خطبة عن (عندما يصبح الهَوَى إِلَهَا؟)
نوفمبر 6, 2022خطبة عن حديث ( مثل الذي يتعلم العلم ثم لا يحدث به )
نوفمبر 6, 2022الخطبة الأولى ( فَبِأَيِّ حَدِيثٍ يُؤْمِنُونَ )
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
يقول الله تعالى في محكم آياته : (تِلْكَ آيَاتُ اللَّهِ نَتْلُوهَا عَلَيْكَ بِالْحَقِّ فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَ اللَّهِ وَآيَاتِهِ يُؤْمِنُونَ (6) وَيْلٌ لِكُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ (7) يَسْمَعُ آيَاتِ اللَّهِ تُتْلَى عَلَيْهِ ثُمَّ يُصِرُّ مُسْتَكْبِرًا كَأَنْ لَمْ يَسْمَعْهَا فَبَشِّرْهُ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ (8) وَإِذَا عَلِمَ مِنْ آيَاتِنَا شَيْئًا اتَّخَذَهَا هُزُوًا أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ) (6) (9) الجاثية
إخوة الإسلام
إن المتأمل والمتدبر لقوله تعالى: (فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَ اللَّهِ وَآيَاتِهِ يُؤْمِنُونَ) الجاثية (6) ، يتبين له أن من لم يؤمن بآيات الله فهو متوعد بالويل ،لأنه أفاك أثيم ،والأفاك هو : كثير الإفك ،وهو أسوأ الكذب ،والأثيم : هو مرتكب الإثم بقلبه وجوارحه ،فهو مجرم بقلبه ولسانه وجوارحه ،وقد توعد الله تعالى المكذبين لهذا القرآن بالويل يوم القيامة ،وبين استبعاد إيمانهم بأي حديث بعده أن لم يؤمنوا بهذا القرآن ، فقال الله تعالى : (وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ (45) كُلُوا وَتَمَتَّعُوا قَلِيلًا إِنَّكُمْ مُجْرِمُونَ (46) وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ (47) وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ ارْكَعُوا لَا يَرْكَعُونَ (48) وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ (49) فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ) (45) :(50) المرسلات ،ومن المعلوم أن الإيمان بالله على الوجه الصحيح ،يستلزم الإيمان بآياته ،وأن الإيمان بآياته كذلك ،يستلزم الإيمان به – تعالى – لذا جاء بعد ها قوله تعالى : (وَيْلٌ لِكُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ (7) يَسْمَعُ آيَاتِ اللَّهِ تُتْلَى عَلَيْهِ ثُمَّ يُصِرُّ مُسْتَكْبِرًا كَأَنْ لَمْ يَسْمَعْهَا فَبَشِّرْهُ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ (8) وَإِذَا عَلِمَ مِنْ آيَاتِنَا شَيْئًا اتَّخَذَهَا هُزُوًا أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ (9) مِنْ وَرَائِهِمْ جَهَنَّمُ وَلَا يُغْنِي عَنْهُمْ مَا كَسَبُوا شَيْئًا وَلَا مَا اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْلِيَاءَ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ) (7) :(10) الجاثية ،ففي هذا دليل على أن من يسمع القرآن يتلى ، ثم يصر على الكفر والمعاصي ،في حالة كونه متكبرا عن الانقياد إلى الحق الذي تضمنته آيات القرآن، كأنه لم يسمع آيات الله ، له البشارة يوم القيامة بالعذاب الأليم ،
أيها المسلمون
من لم يستفد من تدبره وإدراكه لما حوله من الكون ومن النفس، ولم يستفد من آيات القرآن الكريم ودلالاته الواضحة، وآياته البينات العظيمة فكيف سيؤمن؟ ،وكيف سيحصل له الإيمان؟ ( فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَ اللهِ ): فمن لم يستفد من كلام الله؟ ، فمن أي كلام سوف يستفيد؟! ،وهذا فيه دلالة واضحة وصريحة على أن أهم ما ينبغي الحفاوة والعناية به هو كتاب الله سبحانه وتعالى ؛ حفظاً وفهماً وتدبراً ودعوةً ورجوعاً إليه، (فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَ اللَّهِ وَآيَاتِهِ يُؤْمِنُونَ) الجاثية (6) ،أما يستحي العبد بعد علمه بهذا من معصية مولاه الذي رزقه وكساه، وأنعم عليه وهداه؟ ، فالذي يملك الخلق والإيجاد، والتدبير والتصريف هو الله وحده، فهو الرب الحق، الذي أنزل الحق، والحق واحد لا يتعدد، ومن تجاوزه وقع في الباطل ،فما أعجب هذا الإنسان؟ ،كيف ينصرف عن ربه؟ ،وعن هداه ؟ ،مع أن هذه الأدلة قائمة في الكون، قال الله تعالى: {فَذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمُ الْحَقُّ فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلَّا الضَّلَالُ فَأَنَّى تُصْرَفُونَ } [يونس: 32].والله جل جلاله هو الذي: {يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَيُحْيِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَكَذَلِكَ تُخْرَجُونَ} [الروم: 19]، إنها عملية دائبة لا تكف ولا تني لحظة واحدة من لحظات الليل والنهار في كل مكان في هذا الكون، على سطح الأرض، وفي أجواء الفضاء، وفي أعماق البحار، ففي كل لحظة يتم هذا التحول، وفي كل لحظة يخرج الله حياً من ميت، وميتاً من حي ، وفي كل لحظة يخرج الله برعماً ساكناً من جوف حبة أو نواة، يفلقها ويخرج إلى ميدان الحياة مع الأحياء ، وفي كل لحظة يجف عود أو شجرة، تستوفي أجلها فتتحول إلى هشيم أو حطام، وفي هذا الهشيم والحطام ترقد الحبوب الساكنة المتهيئة للحياة والإنبات مستقبلاً ، وفي كل لحظة تدب الحياة بأمر الله في جنين إنسان أو حيوان أو طائر، وفي كل لحظة تخرج أجيال بقدرة الله في مشارق الأرض ومغاربها، وتموت أجيال كذلك .. فسبحان الحي الذي يملك الموت والحياة .. فيحيي ويميت من شاء من خلقه .. أمم وخلائق تستقبل الحياة .. وأمثالها تودع الحياة.
أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية ( فَبِأَيِّ حَدِيثٍ يُؤْمِنُونَ )
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
فيا حسرة على المفرطين كم آتاهم الله من آية بينة فلم يستجيبوا؟ .. واعجباً لهؤلاء أما لهم في الآخرة من نصيب؟ .. فيا غافلاً ما يفيق، يا حاملاً ما لا يطيق، ألا تستحي؟ ، ألا تفيق ؟..فيا أسفاه على ضياع الأوقات في الكبائر الموبقات.. وأي أرباح يجني أمثال هؤلاء؟ .. وأي سوق يعمر هؤلاء الحمقى ؟.. أيظن هذا الغافل الأحمق أن الحياة لعب ولهو، ولا سؤال ولا حساب ؟.. فيملأ صحائفه بمخازٍ وقبائحَ يسودّ لها وجهه يوم يلقى ربه، قال الله تعالى : {أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ} [المؤمنون: 115].
إن النظر إلى السموات والأرض وما فيهما من الآيات والعجائب، والنظر إلى هذه الأجرام والكواكب والنجوم التي لا تحصى وهي منتثرة في ذلك الفضاء الهائل الذي لا تعلم له حدود، وكلها قائمة في مواضعها، تدور في أفلاكها، محافظةً على مداراتها تسبح بحمد ربها، وتؤدي وظيفتها، وكلها لا تختل ولا تبطئ ولا تسرع، بل تسير حسب أمر ربها، جاريةً في الفضاء ما يمسكها إلا الله.. والنظر في عالم الجماد وأنواعه .. وفي عالم الحيوان وأشكاله .. وفي عالم الإنسان وعجائبه .. وفي عالم النبات وأنواعه وثماره.. النظر إلى تلك الخلائق الهائلة العجيبة ، لجدير بأن تفتح البصيرة على اليد الخفية، والقوة الإلهية القاهرة القادرة على خلق هذه المخلوقات، وحفظها وإمساكها وحفظ توازنها ، قال الله تعالى : {إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ أَنْ تَزُولَا وَلَئِنْ زَالَتَا إِنْ أَمْسَكَهُمَا مِنْ أَحَدٍ مِنْ بَعْدِهِ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا} [فاطر: 41].،
الدعاء