الطاعة: ترك المعاصي والذنوب صغيرها وكبيرها ، ظاهرها وباطنها ،فإن الذنوب من أسباب زيغ القلوب ،ففي الصحيحين: (إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ « لاَ يَزْنِي الزَّانِي حِينَ يَزْنِي وَهُوَ مُؤْمِنٌ وَلاَ يَسْرِقُ السَّارِقُ حِينَ يَسْرِقُ وَهُوَ مُؤْمِنٌ وَلاَ يَشْرَبُ الْخَمْرَ حِينَ يَشْرَبُهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ »، وأما صغائر الذنوب فقد تكون سببا في هلاك العبد، ففي مسند أحمد :(عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ « إِيَّاكُمْ وَمُحَقَّرَاتِ الذُّنُوبِ فَإِنَّهُنَّ يَجْتَمِعْنَ عَلَى الرَّجُلِ حَتَّى يُهْلِكْنَهُ ». وَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- ضَرَبَ لَهُنَّ مَثَلاً كَمَثَلِ قَوْمٍ نَزَلُوا أَرْضَ فَلاَةٍ فَحَضَرَ صَنِيعُ الْقَوْمِ فَجَعَلَ الرَّجُلُ يَنْطَلِقُ فَيَجِيءُ بِالْعُودِ وَالرَّجُلُ يَجِيءُ بِالْعُودِ حَتَّى جَمَعُوا سَوَاداً فَأَجَّجُوا نَاراً وَأَنْضَجُوا مَا قَذَفُوا فِيهَا). ومن أسباب الثبات: الإقبال على كتاب الله تعالى تلاوة وتعلماً وعملاً وتدبراً فإن الله سبحانه وتعالى – أخبر بأنه أنزل هذا الكتاب المجيد تثبيتاً للمؤمنين ،وهداية لهم ،قال الله تعالى : (قُلْ نَزَّلَهُ رُوحُ الْقُدُسِ مِنْ رَبِّكَ بِالْحَقِّ لِيُثَبِّتَ الَّذِينَ آمَنُوا وَهُدىً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ ) النحل (102) ، فكتاب الله هو الحبل المتين ، والصراط المستقيم ، والضياء المبين لمن تمسك وعمل به. ومن أسباب الثبات: عدم الأمن من مكر الله ،مهما كانت طاعاتك ، فإن الله سبحانه وتعالى قد حذر عباده من مكره فقال تعالى: (أَفَأَمِنُوا مَكْرَ اللَّهِ فَلا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ) الاعراف (99) ، ومن أسباب الثبات على الهدى والحق سؤال الله التثبيت ،فإن الله هو الذي يثبتك ويهديك ،فألحوا على الله – تعالى – بالسؤال أن يربط على قلوبكم ،ويثبتكم على دينكم ،فالقلوب ضعيفة ،والشبهات خطافة ،والشيطان قاعد لك بالمرصاد، ولك فيمن تقدمك من المؤمنين أسوة حسنة ،فإن من دعائهم: (رَبَّنَا لا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ) آل عمران (8) . من أسباب الثبات على الحق والهدى: ترك الظلم، فالظلم عاقبته وخيمة وقد جعل الله التثبيت نصيب المؤمنين، وجعل الإضلال حظ الظالمين، فاتقوا ظلم أنفسكم بالمعاصي والذنوب، واتقوا ظلم أهليكم بالتفريط في حقوقهم، واتقوا ظلم من استرعاكم الله إياهم بعدم التفريط في حقوقهم، فإن الظلم ظلمات يوم القيامة.
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية (الثبات على الإيمان والحق والطاعات)
الحمد لله رب العالمين .وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
والنبي صلى الله عليه وسلم قد أنكر على بعض الناس كانوا يجتهدون في الطاعات ،ثم يتقاعسون عنها ،ففي الصحيحين : (قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ – رضي الله عنهما – قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – « يَا عَبْدَ اللَّهِ، لاَ تَكُنْ مِثْلَ فُلاَنٍ ، كَانَ يَقُومُ اللَّيْلَ فَتَرَكَ قِيَامَ اللَّيْلِ »
ومن المعلوم أن من حفظ القرآن ثم نسيه بتفريط منه فإنه آثم عند ربه جل وعلا ،ففي سنن الترمذي: (عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « عُرِضَتْ عَلَىَّ أُجُورُ أُمَّتِي حَتَّى الْقَذَاةِ يُخْرِجُهَا الرَّجُلُ مِنَ الْمَسْجِدِ وَعُرِضَتْ عَلَيَّ ذُنُوبُ أَمَّتِي فَلَمْ أَرَ ذَنْبًا أَعْظَمَ مِنْ سُورَةٍ مِنَ الْقُرْآنِ أَوْ آيَةٍ أُوتِيهَا رَجُلٌ ثُمَّ نَسِيَهَا ». وكانت عائشة رضي الله عنها تصف عبادات النبي صلى الله عليه وسلم كما في صحيح مسلم فتقول: (وَكَانَ نَبِيُّ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- إِذَا صَلَّى صَلاَةً أَحَبَّ أَنْ يُدَاوِمَ عَلَيْهَا وَكَانَ إِذَا غَلَبَهُ نَوْمٌ أَوْ وَجَعٌ عَنْ قِيَامِ اللَّيْلِ صَلَّى مِنَ النَّهَارِ ثِنْتَيْ عَشْرَةَ رَكْعَةً)، وذلك حتى يثبت على الخير فلا يفوته، وكان من دأبه صلى الله عليه وسلم: أنه إذا ابتدأ طاعة لا يتركها، حتى إنه صلى الله عليه وسلم شغله تقسيم الصدقة عن سنة الظهر، فأقبل عليه العصر فصلى الفرض ثم صلى بعده سنة الظهر قضاءً حتى لا يترك هذه العبادة التي ابتدأها، وفي صحيح مسلم: (أن عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ يَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « مَنْ نَامَ عَنْ حِزْبِهِ أَوْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ فَقَرَأَهُ فِيمَا بَيْنَ صَلاَةِ الْفَجْرِ وَصَلاَةِ الظُّهْرِ كُتِبَ لَهُ كَأَنَّمَا قَرَأَهُ مِنَ اللَّيْلِ » .
فعليكم بالثبات على الطاعات حتى الممات ، واحذروا التكاسل عن الواجبات، ونعوذ بالله من السلب بعد العطاء ، ومن القبض بعد البسط ،ومن فجاءة نقمته ،وتحول عافيته 0
الدعاء