خطبة حول (قصة قَارُونَ) مختصرة
مايو 17, 2021خطبة عن (خطورة رفض الاعتذار) مختصرة
مايو 18, 2021الخطبة الأولى (قصة قَارُونَ دروس وعبر) مختصرة 1
الحمد لله رب العالمين .وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
يقول الله تعالى في محكم آياته : (إِنَّ قَارُونَ كَانَ مِنْ قَوْمِ مُوسَى فَبَغَى عَلَيْهِمْ وَآتَيْنَاهُ مِنَ الْكُنُوزِ مَا إِنَّ مَفَاتِحَهُ لَتَنُوءُ بِالْعُصْبَةِ أُولِي الْقُوَّةِ إِذْ قَالَ لَهُ قَوْمُهُ لَا تَفْرَحْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْفَرِحِينَ) (76) القصص
إخوة الإسلام
موعدنا اليوم -إن شاء الله تعالى- مع قصة من قصص القرآن الكريم ،والتي ساقها الله عز وجل لنا لنتعلم منها ،ونتعظ ونعتبر ،فما أحوجنا في هذا الزمان – زمان الفتن- إلى معرفة أحوال أهل الدنيا ،والذين فتنوا بها ، فكان عاقبة أمرهم خسرا، فقصة قارون هي قصة صراع بين الحق والباطل ،والبغي والاعتدال، والغلو والوسطية ،والعلم النافع والعلم الضار ،هذه القصة يجب علينا أن نتعلمها ،لنرى عاقبة الطغيان المادي ،وما أكثره في هذا الزمان ،ولنا مع هذه القصة وقفات عدة أولها : أن قارون كان من قوم موسى ، ولكنه بسبب المال والعلم بغى وتكبر ،وفرح وتجبر ،بسبب المال والعلم الدنيوي كفر بالمنعم ،ونسي الرزاق والمعطي ، ويصور القرآن الكريم كثرة ماله، بأنه كنوز ،وأن مفاتيح هذه الكنوز مع مجموعة من الرجال الأقوياء ،أثقل عليهم حملها ،وخارت قواهم من ثقلها ،من أجل ذلك بغى قارون على قومه ،فتكبر عليهم ، واستهزأ بهم ،واستعبدهم ،وسلب أموالهم ، واغتصب أرضهم وبيوتهم ،وهكذا يفعل الطغاة والجبابرة في كل زمان ومكان ، ولم يكتف بذلك بل نسي الله تعالى ،فلم يذكره ولم يشكره ،بل قال : إن هذا المال ليس من عطاء الله ولا من رزقه ،ولكنه جمعه بعلمه وقدرته وذكائه وفطنته ،(قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِنْدِي)
أما الوقفة الثانية في هذه القصة فهي :نصيحة أهل الصلاح ووعظهم له ،فلما رأى الصالحون من قوم موسى ما عليه قارون من فساد وطغيان ، نصحوه نصيحة أمينة ،نصيحة من يعلم عواقب الأمور ، ووعظوه موعظة بليغة ، حتى يبرئوا ذمتهم منه أمام الله ،وهذا هو دور العلماء الربانيين في كل زمان ومكان ، النصح والوعظ والارشاد لكل العباد ، للحاكم والمحكوم ،فيجب على العلماء الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ،فإذ لم يفعلوا ذلك ،وتقاعسوا في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ونصيحة الناس ووعظهم ، استحقوا العقاب من الله ،لتقصيرهم في الدعوة إلى الله ،وارشاد العباد إلى ما فيه طاعة الله ورضاه ، وبيان طريق الحق وسبل الشيطان ،هم ليسوا مسئولين عن النتائج ،ولكنهم مسئولون عن البلاغ ،وهذا ما قاله بعض علماء بني اسرائيل، (وَإِذْ قَالَتْ أُمَّةٌ مِنْهُمْ لِمَ تَعِظُونَ قَوْمًا اللَّهُ مُهْلِكُهُمْ أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا قَالُوا مَعْذِرَةً إِلَى رَبِّكُمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ) الاعراف (164) ،فبماذا نصح العلماء قارون : (إِذْ قَالَ لَهُ قَوْمُهُ لَا تَفْرَحْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْفَرِحِينَ)القصص (76) ،فأول نصيحة :(لَا تَفْرَحْ) بهذا المال والجاه والغنى ،لا تفرح فرح البطر والكبر والغرور ،لا تفرح فرح المعصية والفجور ،(إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْفَرِحِينَ) فالفرح المنهي عنه هو الفرح بالمعصية ،أما فرح الطاعة فهو فرح محمود ،فليفرح المؤمن بطاعة الله ورحمته ورضاه
وكانت النصيحة التالية :(وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ) ،فهذا المال هو مال الله ،وقد أعطاك الله إياه ليختبرك به ويمتحنك، فابتغ واطلب بهذه النعمة، نعمة المال والجاه والغني، اطلب بها ما عند الله من الثواب العظيم ،والأجر الكبير في الدار الآخرة ، تصدق من هذا المال ،وأخرج حق الله فيه للفقراء والمحتاجين ،ليكن لك زخرا وزادا يوم تلقى الله ،فهذه الدنيا زائلة ومنتهية ،أما الدار الآخرة فباقية وممتدة وخالدة ،ونحن لا نريد منك أن تتصدق بكل مالك ،ولا أن تحرم نفسك من متع الدنيا التي أحلها الله تعالى لعباده 🙁 وَلَا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا)، فكل مما أحل الله ،واشرب مما لذ وطاب مما ليس بحرام ،وألبس في غير مخيلة ولا عجب ، وتمتع بالنساء بالزواج الحلال ،فلا تنس نصيبك من متع الدنيا الحلال ،وإذا كان الله تعالى قد أحسن إليك بهذا المال ،وذاك الجاه :(وَأَحْسِنْ كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ)، فهل جزاء الاحسان إلا الاحسان فقابل نعمة الله عليك بالشكر والعرفان ،فأحسن إلى الناس من الفقراء والمحتاجين ،واهد إلى إخوانك من ذوي الارحام والمقربين ،وتبرع من مالك في أوجه الخير ،وما فيه نفع للمسلمين ،
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية(قصة قَارُونَ دروس وعبر)1
الحمد لله رب العالمين .وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
ثم ننتقل إلى النصيحة التالية ، فقد قال له قومه : (وَلَا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الْأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ)، فنحذرك من يكون هذا الغنى والجاه سببا في البغي والظلم والفساد، وهذه هي آفة الغنى والمال والجاه ،إنه الفساد في الأرض، فيجعلهم المال يفسدون ولا يصلحون ،يفسدون في أعراض الناس بالزنا ،ويفسدون في ممتلكات الناس فيستولون عليها ظلما وعدوانا ،ويفسدون بالقتل والإذلال للضعفاء من الناس ، ويفسدون الموظفين بالرشاوى والمحسوبية ، ويفسدون في الأرض بتعاطي المسكرات ،ولعب القمار، والدعارة مع الراقصات والمغنيات في الملاهي والبارات، كل هذا الفساد وغيره هو بسبب المال والغنى والجاه ،فهل استجاب قارون لهذه النصائح؟ وماذا حدث له بسبب ذلك، هذا ما نتعرف عليه في اللقاء القادم إن شاء الله تعالى ،
الدعاء