خطبة عن (الانتصارات والتمكين في شهر رمضان)
مارس 2, 2025خطبة عن (المسلمون في رمضان)
مارس 2, 2025الخطبة الأولى (المسلم في رمضان) مختصرة
الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد أيها المسلمون
روى النسائي في سننه: (قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (أَتَاكُمْ رَمَضَانُ شَهْرٌ مُبَارَكٌ فَرَضَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَيْكُمْ صِيَامَهُ تُفْتَحُ فِيهِ أَبْوَابُ السَّمَاءِ وَتُغْلَقُ فِيهِ أَبْوَابُ الْجَحِيمِ وَتُغَلُّ فِيهِ مَرَدَةُ الشَّيَاطِينِ لِلَّهِ فِيهِ لَيْلَةٌ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ مَنْ حُرِمَ خَيْرَهَا فَقَدْ حُرِمَ)
إخوة الإسلام:
شهر رمضان شهر بناء النفس، وتقوية الروح، وتزكية الأخلاق، وزيادة القرب من الله، بما يقوم به المسلم من صلاة وصيام وتلاوة وقيام ومسارعة إلى الخيرات، وإحسان وصدقات، قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: “إِنَّ لِرَبِّكُمْ فِي أَيَّامِ دَهْرِكُمْ نَفَحَات فَتَعَرَّضُوا لَهُ، لَعَلَّهُ أَنْ يُصِيبَكُمْ نَفْحَةٌ مِنْهَا فَلَا تَشْقَوْنَ بَعْدَهَا أَبَدًا ” (الطبراني).
وشهر رمضان تفتح فيه أبواب الجنات، وتقفل فيه أبواب النيران، وتقبل فيه التوبة، وتتضاعف فيه همة المسلم لفعل لخيرات، فينشط قلبه للعبادة، ويقبل المسلم على ربه سبحانه وتعالى، فهو رب كريم، يتفضل على المؤمنين الصائمين، فضاعف لهم المثوبة، ويرفع لهم الدرجات، فهذا الشهر المبارك هو موسم عظيم للخير والبركة، والعبادة والطاعة، فاشكروا الله تعالى على ما أنعم به عليكم من مواسم الخيرات والبركات، وما خصكم به من أسباب الفضل، والنعم السابغات، واغتنموا مرور الأوقات، بعمارتها بالطاعات، مع ترك المحرمات، لتفوزوا بطيب الحياة، وتسعدوا بعد الممات. ويُستحب للصائم أمور، ومنها: السَّحور: فمن السنَّة للصائم أن يتسحَّر، حتى يستعين بسحوره على صيام النهار؛ ففي الصحيحين :(قَالَ قَالَ النَّبِيُّ – صلى الله عليه وسلم – «تَسَحَّرُوا فَإِنَّ فِي السَّحُورِ بَرَكَةً»، وفي سنن ابن ماجه: (عَنِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ «اسْتَعِينُوا بِطَعَامِ السَّحَرِ عَلَى صِيَامِ النَّهَارِ وَبِالْقَيْلُولَةِ عَلَى قِيَامِ اللَّيْلِ». فيستحب للصائم أن يحافظ على السحور، ولو على جرعة من ماء؛ ففي مسند أحمد: (قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- «السَّحُورُ أَكْلُهُ بَرَكَةٌ فَلاَ تَدَعُوهُ وَلَوْ أَنْ يَجْرَعَ أَحَدُكُمْ جَرْعَةً مِنْ مَاءٍ فَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ وَمَلاَئِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى المُتَسَحِّرِينَ». ويستحب للصائم تأخير السحور؛ ففي مسند أحمد: (قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- «لاَ تَزَالُ أُمَّتِى بِخَيْرٍ مَا عَجَّلُوا الإِفْطَارَ وَأَخَّرُوا السُّحُورَ». ومن مستحبات الصيام: تعجيل الفطر: ففي الصحيحين: (أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – قَالَ «لاَ يَزَالُ النَّاسُ بِخَيْرٍ مَا عَجَّلُوا الْفِطْرَ»، ومن السنَّة أن تفطِر على رُطَب، فإن لم تجد فعلى تمر، فإن لم تجد فعلى الماء؛ ففي سنن أبي داود: (كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يُفْطِرُ عَلَى رُطَبَاتٍ قَبْلَ أَنْ يُصَلِّىَ فَإِنْ لَمْ تَكُنْ رُطَبَاتٌ فَعَلَى تَمَرَاتٍ فَإِنْ لَمْ تَكُنْ حَسَا حَسَوَاتٍ مِنْ مَاءٍ). ومن مستحبات الصيام: الدعاء عند الفِطر: ففي سنن أبي داود: (أَنَّ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- كَانَ إِذَا أَفْطَرَ قَالَ «اللَّهُمَّ لَكَ صُمْتُ وَعَلَى رِزْقِكَ أَفْطَرْتُ». وفيه أيضا: (كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- إِذَا أَفْطَرَ قَالَ «ذَهَبَ الظَّمَأُ وَابْتَلَّتِ الْعُرُوقُ وَثَبَتَ الأَجْرُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ ». وإذا دُعِيَ للإفطار عند أحد إخوانه من المسلمين، فليدعُ له، ففي سنن أبي داود: (أَنَّ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- جَاءَ إِلَى سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ فَجَاءَ بِخُبْزٍ وَزَيْتٍ فَأَكَلَ ثُمَّ قَالَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- «أَفْطَرَ عِنْدَكُمُ الصَّائِمُونَ وَأَكَلَ طَعَامَكُمُ الأَبْرَارُ وَصَلَّتْ عَلَيْكُمُ الْمَلاَئِكَةُ». ومن مستحبات شهر الصيام: إفطار الصائمين: ففي سنن الترمذي: (قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- «مَنْ فَطَّرَ صَائِمًا كَانَ لَهُ مِثْلُ أَجْرِهِ غَيْرَ أَنَّهُ لاَ يَنْقُصُ مِنْ أَجْرِ الصَّائِمِ شَيْئًا»، ومن مستحبات شهر الصيام: حِفظ اللسان والجوارح: ففي صحيح مسلم: (قَالَ «إِذَا أَصْبَحَ أَحَدُكُمْ يَوْمًا صَائِمًا فَلاَ يَرْفُثْ وَلاَ يَجْهَلْ فَإِنِ امْرُؤٌ شَاتَمَهُ أَوْ قَاتَلَهُ فَلْيَقُلْ إِنِّي صَائِمٌ إِنِّي صَائِمٌ».
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية (المسلم في رمضان) مختصرة
الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد أيها المسلمون
فالصائم إن لم يحفَظْ لسانه من الكذب والغِيبة والنميمة وفضول الكلام وكثرة الحلف، أو أطلَق العنان لبصره فنظر إلى الحرام، أو لأذنه فسمعت الحرام، أو ليده فتناولت الحرام، أو لرِجله فمشت إلى الحرام – فهذا كله قد يذهَب بالصوم، ففي مسند أحمد: (قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- «رُبَّ صَائِمٍ حَظُّهُ مِنْ صِيَامِهِ الْجُوعُ وَالْعَطَشُ وَرُبَّ قَائِمٍ حَظُّهُ مِنْ قِيَامِهِ السَّهَرُ»، ومن مستحبات شهر الصيام: تلاوة القرآن: فشهر رمضان هو شهر القرآن، قال الله تعالى: (شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ) البقرة: 185، وكان جبريل عليه السلام يدارس القرآن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في شهر رمضان، وفي مسند أحمد: (أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ «الصِّيَامُ وَالْقُرْآنُ يَشْفَعَانِ لِلْعَبْدِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَقُولُ الصِّيَامُ أَيْ رَبِّ مَنَعْتُهُ الطَّعَامَ وَالشَّهَوَاتِ بِالنَّهَارِ فَشَفِّعْنِي فِيهِ. وَيَقُولُ الْقُرْآنُ مَنَعْتُهُ النَّوْمَ بِاللَّيْلِ فَشَفِّعْنِي فِيهِ. قَالَ فَيُشَفَّعَانِ»، وفي سنن ابن ماجه: (قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- «يَجِيءُ الْقُرْآنُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَالرَّجُلِ الشَّاحِبِ فَيَقُولُ أَنَا الَّذِي أَسْهَرْتُ لَيْلَكَ وَأَظْمَأْتُ نَهَارَكَ». ومن صور اختصاص شهر رمضان بالقرآن صلاة التراويح، فهذه الصلاة أكثر ما فيها قراءة القرآن، وكأنها شرعت ليسمع الناس كتاب الله مجودا مرتلا فاحرص -أخي الصائم- على تلاوة القرآن في هذا الشهر، بتدبر وحضور قلب، واجعل لك ورداً يوميًّا لا تفرط فيه، فالقرآن فيه الهدى والشفاء، وهو الشفيع والأنيس، والرفيق والجليس، الحرف فيه بعشر، والله يضاعف لمن يشاء،
الدعاء