خطبة حول قوله تعالى ( وَقُلْنَا مِنْ بَعْدِهِ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ اسْكُنُوا الْأَرْضَ فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ جِئْنَا بِكُمْ لَفِيفًا )
مايو 22, 2021خطبة عن الحب في الله ،وحديث ( الْمُتَحَابُّونَ فِي جَلاَلِي لَهُمْ مَنَابِرُ مِنْ نُورٍ يَغْبِطُهُمُ النَّبِيُّونَ وَالشُّهَدَاءُ )
مايو 29, 2021الخطبة الأولى ( يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ)
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
يقول الله تعالى في محكم آياته : (يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ (32) هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ) (32) ،(33) التوبة ، وقال الله تعالى : (يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ (8) هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ) (8) ،(9) الصف
إخوة الإسلام
يُخبِرُ الله تعالى في هذه الآيات : أنَّ أهلَ الكِتابِ ، والكافرين والمعاندين لهذ الدين ، يُريدونَ أن يُبطِلوا دينَ اللهِ الإسلامَ، بما يَقولونَه بألسِنَتِهم مِن تكذيبٍ للحَقِّ، وافتراءاتٍ عليه، ولا يَرضى اللهُ إلَّا أن يُتِمَّ دِينَه ويُظهِرَه للنَّاسِ، ولو كَرِه هؤلاء الكافِرونَ، ويُخبِرُ الله تعالى أنَّه هو الذي أرسَلَ رَسولَه مُحمَّدًا صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بالهُدى، وبِدِينِ الإسلامِ؛ لِيُظهِرَه على سائِرِ الأديانِ، ولو كَرِه المُشرِكونَ. وقال السعدي في تفسيره : ونور اللّه: هو دينه الذي أرسل به الرسل، وأنزل به الكتب، وسماه اللّه نورا، لأنه يستنار به في ظلمات الجهل والأديان الباطلة، فإنه علم بالحق، وعمل بالحق، وما عداه فإنه بضده، وقد بعث الله به رسوله ، صلى الله عليه وسلم ، وأعطاه من المعجزات والبراهين الدالة على صدقه ، وعلى صحته ما جاء به مما يهدى القلوب ، ويشفى النفوس ، ويجعلها لا تدين بالعبادة والطاعة إلا لله الواحد القهار . فدين الاسلام هو النور الباهر، الذي لا يمكن لجميع الخلق لو اجتمعوا على إطفائه أن يطفئوه، والذي أنزله جميع نواصي العباد بيده، وقد تكفل بحفظه من كل من يريده بسوء، ولهذا قال الله تعالى : { وَيَأْبَى اللَّهُ إِلا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ } التوبة 32، ويقول ابن كثير : فمثلهم في ذلك كمثل من يريد أن يطفئ شعاع الشمس ، أو نور القمر بنفخه ، وهذا لا سبيل إليه ، فكذلك ما أرسل الله به رسوله ،لا بد أن يتم ويظهر، فما بعث اللّه به محمدا صلى الله عليه وسلم مشتملا على بيان الحق من الباطل ،في أسماء اللّه ، وأوصافه ، وأفعاله، وفي أحكامه ، وأخباره، والأمر بكل مصلحة نافعة للقلوب، والأرواح والأبدان من إخلاص الدين للّه وحده، ومحبة اللّه وعبادته، والأمر بمكارم الأخلاق ،ومحاسن الشيم، والأعمال الصالحة ،والآداب النافعة، والنهي عن كل ما يضاد ذلك ويناقضه ،من الأخلاق والأعمال السيئة ،المضرة للقلوب والأبدان ، والدنيا والآخرة. والمراد بإطفاء نور الله : محاولة طمسه وإبطاله ،والقضاء عليه ، بكل وسيلة يستطيعها أعداؤه ، كإثارتهم للشبهات حول تعاليمه ، وكتحريضهم لأتباعهم وأشياعهم على الوقوف في وجهه ، وعلى محاربته . والمراد بأفواههم : أقوالهم الباطلة ، الخارجة من تلك الأفواه ،التي تنطق بما لا وزن له ولا قيمة . فهؤلاء اليهود والنصارى ومن سار معهم من المشركين، يريدون أن يطفئوا نور اللّه بمجرد أقوالهم، التي ليس عليها دليل أصلا ، فهم يريدون إطفاء النور ، واللهُ الذي له جميع العظمة ، وكمال القدرة والعز ، ونفوذ الكلمة ، يأبى إلا أن يتمّ نوره ، ثم يجدّدون الإرادة ، والله يأبى … وما تزال إراداتهم تتجدّد ، ويتجدّد معها إباء العظيم – جل وعلا – وامتناعه من كل شيء إلا إتمام النور . وإتمامُ النور الموعود به في الآيتين لا يقتصر على مجرد إشراقه ، بل الموقف الإلهي يعِدُ بإكماله وإعلائه ، ويبشّر بتبليغه غايته بنشره في الآفاق ، وإظهاره على الدين كله ، حتى يبلغَ ما بلغ الليلُ والنهار ، وحتى لا يبقى بيتُ مَدَر ولا وَبَر إلا أدخل الله فيه هذا النور . ومن هذه الحقيقة يأتي القَسَم النبوي بالإتمام اليقيني ،على الرغم من شدة الحال وغلبة مظاهر الضعف ، فيقول صلى الله عليه وسلم كما في صحيح البخاري : (وَاللَّهِ لَيُتِمَّنَّ هَذَا الأَمْرَ حَتَّى يَسِيرَ الرَّاكِبُ مِنْ صَنْعَاءَ إِلَى حَضْرَمَوْتَ ، لاَ يَخَافُ إِلاَّ اللَّهَ أَوِ الذِّئْبَ عَلَى غَنَمِهِ ، وَلَكِنَّكُمْ تَسْتَعْجِلُونَ » وروى مسلم في صحيحه : (عَنْ ثَوْبَانَ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- : « إِنَّ اللَّهَ زَوَى لِيَ الأَرْضَ فَرَأَيْتُ مَشَارِقَهَا وَمَغَارِبَهَا وَإِنَّ أُمَّتِى سَيَبْلُغُ مُلْكُهَا مَا زُوِىَ لِي مِنْهَا وَأُعْطِيتُ الْكَنْزَيْنِ الأَحْمَرَ وَالأَبْيَضَ..) ، وروى الإمام أحمد في مسنده : (عَنْ تَمِيمٍ الدَّارِيِّ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ : « لَيَبْلُغَنَّ هَذَا الأَمْرُ مَا بَلَغَ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ وَلاَ يَتْرُكُ اللَّهُ بَيْتَ مَدَرٍ وَلاَ وَبَرٍ إِلاَّ أَدْخَلَهُ اللَّهُ هَذَا الدِّينَ بِعِزِّ عَزِيزٍ أَوْ بِذُلِّ ذَلِيلٍ عِزًّا يُعِزُّ اللَّهُ بِهِ الإِسْلاَمَ وَذُلاًّ يُذِلُّ اللَّهُ بِهِ الْكُفْرَ » وهذه الرفعة ، وذاك التمكين لهذا الدين سوف يكون لفترة ومدة أرادها الله تعالى وقدرها ، ثم يأتي النقص ،وتنتقص عرى الاسلام عروة بعد عروة ، حتى تقوم الساعة على شرار الخلق ، فقد روى الإمام مسلم في صحيحه : (عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ :« لاَ يَذْهَبُ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ حَتَّى تُعْبَدَ اللاَّتُ وَالْعُزَّى ». فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنْ كُنْتُ لأَظُنُّ حِينَ أَنْزَلَ اللَّهُ : (هُوَ الَّذِى أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ) أَنَّ ذَلِكَ تَامًّا قَالَ « إِنَّهُ سَيَكُونُ مِنْ ذَلِكَ مَا شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ يَبْعَثُ اللَّهُ رِيحًا طَيِّبَةً فَتَوَفَّى كُلَّ مَنْ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ حَبَّةِ خَرْدَلٍ مِنْ إِيمَانٍ فَيَبْقَى مَنْ لاَ خَيْرَ فِيهِ فَيَرْجِعُونَ إِلَى دِينِ آبَائِهِمْ ».
أيها المسلمون
ومن الفوائد التربوية واللطائف العلمية في هذه الآيات الكريمات : أولا : أن في قَولِه تعالى: (هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ) ففي هذا بُشرى وتثبيتٌ لأهلِ الإسلامِ ، الدَّاعِينَ له العاملينَ به، وأنَّ اللهَ سبحانَه قد تكَفَّلَ لهذا الأمرِ بالتَّمامِ والظُّهورِ على جميعِ الأديانِ، وأنَّه لا بُدَّ أنْ يكونوا على ثِقةٍ مِن هذا الوعدِ الذي لا بدَّ أنْ يُنجِزَه سبحانَه ،ثانيا : أن الله تعالى قد بعثَ مُحمَّدًا صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ( بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ) إلى النَّاسِ؛ فبالهدى يُعرَفُ الحقُّ، وبدينِ الحَقِّ يُقصَدُ الخيرُ ويُعمَلُ به، فلا بدَّ مِن عِلْمٍ بالحَقِّ، وقصْدٍ له، وقُدرةٍ عليه، والفتنةُ تضادُّ ذلك؛ فإنَّها تمنعُ معرفةَ الحَقِّ؛ لِمَا فيها من الشُّبُهاتِ التي تَلبِسُ الحقَّ بالباطِلِ، أو تمنَعُ قصدَ الحَقِّ؛ لِمَا فيها من الأهواءِ والشَّهواتِ، أو تمنعُ القُدرةَ على الخيرِ؛ لِمَا فيها من ظهورِ قُوَّةِ الشَّرِّ
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية ( يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ)
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
ومن الفوائد التربوية واللطائف العلمية في هذه الآيات الكريمات : ثالثا : أن في قَولِه تعالى: (هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ) : فيه بيانُ أنَّه لا هُدَى إلَّا فيما جاء به الرسولُ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فلا يَقبلُ اللهُ مِن أحدٍ دينًا يَدينُه به إلَّا أنْ يكونَ مُوافِقًا لدينِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، وقد نزَّه سبحانه وتعالى نفسَه عمَّا يَصِفُه به العبادُ إلَّا ما وصفَه به المُرسَلونَ، فقال الله تعالى: (سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ * وَسَلَامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ) [الصافات: 180-181] ، رابعا : كثيرًا ما يجمَعُ سُبحانه بين هذينِ الأصلَينِ الْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ؛ لأنَّ بهما تمامَ الدَّعوةِ، وظهورَ دِينِه على الدِّينِ كُلِّه ، خامسا : أن الله تعالى قد مَثَّلَ حالَهم في طَلبِهم أنْ يُبطِلوا نُبوَّةَ محمَّدٍ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بالتكذيبِ، بحالِ مَن يُريدُ أنْ يَنْفُخَ في نُورٍ عَظيمٍ مُنبَثٍّ في الآفاقِ، يُريدُ اللهُ أنْ يَزيدَه ويُبلِغَه الغايةَ القُصْوى في الإشراقِ أو الإضاءةِ؛ ليُطْفئَه بنَفخِه ويَطْمِسَه، وهذا التَّمثيلُ له دَلالتانِ؛ الأُولى: قوَّةُ نورِ اللهِ، وظُهورُ أَمْرِهِ، حتَّى مَثَلَ أمامَهم نورًا حقيقيًّا، كنُورِ الشَّمْسِ. والثانيةُ: ضَعْفِ كَيدِ الكافرين؛ لأنَّ كُلَّ مُحاولاتِهم لم تَكَدْ تَعْدو النَّفْخَ بأفواهِهم، وما ذلك بمُحقِّقٍ لهم ما يُريدونَ ، سادسا : ومِن محاسِنِ البيانِ أيضًا في قولِه تعالى: (نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ) أنَّ فيه إضافَتينِ؛ إحْداهُما: إضافةُ النُّورِ إلى اللهِ تعالى: (نُورَ اللَّهِ)، والمُرادُ به دِينُ الإسلامِ، والأُخْرى إضافةُ الأفواهِ، وهي الآلةُ المُستَعْملةُ للإطفاءِ إلى جماعةِ المُريدينَ لإطفاءِ النُّورِ: (بِأَفْوَاهِهِمْ) ، وعند التَّأمُّلِ في الإضافةِ الأُوْلى: (نُورَ اللَّهِ) يتَّضِحُ أنَّ النُّورَ المُضافَ قَدْ اكْتَسَبَ قَدْرًا مِن خَصائصِ القوَّةِ والعَظَمةِ والشَّرَفِ والعُلوِّ والبَقاءِ من المضافِ إليه (الله)، ثم تأتي الإضافةُ الأُخْرى: (بِأَفْوَاهِهِمْ) بإضافةِ الأفواهِ الضَّعيفةِ إلى نفَرٍ مِن البَشَرِ المخلوقينَ الضُّعفاءِ؛ فالمضافُ فيها- وهو كلمةُ: (أفواهٍ)- على ما فيه من الضَّعْفِ العُضويِّ والعَضَليِّ يَزدادُ ضعفًا من خلال إضافتِه إلى الضَّميرِ المُتَّصِلِ (هُمْ) العائدِ إلى أولئك المخلوقينَ المهازيلِ، وهذا مِن عجيبِ البَيانِ؛ إذ يَجْمعُ أَمْرَين : أحدُهما: التَّهكُّمُ بإرادتِهم، وزعْمِهم أنَّه نورٌ ضعيفٌ يُمكِنُ أنْ يَنطفِئ بمجرَّد النَّفخِ، والآخَرُ: تَصغيرُ شأنِهم، وتَضعيفُ كيدِهم؛ فهم بالمقارنةِ مع قوَّةِ الخَالقِ العظيمِ ضُعفاءُ، مهما أُوتُوا مِن قوَّةٍ، ومَحْدُودون مهما اسْتَعْملوا من آلةٍ وأداةٍ؛ فكيف إذا كانتْ أداةُ الإطفاءِ أفواهَهم ؟ ، سابعا : قولُهُ تعالى : (وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ) ، فيه مُناسَبةٌ حَسَنةٌ، حيثُ خُصَّ المشرِكون هنا بالذِّكْرِ؛ لأنَّ الكَراهةَ كراهةٌ مُختصَّةٌ بظهورِ دِينِ محمَّدٍ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ؛ لأنَّ ظهورَ دينِ الإسلامِ أشدُّ حسرةً على المشركين مِن كلِّ أُمَّةٍ؛ لأنَّهم الذين ابتدءُوا بمعارضتِه وعداوتِه، ودَعَوا الأُممَ للتألُّبِ عليه، واستَنْصروا بهم، فلم يُغنوا عنهم شيئًا، ولأنَّ أتمَّ مظاهرِ انتصارِ الإسلامِ كان في جزيرة العربِ، وهي ديارُ المشركينَ، وخُصَّ الكافرون قَبْلُ (وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ)؛ لأنَّها كراهةُ إتمامِ نُورِ اللهِ في قَديمِ الدَّهْرِ، وباقِيه يَعُمُّ الكَفَرةَ من لَدُنْ خَلْقِ الدُّنيا إلى انْقِراضِها، ووَقعتِ الكراهةُ والإتمامُ مِرارًا كثيرةً .
الدعاء