خطبة عن كشف الغمة عن الأمة (لَيْسَ لَهَا مِنْ دُونِ اللَّهِ كَاشِفَةٌ)
أبريل 14, 2020خطبة (أُحِبُّكَ رَبِّي) محبة الله تعالى
مايو 29, 2020الخطبة الأولى (فيرس كورونا دروس وعبر :آية من آيات الله في خلقه ،وجندي من جنوده)
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
يقول الله تعالى في محكم آياته : (وَمَا تَأْتِيهِمْ مِنْ آيَةٍ مِنْ آيَاتِ رَبِّهِمْ إِلَّا كَانُوا عَنْهَا مُعْرِضِينَ) (4) الانعام ،وقال الله تعالى : (سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ) (53) فصلت ،وقال سبحانه وتعالى : (وَلِلَّهِ جُنُودُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا) (7) الفتح ،وقال سبحانه وتعالى : (كَذَلِكَ يُضِلُّ اللَّهُ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلَّا هُوَ وَمَا هِيَ إِلَّا ذِكْرَى لِلْبَشَرِ) (31) المدثر ،وقال سبحانه وتعالى : (إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ (190) الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ) (190) ،(191) آل عمران
إخوة الإسلام
إن الكوارث الطبيعية : كالزلازل والبراكين والأوبئة بما فيها فيروس “كورونا”، لهي آية من آيات الله في كونه، يرسلها الله تعالى للعظة والرجوع إليه، وآياتُ الربِّ تبارك وتعالى هي دلائِلُه وبراهينُه التي بها يعرِفُ العبادُ ربَّهم بأسمائِه وصفاتِه وأفعالِه وتوحيدِه، وقد حثنا القرآن الكريم في مواضع كثيرة على النظر والتفكر في الكون، والسير في أرجائه للاعتبار، كما في قوله تعالى: {قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ بَدَأَ الْخَلْقَ ثُمَّ اللَّهُ يُنْشِئُ النَّشْأَةَ الْآخِرَةَ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} (20) العنكبوت، وفي قوله عز وجل: { سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ} (53) فصلت ،ومن تأمل آيات الله في الكون الفسيح، سطعت له أنوار اليقين، وذهبت عنه ظلمات الشك ،فالتفكُّر في مخلُوقات الله عبادةٌ وهداية، وهو مبدأُ الخيرات ومفتاحُها، فبِه يُعظِّمُ العبدُ ربَّه ،ويزدادُ إيمانًا ويقينًا، ويفتَحُ بصيرةَ القلب ،ويُنبِّهُه من غفلتِه، ويُورِثُه حياةً وتدبُّرًا ،ومحبَّةً لله وتذكُّرًا ،فأحسنُ ما أُنفِقَت فيه الأنفاسُ هو التفكُّرُ في آياتِ الله وعجائِبِ صُنعِه، والانتِقالُ منها إلى تعلُّق القلب والهمَّة به ،دون شيءٍ من مخلُوقاته ،والتفكُّرُ في آياتِ الله من أفضلِ أعمال القلوبِ وأنفَعها، يدعُو إلى العمل ،ويُلزِمُ صاحبَه الاستِسلامَ لله. قال سُفيانُ بن عُيينةَ- رحمه الله -: “التفكُّرُ مفتاحُ الرحمة، ألا ترَى أن المرءَ يتفكَّرُ فيتوبُ؟!”. والتفكر والتدبر في آيات الله تعالى هو من خيرِ ما يُوعَظُ به العباد، قال الله سبحانه: {قُلْ إِنَّمَا أَعِظُكُمْ بِوَاحِدَةٍ أَنْ تَقُومُوا لِلَّهِ مَثْنَى وَفُرَادَى ثُمَّ تَتَفَكَّرُوا} (سبأ: 46). وإذا المرءُ كانت له فِكرةٌ، ففي كل شيءٍ له عِبرة، والقرآنُ العظيمُ مملوءٌ بدُعاءِ الخلقِ إلى التفكُّرِ في الآياتِ والنظرِ في المخلُوقات، قال الله عز وجل : {أَوَلَمْ يَنْظُرُوا فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا خَلَقَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ} (الأعراف: 185).وفي مخلُوقات الله عِبَرٌ وعِظاتٌ أمرَ الله بالتفكُّر فيها، فقال تعالى: {قُلِ انْظُرُوا مَاذَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} (يونس: 101). قال شيخُ الإسلام – رحمه الله -: “والنظرُ إلى المخلُوقات العُلويَّة والسُّفلِيَّة على وجهِ التفكُّر والاعتِبار مأمورٌ به مندوبٌ إليه”. والعقولُ التامَّةُ الذكيَّةُ هي التي تُدرِكُ الأشياءَ بحقائِقِها، والله تعالى قد أثنَى على المُتفكِّرين في خلقِه وأنهم من أُولِي الألباب، قال الله سبحانه: {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ * الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ} (آل عمران: 190، 191).وقد ذمَّ الله تعالى المُعرِضين عن التفكُّر، فقال: {وَكَأَيِّنْ مِنْ آيَةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَمُرُّونَ عَلَيْهَا وَهُمْ عَنْهَا مُعْرِضُونَ} (يوسف: 105).ومن عقوباتِ الله: صَرفُ آياتِه عن المُستكبِرين، قال الله سبحانه : {سَأَصْرِفُ عَنْ آيَاتِيَ الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَإِنْ يَرَوْا كُلَّ آيَةٍ لَا يُؤْمِنُوا بِهَا} (الأعراف: 146). قال الحسنُ البصريُّ رحمه الله -: “أمنَعَهم التفكُّر فيها”.
أيها المسلمون
وفيروس (كورونا) الذي يجتاح العالم كله اليوم هو آية من آيات الله تعالى ،وهو جندي من جنود الله سبحانه ،فهذا الكائن المجهري الغريب ،الذي لا تراه العين المجردة، ولا تلمسه اليد ، يدخل جسم الانسان بلا استئذان ،ولا يحتاج إلى تأشيرة دخول، وإنما يحتاج إلى إذن من خالقه سبحانه وتعالى ،في إطار النواميس الكونية التي لا تحابي أحدا ،فهو مأذون ومسلَّط وممكَّن، ويؤدي مهمته على أكمل الوجوه ،فلا يوجد شيء في هذا الكون اعتباطا ولا مصادفة ،بل الكل يخضع لقوانين صارمة لا تتبدل ولا تتغير، والعالم كله اليوم في مواجهة مع كرونا، فمنهم من جمع الفلوس، ومنهم حجر النفوس، ومنهم من نشر الجيوش، ومنهم وضع المكوس، ومنهم من أغلق الأسواق ودور الملاهي والسينما والحدائق ومنع التجمعات، ومنهم عطل وسائل النقل جوا وبرا وبحرا، ومنهم سد المنافذ والحدود وأعلن حالة الطوارئ، ومنهم من أغلق المساجد والكنائس والبيع والصلوات، ومنهم من أكثر من الفحص والتطبيب والتعقيم ،وحسنا ما فعلوا من تفعيل السنن الكونية والبشرية أخذا بالأسباب لو فعَّلوا مع ذلك السنن الربانية في النصر والهزيمة، وفي المثوبة والعقوبة، وفي الفلاح والخسارة، وفي صنوف العذابات التي يرسلها الله على خلقه بسبب ما كسبت أيديهم، وفي كيفية رجوعهم عن ذلك ، قال الله تعالى: (ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ) (41) الروم ، فليست كورونا مجرد جرثومة أو فيروس أو ميكروب ينتمي إلى عالم الطبيعة فحسب، بل هو كذلك ،ولكنه أيضا فوق ذلك كائن مجهري من أجناد الله تعالى ،ينتمي إلى القضاء والقدر ونواميس الله في الخلق ،جاء قدَرا بقَدرِ من خزائنه سبحانه تنبيها للغافلين، وتعليما للجاهلين، وقصما للجبارين، وإذلالا للمتكبرين، وعقوبة للمصرين، وويلا للمكذبين، وحربا على المرابين، وطهرة للمؤمنين، ورسالة للمتفكرين، وحجة على المجرمين، ومكرا بالماكرين، وتغييرا في الموازين، وتذكيرا للمذنبين، فهل فهمنا شيئا ولو قليلا من تلك الرسالة!؟؟ ،ففيروس (كُورونا) قدر، فيروس كُورونا رسالة، فيروس كُورونا عقوبة، فيروس كورونا صرخة في وجوه العتاة والمجرمين والمفسدين في الأرض ،لقد كتب الله تعالى إلينا بيانا لعقوبات إلهية لأمم سابقة، وهي عقوبات قابلة للتكرار مرة أخرى حسب ناموس الله تعالى، قال تعالى : (فَإِذَا جَاءَتْهُمُ الْحَسَنَةُ قَالُوا لَنَا هَذِهِ وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَطَّيَّرُوا بِمُوسَى وَمَنْ مَعَهُ أَلَا إِنَّمَا طَائِرُهُمْ عِنْدَ اللَّهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ (131) وَقَالُوا مَهْمَا تَأْتِنَا بِهِ مِنْ آيَةٍ لِتَسْحَرَنَا بِهَا فَمَا نَحْنُ لَكَ بِمُؤْمِنِينَ (132) فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ الطُّوفَانَ وَالْجَرَادَ وَالْقُمَّلَ وَالضَّفَادِعَ وَالدَّمَ آيَاتٍ مُفَصَّلَاتٍ فَاسْتَكْبَرُوا وَكَانُوا قَوْمًا مُجْرِمِينَ (133) وَلَمَّا وَقَعَ عَلَيْهِمُ الرِّجْزُ قَالُوا يَامُوسَى ادْعُ لَنَا رَبَّكَ بِمَا عَهِدَ عِنْدَكَ لَئِنْ كَشَفْتَ عَنَّا الرِّجْزَ لَنُؤْمِنَنَّ لَكَ وَلَنُرْسِلَنَّ مَعَكَ بَنِي إِسْرَائِيلَ (134) فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُمُ الرِّجْزَ إِلَى أَجَلٍ هُمْ بَالِغُوهُ إِذَا هُمْ يَنْكُثُونَ (135) فَانْتَقَمْنَا مِنْهُمْ فَأَغْرَقْنَاهُمْ فِي الْيَمِّ بِأَنَّهُمْ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَكَانُوا عَنْهَا غَافِلِينَ (136) وَأَوْرَثْنَا الْقَوْمَ الَّذِينَ كَانُوا يُسْتَضْعَفُونَ مَشَارِقَ الْأَرْضِ وَمَغَارِبَهَا الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ الْحُسْنَى عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ بِمَا صَبَرُوا وَدَمَّرْنَا مَا كَانَ يَصْنَعُ فِرْعَوْنُ وَقَوْمُهُ وَمَا كَانُوا يَعْرِشُونَ) (131) :(137) الاعراف ، والآن يرسل الله تعالى إلينا آية مناسبة للعصر وتطور العلم والحضارة، يرسل إلينا فيروس كورونا ،جند من جنود الله المجندة، قال تعالى : (وَلِلَّهِ جُنُودُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا) (7) الفتح ، فهل تعقلنا وتفهنا الرسالة؟ وهل استفدنا من الدروس والعبر والمواقف والمواعظ؟ ،إن قراءة هذه الرسالة ،وفهم هذا الوباء في ضوء السنن الإلهية في القرآن الكريم يجعلنا نقف مع قوله تعالى : (وَكَمْ قَصَمْنَا مِنْ قَرْيَةٍ كَانَتْ ظَالِمَةً وَأَنْشَأْنَا بَعْدَهَا قَوْمًا آخَرِينَ (11) فَلَمَّا أَحَسُّوا بَأْسَنَا إِذَا هُمْ مِنْهَا يَرْكُضُونَ (12) لَا تَرْكُضُوا وَارْجِعُوا إِلَى مَا أُتْرِفْتُمْ فِيهِ وَمَسَاكِنِكُمْ لَعَلَّكُمْ تُسْأَلُونَ (13) قَالُوا يَاوَيْلَنَا إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ (14) فَمَا زَالَتْ تِلْكَ دَعْوَاهُمْ حَتَّى جَعَلْنَاهُمْ حَصِيدًا خَامِدِينَ) (11) :(15) الانبياء ،وقوله تعالى 🙁وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِنْ كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ) (112) النحل، فوباء كورونا آية عظيمة ،ورسالة بليغة ،هدفها التخويف الذي يورث التوبة والمراجعة والتقييم ،والعودة إلى الله بفهم وعلم وبصيرة قال الله تعالى : (وَمَا نُرْسِلُ بِالْآيَاتِ إِلَّا تَخْوِيفًا) (59) الاسراء، وقال تعالى 🙁وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنَ الْعَذَابِ الْأَدْنَى دُونَ الْعَذَابِ الْأَكْبَرِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (21) وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ ذُكِّرَ بِآيَاتِ رَبِّهِ ثُمَّ أَعْرَضَ عَنْهَا إِنَّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ مُنْتَقِمُونَ) (21) ،(22) السجدة ،
أيها المسلمون
هذا الفيروس غير المرئي الذي لا تلمحه العين، وما أحدث من تداعيات على المستوى العالمي ،يلهمنا الكثير من العبر والدروس، فهو تذكرة ودرس للكثير منا، ففي لحظات قليلة تغير حال العالم أجمع ،وفي دقائق معدودة تغيرت الكثير من المعادلات والأولويات ،فهو قلب طاولة المعادلات بالكامل عند الدول والشعوب ،وهذا الفيروس غير المرئي يمنحنا حكماً وعبراً ،تزيد لدى المتأمل في حال العالم وانشغاله بمكافحته ،فيزيد عند المؤمنين اليقين والإيمان العميق والرضا بالقضاء والقدر، فقد يهلك الله أمماً وشعوباً بأوبئة وأمراض غير متوقعة تظهر فجأة وتنتشر، وفي لحظات تزول عروش ،وتنهار أمم، فالضعيف يصبح قوياً ،والقوي يصبح ضعيفا ،في لحظات تتبخر مخططات ومؤامرات قد وضعت ودبرت، ويصرف الله شرها ويزيحها عن كاهل المستضعفين من المسلمين ، نعم بفيروس صغير غير مرئي. إن «كورونا» يجعلنا نحن كمسلمين نستشعر الآية القرآنية الكريمة : ( قُلْ لَنْ يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا هُوَ مَوْلَانَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ) (51) التوبة ، ونتأمل قوله تعالى : (الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ) (173) آل عمران ،
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية (فيرس كورونا دروس وعبر :آية من آيات الله في خلقه ،وجندي من جنوده)
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
إن فيرس «كورونا» ألهمنا أن لا ملجأ من الله إلا إليه ،فليس لذلك من حلول إلا حلول الإيمان في القلب ،وحلول التوبة في الجوارح ،وحلول القرآن والسنة في الحياة ،وذلك على النحو التالي : التوبة إلى الله قلبا وقالبا وظاهرا وباطنا من جميع المعاصي والمخالفات -الصدقة الكثيرة الدائمة حتى تصير سلوكا مميزا لكل المسلمين – كثرة الاستغفار والتضرع والدعاء وملازمة اذكار الصباح والمساء – أداء الحقوق والمظالم ومحاسبة النفس على التقصير في جنب الله تعالى – الامر بالمعروف والنهي عن المنكر وحسن الظن بالمسلمين والتلطف معهم ومحبتهم والشفقة عليهم- التلاوة والتدبر والعكوف على مائدة القرآن – الدعوة إلى الله تعالى في كل وقت ومناصحة المسلمين وتوحيد كلمتهم على الحق والأخوة والوسطية وهدي المصطفى صلى الله عليه وسلم – إحياء السنن النبوية في كل مجال من مجالات الحياة الفردية والاجتماعية – الاخذ بالأسباب والإجراءات الاحترازية والصحية والتعليمات الوقائية الصادرة عن السلطات الحكومية والصحية في كل بلد من بلدان العالم – التزام البيوت في أغلب الأوقات وإحياء السنن والآداب الشرعية والبعد عن الشائعات والأراجيف عملا بقوله صلى الله عليه وسلم فقد روى الترمذي في سننه : (عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ قَالَ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا النَّجَاةُ قَالَ « أَمْسِكْ عَلَيْكَ لِسَانَكَ وَلْيَسَعْكَ بَيْتُكَ وَابْكِ عَلَى خَطِيئَتِكَ »
الدعاء