خطبة حول قوله تعالى ( وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ )
أكتوبر 28, 2022خطبة عن: الله هو المولى والنصير ( فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَوْلَاكُمْ)
أكتوبر 28, 2022الخطبة الأولى ( محبوبات الله تعالى )
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
روى البيهقي في سننه : (عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ قَالَ :قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- : « إِنَّ اللَّهَ كَرِيمٌ يُحِبُّ الْكَرَمَ وَمَعَالِىَ الأَخْلاَقِ وَيَبْغَضُ سَفْسَافَهَا »
إخوة الإسلام
إذا أحب العبد ربه صدقاً سعى إلى تحقيق ما يحبه الرب، ونظر في الأعمال التي يحبها الله سبحانه وتعالى فقام بفعلها، ونظر أي الأشخاص يحبهم الله عز وجل فقام معهم، يصحبهم ويرافقهم، ونظر أي الأماكن التي يحبها الله فيأتيها، وأي الأزمان التي يحبها الله فيحرص على فعل الطاعات فيها، وهكذا يدور العبد المؤمن المحب مع محبوبات ربه ومحبوبه دائماً ، وإذا تأملنا وتفكرنا فيمن يحبهم الله تعالى : من الأعمال، والأشخاص، والأحوال، والأماكن، والأزمنة، فسنجد أن الكتاب والسنة قد حفلا بالشيء الكثير من ذلك ، وأذكر لكم منها :
أولا : أحب الأديان إلى الله سبحانه وتعالى الحنيفية السمحة، كما أخبر عليه الصلاة والسلام، فالحنيفية ملة التوحيد، توحيد بلا شرك، وتحديد الوجهة إلى الله، وتميل عن كل ملة إلى ملة الإسلام، والسمحة هي التي فيها رفع الضرر، وزوال الأذى ، ففي صحيح البخاري: (باب الدِّينُ يُسْرٌ ، وَقَوْلُ النَّبِيِّ – صلى الله عليه وسلم – « أَحَبُّ الدِّينِ إِلَى اللَّهِ الْحَنِيفِيَّةُ السَّمْحَةُ » ، وروى الامام أحمد في مسنده : (عَنْ دَاوُدَ بْنِ الْحُصَيْنِ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ قِيلَ لِرَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- أَىُّ الأَدْيَانِ أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ قَالَ « الْحَنِيفِيَّةُ السَّمْحَةُ ».وفي سنن الترمذي : (عَنْ أُبَىِّ بْنِ كَعْبٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ لَهُ « إِنَّ اللَّهَ أَمَرَنِي أَنْ أَقْرَأَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ ». فَقَرَأَ عَلَيْهِ (لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا) وَفِيهَا « إِنَّ ذَاتَ الدِّينِ عِنْدَ اللَّهِ الْحَنِيفِيَّةُ الْمُسْلِمَةُ لاَ الْيَهُودِيَّةُ وَلاَ النَّصْرَانِيَّةُ وَلاَ الْمَجُوسِيَّةُ مَنْ يَعْمَلْ خَيْرًا فَلَنْ يُكْفَرَهُ »
ثانيا : ومن محبوبات الله تعالى : أن الله يحب المؤمنين الأخيار، قال الله تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدًّا ) مريم:96، أي: سيحبهم، ويجعل لهم مودة في قلوب الناس، وروى مسلم في صحيحه : (أن رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ « إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْعَبْدَ التَّقِىَّ الْغَنِىَّ الْخَفِيَّ ».
ثالثا : ومن محبوبات الله تعالى : أن الله تعالى يحب الفرائض، وتليها النوافل، فقد روى البخاري في صحيحه : (وَمَا تَقَرَّبَ إِلَىَّ عَبْدِى بِشَيْءٍ أَحَبَّ إِلَىَّ مِمَّا افْتَرَضْتُ عَلَيْهِ ، وَمَا يَزَالُ عَبْدِى يَتَقَرَّبُ إِلَىَّ بِالنَّوَافِلِ حَتَّى أُحِبَّهُ ، فَإِذَا أَحْبَبْتُهُ كُنْتُ سَمْعَهُ الَّذِى يَسْمَعُ بِهِ ، وَبَصَرَهُ الَّذِى يُبْصِرُ بِهِ ، وَيَدَهُ الَّتِي يَبْطُشُ بِهَا وَرِجْلَهُ الَّتِي يَمْشِى بِهَا)، فهو سبحانه وتعالى يحب فرائض الصلاة، وفرائض الزكاة، وفرائض الصدقات، وفرائض الصيام، وهكذا ، ويحب أيضا النوافل المتعلقة بهذه الفرائض
رابعا : ومن محبوبات الله تعالى : ما روي في الصحيحين : (عن عَبْدِ اللَّهِ قَالَ : سَأَلْتُ النَّبِيَّ – صلى الله عليه وسلم – أَيُّ الْعَمَلِ أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ قَالَ :« الصَّلاَةُ عَلَى وَقْتِهَا » . قَالَ ثُمَّ أَيُّ قَالَ « ثُمَّ بِرُّ الْوَالِدَيْنِ » .قَالَ ثُمَّ أَيُّ قَالَ « الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ » .قَالَ حَدَّثَنِي بِهِنَّ وَلَوِ اسْتَزَدْتُهُ لَزَادَنِي ) ، وفي صحيح مسلم : (عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- سُئِلَ أَيُّ الْعَمَلِ أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ قَالَ « أَدْوَمُهُ وَإِنْ قَلَّ ».وفي سنن أبي داود وغيره : (عَنْ أُبَىِّ بْنِ كَعْبٍ قَالَ صَلَّى بِنَا رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَوْمًا الصُّبْحَ فَقَالَ « أَشَاهِدٌ فُلاَنٌ ». قَالُوا لاَ. قَالَ « أَشَاهِدٌ فُلاَنٌ ». قَالُوا لاَ. قَالَ « إِنَّ هَاتَيْنِ الصَّلاَتَيْنِ أَثْقَلُ الصَّلَوَاتِ عَلَى الْمُنَافِقِينَ وَلَوْ تَعْلَمُونَ مَا فِيهِمَا لأَتَيْتُمُوهُمَا وَلَوْ حَبْوًا عَلَى الرُّكَبِ وَإِنَّ الصَّفَّ الأَوَّلَ عَلَى مِثْلِ صَفِّ الْمَلاَئِكَةِ وَلَوْ عَلِمْتُمْ مَا فَضِيلَتُهُ لاَبْتَدَرْتُمُوهُ وَإِنَّ صَلاَةَ الرَّجُلِ مَعَ الرَّجُلِ أَزْكَى مِنْ صَلاَتِهِ وَحْدَهُ وَصَلاَتُهُ مَعَ الرَّجُلَيْنِ أَزْكَى مِنْ صَلاَتِهِ مَعَ الرَّجُلِ وَمَا كَثُرَ فَهُوَ أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى ».
خامسا : ومن محبوبات الله تعالى : صلاة الوتر ، ففي الصحيحين واللفظ لمسلم : (عَنْ هَمَّامِ بْنِ مُنَبِّهٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ « إِنَّ لِلَّهِ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ اسْمًا مِائَةً إِلاَّ وَاحِدًا مَنْ أَحْصَاهَا دَخَلَ الْجَنَّةَ ». وَزَادَ هَمَّامٌ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- « إِنَّهُ وِتْرٌ يُحِبُّ الْوِتْرَ ».فليحافظ المؤمن على صلاة الوتر؛ لأن الله يحب هذه الصلاة.
سادسا : ومن محبوبات الله تعالى : الإيمان بالله ورسوله والجهاد والحج المبرور وبر الوالدين ففي الصحيحين : (عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – سُئِلَ أَىُّ الْعَمَلِ أَفْضَلُ فَقَالَ « إِيمَانٌ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ » . قِيلَ ثُمَّ مَاذَا قَالَ « الْجِهَادُ فِى سَبِيلِ اللَّهِ » . قِيلَ ثُمَّ مَاذَا قَالَ « حَجٌّ مَبْرُورٌ »
سابعا : ومن محبوبات الله تعالى : الأخلاق الحسنة : فالله تعالى يحب أصحاب الأخلاق الحسنة؛ ففي سنن ابن ماجه : (عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ قَالَ : كُنْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فَجَاءَهُ رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ فَسَلَّمَ عَلَى النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- ثُمَّ قَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ أَيُّ الْمُؤْمِنِينَ أَفْضَلُ قَالَ : « أَحْسَنُهُمْ خُلُقًا ». قَالَ فَأَيُّ الْمُؤْمِنِينَ أَكْيَسُ قَالَ : « أَكْثَرُهُمْ لِلْمَوْتِ ذِكْرًا وَأَحْسَنُهُمْ لِمَا بَعْدَهُ اسْتِعْدَادًا أُولَئِكَ الأَكْيَاسُ ».وفي صحيح مسلم : (قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « إِنَّ مِنْ خِيَارِكُمْ أَحَاسِنَكُمْ أَخْلاَقًا ».
ثامنا: ومن محبوبات الله تعالى : الزهد في الدنيا : ففي سنن ابن ماجه وغيره : (عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ السَّاعِدِيِّ قَالَ أَتَى النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- رَجُلٌ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ دُلَّنِي عَلَى عَمَلٍ إِذَا أَنَا عَمِلْتُهُ أَحَبَّنِيَ اللَّهُ وَأَحَبَّنِيَ النَّاسُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « ازْهَدْ فِي الدُّنْيَا يُحِبَّكَ اللَّهُ وَازْهَدْ فِيمَا فِي أَيْدِى النَّاسِ يُحِبُّوكَ ».
تاسعا : ومن محبوبات الله تعالى : الاكثار من ذكره تعالى : فقد روى الترمذي في سننه : (عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُسْرٍ رضى الله عنه أَنَّ رَجُلاً قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ شَرَائِعَ الإِسْلاَمِ قَدْ كَثُرَتْ عَلَىَّ فَأَخْبِرْنِي بِشَيْءٍ أَتَشَبَّثُ بِهِ. قَالَ « لاَ يَزَالُ لِسَانُكَ رَطْبًا مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ ».وفيه (عَنْ أَبِى الدَّرْدَاءِ رَضِىَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ :قَالَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- « أَلاَ أُنَبِّئُكُمْ بِخَيْرِ أَعْمَالِكُمْ وَأَزْكَاهَا عِنْدَ مَلِيكِكُمْ وَأَرْفَعِهَا فِي دَرَجَاتِكُمْ وَخَيْرٌ لَكُمْ مِنْ إِنْفَاقِ الذَّهَبِ وَالْوَرِقِ وَخَيْرٌ لَكُمْ مِنْ أَنْ تَلْقَوْا عَدُوَّكُمْ فَتَضْرِبُوا أَعْنَاقَهُمْ وَيَضْرِبُوا أَعْنَاقَكُمْ ». قَالُوا بَلَى. قَالَ « ذِكْرُ اللَّهِ تَعَالَى ». فَقَالَ مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ رضى الله عنه مَا شَيْءٌ أَنْجَى مِنْ عَذَابِ اللَّهِ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ ، وروي في الصحيحين : (عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ – صلى الله عليه وسلم – قَالَ « كَلِمَتَانِ خَفِيفَتَانِ عَلَى اللِّسَانِ ، ثَقِيلَتَانِ فِي الْمِيزَانِ ، حَبِيبَتَانِ إِلَى الرَّحْمَنِ ، سُبْحَانَ اللَّهِ الْعَظِيمِ ، سُبْحَانَ اللَّهِ وَبِحَمْدِهِ » ، وروى مسلم في صحيحه : (عَنْ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدَبٍ قَالَ :قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « أَحَبُّ الْكَلاَمِ إِلَى اللَّهِ أَرْبَعٌ سُبْحَانَ اللَّهِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَلاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَاللَّهُ أَكْبَرُ. لاَ يَضُرُّكَ بَأَيِّهِنَّ بَدَأْتَ)
عاشرا : ومن محبوبات الله تعالى : سورة: قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ الإخلاص : فقد روي في الصحيحين : (عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ النَّبِيَّ – صلى الله عليه وسلم – بَعَثَ رَجُلاً عَلَى سَرِيَّةٍ ، وَكَانَ يَقْرَأُ لأَصْحَابِهِ فِي صَلاَتِهِ فَيَخْتِمُ بِپ ( قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ ) فَلَمَّا رَجَعُوا ذَكَرُوا ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ – صلى الله عليه وسلم – فَقَالَ « سَلُوهُ لأَىِّ شَيْءٍ يَصْنَعُ ذَلِكَ » . فَسَأَلُوهُ فَقَالَ لأَنَّهَا صِفَةُ الرَّحْمَنِ ، وَأَنَا أُحِبُّ أَنْ أَقْرَأَ بِهَا . فَقَالَ النَّبِيُّ – صلى الله عليه وسلم – « أَخْبِرُوهُ أَنَّ اللَّهَ يُحِبُّهُ »
الحادي عشر : ومن محبوبات الله تعالى : الإصلاح بين الخلق، ففي المعجم للطبراني: ( قال عليه الصلاة والسلام لأبي أيوب: (ألا أدلك على صدقة يحبها الله ورسوله: تصلح بين الناس إذا تفاسدوا، وتقرب بينهم إذا تباعدوا) .
الثاني عشر : ومن محبوبات الله تعالى : التوكل على الله، بأن تفرغ قلبك إلا منه، وأن تعتمد عليه فقط، وأن تلجأ إليه وحده، قال تعالى: (إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ ) آل عمران:159، ، ويحب الله العدل، بأن تعدل بين الأولاد، وبين الموظفين، وبين الزوجات، وبين كل من ولِّيت عليهم، قال الله تعالى: (إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ ) المائدة:42.
الثالث عشر : ومن محبوبات الله تعالى : أن الله تعالى يحب المساجد، فقد روي في صحيح مسلم : (عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مِهْرَانَ مَوْلَى أَبِى هُرَيْرَةَ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ « أَحَبُّ الْبِلاَدِ إِلَى اللَّهِ مَسَاجِدُهَا ،)
الرابع عشر : ومن محبوبات الله تعالى : أنه يحب التوابين من ذنوبهم على الدوام، ويحب المتطهرين من الفواحش والآثام، والمتطهرين من الأخباث والأنجاس ، ويحب الصابرين ، قال تعالى: (وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ ) آل عمران:146، والله تعالى يحب المؤمن القوي ، القوي بإيمانه، والقوي بجسده، والقوي بتدبيره، والقوي بعمله، والقوي بإتقانه، القوي في أمره بالمعروف وفي نهييه عن المنكر، وفي الصدع بالحق.ففي صحيح مسلم : (عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ :قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « الْمُؤْمِنُ الْقَوِىُّ خَيْرٌ وَأَحَبُّ إِلَى اللَّهِ مِنَ الْمُؤْمِنِ الضَّعِيفِ وَفِى كُلٍّ خَيْرٌ..)
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية ( محبوبات الله تعالى )
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
ونواصل الحديث عن محبوبات الله تعالى : فمن محبوبات الله تعالى : الرفق، فالله تعالى يحب الرفق في الأمر كله ، ويعطي على الرفق ما لا يعطي على العنف ، فيحب الرفق حتى في فتح الأشياء، وفي التعامل مع الجمادات، فكيف بالتعامل مع الزوجة، والأولاد، والبهائم .وفي الصحيحين واللفظ لمسلم : (عَنْ عَائِشَةَ قَالَتِ اسْتَأْذَنَ رَهْطٌ مِنَ الْيَهُودِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فَقَالُوا السَّامُ عَلَيْكُمْ. فَقَالَتْ عَائِشَةُ بَلْ عَلَيْكُمُ السَّامُ وَاللَّعْنَةُ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- : « يَا عَائِشَةُ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الرِّفْقَ فِي الأَمْرِ كُلِّهِ ». قَالَتْ أَلَمْ تَسْمَعْ مَا قَالُوا قَالَ « قَدْ قُلْتُ وَعَلَيْكُمْ ».، كما يحب الله الحلم والأناة، كما في صحيح مسلم : (وَقَالَ نَبِيُّ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- لأَشَجِّ عَبْدِ الْقَيْسِ « إِنَّ فِيكَ لَخَصْلَتَيْنِ يُحِبُّهُمَا اللَّهُ الْحِلْمُ وَالأَنَاةُ ».، فالحلم العقل، والأناة التثبت وترك العجلة، والله تعالى يحب السماحة في المعاملة، ففي سنن الترمذي : (عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ سَمْحَ الْبَيْعِ سَمْحَ الشِّرَاءِ سَمْحَ الْقَضَاءِ ». ، فالسمح في المعاملة بأن لا يستقصي في طلب حقه، يؤجل المعسر، وينظره، ويسامحه، وعنده سهولة في البيع والشراء والاقتضاء في أخذ الحق، ويحب الله معالي الأمور : ففي سنن البيهقي:« إِنَّ اللَّهَ كَرِيمٌ يُحِبُّ الْكَرَمَ وَمَعَالِىَ الأَخْلاَقِ وَيَبْغَضُ سَفْسَافَهَا »
الخامس عشر : ومن محبوبات الله تعالى : أن الله يحب إدخال السرور على المسلم، وكشف الكربة عنه، وقضاء دينه، وطرد الجوع، كما جاء المعجم : (عن بن عباس أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال إن أحب الأعمال إلى الله بعد الفرائض إدخال السرور على المسلم) ،والله تعالى يحب إتقان العمل، (إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملاً أن يتقنه) رواه الطبراني ، وبعض الناس يستدل فقط بهذا الحديث على إتقان الأعمال الدنيوية، إتقان صناعة، أو إتقان صفقة، أو إتقان وظيفة، وينسى إتقان الصلاة، وإتقان الصيام، وإتقان الحج، وإتقان الطواف، وإتقان السعي، وإتقان تلاوة القرآن، والحديث يشمل الأمرين جميعاً ، والله يحب الذي يزور شخصاً من أجله، ففي صحيح مسلم : (عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- « أَنَّ رَجُلاً زَارَ أَخًا لَهُ فِي قَرْيَةٍ أُخْرَى فَأَرْصَدَ اللَّهُ لَهُ عَلَى مَدْرَجَتِهِ مَلَكًا فَلَمَّا أَتَى عَلَيْهِ قَالَ أَيْنَ تُرِيدُ قَالَ أُرِيدُ أَخًا لِي فِي هَذِهِ الْقَرْيَةِ. قَالَ هَلْ لَكَ عَلَيْهِ مِنْ نِعْمَةٍ تَرُبُّهَا قَالَ لاَ غَيْرَ أَنِّى أَحْبَبْتُهُ فِي اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ. قَالَ فَإِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكَ بِأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَبَّكَ كَمَا أَحْبَبْتَهُ فِيهِ ». وفي موطإ مالك : (رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ « قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى وَجَبَتْ مَحَبَّتِي لِلْمُتَحَابِّينَ فِيَّ وَالْمُتَجَالِسِينَ فِيَّ وَالْمُتَزَاوِرِينَ فِيَّ وَالْمُتَبَاذِلِينَ فِيَّ »
السادس عشر : ومن محبوبات الله تعالى : – أن الله تعالى يحب الجمال، جمال الأخلاق، وجمال الإيمان، وجمال القلب، وجمال الباطن، كما يحب من عبده أن يكون نظيفاً جميل الثوب، جميل الرائحة ، وقد روى مسلم في صحيحه : (عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ عَنِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ « لاَ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ مَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ مِنْ كِبْرٍ ». قَالَ رَجُلٌ إِنَّ الرَّجُلَ يُحِبُّ أَنْ يَكُونَ ثَوْبُهُ حَسَنًا وَنَعْلُهُ حَسَنَةً. قَالَ « إِنَّ اللَّهَ جَمِيلٌ يُحِبُّ الْجَمَالَ الْكِبْرُ بَطَرُ الْحَقِّ وَغَمْطُ النَّاسِ ».، والله يحب أن يرى أثر النعمة على العبد، من غير إسراف، ولا خيلاء، ولا تبذير، والسبب في ذلك كما قال العلماء: ليأتيه أهل الحاجة، فإذا رأوه على شيء مما أنعم الله به عليه عرفوا أنه صاحب غنى، فقصدوه لحاجاتهم، فلذلك يظهر أثر النعمة ليعرفه المحتاجون ، ففي سنن الترمذي : (قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « إِنَّ اللَّهَ يُحِبَّ أَنْ يُرَى أَثَرُ نِعْمَتِهِ عَلَى عَبْدِهِ »، والله يحب العطاس، لأن العطاس يدل على النشاط، وخفة البدن، وقد روى البخاري في صحيحه : (عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ – صلى الله عليه وسلم – قَالَ « إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْعُطَاسَ وَيَكْرَهُ التَّثَاؤُبَ ، ويحب الله الأسماء الحسنة، ففي سنن الترمذي : (عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ « أَحَبُّ الأَسْمَاءِ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ عَبْدُ اللَّهِ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ »
الدعاء