خطبة عن (يوم الجمعة : آدابه وفضائله)
فبراير 23, 2016خطبة عن ( خلق الاستقامة)
فبراير 24, 2016الخطبة الأولى ( من وسائل تحقيق الاستقامة وفوائدها)
الحمد لله رب العالمين ..اللهم لك الحمد كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك .. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له .وأشهد أن محمدا عبده ورسوله اللهم صل وسلم وبارك عليه وعلى آله واصحابه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون .
قال الله تعالى : ( إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (13) أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ خَالِدِينَ فِيهَا جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ) (14) الاحقاف
إخوة الإسلام
الاستِقامة يجب أن تكون في الظاهر والباطن؛ أي: في أعمال القلب والجوارح. ومن وسائل تحقيق الاستقامة ، ومما يعين عليها : 1 – وجوب الإيمان بأنَّ الرسول – صلَّى الله عليه وسلَّم – قد عرَّف الأمَّة بجميع أمور دينِهم وما يحتاجُون إليه في الاعتِقاد والعمل؛ كما قال تعالى : ﴿وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِلَّ قَوْمًا بَعْدَ إِذْ هَدَاهُمْ حَتَّى يُبَيِّنَ لَهُمْ مَا يَتَّقُونَ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ﴾ [التوبة: 115]، وقوله – صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((تركتُكم على البيضاء؛ ليلُها كنهارها، لا يزيغ عنها إلا هالك))؛ رواه ابن ماجه في “سننه”. 2 – لُزُوم لوازم الإيمان بترك الابتداع أو التقصير في السنة والتهاون والتفريط. 3 – التوسُّط والاعتِدال وترْك التكلُّف والغلوِّ والتنطُّع، في الاعتِقاد والعمل، والتوسُّط هو منهج سلفنا الصالح وسلوكهم؛ قال – تعالى -: ﴿وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا﴾ [البقرة: 143]؛ أي: خِيارًا عُدُولاً. ومن الأسباب المُعِينة على لزوم طاعة الله باطنًا وظاهرًا، علمًا وعملاً. – تقوى الله ومُراقَبته. – ودعاء الله – سبحانه وتعالى – بالهداية: ﴿اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ﴾ [الفاتحة: 6]. – والاستِعانة بالله – عزَّ وجلَّ – والتوكُّل عليه؛ لحديث عبدالله بن عباس – رضِي الله عنْهما -: ((احفَظ الله يحفظك)). – وطلب العلم الشرعي (العلم نور). – ولزوم الرفقة الصالحة – والأعمال الصالحة من برِّ الوالدين، وصلة الرَّحِم وغيرها، وكثرة النوافل. – والنظر في سيرة الرسول – صلَّى الله عليه وسلَّم – وقراءة كتب السلف، والنظر في حياتهم وأحوالهم. وللاستقامة فوائد وثمرات ، ومن ثمرات الاستقامة : 1ـ طمأنينة القلب بدوام الصلة بالله عز وجل. 2ـ أن الاستقامة تعصم صاحبها ـ بإذن الله عز وجل ـ من الوقوع في المعاصي والزلل وسفاسف الأمور والتكاسل عن الطاعات. 3ـ تنزل الملائكة عليهم عند الموت ، وقيل: عند خروجهم من قبورهم ، قائلين : { ألا تخافوا ولا تحزنوا} على ما قدمتم عليه من أمور الآخرة ، ولا ما تركتم من أمور الدنيا من مال وولد وأهل. 4ـ حب الناس واحترامهم وتقديرهم للمسلم ، سواء كان صغيراً أو كبيراً على ما يظهر عليه من حرص على الطاعة ، والخلق الفاضل. 5ـ وعد الله المتقين أن لهم في الجنة ما تشتهيه أنفسهم ، وتلذ أعينهم ،
أيها المسلمون
وفي قوله تعالى : ( إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنزلُ عَلَيْهِمُ الْمَلائِكَةُ أَلا تَخَافُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنْفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ نزلا مِنْ غَفُورٍ رَحِيمٍ ) [ فصّلت: 30- 32]، ذكر المفسرون أقوالا منها : ( أي إن الذين أخلصوا العمل لله، وعملوا بطاعة الله تعالى على ما شرع الله لهم تتنّزل عليهم الملائكة عند الموت والاحتضار قائلين لهم أَلا تَخَافُوا مما تقدمون عليه من عمل الآخرة وَلا تَحْزَنُوا على ما خلفتموه من أمر الدنيا من ولد وأهل ومال أو دين؛ فإنا نخلفكم فيه وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ فيبشرونهم بذهاب الشر وحصول الخير )، ذكر هذا ابن كثير ثم روى عن زيد بن أسلم قوله: (بأن البشرى تكون عند الموت وفي القبر وحين البعث ). ثم علّق ابن كثير على رأي زيد بقوله: (وهذا القول يجمع الأقوال كلها، وهو حسن جداً، وهو الواقع) ،وقوله تعالى ( نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ ) (أي تقول الملائكة للمؤمنين عند الاحتضار نحن كنا أولياءكم: أي قرناؤكم في الحياة الدنيا نسددكم ونوفقكم ونحفظكم بأمر الله، وكذلك نكون معكم في الآخرة نؤنس منكم الوحشة في القبور، وعند النفخة في الصور، ونؤمنكم يوم البعث والنشور، ونجاوز بكم الصراط المستقيم، ونوصلكم إلى جنات النعيم) .وذكر الطبري في تفسيره أن تنَزل الملائكة عليهم، في الآية، معناه أن الملائكة تتهبط عليهم عند نزول الموت بهم قائلة لهم: لا تخافوا ما تقدمون عليه من بعد مماتكم، ولا تحزنوا على ما تخلفونه وراءكم
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية ( من وسائل تحقيق الاستقامة وفوائدها)
الحمد لله رب العالمين ..اللهم لك الحمد كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك .. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له .وأشهد أن محمدا عبده ورسوله اللهم صل وسلم وبارك عليه وعلى آله واصحابه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
ومن فوائد الآيات الكريمات: 1- أن الإيمان والاستقامة سببان لدخول الجنة. 2- أن الملائكة تبشر المؤمن عند الاحتضار، وفي قبره، ويوم القيامة، وعلى أبواب الجنة، قال تعالى: ﴿ جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آَبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ وَالْمَلَائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بَابٍ * سَلَامٌ عَلَيْكُمْ بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ ﴾ [الرعد: 23، 24]. 3- أن العامل ينبغي أن يبشر بما يستحق من الثواب، فإن ذلك أبلغ في نشاطه، قال تعالى: ﴿ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ ﴾ [البقرة: 223]. 4- أن المؤمنين إنما يدخلون الجنة بفضل الله ورحمته لا بأعمالهم؛ روى البخاري ومسلم ( عَنْ عَائِشَةَ عَنِ النَّبِيِّ – صلى الله عليه وسلم – قَالَ « سَدِّدُوا وَقَارِبُوا ، وَأَبْشِرُوا ، فَإِنَّهُ لاَ يُدْخِلُ أَحَدًا الْجَنَّةَ عَمَلُهُ » .قَالُوا وَلاَ ، أَنْتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ « وَلاَ أَنَا إِلاَّ أَنْ يَتَغَمَّدَنِي اللَّهُ بِمَغْفِرَةٍ وَرَحْمَةٍ » . 5- أن المؤمنين إذا دخلوا الجنة أعطوا ما يريدون مما تشتهيه نفوسهم وتلذ به أعينهم، بل وزيادة على ذلك، قال تعالى: ﴿ لَهُمْ مَا يَشَاءُونَ فِيهَا وَلَدَيْنَا مَزِيدٌ ﴾ [ق: 35]، وقال تعالى: ﴿ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ ﴾ [يونس: 26].
أيها المسلمون
يجب لُزُوم الصراط المستقيم؛ قال – تعالى -: ﴿وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ﴾ [الأنعام: 153]. وروى أحمد في مسنده (عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ خَطَّ لَنَا رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- خَطًّا ثُمَّ قَالَ « هَذَا سَبِيلُ اللَّهِ ثُمَّ خَطَّ خُطُوطاً عَنْ يَمِينِهِ وَعَنْ شِمَالِهِ – ثُمَّ قَالَ – هَذِهِ سُبُلٌ – قَالَ يَزِيدُ – مُتَفَرِّقَةٌ عَلَى كُلِّ سَبِيلٍ مِنْهَا شَيْطَانٌ يَدْعُو إِلَيْهِ ». ثُمَّ قَرَأَ (وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَلاَ تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ) [الأنعام: 153]. وفي المسند أيضا (عَنِ النَّوَاسِ بْنِ سَمْعَانَ الأَنْصَارِيِّ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ « ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً صِرَاطاً مُسْتَقِيماً وَعَلَى جَنْبَتَىي الصِّرَاطِ سُورَانِ فِيهِمَا أَبْوَابٌ مُفَتَّحَةٌ وَعَلَى الأَبْوَابِ سُتُورٌ مُرْخَاةٌ وَعَلَى بَابِ الصِّرَاطِ دَاعٍ يَقُولُ يَا أَيُّهَا النَّاسُ ادْخُلُوا الصِّرَاطَ جَمِيعاً وَلاَ تَتَفَرَّجُوا وَدَاعِى يَدْعُو مِنْ جَوْفِ الصِّرَاطِ فَإِذَا أَرَادَ أَنْ يُفْتَحَ شَيْئاً مِنْ تِلْكَ الأَبْوَابِ قَالَ وَيْحَكَ لاَ تَفْتَحْهُ فَإِنَّكَ إِنْ تَفْتَحْهُ تَلِجْهُ وْالصَّرِاطُ الإِسْلاَمُ وَالسُّورَانِ حُدُودُ اللَّهِ تَعَالَى وَالأَبْوَابُ الْمُفَتَّحَةُ مَحَارِمُ اللَّهِ تَعَالَى وَذَلِكَ الدَّاعِي عَلِى رَأْسِ الصِّرَاطِ كِتَابُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَالدَّاعِي مِنْ فَوْقِ الصِّرَاطِ وَاعِظُ اللَّهِ فِي قَلْبِ كُلِّ مُسْلِمٍ ».
الدعاء