خطبة عن ( أَوْلِيَاءُ اللَّهِ وحِزْبُهُ الْمُفْلِحُونَ)
مارس 4, 2023خطبة عن (خير الأعمال في شهر رمضان)
مارس 19, 2023الخطبة الأولى ( كيف تحقق التقوى من الصيام ؟)
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
يقول الله تعالى في محكم آياته : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) (183) البقرة
إخوة الإسلام
هذه الآية الكريمة دلت على أن الحكمة الكبرى من مشروعية الصيام هي حصول تقوى الله ،والتقوى : هي امتثال أوامر الله تعالى ،واجتناب نواهيه ،بفعل كل مأمور به، وترك ما نهى عنه . فتقوى الله تعالى تستوجب عملًا وجهدًا، ونيةً صادقة، فليست التقوى بالتمني، ولكنه إيمان وقر في القلب، وصدقه العمل. وإذا تحقَّقت التقوى في القلوب فإنها تمحُو الغشَّ من نفوس أهلها ، ويملؤها خوفُ الله ورجاؤه ،فتعِفُّ نفوسهم عن الحرام، وتغضُّ أبصارهم عن المحارم، وتتوقف ألسنتُهم عن الكذب؛ لأنها جرَت بذكر الله واستغفاره، وهانَت عليهم الدنيا حين أرادوا اللهَ والدار الآخرة، فغدَا الناسُ آمنين أن يغشَّهم تاجر، أو يعتدِي عليهم فاجِر. فإن لم يزدَد إيمانُك، وتكثُر أعمالُك، وينتهي عصيانُك بالصوم ، فراجِع نفسَك لئلا تكون من المُفرِّطين. فرمضان شهرٌ يُثمِر التقوى والعملَ الصالح ،لا مجرَّد الإمساك عن الأكل والشرب، فقد روى البخاري (عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ – صلى الله عليه وسلم – قَالَ : « مَنْ لَمْ يَدَعْ قَوْلَ الزُّورِ وَالْعَمَلَ بِهِ وَالْجَهْلَ فَلَيْسَ لِلَّهِ حَاجَةٌ أَنْ يَدَعَ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ » ، ومن كان صادقًا فليجعل رمضان شهرَ عبادةٍ وخشوعٍ وتوبةٍ وإنابةٍ، يلتزِم فيه الأدب، ويترفَع عن الدنايا والرِّيَب، ويستحضِر العبودية بصيامه، ويعمُر وقتَه بالقُربات، ويستزيدُ من الطاعات، ما بين تلاوةٍ للقرآن، وتدبُّر لآياته، أو صدقةٍ وصلة، وإحسانٍ وبرٍّ، وذكرٍ لله تعالى بأنواع الذكر مع الخشوع والسكينة.
أيها المسلمون
فكيف تكون من أهل التقوى بصيام رمضان ؟ أولا : احفظ لسانك: فالصائم التقي يحفظ جوارحه ولا سيما اللسان، قال النبي صلى الله عليه وسلم: «وَالصِّيَامُ جُنَّةٌ، وَإِذَا كَانَ يَوْمُ صَوْمِ أَحَدِكُمْ، فَلاَ يَرْفُثْ وَلاَ يَصْخَبْ، فَإِنْ سَابَّهُ أَحَدٌ، أَوْ قَاتَلَهُ فَلْيَقُلْ إِنِّي امْرُؤٌ صَائِمٌ» [متفق عليه]، وقال صلى الله عليه وسلم : «لَيْسَ الصِّيَامُ مِنَ الأَكْلِ والشُّرْبِ، إِنَّمَا الصِّيَامُ مِنَ اللَّغْوِ وَالرَّفَثِ، فَإِنْ سَابَّكَ أَحَدٌ أَوْ جَهِلَ عَلَيْكَ، فَلْتَقُلْ: إِنِّي صَائِمٌ، إِنِّي صَائِمٌ» [رواه الحاكم، وصححه الألباني]. وقد يكون اللسان سببا لضياع أجر الصيام، قال النبي صلى الله عليه وسلم: «مَنْ لَمْ يَدَعْ قَوْلَ الزُّورِ وَالْعَمَلَ بِهِ فَلَيْسَ لِلَّهِ حَاجَةٌ فِي أَنْ يَدَعَ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ» [رواه البخاري]. ثانيا : لكي تكون من أهل التقوى في رمضان : عليك بتلاوة القرآن: فرمضان شهر القرآن والذكر، قال الله تعالى: (شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ) [البقرة: 185]. فجبال الحسنات تكون بتلاوة القرآن الكريم والاستماع إليه ومدارسته، قال النبي صلى الله عليه وسلم: (مَنْ قَرَأَ حَرْفًا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ فَلَهُ بِهِ حَسَنَةٌ وَالْحَسَنَةُ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا لا أَقُولُ الم حَرْفٌ وَلَكِنْ أَلِفٌ حَرْفٌ وَلامٌ حَرْفٌ وَمِيمٌ حَرْفٌ) [رواه الترمذي، وصححه الألباني]. ثالثا : لكي تحقق التقوى في رمضان : قم بإحياء ليالي رمضان بالقيام والتهجد: فرمضان شهر القيام: قال النبي صلى الله عليه وسلم: « مَنْ قَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ » [متفق عليه].وأجر قيام الليل كله بصلاة التراويح: قال النبي صلى الله عليه وسلم: « إِنَّ الرَّجُلَ إِذَا صَلَّى مَعَ الإِمَامِ حَتَّى يَنْصَرِفَ حُسِبَ لَهُ قِيَامُ لَيْلَةٍ » [رواه أبو داود وصححه الألباني]. رابعا : ومن وسائل تحقيق التقوى في رمضان : فعليك بكثرة الصدقة : قال النبي صلى الله عليه وسلم: « مَنْ فَطَّر صَائِماً كُتِبَ لَهُ مِثْلُ أَجْرِهِ إِلاَّ أَنَّهُ لاَ يَنْقُصُ مِنْ أَجْرِ الصَّائِمِ شَيْءٌ» [رواه أحمد وصححه الألباني].
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية ( كيف تحقق التقوى من الصيام ؟)
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
فلا تكن تقوى الله محققة ، إلا بفعل الواجبات ، واجتناب المحرمات ، فالصائم الذي يضيع الصلاة عن وقتها أو مع الجماعة في المسجد ،لم يحقق تقوى الله في صيامه ، والصائم الذي يعق والديه ،لم يحقق تقوى الله في صيامه والصائم الذي يشرب الخمر ،ويتناول المخدرات ، لم يحقق تقوى الله في صيامه ، والصائم الذي يفطر عمدا بدون عذر شرعي لم يحقق تقوى الله في صيامه ، والصائم الذي يزني لم يحقق تقوى الله في صيامه ، والصائم الذي يسرق لم يحقق تقوى الله في صيامه ، والصائم الذي يأكل الربا ،ويأخذ الرشوة ، لم يحقق تقوى الله في صيامه ، والصائم الذي يكذب ويغتاب وينم ويلعن ويشتم ، لم يحقق تقوى الله في صيامه ، والصائم الذي ينظر الى المحرمات ويتابع المسلسلات الهابطة لم يحقق تقوى الله في صيامه ، والصائم الذي يغش في بيعه وشرائه ومعاملاته لم يحقق تقوى الله في صيامه ، والصائم الذي يؤذي جيرانه لم يحقق تقوى الله في صيامه ، وهؤلاء كلهم قد خسر الثمرة من هذا الصيام الذي لم يشرعه الله لمجرد الامتناع عن الطعام والشراب ، فقد قال صلى الله عليه وسلم : «مَنْ لَمْ يَدَعْ قَوْلَ الزُّورِ وَالْعَمَلَ بِهِ فَلَيْسَ لِلَّهِ حَاجَةٌ فِي أَنْ يَدَعَ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ» [رواه البخاري]. أيها المسلمون : ألا فحققوا تقوى الله بصيامكم ، بامتثال أوامر الله تعالى ،واجتناب نواهيه ،وبفعل كل مأمور ، وترك كل محظور ، فتقوى الله تعالى تستوجب عملًا وجهادًا، ونيةً صادقة، فليست التقوى بالتمني، ولكنها إيمان يصدقه عمل .
الدعاء