خطبة عن (من مقاصد إبليس: كشف العورات)
نوفمبر 20, 2023خطبة عن (سُئل النبيُّ فأجاب)
نوفمبر 21, 2023الخطبة الأولى ( إِنَّ اللَّهَ وِتْرٌ يُحِبُّ الْوِتْرَ )
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
رُوي في الصحيحين: (عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ « لِلَّهِ تِسْعَةٌ وَتِسْعُونَ اسْمًا مَنْ حَفِظَهَا دَخَلَ الْجَنَّةَ وَإِنَّ اللَّهَ وِتْرٌ يُحِبُّ الْوِتْرَ » ،وفي سنن أبي داود ومسند أحمد: (عَنْ عَلِىٍّ – رضى الله عنه – قَالَ :قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- :« يَا أَهْلَ الْقُرْآنِ أَوْتِرُوا فَإِنَّ اللَّهَ وِتْرٌ يُحِبُّ الْوِتْرَ ».
إخوة الإسلام
الوتر هو : الفردُ، ومعناه في وصف الله تعالى : الواحدُ الذي لا شريكَ له ولا نظير، واحدٌ في ذاته؛ فليس لها مثيل ولا نظير، وواحدٌ في صفاته؛ فلا شبيه ولا مثيل، وواحدٌ في أفعاله؛ فلا شريكَ له ولا معين . قال الخطابي: (الوتر: الفرد. ومعنى الوتر في صفة الله جل وعلا: الواحد الذي لا شريك له، ولا نظير له، المتفرد عن خلقه، البائن منهم بصفاته، فهو سبحانه وِتْر، وجميع خلقه شفع، خُلقوا أزواجاً) ،وقيل : إنَّ معنى «يحب الوتر» : تفضيلُ الوتر في الأعمال وكثيرٍ من الطاعات؛ فجعَلَ الصلاةَ خمسًا، والطهارةَ ثلاثًا، والطوافَ سبعًا، والسعيَ سبعًا، ورَمْيَ الجمار سبعًا، وأيامَ التشريق ثلاثًا، والاستنجاءَ ثلاثًا، وكذلك الأكفان، وجعَلَ كثيرًا من عظيمِ مخلوقاته وترًا؛ منها السماواتُ والأَرضون والبحار وأيَّام الأسبوع وغيرُ ذلك . وقيل : إن معناه منصرف إلى صفة من يعبد الله بالواحدنية والتفرد مخلصًا . وقيل : أي : يثيبُ عليه ويقبله عن عامله .
والسؤال : كيف نعبد الله باسمه الْوِتْر؟ : أولًا: أن نُنَزِّهَ الله تعالى عن المثيل والشبيه والنظير والنِّد: فسبحانه وتعالى: ﴿ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ ﴾ [الشورى: 11]، فالله جلَّ جلاله لا يشبهه شيءٌ من المخلوقات؛ قال سبحانه: ﴿ كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ * وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ ﴾ [الرحمن: 26، 27]، وقال سبحانه: ﴿ كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ لَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ ﴾ [القصص: 88]، فلا يصح أبدًا مشابهة الفاني للباقي، ولا المخلوق للخالق الباري. وقال تعالى: ﴿ وَلِلَّهِ الْمَثَلُ الْأَعْلَى ﴾ [النحل: 60]؛ أي: الوصف الذي لا يشبه وصفٌ غيره، فلا يوصف ربنا بصفات المخلوقين، وقال تعالى: ﴿ فَلَا تَضْرِبُوا لِلَّهِ الْأَمْثَالَ ﴾ [النحل: 74]؛ أي: لا تجعلوا لله الشبيه والمثل، فسبحانه لا شبيه له، ولا مثيل له؛ فذاته لا تشبه الذوات، وصفاته لا تشبه الصفات، ﴿ هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا ﴾ [مريم: 65]، وقوله سبحانه: ﴿ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يَصِفُونَ ﴾ [الأنعام: 100]، تنزيهٌ وتقديسٌ لله تعالى عن كل وصفٍ يخطر ببال بشرٍ. وقال سبحانه: ﴿ وَلَا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْمًا ﴾ [طه: 110]، ولو كان له مثيل؛ لأحاطت به علوم البشر؛ ولكنه سبحانه تنزَّه وتقدَّس عن كل وصف يجول في رأس إنسان. وكان صلى الله عليه وسلم يقول كما في صحيح مسلم: (اللَّهُمَّ أَنْتَ الأَوَّلُ فَلَيْسَ قَبْلَكَ شَيْءٌ وَأَنْتَ الآخِرُ فَلَيْسَ بَعْدَكَ شَيْءٌ وَأَنْتَ الظَّاهِرُ فَلَيْسَ فَوْقَكَ شَيْءٌ وَأَنْتَ الْبَاطِنُ فَلَيْسَ دُونَكَ شَيْءٌ)، وإذا لم يكن قبله شيءٌ، ولا بعده شيءٌ، ولا فوقه شيءٌ، ولا دونه شيءٌ، فكيف يكون له شبيهٌ أو نظيرٌ أو ندٌّ؟!
ونعبد الله باسمه الوتر بأن ندعو الله تعالى باسمه الْوِتْر لفظًا أو معنًى، كما في سنن أبي داود والنسائي : (عَنْ حَنْظَلَةَ بْنِ عَلِىٍّ أَنَّ مِحْجَنَ بْنَ الأَدْرَعِ حَدَّثَهُ قَالَ دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- الْمَسْجِدَ فَإِذَا هُوَ بِرَجُلٍ قَدْ قَضَى صَلاَتَهُ وَهُوَ يَتَشَهَّدُ وَهُوَ يَقُولُ اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ يَا اللَّهُ الأَحَدُ الصَّمَدُ الَّذِى لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ أَنْ تَغْفِرَ لِي ذُنُوبِي إِنَّكَ أَنْتَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ. قَالَ فَقَالَ « قَدْ غُفِرَ لَهُ قَدْ غُفِرَ لَهُ ». ثَلاَثًا.
ويقول الشيخ ابن عثيمين(رحمه الله تعالى) : وقوله (يُحِبُّ الْوِتْرَ) ليس معنى ذلك أن الإنسان يوتر في كل شيء ،ولكن المعنى: أنه عز وجل يحب الوتر ،فيشرع ما شاء على وتر ،ويخلق ما شاء على وتر ،فالسموات سبع ،والأرضون سبع ،والصلوات خمس ،وتختم بالوتر ،ولكن هل المعنى أن الإنسان يتقصد الإيتار في كل شيء ،حتى نقول: إن أردت أن تأكل فكل وترا ، وإذا أردت ان تمشي فامش وترا ،وإذا أردت لبس الثياب البس الثياب وترا ،وما أشبه ذلك ؟ لا , لأن هذه الأمور من العبادات تتوقف على ورود الشرع بها ،ولهذا قال أنس رضي الله عنه لما حكي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه لا يخرج لصلاة عيد الفطر حتى يأكل تمرات قال ” ويأكلهن وترا” فلو كان الرسول صلى الله عليه وسلم يعتاد الإيتار في كل ما يأكل ،لم يكن هناك حاجة إلى أن يذكر أنس أنه يأكلهن في ذلك اليوم وترا ،لأنه لو كان هذا من عادته ،لكان ذلك ثابتا في تمرات يوم العيد وغيرها ، وقال (رحمه الله تعالى) : …ويبقى الكلام على ما كان معروفا بين العامة عندنا من أنه إذا صب لك فنجان شاي وقلت : بس قال: أوتر ،فهل يكون هذا الكلام صحيحا وله أصل في الشرع؟ ، نقول الرسول عليه الصلاة والسلام يتغذى ويتعشى دائما ،ولم ينقل عنه أنه كان يلاحظ ذلك ،وكذلك الصحابة بين يديه يأكلون ،لم يذكر عنه انه يلاحظ اللقيمات التي يأخذها من الصحفة بحيث تكون سبعة او سبعة عشرة أو ما أشبه ذلك ؟ فالصحيح أنه لم ينقل عنه ذلك،
أيها المسلمون
وهناك من حمل الحديث على صلاة الوتر؛ مستندًا إلى حديث :« إِنَّ اللَّهَ وِتْرٌ يُحِبُّ الْوِتْرَ فَأَوْتِرُوا يَا أَهْلَ الْقُرْآنِ » [أخرجه الترمذي] ، والوتر في الصلاة سنة مؤكدة للرجال والنساء في الحضر والسفر ليلا بعد صلاة العشاء إلى طلوع الفجر، فيستحب للمؤمن والمؤمنة الإيتار بركعة أو أكثر بعد صلاة العشاء، وسنتها أول الليل أو في وسط الليل أو في آخر الليل كله سنة، ولكن الأفضل في آخر الليل الثلث الأخير، وإن أوتر في جوف الليل أو في أول الليل كله حسن لقوله ﷺ: « إِنَّ اللَّهَ وِتْرٌ يُحِبُّ الْوِتْرَ فَأَوْتِرُوا يَا أَهْلَ الْقُرْآنِ » ، وقوله ﷺ: « الْوِتْرُ حَقٌّ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ فَمَنْ أَحَبَّ أَنْ يُوتِرَ بِخَمْسٍ فَلْيَفْعَلْ وَمَنْ أَحَبَّ أَنْ يُوتِرَ بِثَلاَثٍ فَلْيَفْعَلْ وَمَنْ أَحَبَّ أَنْ يُوتِرَ بِوَاحِدَةٍ فَلْيَفْعَلْ »رواه أبو داود وغيره.، ولقوله ﷺ: « اجْعَلُوا آخِرَ صَلاَتِكُمْ بِاللَّيْلِ وِتْرًا » متفق عليه، فالسنة أن يكون هو الآخر ،يختم بواحدة، يتهجد ويصلي ما قسم الله له ،ثم يوتر بواحدة، يقرأ فيها الحمد وقل هو الله أحد، هذا هو السنة، في صحيح مسلم : (عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ مِنْ كُلِّ اللَّيْلِ قَدْ أَوْتَرَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فَانْتَهَى وِتْرُهُ إِلَى السَّحَرِ).وقد استقرت سنته في آخره كان وتره في آخر الليل، كان يوتر في أول الليل، ثم أوتر في جوف الليل، ثم استقر وتره في آخر الليل، ففي صحيح مسلم : (عَنْ أَبِى سَعِيدٍ أَنَّ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ « أَوْتِرُوا قَبْلَ أَنْ تُصْبِحُوا »، وفي الصحيحين : (عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَجُلاً سَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – عَنْ صَلاَةِ اللَّيْلِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – « صَلاَةُ اللَّيْلِ مَثْنَى مَثْنَى ،فَإِذَا خَشِىَ أَحَدُكُمُ الصُّبْحَ صَلَّى رَكْعَةً وَاحِدَةً ، تُوتِرُ لَهُ مَا قَدْ صَلَّى »، فالمتأكد في حق المؤمن والمؤمنة الإيتار في أول الليل أو في وسطه أو في آخره في السفر والحضر، كان النبي ﷺ يوتر على بعيره في السفر عليه الصلاة والسلام، والمؤمن في هذا بحمد الله موسع له، يصلي ما يسر الله له، وفي صحيح مسلم : (عَنْ جَابِرٍ قَالَ :قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « مَنْ خَافَ أَنْ لاَ يَقُومَ مِنْ آخِرِ اللَّيْلِ فَلْيُوتِرْ أَوَّلَهُ وَمَنْ طَمِعَ أَنْ يَقُومَ آخِرَهُ فَلْيُوتِرْ آخِرَ اللَّيْلِ فَإِنَّ صَلاَةَ آخِرِ اللَّيْلِ مَشْهُودَةٌ وَذَلِكَ أَفْضَلُ ».، فصلاة آخر الليل أفضل لمن تيسر له ذلك، ومن خاف أوتر في أول الليل، وقد أوصى النبي ﷺ أبا هريرة وأبا الدرداء بالإيتار في أول الليل، والظاهر والله أعلم أن أسباب ذلك أنهم يسهرون في الليل يدرسون الحديث فيخشون ألا يقوموا في آخر الليل فأوصاهم النبي ﷺ بالوتر قبل النوم، فالإنسان الذي يخشى ألا يقوم من آخر الليل يستحب له أن يوتر قبل أن ينام بما يسر الله له، ثلاث أو خمس أو أكثر يسلم من كل ثنتين ويوتر بواحدة هذا هو الأفضل.
أيها المسلمون
وقد اختص الله تعالى هذه الأمة بصلاة الوِتر ،ففي سنن أبي داود وغيره : (عَنْ خَارِجَةَ بْنِ حُذَافَةَ – قَالَ أَبُو الْوَلِيدِ الْعَدَوِىُّ – قَالَ خَرَجَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فَقَالَ « إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ قَدْ أَمَدَّكُمْ بِصَلاَةٍ وَهِىَ خَيْرٌ لَكُمْ مِنْ حُمْرِ النَّعَمِ وَهِىَ الْوِتْرُ فَجَعَلَهَا لَكُمْ فِيمَا بَيْنَ الْعِشَاءِ إِلَى طُلُوعِ الْفَجْرِ ».، وحُكم الوتر فهو سُـنّـة مؤكّدة . فإن النبي صلى الله عليه وسلم ما تركها في سفر ولا في حضر ،ففي صحيح مسلم : (عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّهُ قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يُوتِرُ عَلَى رَاحِلَتِهِ).وهذا يدل على أن له حُكم النافلة ، بدليل أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن يُصلي الفريضة على الراحلة ،وفي مسند أحمد وغيره : (عَنْ عَلِىٍّ قَالَ: إِنَّ الْوِتْرَ لَيْسَ بِحَتْمٍ وَلَكِنَّهُ سُنَّةٌ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- )
وأما عن فضيلة الوتر : فقد أوصى النبي صلى الله عليه وسلم بعض أصحابه بالمداومة على صلاة الوتر ، ففي صحيح مسلم : (عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ أَوْصَانِي خَلِيلِي -صلى الله عليه وسلم- بِثَلاَثٍ بِصِيَامِ ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ وَرَكْعَتَيِ الضُّحَى وَأَنْ أُوتِرَ قَبْلَ أَنْ أَرْقُدَ). ،ومن أحكام الوتر: النهي عن الجمع بين وترين في ليلة واحدة : فقد روى الإمام أحمد وأبو داود والنسائي : (عَنْ قَيْسِ بْنِ طَلْقٍ قَالَ زَارَنَا طَلْقُ بْنُ عَلِىٍّ فِي يَوْمٍ مِنْ رَمَضَانَ وَأَمْسَى عِنْدَنَا وَأَفْطَرَ ثُمَّ قَامَ بِنَا تِلْكَ اللَّيْلَةَ وَأَوْتَرَ بِنَا ثُمَّ انْحَدَرَ إِلَى مَسْجِدِهِ فَصَلَّى بِأَصْحَابِهِ حَتَّى إِذَا بَقِىَ الْوِتْرُ قَدَّمَ رَجُلاً فَقَالَ أَوْتِرْ بِأَصْحَابِكَ فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ « لاَ وِتْرَانِ فِي لَيْلَةٍ ».
والسؤال: إذا أوتر من أول الليل ثم قام من آخره ، فكيف يَصنع ؟ قال الترمذي : واختَلَف أهل العلم في الذي يوتر من أول الليل ثم يقوم من آخره ؛ فرأى بعض أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ومن بعدهم نقض الوتر ، وقالوا : يُضيف إليها ركعة ، ويُصلِّي ما بدا له ، ثم يوتر في آخر صلاته ، لأنه لا وتران في ليلة ، وهو الذي ذهب إليه إسحاق . وقال بعض أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وغيرهم : إذا أوتر من أول الليل ثم نام ثم قام من آخر الليل فإنه يُصلي ما بدا له ولا ينقض وتره ، ويَدع وِتره على ما كان ، وهو قول سفيان الثوري ومالك بن أنس وابن المبارك والشافعي وأهل الكوفة وأحمد ، وهذا أصحّ ، لأنه قد روي من غير وجه أن النبي صلى الله عليه وسلم قد صلى بعد الوتر . وكذلك يَدلّ عليه ما رواه الدارمي : (عَنْ ثَوْبَانَ عَنِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ :« إِنَّ هَذَا السَّهَرَ جَهْدٌ وَثِقَلٌ ، فَإِذَا أَوْتَرَ أَحَدُكُمْ فَلْيَرْكَعْ رَكْعَتَيْنِ ، فَإِنْ قَامَ مِنَ اللَّيْلِ وَإِلاَّ كَانَتَا لَهُ ». وَيُقَالُ :« هَذَا السَّفَرَ ». وَأَنَا أَقُولُ :« السَّهَرَ ».
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية ( إِنَّ اللَّهَ وِتْرٌ يُحِبُّ الْوِتْرَ )
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
أما عن القنوت في الوتر : فيستحب القنوت في الوتر وهو ليس بواجب، وفي صحيح مسلم : (عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ قَالَ سَمِعْتُ ابْنَ أَبِى لَيْلَى قَالَ حَدَّثَنَا الْبَرَاءُ بْنُ عَازِبٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- كَانَ يَقْنُتُ فِي الصُّبْحِ وَالْمَغْرِبِ).، وأنه صلى الله عليه وسلم كان يقنت في ركعة الوتر ولم يفعله إلا قليلاً .، وفي سنن الترمذي : (قَالَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِىٍّ رضى الله عَنْهُمَا عَلَّمَنِي رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- كَلِمَاتٍ أَقُولُهُنَّ فِي الْوِتْرِ « اللَّهُمَّ اهْدِنِي فِيمَنْ هَدَيْتَ وَعَافِنِي فِيمَنْ عَافَيْتَ وَتَوَلَّنِي فِيمَنْ تَوَلَّيْتَ وَبَارِكْ لِي فِيمَا أَعْطَيْتَ وَقِنِى شَرَّ مَا قَضَيْتَ فَإِنَّكَ تَقْضِى وَلاَ يُقْضَى عَلَيْكَ وَإِنَّهُ لاَ يَذِلُّ مَنْ وَالَيْتَ تَبَارَكْتَ رَبَّنَا وَتَعَالَيْتَ » ، والقنوت في الوتر يكون في الركعة الأخيرة من الوتر بعد الفراغ من القراءة وقبل الركوع، كما يصح بعد الرفع من الركوع، وكلها قد ثبتت عنه صلى الله عليه وسلم وقد ذهب جمهور العلماء إلى مشروعية قضاء الوتر ، ففي سنن أبي داود وغيره : (عَنْ أَبِى سَعِيدٍ قَالَ :قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « مَنْ نَامَ عَنْ وِتْرِهِ أَوْ نَسِيَهُ فَلْيُصَلِّهِ إِذَا ذَكَرَهُ »، وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: (إذا أصبح أحدكم ولم يوتر فليوتر) (أخرجه الحاكم) ،وقضاء صلاة الوتر يكون شِفْعاً ، أي ركعتين ركعتين . فمن كان يُوتِر بواحدة فنام عن وتره أو نسيه ، فإنه يُقضي الوتر من النهار ركعتين . ومن كان يُوتِر بِثلاث ركعات ، فإنه يُقضي الوتر من النهار أربع ركعات . وهكذا ، ويكون وقت قضاء الوتر وقت صلاة الضحى ، أي من بعد طلوع الشمس وارتفاعها بقدر رُمح ، وهو يُقدّر بعشر دقائق إلى ربع ساعة تقريباً ، إلى قبيل أذان الظهر بعشر دقائق تقريباً ،فهذا هو وقت صلاة الضحى ، وهو وقت قضاء صلاة الوتر ، ودليل ذلك ما جاء في صحيح مسلم : (عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدٍ الْقَارِىِّ قَالَ سَمِعْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ يَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « مَنْ نَامَ عَنْ حِزْبِهِ أَوْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ فَقَرَأَهُ فِيمَا بَيْنَ صَلاَةِ الْفَجْرِ وَصَلاَةِ الظُّهْرِ كُتِبَ لَهُ كَأَنَّمَا قَرَأَهُ مِنَ اللَّيْلِ ».،وفيه 🙁 عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- إِذَا عَمِلَ عَمَلاً أَثْبَتَهُ وَكَانَ إِذَا نَامَ مِنَ اللَّيْلِ أَوْ مَرِضَ صَلَّى مِنَ النَّهَارِ ثِنْتَيْ عَشْرَةَ رَكْعَةً).
الدعاء