خطبة عن ( من المعجزات المعنوية )
مايو 1, 2016خطبة عن (من دلائل النبوة المعجزات المعنوية
مايو 1, 2016الخطبة الأولى ( المعجزات المعنوية من دلائل النبوة )
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والإيمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له. وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
روى مسلم في صحيحه (أَنَسٌ قَالَ جَاءَتْ بِى أُمِّى أُمُّ أَنَسٍ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- وَقَدْ أَزَّرَتْنِى بِنِصْفِ خِمَارِهَا وَرَدَّتْنِى بِنِصْفِهِ فَقَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ هَذَا أُنَيْسٌ ابْنِى أَتَيْتُكَ بِهِ يَخْدُمُكَ فَادْعُ اللَّهَ لَهُ. فَقَالَ « اللَّهُمَّ أَكْثِرْ مَالَهُ وَوَلَدَهُ ». قَالَ أَنَسٌ فَوَاللَّهِ إِنَّ مَالِى لَكَثِيرٌ وَإِنَّ وَلَدِى وَوَلَدَ وَلَدِى لَيَتَعَادُّونَ عَلَى نَحْوِ الْمِائَةِ الْيَوْمَ. )
إخوة الإسلام
ومن دلائل النبوة والمعجزات المعنوية التي أيد الله تعالى بها رسوله صلى الله عليه وسلم ليثبت للناس صدق رسالته استجابة دعائه صلى الله عليه وسلم ،وفي بعض الأحيان خص النبي صلى الله عليه وسلم بعضاً من أصحابه بشيء من دعائه فأجاب الله سؤله، وقبل دعاءه، ومنه دعاؤه لخادمه الوفي أنس بن مالك رضي الله عنه ، فقد كافأه النبي صلى الله عليه وسلم على خدمته له بدعوة أجابها الله تعالى، فعاش أنس مجللاً ببركتها مائة سنة. فقد روى مسلم في صحيحه (أَنَسٌ قَالَ جَاءَتْ بِى أُمِّى أُمُّ أَنَسٍ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- وَقَدْ أَزَّرَتْنِى بِنِصْفِ خِمَارِهَا وَرَدَّتْنِى بِنِصْفِهِ فَقَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ هَذَا أُنَيْسٌ ابْنِى أَتَيْتُكَ بِهِ يَخْدُمُكَ فَادْعُ اللَّهَ لَهُ. فَقَالَ « اللَّهُمَّ أَكْثِرْ مَالَهُ وَوَلَدَهُ ». قَالَ أَنَسٌ فَوَاللَّهِ إِنَّ مَالِى لَكَثِيرٌ وَإِنَّ وَلَدِى وَوَلَدَ وَلَدِى لَيَتَعَادُّونَ عَلَى نَحْوِ الْمِائَةِ الْيَوْمَ. ) ،وفي رواية أحمد (عَنْ أَنَسٍ قَالَ دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- عَلَى أَمِّ سُلَيْمٍ فَأَتَتْهُ بِتَمْرٍ وَسَمْنٍ وَكَانَ صَائِماً فَقَالَ « أَعِيدُوا تَمْرَكُمْ فِى وِعَائِهِ وَسَمْنَكُمْ فِى سِقَائِهِ ». ثُمَّ قَامَ إِلَى نَاحِيَةِ الْبَيْتِ فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ وَصَلَّيْنَا مَعَهُ ثُمَّ دَعَا لأُمِّ سُلَيْمٍ وَلأَهْلِهَا بِخَيْرٍ فَقَالَتْ أُمُّ سُلَيْمٍ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ لِى خُوَيْصَةً .قَالَ « وَمَا هِىَ ». قَالَتْ خَادِمُكَ أَنَسٌ. قَالَ فَمَا تَرَكَ خَيْرَ آخِرَةٍ وَلاَ دُنْيَا إِلاَّ دَعَا لِى بِهِ وَقَالَ « اللَّهُمَّ ارْزُقْهُ مَالاً وَوَلَداً وَبَارِكْ لَهُ فِيهِ ». قَالَ فَمَا مِنَ الأَنْصَارِ إِنْسَانٌ أَكْثَرُ مَالاً مِنِّى وَذَكَرَ أَنَّهُ لاَ يَمْلِكُ ذَهَباً وَلاَ فِضَّةً غَيْرَ خَاتَمِهِ. قَالَ وَذَكَرَ أَنَّ ابْنَتَهُ الْكُبْرَى أُمَيْنَةَ أَخْبَرَتْهُ أَنَّهُ دُفِنَ مِنْ صُلْبِهِ إِلَى مَقْدَمِ الْحَجَّاجِ نَيِّفاً عَلَى عِشْرِينَ وَمِائَةٍ. ) ، وهكذا فقد أجاب الله دعوة نبينا، كما يقول أنس: (فَوَ اللَّهِ إِنَّ مَالِى لَكَثِيرٌ وَإِنَّ وَلَدِى وَوَلَدَ وَلَدِى لَيَتَعَادُّونَ عَلَى نَحْوِ الْمِائَةِ الْيَوْمَ ). وقال ابن حجر: “وفيه التحدّث بنعم الله تعالى، وبمعجزات النبي صلى الله عليه وسلم لما في إجابة دعوته من الأمر النادر، وهو اجتماع كثرة المال مع كثرة الولد”. ومنها أيضا دعا النبي صلى الله عليه وسلم بالبركة لعروةَ البارقي في ماله،ففي سنن ابن ماجة (عَنْ شَبِيبِ بْنِ غَرْقَدَةَ عَنْ عُرْوَةَ الْبَارِقِىِّ أَنَّ النَّبِىَّ -صلى الله عليه وسلم- أَعْطَاهُ دِينَارًا يَشْتَرِى لَهُ شَاةً فَاشْتَرَى لَهُ شَاتَيْنِ فَبَاعَ إِحْدَاهُمَا بِدِينَارٍ فَأَتَى النَّبِىَّ -صلى الله عليه وسلم- بِدِينَارٍ وَشَاةٍ فَدَعَا لَهُ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- بِالْبَرَكَةِ. قَالَ فَكَانَ لَوِ اشْتَرَى التُّرَابَ لَرَبِحَ فِيهِ. ) وفي رواية للإمام أحمد في مسنده ( عَنْ عُرْوَةَ بْنِ أَبِى الْجَعْدِ الْبَارِقِىِّ قَالَ عَرَضَ لِلنَّبِىِّ -صلى الله عليه وسلم- جَلَبٌ فَأَعْطَانِى دِينَاراً وَقَالَ « أَىْ عُرْوَةُ ائْتِ الْجَلَبَ فَاشْتَرِ لَنَا شَاةً ». فَأَتَيْتُ الْجَلَبَ فَسَاوَمْتُ صَاحِبَهُ فَاشْتَرَيْتُ مِنْهُ شَاتَيْنِ بِدِينَارٍ فَجِئْتُ أَسُوقُهُمَا – أَوْ قَالَ أَقُودُهُمَا – فَلَقِيَنِى رَجُلٌ فَسَاوَمَنِى فَأَبِيعُهُ شَاةً بِدِينَارٍ فَجِئْتُ بِالدِّينَارِ وَجِئْتُ بِالشَّاةِ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ هَذَا دِينَارُكُمْ وَهَذِهِ شَاتُكُمْ. قَالَ « وَصَنَعْتَ كَيْفَ ».قَالَ فَحَدَّثْتُهُ الْحَدِيثَ فَقَالَ « اللَّهُمَّ بَارِكْ لَهُ فِى صَفْقَةِ يَمِينِهِ ». فَلَقَدْ رَأَيْتُنِى أَقِفُ بِكُنَاسَةِ الْكُوفَةِ فَأَرْبَحُ أَرْبَعِينَ أَلْفاً قَبْلَ أَنْ أَصِلَ إِلَى أَهْلِى وَكَانَ يَشْتَرِى الْجَوَارِىَ ويبِيعُ.) قال ابن حجر: “المقصود منه الذي يدخل في علامات النبوة دعاء النبي صلى الله عليه وسلم لعروة فاستجيب له، حتى كان لو اشترى التراب لربح فيه”. وإذا أردنا أن نعرف سر الحافظة التي أوتيها راوية الإسلام أبو هريرة، فلنستمع إليه وقد جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم يشكو كثرة نسيانه للحديث، ففي سنن الترمذي بسند حسن صحيح (عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَسْمَعُ مِنْكَ أَشْيَاءَ فَلاَ أَحْفَظُهَا. قَالَ « ابْسُطْ رِدَاءَكَ ». فَبَسَطْتُ فَحَدَّثَ حَدِيثًا كَثِيرًا فَمَا نَسِيتُ شَيْئًا حَدَّثَنِى بِهِ ) قال ابن حجر: “وفي هذا الحديث فضيلة ظاهرة لأبي هريرة، ومعجزة واضحة من علامات النبوة؛ لأن النسيان من لوازم الإنسان، وقد اعترف أبو هريرة بأنه كان يَكثُر منه، ثم تخلف عنه [أي النسيان] ببركة النبي صلى الله عليه وسلم واستجابة لدعائه “.
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية ( من دلائل النبوة المعجزات المعنوية )
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والإيمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له. وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
وثمة دعوة أخرى من رسول الله صلى الله عليه وسلم نال أبا هريرةَ خيرُها، ألا وهي دعاء النبي صلى الله عليه وسلم لأمِّه بالهداية، فقد كان يدعوها إلى الإسلام، وهي مشركة تأبى الإسلام وتصده عنه، فقد روى مسلم في صحيحه (عَنْ أَبِى كَثِيرٍ يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ حَدَّثَنِى أَبُو هُرَيْرَةَ قَالَ كُنْتُ أَدْعُو أُمِّى إِلَى الإِسْلاَمِ وَهِىَ مُشْرِكَةٌ فَدَعَوْتُهَا يَوْمًا فَأَسْمَعَتْنِى فِى رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- مَا أَكْرَهُ فَأَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- وَأَنَا أَبْكِى قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّى كُنْتُ أَدْعُو أُمِّى إِلَى الإِسْلاَمِ فَتَأْبَى عَلَىَّ فَدَعَوْتُهَا الْيَوْمَ فَأَسْمَعَتْنِى فِيكَ مَا أَكْرَهُ فَادْعُ اللَّهَ أَنْ يَهْدِىَ أُمَّ أَبِى هُرَيْرَةَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « اللَّهُمَّ اهْدِ أُمَّ أَبِى هُرَيْرَةَ ». فَخَرَجْتُ مُسْتَبْشِرًا بِدَعْوَةِ نَبِىِّ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فَلَمَّا جِئْتُ فَصِرْتُ إِلَى الْبَابِ فَإِذَا هُوَ مُجَافٌ فَسَمِعَتْ أُمِّى خَشْفَ قَدَمَىَّ فَقَالَتْ مَكَانَكَ يَا أَبَا هُرَيْرَةَ. وَسَمِعْتُ خَضْخَضَةَ الْمَاءِ قَالَ – فَاغْتَسَلَتْ وَلَبِسَتْ دِرْعَهَا وَعَجِلَتْ عَنْ خِمَارِهَا فَفَتَحَتِ الْبَابَ ثُمَّ قَالَتْ يَا أَبَا هُرَيْرَةَ أَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ – قَالَ – فَرَجَعْتُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فَأَتَيْتُهُ وَأَنَا أَبْكِى مِنَ الْفَرَحِ – قَالَ – قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَبْشِرْ قَدِ اسْتَجَابَ اللَّهُ دَعْوَتَكَ وَهَدَى أُمَّ أَبِى هُرَيْرَةَ. فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ وَقَالَ خَيْرًا – قَالَ – قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ ادْعُ اللَّهَ أَنْ يُحَبِّبَنِى أَنَا وَأُمِّى إِلَى عِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ وَيُحَبِّبَهُمْ إِلَيْنَا – قَالَ – فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « اللَّهُمَّ حَبِّبْ عُبَيْدَكَ هَذَا – يَعْنِى أَبَا هُرَيْرَةَ وَأُمَّهُ – إِلَى عِبَادِكَ الْمُؤْمِنِينَ وَحَبِّبْ إِلَيْهِمُ الْمُؤْمِنِينَ ». فَمَا خُلِقَ مُؤْمِنٌ يَسْمَعُ بِى وَلاَ يَرَانِى إِلاَّ أَحَبَّنِى. ) ، لقد أتى أبو هريرة النبي صلى الله عليه وسلم أول النهار يبكي حُزناً على تمنُّعِ أمِّه عن الإسلام وسِباِبها للنبي صلى الله عليه وسلم ، فما لبِث أن عاد يبكي فرَحاً بإسلامها ببركة دعاء النبي صلى الله عليه وسلم . قال النووي: “وفيه استجابة دعاء رسول الله صلى الله عليه وسلم على الفَور بعين المسؤول، وهو من أعلام نبوته صلى الله عليه وسلم “. وسرورُ أبي هريرة وفرحُه لم ينسياه أن يطلب من النبي صلى الله عليه وسلم دعوةً ثالثة، فقال: يا رسول الله ادع الله أن يحبِّبَني أنا وأمي إلى عباده المؤمنين، ويحبِّبَهم إلينا. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((اللهم حبِّب عُبَيدَك هذا وأمَه إلى عبادك المؤمنين، وحبِّب إليهمْ المؤمنين)). يقول أبو هريرة: فما خُلِق مؤمن يسمع بي ولا يراني؛ إلا أحبني. وهكذا فحبُ المؤمنين في كل عصر لراوية الإسلام العظيم أبي هريرة، هو دليل باهر وبرهان ظاهر على استجابة الله دعاء نبيه وحبيبه صلى الله عليه وسلم .
الدعاء