خطبة عن ( العفو عند المقدرة )
سبتمبر 12, 2016خطبة عن ( نصيحة لا فضيحة)
سبتمبر 12, 2016الخطبة الأولى ( الغش : وبعض صوره في حياتنا )
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
يقول الله تعالى في محكم آياته وهو أصدق القائلين : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ (27) وَاعْلَمُوا أَنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ وَأَنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ أَجْرٌعَظِيمٌ ) (28) الانفال ،وروى مسلم في صحيحه (عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ « مَنْ حَمَلَ عَلَيْنَا السِّلاَحَ فَلَيْسَ مِنَّا وَمَنْ غَشَّنَا فَلَيْسَ مِنَّا ».
إخوة الإسلام
من أعظم صور خيانة الله ورسوله والمؤمنين الغش ، فالغَش هو نقيض النُصح ، وهو نوع من أنواع الخيانة ، ذلك لأنه إخفاء للواقع و إظهار لخلافه بحيث لا ينطبق عليه ، ويتحقق الغَش بإخفاء العيب أو تزيينه بحيث لا يتعرَّف عليه الطرف الآخر . ومما يؤسف له تفشي ظاهرة الغش والخداع في الأسواق العالمية وكذلك الإسلامية بحيث لا تكاد سلعة أو بضاعة تسلم من تلاعب الغشاشين و تدليسهم ، فاليوم نجد أن الغش قد طال كل شيء بدأً بالخضار و الفواكه و اللحوم ووصولاً إلى الأدوية و المستحضرات الطبية ، بل وصل حتى إلى المدارس و المعاهد و الجامعات ، فهذه الجرائد و المجلات تتحدث كل يوم عن أنواع هذه الجرائم .
أيها المسلمون
وأقدم بين يديكم نماذج من الغش المحرم شرعاً : أولها : الغش التجاري الذي يكون من خلال عرض البضائع بصورة مخالفة لأوصافها الواقعية ، كتقليد البضاعة الأصلية من حيث الاسم المشابه ، أو من حيث بعض الصفات الظاهرية ، و بيعها باعتبارها أصلية ، أو تدليس البضاعة الرديئة بحيث يتصورها المشتري بضاعة جيدة فيرغب في شرائها ، أو إخفاء العيوب الموجودة في البضاعة بحيث تظهر سليمة ، وبكلمة التلاعب في الأوصاف الواقعية للبضاعة بغرض التمويه على المشتري أو البائع في العوض أو المعوض . ومن نماذج الغش التجاري الكذب على المشتري بالنسبة إلى بلد الصنع ، كأن تكتب على البضاعة التايوانية أو الصينية أنها من صنع بلد آخر من شأنه أن يزيد في رغبة المشتري على شراء تلك البضاعة . 2. ومن صور الغش : الغش في الامتحانات والاختبارات الفنية والعلمية بحيث تكون نتيجتها حصول الممتَحن على شهادات لا يستحقها ، ومن ثَمَّ يكون قادراً على القيام بأدوار لا يملك حق ممارستها .
3. ومن صور الغش : الغش في أنواع الانتخابات بغية الوصول إلى المناصب عن طريق الكذب و الاحتيال و التزوير كما يتفق اليوم بكثرة و نسمع و نقرأ كل يوم عن هذا النوع من الغش الكثير على كافة المستويات و الأصعدة .
إلى غيرها من وجوه الغش و الخداع .
أيها المسلمون
ولقد نهت الشريعة الإسلامية عن الغش بشدة واعتبرته خيانة عظيمة وخروجاً عن روح الإسلام . والأحاديث الشريفة المروية في بيان حرمة الغش و ذمِّه كثيرة جداً نُشير إلى نماذج منها كالتالي : ففي صحيح مسلم (عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ « مَنْ حَمَلَ عَلَيْنَا السِّلاَحَ فَلَيْسَ مِنَّا وَمَنْ غَشَّنَا فَلَيْسَ مِنَّا ». وروى مسلم في صحيحه (عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ. أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- مَرَّ عَلَى صُبْرَةِ طَعَامٍ فَأَدْخَلَ يَدَهُ فِيهَا فَنَالَتْ أَصَابِعُهُ بَلَلاً فَقَالَ « مَا هَذَا يَا صَاحِبَ الطَّعَامِ ». قَالَ أَصَابَتْهُ السَّمَاءُ يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ « أَفَلاَ جَعَلْتَهُ فَوْقَ الطَّعَامِ كَيْ يَرَاهُ النَّاسُ مَنْ غَشَّ فَلَيْسَ مِنِّى ». ومن أسوإ أنواع الغش غش الحكام و المسئولين لرعيتهم : ففي صحيح مسلم (عَنِ الْحَسَنِ قَالَ عَادَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ زِيَادٍ مَعْقِلَ بْنَ يَسَارٍ الْمُزَنِيَّ فِي مَرَضِهِ الَّذِى مَاتَ فِيهِ فَقَالَ مَعْقِلٌ إِنِّي مُحَدِّثُكَ حَدِيثًا سَمِعْتُهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- لَوْ عَلِمْتُ أَنَّ لِي حَيَاةً مَا حَدَّثْتُكَ إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ « مَا مِنْ عَبْدٍ يَسْتَرْعِيهِ اللَّهُ رَعِيَّةً يَمُوتُ يَوْمَ يَمُوتُ وَهُوَ غَاشٌّ لِرَعِيَّتِهِ إِلاَّ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ ». ومن أسوإ أنواع الغش أيضا : غش العلماء ،يقول الإمام علي ( رضي الله عنه ) ” و إِنَّ أَعْظَمَ الْخِيَانَةِ خِيَانَةُ الْأُمَّةِ و أَفْظَعَ الْغِشِّ غِشُّ الْأَئِمَّةِ ”
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية ( الغش : وبعض صوره في حياتنا )
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
ومن صور الغش: غش الخاطبين أو الزوجين للآخر ففي الصحيحين :(حَدَّثَنَا هِشَامٌ أَنَّهُ سَمِعَ فَاطِمَةَ بِنْتَ الْمُنْذِرِ تَقُولُ سَمِعْتُ أَسْمَاءَ قَالَتْ سَأَلَتِ امْرَأَةٌ النَّبِيَّ – صلى الله عليه وسلم – فَقَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ ابْنَتِي أَصَابَتْهَا الْحَصْبَةُ ، فَامَّرَقَ شَعَرُهَا ، وَإِنِّي زَوَّجْتُهَا أَفَأَصِلُ فِيهِ فَقَالَ « لَعَنَ اللَّهُ الْوَاصِلَةَ وَالْمَوْصُولَةَ » وفي رواية (عَنْ صَفِيَّةَ بِنْتِ شَيْبَةَ عَنْ عَائِشَةَ – رضى الله عنها – أَنَّ جَارِيَةً مِنَ الأَنْصَارِ تَزَوَّجَتْ ، وَأَنَّهَا مَرِضَتْ فَتَمَعَّطَ شَعَرُهَا ، فَأَرَادُوا أَنْ يَصِلُوهَا فَسَأَلُوا النَّبِيَّ – صلى الله عليه وسلم – فَقَالَ « لَعَنَ اللَّهُ الْوَاصِلَةَ وَالْمُسْتَوْصِلَةَ » . ومن صور الغش : الكذب في القول: ففي البخاري” (عَنْ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدُبٍ – رضى الله عنه – قَالَ ،قَالَ النَّبِيُّ – صلى الله عليه وسلم –« رَأَيْتُ رَجُلَيْنِ أَتَيَانِي قَالاَ الَّذِى رَأَيْتَهُ يُشَقُّ شِدْقُهُ فَكَذَّابٌ يَكْذِبُ بِالْكَذْبَةِ تُحْمَلُ عَنْهُ حَتَّى تَبْلُغَ الآفَاقَ فَيُصْنَعُ بِهِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ » . وفي سنن أبي داود (عَنْ سُفْيَانَ بْنِ أَسِيدٍ الْحَضْرَمِيِّ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ « كَبُرَتْ خِيَانَةً أَنْ تُحَدِّثَ أَخَاكَ حَدِيثًا هُوَ لَكَ بِهِ مُصَدِّقٌ وَأَنْتَ لَهُ بِهِ كَاذِبٌ ». وفي الختام نسأل الله عزَّ و جلَّ أن يطهرنا من كل أنواع الغش و الخداع و أن يجعلنا من الذين سلُمت قلوبهم من الغش ،وطوبى لمن خلا من الغل صدره و سلم من الغش قلبه ”
الدعاء