خطبة عن ( الطريق إلى الله )
يناير 27, 2018خطبة عن الصحابي: (ضِمَاد بن ثعلبة الأَزْدِىّ)
يناير 27, 2018الخطبة الأولى ( اسْتَعِذْ بِاللَّهِ الْعَظِيمِ مِن نَزْغ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ )
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
يقول الله تعالى في محكم آياته : (فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ (98) إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطَانٌ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ (99) إِنَّمَا سُلْطَانُهُ عَلَى الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ وَالَّذِينَ هُمْ بِهِ مُشْرِكُونَ) (98): (100) النحل ، وقال تعالى : (وَإِمَّا يُنْسِيَنَّكَ الشَّيْطَانُ فَلَا تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ) الأنعام (68) ،وقال تعالى : (وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (200) إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُمْ مُبْصِرُونَ) (200) ،(201) الأعراف ، وقال تعالى : (وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ) (36) فصلت ،وفي الصحيحين واللفظ للبخاري :(عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ صُرَدٍ قَالَ كُنْتُ جَالِسًا مَعَ النَّبِىِّ – صلى الله عليه وسلم – وَرَجُلاَنِ يَسْتَبَّانِ ، فَأَحَدُهُمَا احْمَرَّ وَجْهُهُ وَانْتَفَخَتْ أَوْدَاجُهُ ، فَقَالَ النَّبِىُّ – صلى الله عليه وسلم – « إِنِّى لأَعْلَمُ كَلِمَةً لَوْ قَالَهَا ذَهَبَ عَنْهُ مَا يَجِدُ ، لَوْ قَالَ أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ . ذَهَبَ عَنْهُ مَا يَجِدُ » . فَقَالُوا لَهُ إِنَّ النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ « تَعَوَّذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ ». فَقَالَ وَهَلْ بِى جُنُونٌ )
إخوة الإسلام
الاستعاذة بالله : هي نوع من أنواع الذكر لله، الذي يلجأ بها العبد إلى ربه لكي يحفظه ويحميه من وسوسة الشيطان، قال الله تعالى : (وَقُلْ رَبِّ أَعُوذُ بِكَ مِنْ هَمَزَاتِ الشَّيَاطِينِ (97) وَأَعُوذُ بِكَ رَبِّ أَنْ يَحْضُرُونِ) المؤمنون (97) ،(98) ، ومعنى «أعوذ بالله»: أي ألجأ وأعتصم بالله ، وأستجير وأحتمي به، وقال ابن كثير: «الاستعاذة هي الالتجاء إلى الله والالتصاق بجنابه من شر كل شر والعياذ يكون لدفع الشر». وكلمة (شيطان) تطلق على إبليس ومن هم على شاكلته من الجن والإنس، قال الله تعالى : (وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا ) [الأنعام 112]. فهناك شيطان الإنس، وشيطان الجن، وهو المتمرد من كل منهما، وكلاهما يؤذي ويضر ويغوي، فالمتمرد بعدت أخلاقه عن الخير، وابتعد عن بني جنسه، فناسب إطلاق الشيطان عليه، قال الله تعالى : “وَيَوْمَ يِحْشُرُهُمْ جَمِيعًا يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ قَدِ اسْتَكْثَرْتُم مِّنَ الإِنسِ وَقَالَ أَوْلِيَآؤُهُم مِّنَ الإِنسِ رَبَّنَا اسْتَمْتَعَ بَعْضُنَا بِبَعْضٍ وَبَلَغْنَا أَجَلَنَا الَّذِيَ أَجَّلْتَ لَنَا قَالَ النَّارُ مَثْوَاكُمْ خَالِدِينَ فِيهَا إِلاَّ مَا شَاء اللّهُ إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَليمٌ” [الأنعام: 128] . وقد حمل الشيطان على عاتقه إغواء بني آدم، وإتيانهم من جميع الجهات، والقعود لهم بكل مرصد، إلا عباد الله المخلصين، الذين قويت إرادتهم، وأصبح إيمانهم أقوى من كيد الشيطان، فإنه لا سلطان له عليهم، فقد أعان الله تعالى رسوله صلى الله عليه وسلم على شيطانه حتى أسلم، وأصبح زمامه بيد رسول الله صلى الله عليه وسلم بحيث لا يقوى على كيده، وكذلك عمر رضى الله عنه كان أقوى من الشيطان بقوة إيمانه، فما سلك عمر فجًا إلا وسلك الشيطان فجًا غيره . وهكذا كل مسلم قوي الإيمان، يتحصن بالله تعالى من كيد الشيطان، فيستعيد به سبحانه، ويلوذ بحماه في صباحه ومسائه، وغدوه ورواحه، وأقواله وأفعاله، ولذا: أُمرنا بقراءة المعوذات (الإخلاص والفلق والناس) في صباحنا ومسائنا، وعند النوم، وفي أدبار الصلوات، لاسيما المغرب والفجر، أي : في أول النهار وآخره، وعند النوم، وكذا قراءة آية الكرسي، وآخر سورة البقرة؛ دبر كل صلاة طلبًا للتحصن من الشيطان، فضلًا عن أن ذلك عبادة، وفيه أجر من الله تعالى . ومن فضل الله تعالى علينا، أن الشيطان يضعف ويخنس ويبطل عمله بتلاوة آيات التحصن، نعوذ بالله تعالى من شره، قال تعالى : ( وَإِمَّا يَنزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللّهِ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ) [الأعراف: 200] . وفي صحيح مسلم : (عَنْ أَبِى الْعَلاَءِ أَنَّ عُثْمَانَ بْنَ أَبِى الْعَاصِ أَتَى النَّبِىَّ -صلى الله عليه وسلم- فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ الشَّيْطَانَ قَدْ حَالَ بَيْنِى وَبَيْنَ صَلاَتِى وَقِرَاءَتِى يَلْبِسُهَا عَلَىَّ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « ذَاكَ شَيْطَانٌ يُقَالُ لَهُ خِنْزِبٌ فَإِذَا أَحْسَسْتَهُ فَتَعَوَّذْ بِاللَّهِ مِنْهُ وَاتْفِلْ عَلَى يَسَارِكَ ثَلاَثًا ». قَالَ فَفَعَلْتُ ذَلِكَ فَأَذْهَبَهُ اللَّهُ عَنِّى ). فالمؤمن قد يُصاب بوسوسة الشيطان، وربما ينحرف مع الشيطان حيث انحرف، ولكنه يرجع إلى الله، ويتوب من ذنبه ، قال الله تعالى : {إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُمْ مُبْصِرُونَ } الاعراف 201 ، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (آمُرُكُمْ أَنْ تَذْكُرُوا اللَّهَ فَإِنَّ مَثَلَ ذَلِكَ كَمَثَلِ رَجُلٍ خَرَجَ الْعَدُوُّ فِى أَثَرِهِ سِرَاعًا حَتَّى إِذَا أَتَى عَلَى حِصْنٍ حَصِينٍ فَأَحْرَزَ نَفْسَهُ مِنْهُمْ كَذَلِكَ الْعَبْدُ لاَ يُحْرِزُ نَفْسَهُ مِنَ الشَّيْطَانِ إِلاَّ بِذِكْرِ اللَّهِ) [ رواه الترمذي] ، فأنت بحاجة إلى حصن حصين تحتمي إليه، لأن الشيطان يحوم حولك، كيف تبعده ؟ بكثرة ذكر الله. قيل أن أحد الصالحين رأى الشيطان، وقد رآه وكأنه قزم صغير، فقال له: من أنت؟ قال : أنا الشيطان، قال: مالي أراك صغيراً؟ قال: دخلت فيك وأنا مثل الجزور ( الناقة العظيمة) ، وخرجت منك وأنا مثل العصفو قال : لم؟ قال: تذيبني بذكر الله. وعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: ” إِذَا خَرَجَ الرَّجُلُ مِنْ بَيْتِهِ فَقَالَ بِسْمِ اللَّهِ تَوَكَّلْتُ عَلَى اللَّهِ، لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ، قَالَ: يُقَالُ حِينَئِذٍ: هُدِيتَ، وَكُفِيتَ، وَوُقِيتَ، فَتَتَنَحَّى لَهُ الشَّيَاطِينُ، فَيَقُولُ لَهُ شَيْطَانٌ آخَرُ: كَيْفَ لَكَ بِرَجُلٍ قَدْ هُدِيَ وَكُفِيَ وَوُقِيَ؟ ” رواه الترمذي ، والمسلم يستعيذ بالله سبحانه وتعالى من الشيطان الرجيم، في جميع أقواله وأفعاله المشروعة، وفي ذلك اعتصام بجناب الله تعالى من كيد الشيطان ومكره، واستجارة بالله سبحانه من همزه ونفخه ونفثه، والمسلم باستعاذته بالله من الشيطان الرجيم، يعترف بعجزه وضعفه أمام حيل الشيطان ووساوسه ، وأنه لا يقوى على مقاومة الشيطان وحده . ويعترف أيضًا بقوة الله تعالى وقدرته، وأنه وحده القادر على دفع جميع الثغرات، ومنها كيد الشيطان؛ إذ لا يقدر على دفعها عن العبد إلا الله سبحانه، فالمسلم إذن يستعين بالله تعالى ويلجأ إليه ويسأله أن يدفع عنه كيد عدوه؛ حيث لا يقدر على ذلك إلا الله سبحانه .
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية ( اسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِن نَزْغ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ )
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
وكثير من المسلمين في هذا الزمان من يشكو من وسوسة الشيطان ، ونقول لمثل هؤلاء : إن العلاج سهل ميسور ، فإذا أخذت بهذه النصائح وداومت عليها وجاهدت نفسك ، أقبلتْ عليك بإذن الله تباشير العافية تتزايد ساعة بعد ساعة حتى تتعافى تماماً بعد أيام معدودات بتوفيق الله ، فعليك أن تقوي قلبك وتأخذ بما يلي :استعذ بالله كلما خطر لك خاطر شر . ولا تملّ ، فإن الشيطان سينهزم ويفر لا محالة ، وهذا وعد صادق من الله ، قال الله تعالى : ( وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ) فصلت 36. أعرض عن هذه الوساوس ولا تفكر بها ولا فيها أبداً ، ولا تحاورها ولا تتجاوب معها . املأ وقتك وفكرك وقلبك بالنافع المفيد ، واختلط بالأخيار من الناس ، حتى لا تعاني من الفراغ والوحدة ، فإن الشيطان لا يأتي لإناء مليء . الدعاء آناء الليل والنهار ، فإن شفاء الله إذا جاء لا يغادر سقماً إلا وفتته . التحصن بذكر الله آناء الليل ، وأطراف النهار ، وفي كل وقت وحين ، فما أحرز الإنسان نفسه ، وحماها من كيد عدوه : بمثل ذكر الله تعالى ، ولزومه ؛ فلا يزال لسانك رطبا من ذكر الله الدعاء