خطبة عن ( الوسائل المعينة على تقوية اليقين بالله وثباته)
أبريل 20, 2016خطبة عن ( من صفات أهل اليقين بالله )
أبريل 20, 2016الخطبة الأولى ( من ثمرات وفوائد اليقين بالله )
الحمد لله رب العالمين ..اللهم لك الحمد كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك .. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له .وأشهد أن محمدا عبده ورسوله اللهم صل وسلم وبارك عليه وعلى آله واصحابه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
قال الله تعالى : (إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ (15) آخِذِينَ مَا آتَاهُمْ رَبُّهُمْ إِنَّهُمْ كَانُوا قَبْلَ ذَلِكَ مُحْسِنِينَ (16) كَانُوا قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ (17) وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ (18) وَفِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ (19) وَفِي الْأَرْضِ آيَاتٌ لِلْمُوقِنِينَ) (15 ): (20) الذاريات
إخوة الإسلام
لليقين بالله تعالى ثمرات وفوائد متعددة، ينالها المؤمن في حياته وبعد مماته: فمن ثمرات اليقين بالله : الانتفاعُ بالآياتِ والبراهينِ، فقال الله تعالى : ﴿ وَكَذَلِكَ نُرِي إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ ﴾ [الأنعام: 75]. ومن ثمرات اليقين الهُدى والفلاح؛ كما قالَ تعالى: ﴿ وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَبِالْآَخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ * أُولَئِكَ عَلَى هُدًى مِنْ رَبِّهِمْ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ﴾ [البقرة: 4 – 5]. ومن ثمرات اليقين إحرازُ الإمامةِ في الدِّينِ؛ قالَ – تعالى -: ﴿ وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآَيَاتِنَا يُوقِنُونَ ﴾ [السجدة: 24]. ومن ثمرات اليقين الرِّضا بأحكامِ اللهِ عَزَّ وجلَّ؛ كما قالَ اللهُ تعالى: ﴿ أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ ﴾ [المائدة: 50]. – ومن ثمرات اليقين اجتنابُ الظُّلم بشتى صورهِ: نظرًا لكثرةِ الظُّلمِ والشَّحناءِ بينَ المسلمينَ في عصرنا الحاضرِ، وأنَّهُ لا شيءَ يمنعُ النَّفسَ منْ ظلمِ غيرها في نفسٍ، أو مالٍ، أو عرض: كاليقين بالرجوع إلى الله -عز وجل-، وإعطاء كل ذي حق حقه، وإنصاف المظلوم ممن ظلمه، فإذا تذكَّرَ العبد هذا الموقف العصيب الرهيب، وأنه لا يضيع عند الله شيء، كما قال تعالى: ﴿ وَنَضَعُ المَوَازِينَ القِسْطَ لِيَوْمِ القِيَامَةِ فَلا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا وَإن كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ ﴾ [الأنبياء: 47] ، وقوله تعالى: ﴿ وَقَدْ خَابَ مَنْ حَمَلَ ظُلْمًا ﴾ [طه: 111]، إذا تذكر هذه المواقف واتعظ بهذه الآيات، وأيقن بتحققها، فلا شك أن ذلك سيمنعه من التهاون في حقوق الخلق، والحذر من ظلمهم في دم أو مال أو عرض، خاصة – ومن ثمرات اليقين تقصير الأمل وحفظ الوقت: إن من أخطر الأبواب التي يدخل منها الشيطان على العبد: طول الأمل، والأماني الخادعة التي تجعل صاحبها في غفلة شديدة عن الآخرة، ولكن اليقين بالرجوع إلى الله -عز وجل- والتذكر الدائم لقصر الحياة وأبدية الآخرة وبقائها، هو العلاج الناجع لطول الأمل وضياع الأوقات. – ومن ثمرات اليقين دخولُ الجنةِ؛ فَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: ( كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ -صلى اللهُ عليهِ وسلَّم- فِي مَسِيرٍ – قَالَ – فَنَفِدَتْ أَزْوَادُ الْقَوْمِ قَالَ حَتَّى هَمَّ بِنَحْرِ بَعْضِ حَمَائِلِهِمْ – قَالَ – فَقَالَ عُمَرُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، لَوْ جَمَعْتَ مَا بَقِيَ مِنْ أَزْوَادِ الْقَوْمِ فَدَعَوْتَ اللهَ عَلَيْهَا. قَالَ فَفَعَلَ – قَالَ – فَجَاءَ ذُو الْبُرِّ بِبُرِّهِ، وَذُو التَّمْرِ بِتَمْرِهِ – قَالَ وَقَالَ مُجَاهِدٌ: وَذُو النَّوَاةِ بِنَوَاهُ – قُلْتُ: وَمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ بِالنَّوَى؟ قَالَ: كَانُوا يَمُصُّونَهُ وَيَشْرَبُونَ عَلَيْهِ الْمَاءَ. قَالَ فَدَعَا عَلَيْهَا – قَالَ – حَتَّى مَلأَ الْقَوْمُ أَزْوِدَتَهُمْ – قَالَ – فَقَالَ عِنْدَ ذَلِكَ: ” أَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَأَنِّي رَسُولُ اللَّهِ، لا يَلْقَى اللَّهَ بِهِمَا عَبْدٌ غَيْرَ شَاكٍّ فِيهِمَا إِلَّا دَخَلَ الْجَنَّةَ ). وعنه – رضي الله عنه- قال: «كنا مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقام بلال ينادي فلما سكت قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من قال مثل هذا يقينا دخل الجنة» .
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية ( ثمرات وفوائد اليقين بالله )
الحمد لله رب العالمين ..اللهم لك الحمد كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك .. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له .وأشهد أن محمدا عبده ورسوله اللهم صل وسلم وبارك عليه وعلى آله واصحابه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
فصاحب اليقين قد بشره النبي-صلى الله عليه وسلم- بالجنة، وأنه من أهلها وسيد الاستغفار من قاله موقن به كان من أهل الجنة ففي الصحيح عن شداد بن أوس -رضي الله عنه-: عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: «سيد الاستغفار أن تقول: اللهم أنت ربي لا إله إلا أنت خلقتني، وأنا عبدك، وأنا على عهدك ووعدك ما استطعت أعوذ بك من شر ما صنعت أبوء لك بنعمتك علي وأبوء لك بذنبي فاغفر لي فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت، قال: ومن قالها من النهار موقنا بها فمات من يومه قبل أن يمسي فهو من أهل الجنة، ومن قالها من الليل وهو موقن بها فمات قبل أن يصبح فهو من أهل الجنة» .– ومن ثمرات اليقين أن اليقين خير ما يعطى الإنسان: عن أوسط البجلي قال: سمعت أبا بكر-رضي الله عنه- يخطب فذكر النبي -صلى الله عليه وسلم- فبكى ثم قال: يعني النبي-صلى الله عليه وسلم-: «عليكم بالصدق فإنه يهدي إلى البر وهما في الجنة، و إياكم والكذب فإنه يهدي إلى الفجور وهما في النار، وسلوا الله اليقين، والمعافاة فإن الناس لم يعطوا شيئا أفضل من المعافاة، أو قال: العافية، ولا تحاسدوا، ولا تباغضوا، ولا تقاطعوا، ولا تدابروا كونوا عباد الله إخوانا» . فاليقين خير ما يعطاه المرء في هذه الحياة الدنيا ففيه وقاية من مصائب الدنيا والآخرة ، يقول الإمام الحسن البصري-رحمه الله-: “صدق رسول الله -صلى الله عليه وسلم- باليقين طلبت الجنة، وباليقين هرب من النار، وباليقين أوتيت الفرائض، وباليقين صبر على الحق، وفي معافاة الله خير كثير قد والله رأيناهم يتقاربون في العافية فلما نزل البلاء تفارقوا” . ومن ثمرات اليقين أن اليقين من أسباب النجاة: فاليقين من أسباب نجاة هذه الأمة المباركة فعن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده، قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «نجا أول هذه الأمة باليقين والزهد، ويهلك آخر هذه الأمة بالبخل والأمل»، لذلك خاف النبي -صلى الله عليه وسلم- على أمته من ضعف اليقين فعن أبي هريرة-رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «ما أخاف على أمتي إلا ضعف اليقين» . – ومن ثمرات اليقين ، أنه من أسباب إجابة الدعاء: فعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله-صلى الله عليه وسلم-: «ادعوا الله وأنتم موقنون بالإجابة، واعلموا أن الله لا يستجيب دعاء من قلب غافل» ولهذا ينبغي للمسلم أن يبذل جهده في القيام بما يجب عليه، مع اليقين بأن الله يستجيب له، ويقبل منه العمل، ويغفر له عند الاستغفار، لأن المولى -جل وعلا- لا يخلف الميعاد سبحانه وتعالى.
الدعاء