خطبة عن (رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِلْمُؤْمِنِينَ)
نوفمبر 4, 2023خطبة عن بشريات النصر والتمكين للأمة الإسلامية وحديث (بَشِّرْ هَذِهِ الأُمَّةَ بِالسَّنَاءِ وَالنَّصْرِ وَالتَّمْكِينِ)
نوفمبر 7, 2023الخطبة الأولى (شرط دخول الجنة)
الحمد لله رب العالمين. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له. وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد أيها المسلمون
في الصحيحين: ( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أَمَرَ بِلاَلاً فَنَادَى فِي النَّاسِ «إِنَّهُ لاَ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ إِلاَّ نَفْسٌ مُسْلِمَةٌ)، وفي رواية : (وَلاَ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ إِلاَّ نَفْسٌ مُؤْمِنَةٌ)
إخوة الإسلام
إن أكبر عقبة تحول بين المرء وبين دخوله الجنة: هي عدم تحقيقه للتوحيد الخالص، والتوحيد الخالص: هو أن نوحد الله وحده في عباداتنا كلها، ولا نشرك به شيئاً. التوحيد الخالص: هو ألا ندعوا إلا الله وحده ،ولا نستعين ولا نستغيث إلا به، ولا نخاف إلا منه، ولا نعظم إلا الله، ولا نتوكل إلا عليه ،ولا نذبح إلا له وباسمه، ولا نتحاكم إلا إلى شريعته، ولا نحلف إلا به، ولا نفعل أي عبادة من العبادات إلا لوجهه، ولا نرجو أحداً غيره، ولا نخشى سواه، قال الله تعالى: (وَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ) الاعراف (29)، وفي صحيح مسلم: (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى أَنَا أَغْنَى الشُّرَكَاءِ عَنِ الشِّرْكِ مَنْ عَمِلَ عَمَلاً أَشْرَكَ فِيهِ مَعِي غَيْرِي تَرَكْتُهُ وَشِرْكَهُ ».
أيها المسلمون
والسؤال: هل حقق المسلمون اليوم التوحيد الخالص؟، وللأسف، فالجواب: لا ، فكم من المسلمين اليوم ممن يدعون الأموات، ويتمرغون عند قبورهم، فيدعونهم من دون الله، مع أن الله تعالى يقول: ﴿ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا ﴾ [الجن: 18]، وقال تعالى: ﴿قُلْ أَفَرَأَيْتُمْ مَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ أَرَادَنِيَ اللَّهُ بِضُرٍّ هَلْ هُنَّ كَاشِفَاتُ ضُرِّهِ أَوْ أَرَادَنِي بِرَحْمَةٍ هَلْ هُنَّ مُمْسِكَاتُ رَحْمَتِهِ قُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ عَلَيْهِ يَتَوَكَّلُ الْمُتَوَكِّلُونَ ﴾ [الزمر: 38].
وكم من المسلمين اليوم ممن يتحاكم إلى غير شرع الله، والله تعالى يقول: ﴿إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ يَقُصُّ الْحَقَّ وَهُوَ خَيْرُ الْفَاصِلِينَ﴾ [الأنعام: 57]، وقال تعالى: ﴿أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ﴾ [المائدة: 50].
وكم من المسلمين اليوم ممن ينتمي إلى مناهج ضالة: فهذا يدعي أنه مسلم اشتراكي والآخر يدعي أنه مسلم ديمقراطي والثالث يقول أنه مسلم علماني والرابع يقول أنه مسلم شيوعي والله تعالى لا يرضى إلا بالانتماء لدينه والانتساب له وحده والتمسك به دون غيره من المناهج والملل والنحل الأخرى،
وكم من المسلمين ممن يناقض التوحيد الخالص لله ويقع في الشرك الأكبر بخوفه من غير الله،
وكم من المسلمين ممن يتوكل على غير الله فيغتر بنفسه أو قوته أو علمه ويجعل الله آخر من يتوكل عليه. والله تعالى يقول: ﴿ وَعَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ﴾ [المائدة: 23]
أيها المسلمون
فلابد من تحقيق التوحيد الخالص، وإخلاص العبادة كلها لله وحده لا شريك له. فلا تستعينوا إلا بالله ولا تدعوا إلا الله ولا تنتموا إلا إلى منهج الله ولا تتحاكموا إلا إلى شرع الله ولا تحلفوا إلا بالله ولا تعظموا إلا الله ولا تخافوا إلا من الله واجعلوا حياتكم ومماتكم وعباداتكم كلها لله وحده لا شريك له، قال تعالى: ﴿قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (162) لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ﴾ الانعام (162)، (163).
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية (شرط دخول الجنة)
الحمد لله رب العالمين. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له. وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد أيها المسلمون
هذا هو التوحيد الذي من حققه لله وحده سبحانه وتعالى أدخله الله الجنة على ما كان منه من العمل وحرم عليه النار يقول الله تعالى: ﴿ إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ ﴾ [المائدة: 72]. وفي صحيح مسلم: (قَالَ أن رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ « مَنْ لَقِيَ اللَّهَ لاَ يُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا دَخَلَ الْجَنَّةَ وَمَنْ لَقِيَهُ يُشْرِكُ بِهِ دَخَلَ النَّارِ». وفي صحيح مسلم: (قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « يَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا وَأَزِيدُ وَمَنْ جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَجَزَاؤُهُ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا أَوْ أَغْفِرُ وَمَنْ تَقَرَّبَ مِنِّي شِبْرًا تَقَرَّبْتُ مِنْهُ ذِرَاعًا وَمَنْ تَقَرَّبَ مِنِّي ذِرَاعًا تَقَرَّبْتُ مِنْهُ بَاعًا وَمَنْ أَتَانِي يَمْشِي أَتَيْتُهُ هَرْوَلَةً وَمَنْ لَقِيَنِي بِقُرَابِ الأَرْضِ خَطِيئَةً لاَ يُشْرِكُ بِي شَيْئًا لَقِيتُهُ بِمِثْلِهَا مَغْفِرَةً ».
ألا فتمسكوا بالتوحيد، فإنه العروة الوثقى التي من تمسك بها نجى، وإياكم والاعتقادات الباطلة، وانصراف القلب لغير الله، أو تعلقه بالمخلوقين، أو بالأوهام والأموات والشركيات، التي يظن بعض الناس أنها تدفع البلاء، أو تجلب الرخاء، فهذا كله مما يخدش التوحيد، ويناقض الإيمان، ويخالف الدين الصحيح. ففي سنن الترمذي: (إِذَا سَأَلْتَ فَاسْأَلِ اللَّهَ وَإِذَا اسْتَعَنْتَ فَاسْتَعِنْ بِاللَّهِ وَاعْلَمْ أَنَّ الأُمَّةَ لَوِ اجْتَمَعَتْ عَلَى أَنْ يَنْفَعُوكَ بِشَيْءٍ لَمْ يَنْفَعُوكَ إِلاَّ بِشَيْءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللَّهُ لَكَ وَلَوِ اجْتَمَعُوا عَلَى أَنْ يَضُرُّوكَ بِشَيْءٍ لَمْ يَضُرُّوكَ إِلاَّ بِشَيْءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللَّهُ عَلَيْكَ رُفِعَتِ الأَقْلاَمُ وَجَفَّتِ الصُّحُفُ» الدعاء