خطبة عن (عيد الفطر: لا تحمل هم الرزق)
أبريل 8, 2023خطبة عن (بعد رمضان) (كُونُوا رَبَّانِيِّينَ )
أبريل 22, 2023الخطبة الأولى (إِذَا أَفْطَرَ فَرِحَ بِفِطْرِهِ)
الحمد لله رب العالمين. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له. وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد أيها المسلمون
رُوي في الصحيحين: (قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- «لِلصَّائِمِ فَرْحَتَانِ يَفْرَحُهُمَا، إِذَا أَفْطَرَ فَرِحَ بِفِطْرِهِ، وَإِذَا لَقِىَ رَبَّهُ فَرِحَ بِصَوْمِهِ».
إخوة الإسلام
الفرح المحمود هو الفرح بنعمة الله تعالى وتوفيقه للهداية والإيمان، واتباع الرسول وتلاوة القرآن، والمسارعة إلى الطاعات والقربات، قال الله تعالى: {قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ} يونس(58)،
والفرح المحمود هو الفرح بانتصار الحقّ على الباطل؛ والإيمان على الكفر، كما قال سبحانه: (وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ * بِنَصْرِ اللَّهِ يَنصُرُ مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ) [الروم: 4-5].
ومن الفرح المحمود : فرح الصائم بفطره: فرُوي في الصحيحين: (قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- «لِلصَّائِمِ فَرْحَتَانِ يَفْرَحُهُمَا، إِذَا أَفْطَرَ فَرِحَ بِفِطْرِهِ، وَإِذَا لَقِىَ رَبَّهُ فَرِحَ بِصَوْمِهِ». فالفرحة الأُولى فرحة دنيوية عاجلة؛ حيث أباح الله له الأكل والشرب والجماع، ويفرح المؤمن أيضاً لأن الله تعالى وفَّقه لإتمام صيام شهر رمضان، أما الفرحة الكبرى، فهي عند لقاء ربه تبارك وتعالى في الدار الآخرة، حينما يرى المؤمن ما أعده الله تعالى لعباده الصائمين، في جنات النعيم، قال تعالى: ﴿ وَمَا تُقَدِّمُوا لأِنفُسِكُم مِّنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِندَ اللَّهِ هُوَ خَيْرًا وَأَعْظَمَ أَجرَاً ﴾ [ المزمل:20] ، فالجنة تتزين للصائمين كما تتزين العروس لزوجها الغائب، فَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الصِّيَامِ دُعِيَ مِنْ بَابِ الرَّيَّانِ، ففي الصحيحين: (عَنْ سَهْلٍ رضي الله عنه عَنِ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ « إِنَّ فِى الْجَنَّةِ بَابًا يُقَالُ لَهُ الرَّيَّانُ، يَدْخُلُ مِنْهُ الصَّائِمُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، لاَ يَدْخُلُ مِنْهُ أَحَدٌ غَيْرُهُمْ، يُقَالُ أَيْنَ الصَّائِمُونَ ، فَيَقُومُونَ، لاَ يَدْخُلُ مِنْهُ أَحَدٌ غَيْرُهُمْ، فَإِذَا دَخَلُوا أُغْلِقَ، فَلَمْ يَدْخُلْ مِنْهُ أَحَدٌ »
ومن فضل الله تعالى على عباده المؤمنين أن يتابع عليهم مواسم الخيرات، ويضاعف لهم الحسنات، فالمؤمن يتقلب في ساعات عمره بين أنواع العبادات والقربات، فلا تمضي ساعة من عمره إلا ولله تعالى فيها طاعة من الطاعات، وما أن يفرغ المؤمن من عبادة، إلا ويشرع في عبادة أخرى، فبعد انتهاء رمضان، تأتي فضيلة صيام ستة أيام من شوال، ففي صحيح مسلم: (أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ « مَنْ صَامَ رَمَضَانَ ثُمَّ أَتْبَعَهُ سِتًّا مِنْ شَوَّالٍ كَانَ كَصِيَامِ الدَّهْرِ »
وصيام هذه الأيام الست بعد صيام شهر رمضان فيه دليل على شكر الصائم لربه تعالى على توفيقه لصيام رمضان، وزيادة في الخير، كما أن صيامها دليل على حب الطاعات، ورغبة المواصلة في طريق الصالحات والقربات.
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية (إِذَا أَفْطَرَ فَرِحَ بِفِطْرِهِ)
الحمد لله رب العالمين. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له. وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد أيها المسلمون
لقد انقضى شهر رمضان، وفي قلوب الصالحين لوعة، وفي نفوس الأبرار حرقة، فها هي أبواب الجنان تغلق، وأبواب النار تفتح، ومردة الجن تطلق، لقد انقضى رمضان، فمن المقبول فينا فنهنيه، ومن المطرود منا فنعزيه، لقد انقضى رمضان، فماذا بعد رمضان؟ يقول العلماء: إن من علامات قبول الحسنة أن يتبعها العبد بحسنة أخرى، فما هو حالنا بعد رمضان؟، هل تخرجنا من مدرسة التقوى في رمضان فأصبحنا من المتقين؟ وهل خرجنا من رمضان وعندنا عزم الاستمرار على التوبة والاستقامة؟
فعلى المسلم أن يستقيم على طاعة الله ويداوم عليها حتى يأتيه الموت وهو على ذلك، قال تعالى: ﴿ وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ ﴾ [الحجر: 99 ]؛ أي: الموت.
فانظروا ماذا قدمتم لأنفسكم في رمضان، واستمروا عليه بعده وضاعفوه، وتقربوا إلى الله بالطاعات؛ فتلك والله هي التجارة الرابحة
واعلموا أن البر لا يبلى، وأن الذنب لا ينسى، وأن الديان لا يموت. فاعمل ما شئت، كما تدين تدان، وبالكيل الذي تكيل به تكتال، وأن الدنيا إلى زوال، وأن الآخرة هي دار القرار، فمن عمل صالحا فلنفسه، ومن أساء فعليها، وفي سنن الترمذي: (عَنِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ «الْكَيِّسُ مَنْ دَانَ نَفْسَهُ وَعَمِلَ لِمَا بَعْدَ الْمَوْتِ (أي: حَاسَبَ نَفْسَهُ فِي الدُّنْيَا قَبْلَ أَنْ يُحَاسَبَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ)، وَالْعَاجِزُ مَنْ أَتْبَعَ نَفْسَهُ هَوَاهَا وَتَمَنَّى عَلَى اللَّهِ»
الدعاء