خطبة حول حديث (مَنْ سَأَلَ اللَّهَ الْجَنَّةَ ثَلاَثَا) مختصرة
أغسطس 23, 2021خطبة عن الإيمان بالقضاء والقدر ، وحديث ( يَكُونُ فِي أُمَّتِى خَسْفٌ وَمَسْخٌ وَذَلِكَ فِي الْمُكَذِّبِينَ بِالْقَدَرِ )
أغسطس 28, 2021الخطبة الأولى ( وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ) مختصرة
الحمد لله رب العالمين .وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
يقول الله تعالى في محكم آياته : (وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلَا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ وَإِنْ يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلَا رَادَّ لِفَضْلِهِ يُصِيبُ بِهِ مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ)(107) يونس
إخوة الإسلام
هذه الآية الكريمة من كتاب الله العزيز تخاطب كل مؤمن ،وكل ذي عقل وفهم ،أن ما يصيبه من ضرر أو شدة ،أو من ألم أو فقر أو مرض أو حزن أو ذل ونحوه، فلا صارف له ،ولا مزيل له إلا الله تعالى، لأنه القادر على كل شيء، وكذلك كل خير : من صحة ،أو غنى ،أو عز ونحوه، فهو أيضًا من الله، لكمال قدرته على كل شيء، ولأنّه القاهر الغالب ،صاحب العزة والسلطان والكبرياء، فهو الذي خضعت له الرقاب، وذلت له الجبابرة، وعنت له الوجوه ،ودانت له الخلائق، وقهر كل شيء، وهو الحكيم في جميع أفعاله، الخبير بمواضع الأشياء، فلا يعطي إلا من يستحق، ولا يمنع إلا من يستحق. فإذا عرف العبد بالدليل القاطع، أن الله، هو المنفرد بالنعم، وكشف النقم، وإعطاء الحسنات، وكشف السيئات والكربات، وأن أحدًا من الخلق، ليس بيده من هذا شيء إلا ما أجراه الله على يده، جزم بأن الله هو الحق، وأن ما يدعون من دونه هو الباطل. وفي الصحيحين ،واللفظ لمسلم : (عَنْ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ :كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- إِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ الرُّكُوعِ قَالَ : « رَبَّنَا لَكَ الْحَمْدُ مِلْءَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَمِلْءَ مَا شِئْتَ مِنْ شَيْءٍ بَعْدُ أَهْلَ الثَّنَاءِ وَالْمَجْدِ أَحَقُّ مَا قَالَ الْعَبْدُ وَكُلُّنَا لَكَ عَبْدٌ اللَّهُمَّ لاَ مَانِعَ لِمَا أَعْطَيْتَ وَلاَ مُعْطِىَ لِمَا مَنَعْتَ وَلاَ يَنْفَعُ ذَا الْجَدِّ مِنْكَ الْجَدُّ ».وفي سنن الترمذي : (عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ كُنْتُ خَلْفَ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَوْمًا فَقَالَ :« يَا غُلاَمُ إِنِّي أُعَلِّمُكَ كَلِمَاتٍ احْفَظِ اللَّهَ يَحْفَظْكَ احْفَظِ اللَّهَ تَجِدْهُ تُجَاهَكَ إِذَا سَأَلْتَ فَاسْأَلِ اللَّهَ وَإِذَا اسْتَعَنْتَ فَاسْتَعِنْ بِاللَّهِ وَاعْلَمْ أَنَّ الأُمَّةَ لَوِ اجْتَمَعَتْ عَلَى أَنْ يَنْفَعُوكَ بِشَيْءٍ لَمْ يَنْفَعُوكَ إِلاَّ بِشَيْءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللَّهُ لَكَ وَلَوِ اجْتَمَعُوا عَلَى أَنْ يَضُرُّوكَ بِشَيْءٍ لَمْ يَضُرُّوكَ إِلاَّ بِشَيْءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللَّهُ عَلَيْكَ رُفِعَتِ الأَقْلاَمُ وَجَفَّتِ الصُّحُفُ » .فلا مانح للخير ،ولا مُعطي للنِعم ،ولا كاشف للضُر ،إلا هو . فاخلع عن قلبك النظر إلى الناس ، وكن مع الله
أيها المسلمون
فلا بد من الثقة بالله، ولا بد من اعتقاد أن القوة جميعاً لله سبحانه وتعالى، ولا يجري في الكون إلا ما يريد، ولا يجري شيء ولا يقع إلا لحكمة يريدها الله سبحانه، ولا يدري الإنسان ماذا يترتب على الأمور؛ ولذلك فلا بد أن يوقن المسلمون بربهم، ولا بد أن يكونوا على صلة بربهم، معتمدين عليه متوكلين، يطلبون منه القوة والمدد؛ لأنه سبحانه وتعالى مالك القوة جميعاً، وهو الذي يمنح أسبابها من يشاء عز وجل.
وإذا آمن المسلم بذلك ، فليحذر أن يأتي عرافاً ، أو كاهناً ، أو ساحراً ، لأي غرض من أغراض الدنيا ، لا للعلاج ، ولا لكشف غمة ، ولا لأذى تلحقه بالآخرين ، ولا لإيجاد مفقود ، ولا لفك سحر ، فكل ذلك حرام أشد الحرام ، وهو شرك بالله الواحد القهار ، الذي لا يعلم الغيب سواه ،فالنافع الضار هو الله الواحد القهار ، قال الله تعالى : { وَإِن يَمْسَسْكَ اللّهُ بِضُرٍّ فَلاَ كَاشِفَ لَهُ إِلاَّ هُوَ وَإِن يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلاَ رَآدَّ لِفَضْلِهِ يُصَيبُ بِهِ مَن يَشَاء مِنْ عِبَادِهِ وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ } [ يونس107 ] ، وقال الله سبحانه : { وَإِن يَمْسَسْكَ اللّهُ بِضُرٍّ فَلاَ كَاشِفَ لَهُ إِلاَّ هُوَ وَإِن يَمْسَسْكَ بِخَيْرٍ فَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدُيرٌ } [ الأنعام17 ]
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية ( وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ)
الحمد لله رب العالمين .وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
والله تعالى إذا أصاب عبده بضر فلحكمة هو يعلمها ،فعن أبي سعيدٍ الخُدريِّ ، وعن أبي هريرةَ رضي الله عنهما ، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم قال : ” ما يُصيبُ المسلمَ من نَصبٍ ولا وَصَبٍ ولا همّ ولاَ حَزَن ولا أذى ولا غَمّ ـ حتى الشَّوكةِ يُشاكها ـ إلا كفَّرَ اللهُ بها من خَطاياه ” [ متفق عليه والفظ للبخاري ] ، وفي لفظ لمسلم ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ : قَالَ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم : “مَا يُصِيبُ الْمُؤْمِنَ مِنْ شَوْكَةٍ فَمَا فَوْقَهَا ، إِلاَّ رَفَعَهُ اللّهُ بِهَا دَرَجَةً ، أَوْ حَطَّ عَنْهُ بِهَا خَطِيئَةً ” وعلى المسلم أن يتضرع إلى الله وحده لكشف الضر ،فَعَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ : ” مَا أَصَابَ أَحَداً قَطُّ هَمٌّ ، وَلاَ حُزْنٌ فَقَالَ : اللَّهُمَّ إنِّي عَبْدُكَ ، وَابْنُ عَبْدِكَ ،وَابْنُ أَمَتِكَ نَاصِيتِي بِيَدِكَ ،مَاضٍ فِيَّ حُكْمُكَ ،عَدْلٌ في قَضَاؤُكَ ،أَسْأَلُكَ بِكُلِّ اسْمٍ هُوَ لَكَ ،سَمَّيْتَ بِهِ نَفْسَكَ ،أَوْ أَنْزَلْتَهُ فِي كِتَابِكَ ، أَوْ عَلَّمْتَهُ أَحَداً مِنْ خَلْقِكَ ،أَوِ اسْتَأَثَرْتَ بِهِ فِي عِلْمِ الْغَيْبِ عِنْدَكَ ،أَنْ تَجْعَلَ الْقُرْآنَ رَبِيعَ قَلْبِي ،وَنُورَ صَدْرِي ،وَجَلاَءَ حُزْنِي ،وَذَهَابَ هَمِّي ،إلاَّ أَذْهَبَ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ هَمَّهُ ،وَأَبْدَلَهُ مَكَانَ حُزْنِهِ فَرَحاً ” ،قَالُوا : يَا رَسُولَ اللَّهِ ! يَنْبَغِي لَنَا أَنْ نَتَعَلَّمَ هؤُلاَءِ الْكَلِمَاتِ ؟ قَالَ : ” أَجَلْ ، يَنْبَغِي لِمَنْ سَمِعَهُنَّ أَنْ يَتَعَلَّمَهُنَّ ” [ رواه أحمد ، وصححه الألباني]
وكذلك المسلمون في زمن الضعف يجب عليهم أن يستحضروا دائماً الثقة بالله، والتوكل عليه، واستمداد القوة منه، والركون إليه، وأنه عز وجل ينصر من نصره، فإذا التجأ العبد إليه فقد أوى إلى ركن شديد.
الدعاء