خطبة عن ( من صفات المسلم )
سبتمبر 18, 2016خطبة عن ( وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ)
سبتمبر 19, 2016الخطبة الأولى ( من صفات المسلم )
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
يقول الله تعالى في محكم آياته : ( إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ) آل عمران 19 ،وقال تعالى : ( وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ ) (85) آل عمران ،وقال تعالى : (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا ) المائدة 3 ،وقال تعالى : ( وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْلُ وَفِي هَذَا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيدًا عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ) الحج 78
وقال تعالى : (إِنَّمَا أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ رَبَّ هَذِهِ الْبَلْدَةِ الَّذِي حَرَّمَهَا وَلَهُ كُلُّ شَيْءٍ وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ ) النمل 91
وفي الصحيحين (عَنِ ابْنِ عُمَرَ – رضى الله عنهما – قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – « بُنِىَ الإِسْلاَمُ عَلَى خَمْسٍ شَهَادَةِ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ ، وَإِقَامِ الصَّلاَةِ ، وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ ، وَالْحَجِّ ، وَصَوْمِ رَمَضَانَ » . وفي الصحيحين (عَنْ أَبِى بُرْدَةَ عَنْ أَبِى مُوسَى – رضى الله عنه – قَالَ قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ أَيُّ الإِسْلاَمِ أَفْضَلُ قَالَ « مَنْ سَلِمَ الْمُسْلِمُونَ مِنْ لِسَانِهِ وَيَدِهِ » وفي الصحيحين (عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو أَنَّ رَجُلاً سَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – أَيُّ الإِسْلاَمِ خَيْرٌ قَالَ . « تُطْعِمُ الطَّعَامَ ، وَتَقْرَأُ السَّلاَمَ عَلَى مَنْ عَرَفْتَ وَمَنْ لَمْ تَعْرِفْ » ،وروى مسلم في صحيحه: (عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ « قَدْ أَفْلَحَ مَنْ أَسْلَمَ وَرُزِقَ كَفَافًا وَقَنَّعَهُ اللَّهُ بِمَا آتَاهُ ».
إخوة الإسلام
إن دين الإسلام هو الدين الصحيح المطلوب من أهل الأرض، وهو الدين الذي بشر به جميع الأنبياء. فقد روى الإمام أحمد في مسنده : (عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ أَتَى النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- بِكِتَابٍ أَصَابَهُ مِنْ بَعْضِ أَهْلِ الْكُتُبِ فَقَرَأَهُ عَلَى النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- فَغَضِبَ وَقَالَ « أَمُتَهَوِّكُونَ فِيهَا يَا ابْنَ الْخَطَّابِ وَالَّذِى نَفْسِى بِيَدِهِ لَقَدْ جِئْتُكُمْ بِهَا بَيْضَاءَ نَقِيَّةً لاَ تَسْأَلُوهُمْ عَنْ شَيْءٍ فَيُخْبِرُوكُمْ بِحَقٍّ فَتُكَذِّبُوا بِهِ أَوْ بِبَاطِلٍ فَتُصَدِّقُوا بِهِ وَالَّذِى نَفْسِى بِيَدِهِ لَوْ أَنَّ مُوسَى -صلى الله عليه وسلم- كَانَ حَيًّا مَا وَسِعَهُ إِلاَّ أَنْ يَتَّبِعَنِي ». وفي رواية: (عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « لاَ تَسْأَلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ عَنْ شَيْءٍ فَإِنَّهُمْ لَنْ يَهْدُوكُمْ وَقَدْ ضَلُّوا فَإِنَّكُمْ إِمَّا أَنْ تُصَدِّقُوا بِبَاطِلٍ أَوْ تُكَذِّبُوا بِحَقٍّ فَإِنَّهُ لَوْ كَانَ مُوسَى حَيًّا بَيْنَ أَظْهُرِكُمْ مَا حَلَّ لَهُ إِلاَّ أَنْ يَتَّبِعَنِي ». ودين الإسلام هو الطريق المستقيم الموصل إلى الله، فكما في سورة الفاتحة قوله تعالى :(اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ (6) ) ، فإن العبد يدعو ربه بأن يهديه إلى الصراط المستقيم، وأن يبعده عن طريق المغضوب عليهم وهم اليهود الذين عصوا الله عن علم ومعرفة، وطريق الضالين وهم النصارى الذين يعبدون الله على جهل وضلال. فالطريق إلى الله واحد وهو دين الإسلام، وهو الذي بعث الله به نبيه محمداً صلى الله عليه وسلم كما بعث جميع الرسل، وإن جميع ما خالفه من يهودية أو نصرانية أو مجوسية أو وثنية أو غير ذلك من نحل الكفر كله باطل، وليس طريقاً إلى الله، ولا يوصل إلى جنته، وإنما يوصل إلى غضبه وعذابه، كما قال تعالى: ( وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ) آل عمران 85.
وروى مسلم في صحيحه (عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- أَنَّهُ قَالَ « وَالَّذِى نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لاَ يَسْمَعُ بِي أَحَدٌ مِنْ هَذِهِ الأُمَّةِ يَهُودِيٌّ وَلاَ نَصْرَانِيٌّ ثُمَّ يَمُوتُ وَلَمْ يُؤْمِنْ بِالَّذِي أُرْسِلْتُ بِهِ إِلاَّ كَانَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ ».
والإسلام دين الأخلاق الحميدة، دعا إليها، وحرص على تربية نفوس المسلمين عليها. وقد مدح الله -تعالى- نبيه، فقال: { وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ }.[القلم: 4]. وجعل الله -سبحانه- الأخلاق الفاضلة سببًا للوصول إلى درجات الجنة العالية، يقول الله -تعالى-: { وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ (133) الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ } [آل عمران: 133-134].
وأمرنا الله بمحاسن الأخلاق، فقال تعالى: { وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ } [فصلت: 34]. وحثنا النبي صلى الله عليه وسلم على التحلي بمكارم الأخلاق، فقد روى الترمذي بسند حسن (عَنْ أَبِى ذَرٍّ قَالَ قَالَ لِى رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « اتَّقِ اللَّهَ حَيْثُمَا كُنْتَ وَأَتْبِعِ السَّيِّئَةَ الْحَسَنَةَ تَمْحُهَا وَخَالِقِ النَّاسَ بِخُلُقٍ حَسَنٍ ». فعلى المسلم أن يتجمل بحسن الأخلاق، وأن يكون قدوته في ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي كان أحسن الناس خلقًا، وكان خلقه القرآن، وبحسن الخلق يبلغ المسلم أعلى الدرجات، وأرفع المنازل، ويكتسب محبة الله ورسوله والمؤمنين، ويفوز برضا الله -سبحانه- وبدخول الجنة.
أيها المسلمون
فمن هو المسلم ؟ وما هي صفاته وأخلاقه ؟ المسلم هو : من أسلم وجهه لله واتبع ملة إبراهيم حنيفا المسلم هو من لا يحرف الكلم عن مواضعه , بل يحل الحلال ويحرم الحرام , وهو من تراه واقفا عند حدود الشرع ممتثلا أمر ربه سبحانه وتعالى , المسلم هو : من إذا ذكر الله وجل قلبه وخشعت نفسه , وفاضت عيناه وهو من آمن بكل ماجاء به القرآن الكريم علما وعملا ، المسلم هو: من يعرض عن اللغو والباطل ويرعى العهد والميثاق , ومن يرضى بحكم الله وقضائه وبحكم رسوله صل الله عليه وسلم في كل فعله وقوله , ومن يتخذ المؤمنين أولياء وإخوانه وأعوانه , ومن يمقت الذلة والمهانة , ولايأبى إلا العزة والكرامة , المسلم هو : من يلتزم الصدق ولا ينكر الحق ولو على نفسه , ومن لا سلطان للشيطان عليه , المسلم هو من يهجر المناهي والملاهي وكل ما لا يرضي العقل , وهو من يحب لأخيه ما يحب لنفسه ويكره له ما يكره لها , وهو من سلم المسلمون من لسانه ويده وحفظ العرض وصان الدم والمال ”
أيها المسلمون
وبعد أن تعرفنا على ماهية المسلم ، فما هي أبرز صفاته وأخلاقه ؟ فمن صفات المسلم الحرص العمل : فالعمل في الإسلام طريق العزة ـ يقول سيدنا عمر رضى الله تعالى عنه ( إني لأبغض الرجل الفارغ من العمل لا هو في عمل الدنيا ولا عمل الآخرة ), والعمل في الإسلام له شرف كبير لامثيل له في غيره من الأديان , فالإسلام لا يقر البطالة والكسل والإسلام يرى الحرفة والصنعة من أطيب المكاسب وفي صحيح البخاري (عَنِ الْمِقْدَامِ – رضى الله عنه – عَنْ رَسُولِ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – قَالَ : « مَا أَكَلَ أَحَدٌ طَعَامًا قَطُّ خَيْرًا مِنْ أَنْ يَأْكُلَ مِنْ عَمَلِ يَدِهِ ، وَإِنَّ نَبِىَّ اللَّهِ دَاوُدَ – عَلَيْهِ السَّلاَمُ – كَانَ يَأْكُلُ مِنْ عَمَلِ يَدِهِ » . فالكسب الحلال طريق إلى رحمة الله تعالى ، فالعمل والكد والسعي على العيال في طلب العيش تكفر ذنوبا كثيرة فإن من الذنوب ذنوبا لا يكفرها صلاة ولا صوم ولاحج ولا صدقة ولكن يكفرها السعي على المعاش ،ومن صفات المسلم أنه يحرص على الكلمة الطيبة ، فإن صاحب الكلمة الطيبة يتصف بالعقل والحكمة وهو بعيد النظر عند التحدث بالكلمة لأنه لماح ينظر في الأمور وعواقبها قبل أن ينطق بها
قال تعالى : (أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ (24) تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ (25) وَمَثَلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ اجْتُثَّتْ مِنْ فَوْقِ الْأَرْضِ مَا لَهَا مِنْ قَرَارٍ (26) ) ابراهيم ،وقال تعالى ” إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ ” (10 ) فاطر
وفى الكلمة الطيبة شفاء لما فى الصدور وراحة الضمير واطمئنان القلوب وإشاعة السرور ، فهي تمحى آثار الشحناء والبغضاء، وهي كالدواء الناجح سريع المفعول والتأثير ، ولهذا يقول النبي صلى الله عليه وسلم « الْكَلِمَةُ الطَّيِّبَةُ صَدَقَةٌ » رواه البخاري
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية ( من صفات المسلم )
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
ومن صفات المسلم الصدق ، قال تعالى ” يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ) (119) التوبة
والصدق كما هو مطلوب في الأقوال فكذلك يجب أن يترجم عمليا في التصرفات وسائر الأحوال فإن الصدق شعبة من خصال البر وهو يهدى صاحبه إلى الجنة , والصدق من أفضل خصال الخير وهو من صفات الأنبياء والمرسلين جميعا فما من نبي إلا وعرف عنه الصدق حتى اشتهر نبينا محمد صل الله عليه وسلم بذلك في زمن ما قبل الرسالة مع قومه من أهل مكة وغيرهم بالصادق الأمين ،فما أفضلها من صفة يعرف بها إنسان ويتصف بها ، ولقد امتدح ربنا سبحانه وتعالى المؤمنين الصادقين بقوله تعالى ” مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا ) (23) الأحزاب ،وعلى الجانب الآخر فقد ذم الله تعالى الكذب والكاذبين حيث جعل الإسلام الكذب صفة من خصال المنافقين وهو يهدى فاعله إلى النار ،قال تعالى ” وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ تَرَى الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى اللَّهِ وُجُوهُهُمْ مُسْوَدَّةٌ أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوًى لِلْمُتَكَبِّرِينَ ) (60) الزمر ،ومن صفات المسلم محبة الله ورسوله : فإن محبة الله تعالى وطلب رضاه من أهم ما يحرص عليه المسلم في حياته , ومن أحب الله تعالى اتقاه وذلك بامتثال أوامره واجتناب نواهيه ،والله تعالى يعطى الدنيا لمن أحب ومن لا يحب ولا يعطى الإيمان إلا من أحب كما جاء في الحديث الذى رواه الإمام أحمد (عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « إِنَّ اللَّهَ قَسَمَ بَيْنَكُمْ أَخْلاَقَكُمْ كَمَا قَسَمَ بَيْنَكُمْ أَرْزَاقَكُمْ وَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يُعْطِى الدُّنْيَا مَنْ يُحِبُّ وَمَنْ لاَ يُحِبُّ وَلاَ يُعْطِى الدِّينَ إِلاَّ لِمَنْ أَحَبَّ فَمَنْ أَعْطَاهُ اللَّهُ الدِّينَ فَقَدْ أَحَبَّهُ وَالَّذِى نَفْسِى بِيَدِهِ لاَ يُسْلِمُ عَبْدٌ حَتَّى يُسْلِمَ قَلْبُهُ وَلِسَانُهُ وَلاَ يُؤْمِنُ حَتَّى يَأْمَنَ جَارُهُ بَوَائِقَهُ ». قَالُوا وَمَا بَوَائِقُهُ يَا نَبِيَّ اللَّهِ قَالَ « غَشْمُهُ وَظُلْمُهُ وَلاَ يَكْسِبُ عَبْدٌ مَالاَ مِنْ حَرَامٍ فَيُنْفِقَ مِنْهُ فَيُبَارَكَ لَهُ فِيهِ وَلاَ يَتَصَدَّقَ بِهِ فَيُقْبَلَ مِنْهُ وَلاَ يَتْرُكَهُ خَلْفَ ظَهْرِهِ إِلاَّ كَانَ زَادَهُ إِلَى النَّارِ إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ لاَ يَمْحُو السَّيِّئَ بِالسَّيِّئِ وَلَكِنْ يَمْحُو السَّيِّئَ بِالْحَسَنِ إِنَّ الْخَبِيثَ لاَ يَمْحُو الْخَبِيثَ ». وقد روى البخاري : (عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم –
« إِنَّ اللَّهَ قَالَ مَنْ عَادَى لِي وَلِيًّا فَقَدْ آذَنْتُهُ بِالْحَرْبِ ، وَمَا تَقَرَّبَ إِلَىَّ عَبْدِى بِشَيْءٍ أَحَبَّ إِلَىَّ مِمَّا افْتَرَضْتُ عَلَيْهِ ،
وَمَا يَزَالُ عَبْدِى يَتَقَرَّبُ إِلَىَّ بِالنَّوَافِلِ حَتَّى أُحِبَّهُ ، فَإِذَا أَحْبَبْتُهُ كُنْتُ سَمْعَهُ الَّذِى يَسْمَعُ بِهِ ، وَبَصَرَهُ الَّذِى يُبْصِرُ بِهِ ، وَيَدَهُ الَّتِي يَبْطُشُ بِهَا وَرِجْلَهُ الَّتِي يَمْشِى بِهَا ، وَإِنْ سَأَلَنِي لأُعْطِيَنَّهُ ، وَلَئِنِ اسْتَعَاذَنِي لأُعِيذَنَّهُ ، وَمَا تَرَدَّدْتُ عَنْ شَيْءٍ أَنَا فَاعِلُهُ تَرَدُّدِي عَنْ نَفْسِ الْمُؤْمِنِ ، يَكْرَهُ الْمَوْتَ وَأَنَا أَكْرَهُ مَسَاءَتَهُ » ،فالمؤمن الصادق يحب الله تعالى وهو يعيش به وله ف كل شئون حياته ومماته ، قال تعالى ” قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (162) لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ ) (163) الأنعام ،وإذا أحب الله تعالى العبد أحبه أهل السماء ثم يوضع له القبول في الأرض ، وروى البخاري في صحيحه (عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ – صلى الله عليه وسلم – قَالَ « إِذَا أَحَبَّ اللَّهُ الْعَبْدَ نَادَى جِبْرِيلَ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ فُلاَنًا فَأَحْبِبْهُ . فَيُحِبُّهُ جِبْرِيلُ ، فَيُنَادِى جِبْرِيلُ فِي أَهْلِ السَّمَاءِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ فُلاَنًا فَأَحِبُّوهُ .
فَيُحِبُّهُ أَهْلُ السَّمَاءِ ، ثُمَّ يُوضَعُ لَهُ الْقَبُولُ فِي الأَرْضِ » . ونستكمل الحديث عن صفات المسلم في لقاء قادم إن شاء الله
الدعاء