خطبة عن ( من أخلاق الرسول الحياء)
ديسمبر 6, 2016خطبة عن (من أخلاق الرسول الخوف والخشية من الله)
ديسمبر 6, 2016الخطبة الأولى (دلائل الخوف والخشية من الله)
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والإيمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد علي ه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له. وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
روى الامام مسلم في صحيحه : ( عَنْ عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِىِّ -صلى الله عليه وسلم- أَنَّهَا قَالَتْ مَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- مُسْتَجْمِعًا ضَاحِكًا حَتَّى أَرَى مِنْهُ لَهَوَاتِهِ إِنَّمَا كَانَ يَتَبَسَّمُ – قَالَتْ – وَكَانَ إِذَا رَأَى غَيْمًا أَوْ رِيحًا عُرِفَ ذَلِكَ فِى وَجْهِهِ. فَقَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَرَى النَّاسَ إِذَا رَأَوُا الْغَيْمَ فَرِحُوا. رَجَاءَ أَنْ يَكُونَ فِيهِ الْمَطَرُ وَأَرَاكَ إِذَا رَأَيْتَهُ عَرَفْتُ فِى وَجْهِكَ الْكَرَاهِيَةَ قَالَتْ فَقَالَ « يَا عَائِشَةُ مَا يُؤَمِّنُنِى أَنْ يَكُونَ فِيهِ عَذَابٌ قَدْ عُذِّبَ قَوْمٌ بِالرِّيحِ وَقَدْ رَأَى قَوْمٌ الْعَذَابَ فَقَالُوا (هَذَا عَارِضٌ مُمْطِرُنَا) ».
إخوة الإسلام
تناولت معكم في لقاء سابق أنه من أخلاق الرسول صلى الله عليه الخوف والخشية من الله ، وتعرفنا على صور من الخوف والخشية في حياة الرسول صلى الله عليه وسلم، وقد توقفت معكم عند دلائل : الخوف والخشية من الله في حياة المؤمن ، ودلائل عدم الخوف والخشية منه سبحانه، ولمعرفة دلائل الخوف من الله عز وجل ، يتضمن ذلك الإجابة على الأسئلة التالية : – هل تشعر بالخوف عندما تتفكر في صفات الله عز وجل ؟ – وهل تكثر في دعائك من قول: ” يا مثبت القلوب ثبت قلبي على دينك ” ؟ – وهل منعك خوفك من الله عز وجل من أكل الحرام مع كونك محتاج إليه ؟
– هل تشعر بالخوف إذا تفكرت بذنوبك الماضية والحاضرة ؟ – وهل كففت يوماً عن معصية خوفاً من عقاب الله عز وجل عليها ؟ – وهل تقوم بالطاعة وتخاف أن لا يتقبّلها الله عز وجل منك ؟ – وهل تخاف أن تموت على غير الإسلام؟ – وهل تخاف من الموت وما وراءه من عذاب القبر وعذاب يوم القيامة ؟
إخوة الإسلام
إذا كانت أغلب الإجابات على الأسئلة بنعم ، فإن هذا يدلّ على أنك، إن شاء الله تعالى، تخاف لله عز وجل خوفاً تفوز نتيجته بالجنة بإذن الله تعالى، وذلك لوجود الدلائل التالية : 1- وَعْدُ القرآن الكريم والسُّنة النبوية الشريفة للخائف بالفوز بالجنة والنجاة من النار ، قال تعالـى : (وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ) ، الرحمن ، 46. وقال صلى الله عليه وسلم في الحديث القدسي : ( قال الله عز وجل : وعزتي و جلالي لا أجمع على قلب عبدي خوفين ولا أجمع له أمنين فإن أمنني في الدنيا أخفته يوم القيامة ، وإن خافني في الدنيا أمنته يوم القيامة ) ، أخرجه ابن حِبَان . 2- اقتران الخوف بالعلم والمعرفة ، وهذان الأمران ، الخوف والعلم ، أمران متلازمان في المسار ، فكلما زاد الإنسان معرفة بالله عز وجل وصفاته ازداد خوفاً منه عز وجل ، يقول تعالى واصفاً العلماء (إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ ) ، فاطر ، 28.
وقال أحد العلماء : ” من كان بالله أعلم كان له أخوف ” . فإذا زاد العلم بالله عز وجل زاد الخوف منه سبحانه وتعالى وزاد الحرص على النِعم التي أنعمها الله عز وجل والتي من أهمها نعمة الإيمان إذ لو شاء عز وجل أن يبدل الكفر بالإيمان فلن يمنعه مانع ، قال تعالى (وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ) الأنفال ، 24. 3- اقتران الخوف من الله تعالى بالكفِّ عن المعاصي وارتكاب المنكرات ، وقد قيل في معنى الخوف من الله تعالى أنه الذي ” يُشار به إلى ما يقتضيه الخوف ، وهو الكفُّ عن المعاصي “. 4- اقتران العبادات والأعمال الصالحة بالخوف من عدم القَبول ، لهذا ” لو فُرض أن العبد يأتي بمقدوره كله من الطاعة ظاهراً وباطناً فالذي ينبغي لربه فوق ذلك وأضعاف أضعافه ” ، فلا يغتَرَّ المسلم عندئذ بطاعته، لأن هذه الطاعة التي أتى بها لا تقابل أقل النعم التي أنعمها الله عليه . فإذا حافظ المسلم على إيمانه وإسلامه حمى نفسَه من سوء الخاتمة ومن الموت على غير الإسلام، وعمل بذلك على تنفيذ وصية إبراهيم ويعقوب عليهما السلام كما ورد في القرآن الكريم ، حيث قال تعالى في وصية إبراهيم ويعقوب (وَوَصَّى بِهَا إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ يَابَنِيَّ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ فَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ )، البقرة ، 132.
أيها المؤمنون
أما التعرف على دلائل ضعف الخوف والخشية من الله عز وجل ، فيتضمن ذلك الإجابة على الأسئلة التالية :
– هل تعتقد أن الله عز وجل سيُدخل الجنة كل الناس لكونه غفوراً رحيماً ؟ – وهل تشعر أنك ستدخل الجنة مع علمك بتقصيرك في العبادات والطاعات ؟ – وهل تعتقد أنك تقوم بكل العبادات المطلوبة منك على أحسن وجه ؟ – وهل تشعر أنك لم ترتكب في حياتك ذنوباً تستحق العقاب ؟ – وهل تخاف من الناس أكثر مما تخاف من الله عز وجل ؟ – وهل تشعر أن للجنِّ والإنس قُدرة على جلب النفع أو منع الضُّر؟ – وهل تخاف أن تصاب بالفقر والجوع والمرض ؟
– هل تأمن على نفسك من سوء الخاتمة ومن عذاب القبر وعذاب جهنم ؟
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية ( دلائل الخوف والخشية من الله)
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والإيمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد علي ه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له. وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
إذا كانت معظم الإجابات على هذا الأسئلة بالإيجاب فاحذر وخف على دينك ، فإن خوفك من الله عز وجل خوف ناقص ويؤثر على صحة إيمانك ، وذلك لأسباب عديدة منها : 1- لن يدخل المؤمن الجنة بعمله بل يدخلها برحمة الله عز وجل ، (أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – يَقُولُ « لَنْ يُدْخِلَ أَحَدًا عَمَلُهُ الْجَنَّةَ » . قَالُوا وَلاَ أَنْتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ « لاَ ، وَلاَ أَنَا إِلاَّ أَنْ يَتَغَمَّدَنِي اللَّهُ بِفَضْلٍ وَرَحْمَةٍ فَسَدِّدُوا وَقَارِبُوا وَلاَ يَتَمَنَّيَنَّ أَحَدُكُمُ الْمَوْتَ إِمَّا مُحْسِنًا فَلَعَلَّهُ أَنْ يَزْدَادَ خَيْرًا ، وَإِمَّا مُسِيئًا فَلَعَلَّهُ أَنْ يَسْتَعْتِبَ » ) ، رواه البخاري. 2- لن يصح إيمان العبد ما لم يخف من عقوبة الله سبحانه وتعالى على ذنبه ، فالعبد بين مخافتين “ذنب قد مضى ولا يدري ما الله يصنعُ فيه وبين أجلٍ قد بقي لا يدري ما يصيب منه من المهالك “. 3- لا يسلم الإنسان من الابتلاء في هذه الدار ، لأن من صفتها أنها دار بلاء بينما الآخرة هي دار الجزاء ، قال بعض الحكماء : ” من قال لأخيه صرف الله عنك المكاره فكأنه دعا عليه بالموت إذ صاحب الدنيا لا بد له من مقاساة المكاره ” . ومما يعين المؤمن في مواجهة بلاء الله عز وجل : الإيمان بالقضاء والقدر الذي يبعث الراحة والاطمئنان في القلب إذ لولا هذا الإيمان ” لحدث ضغط نفسي شديد على بعض الأشخاص قد يؤدي بهم إلى أمراض عقلية خطيرة وإن أغلب إصابات الجنون لتأتي من المأزق الذي يقع فيه الشخص عندما يحار في تعليل بعض الحوادث الخطيرة التي تنزل به أو بغيره ” . 4- لا يصح إيمان عبد ما لم يؤمن بأن النفع والضر والرزق والعطاء بيد الله ، وإن الجن لا يستطيعون أذية المؤمن بل هم لا يؤذون “إلا من استكان بأوهامه وتخيُّلاته لسلطانهم من ذكر أو أنثى أو يتعرض لتقبل مسّهم واستعاذته بهم والتماسه نفعهم واستخدامهم للإضرار بأعدائه من إخوانه من الإنس أو يغفل عن ذكر الله وتلاوة القرآن ويتجافى عن التحصن بالأوراد المأثورة والإستعاذات الدائمة بالله من همزات الشيطان ومن حضورهم قال تعالى : (إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ إِلَّا مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغَاوِينَ ) الحجر ، 42. 5- لا يصح إيمان العبد إلا بخوفه من الموت وما يسبقه من سكرات الموت وما يتبعه من خوف من عذاب القبر وخوف من أهوال يوم القيامة وعذاب النار ، فقد استعان رسول الله صلى الله عليه وسلم بالله عز وجل على سكرات الموت ، وكان عليه الصلاة والسلام يكثر من الإستعاذة من عذاب القبر ومن عذاب جهنم ، لأن عذاب المرء الأخروي يبدأ من القبر ( قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « إِنَّمَا الْقَبْرُ رَوْضَةٌ مِنْ رِيَاضِ الْجَنَّةِ أَوْ حُفْرَةٌ مِنْ حُفَرِ النَّارِ ». ،رواه الترمذي .
إخوة الاسلام
وفي الختام أذكركم ، كما أذكر نفسي ، بأن في الخوف من الله عز وجل أمان من كل خوفٍ آخر ، ففيما يهرب الخائف من غير الله عز وجل من الأسباب التي سببت له الخوف ، يفرّ الخائف من الله عز وجل إليه لعلمه بأن لا أمان ولا راحة ولا طمأنينة إلا معه ، اللهم اجعلنا ممن يخاف عقابك ويرجو ثوابك ،
الدعاء