خطبة عن (فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ إِنِّي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ مُبِينٌ)
يوليو 10, 2016خطبة عن (مَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ وَأَبْقَى لِلَّذِينَ آمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ)
يوليو 10, 2016الخطبة الأولى (المؤمنون : لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ)
الحمد لله رب العالمين ,حمد لايحصىعدده, ولا بلوغ لمنتهاه,وأشهد أن لا إله إلا الله ,وحده لا شريك له.. وأشهد أن سيدنا محمدا عبده ورسوله الهادي البشير والسراج المنير,اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين….
أما بعد..أيها المسلمون
قال تعالى: (وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ (29) إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ (30) فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ ) المعارج ( 29: 31) .
إخوة الإسلام
قوله تعالى : ( وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ ) أي.. حفظوا فروجهم من الزنا فلم يرتكبوا الفاحشة ,ولم يأتوا شهوتهم في الحرام ,ولكنهم رضوا واكتفوا بالحلال من الزوجات والإماء :(إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ ) فمن تمتع بزوجته أو ما ملكت يمينه من الإماء فلا لوم عليه في ذلك ولا عيب :(فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ) … ولكن اللوم كل اللوم ,أن يتعدى الإنسان بشهوته الحلال إلى الحرام ,ويترك ما أحل الله له ويأتي ما حرم الله عليه (فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ ) ..أي… فالذين اعتدوا على حرمات غيرهم , والذين مالوا عن الطريق المستقيم الذي رسمه الله لهم ,والذين تجاوزوا الحلال إلى الحرام, والذين تعدوا الطيب إلى الخبيث :(فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ ) والحق ( سبحانه وتعالى ) يحذرنا من الزنا بقوله :(وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا) الاسراء 32 ،كما روى البخاري ومسلم أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قال: ( عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ – رضى الله عنه – قَالَ النَّبِيُّ – صلى الله عليه وسلم – « لاَ يَزْنِى الزَّانِي حِينَ يَزْنِى وَهْوَ مُؤْمِنٌ ، وَلاَ يَشْرَبُ الْخَمْرَ حِينَ يَشْرَبُ وَهْوَ مُؤْمِنٌ ، وَلاَ يَسْرِقُ حِينَ يَسْرِقُ وَهْوَ مُؤْمِنٌ ، وَلاَ يَنْتَهِبُ نُهْبَةً يَرْفَعُ النَّاسُ إِلَيْهِ فِيهَا أَبْصَارَهُمْ حِينَ يَنْتَهِبُهَا وَهْوَ مُؤْمِنٌ » ،كما روى الطبراني ,أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم ) قال : ( إن الزناة تشتعل وجوههم نارا ) …. فإذا كان الزنى كبيرة من كبائر الذنوب ,فإنه يكون أعظم وزرا ,وأشد عقوبة إذا كان مع حليلة جارك , فيقول (صلى الله عليه وسلم) 🙁 الزاني بحليلة جاره لا ينظر الله إليه يوم القيامة ولا يزكيه , ويقول :أدخل النار مع الداخلين ) ولو تدبرنا قوله تعالى:( فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ) لتبين لنا أن هذه الآية تحمل الكثير والكثير من المعاني والمقاصد, فمن معانيها :أن من ابتغى بشهوته غير زوجته فقد تجاوز الحد, ومن أتى زوجته في غير فرجها ,كأن يأتيها في دبرها, فقد تعدى حدود الله :(فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ ). والرسول (صلى الله عليه وسلم) يقول: « لاَ يَنْظُرُ اللَّهُ إِلَى رَجُلٍ يَأْتِي امْرَأَتَهُ فِي دُبُرِهَا ». كما روى الإمام أحمد ,وغيره قوله (صلى الله عليه وسلم) 🙁 ملعون من أتى النساء في محاشهن) يعنى(أدبارهن) ،كما روى أصحاب السنن ,( إلا النسائي) ,أن رسول الله ( صلى الله عليه وسلم)قال: « مَنْ أَتَى حَائِضًا أَوِ امْرَأَةً فِي دُبُرِهَا أَوْ كَاهِنًا فَقَدْ كَفَرَ بِمَا أُنْزِلَ عَلَى مُحَمَّدٍ -صلى الله عليه وسلم- » .. فكل ذلك معنى بقوله 🙁 فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ ) … وكذلك من قضى شهوته بعمل قوم لوط ,(وهو أن يأتي الرجل الرجل) ( فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ)، والرسول (صلى الله عليه وسلم) يقول في الحديث ,الذي رواه أحمد (وَلَعَنَ اللَّهُ مَنْ عَمِلَ عَمَلَ قَوْمِ لُوطٍ وَلَعَنَ اللَّهُ مَنْ عَمِلَ عَمَلَ قَوْمِ لُوطٍ وَلَعَنَ اللَّهُ مَنْ عَمِلَ عَمَلَ قَوْمِ لُوطٍ ». ). كما روى ابن ماجة والترمذى ,أنه (صلى الله عليه وسلم) قال : ( « إِنَّ أَخْوَفَ مَا أَخَافُ عَلَى أُمَّتِى عَمَلُ قَوْمِ لُوطٍ ») .فكل ذلك يدخل تحت قوله تعالى:( فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ ) .وكذا من أتى شهوته في بهيمة أو غيرها , فقد تعدى حدود الله وتجاوز الحد .وقد روى الطبرانى والبيهقى أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم )قال 🙁 أربعة يصبحون في غضب الله , ويمسون في غضب الله ,قال أبو هريرة : من هم يا رسول الله ؟قال (المتشبهون من الرجال بالنساء , والمتشبهات من النساء بالرجال, والذي يأتى البهيمة, والذي يأتى الرجال)0 فكل ذلك يندرج تحت قوله تعالى : ( فأولئك هم العادون). وكذلك من استمنى بيده ( فأولئك هم العادون ) وقد ثبت عن عطاء وهو أصحاب ابن عباس (رضى الله عنهما ) أنه قال : ( سمعت قوما يحشرون ,وأيديهم حبالى , فأظنهم هؤلاء…أي.. الذين يستمنون بيدهم وقال سعيد بن جبير 🙁 عذب الله أمة كانوا يعبثون بمذاكيرهم… كما ورد (سبعة لا ينظر الله إليهم .. عد منهم ( الناكح يده ).. نعم… فكل أولئك هم من جملة (العادون) ثم نأتي إلى قوله تعالى (وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ ).. فمن صفات المؤمنين وأخلاقهم ,أنهم ( لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ) ومعنى (راعون) أي (حافظون) فإذا ائتمنوا.. لم يخونوا.. وإذا عاهدوا ..لم يغدروا ( والأمانة ) هي كل ما ائتمنك الله والناس عليه…فهناك أمانة القول..بأن تصدق ولا تكذب,أو تشهد زورا..وهناك أمانة العمل..بأن تؤدى عملك على خير وجه ,وفى أحسن صورة..فلا تغش, ولا تخدع ..وهناك أمانة العبادات(فالوضوء أمانة , والصلاة أمانة,والحج أمانة, .وهكذا.. فيجب أن تؤدى هذه العبادات على أكمل وجه , وتكون خالصة لله.. وهناك أمانة الودائع ,فلا تنكر حقوق الناس ولا تماطل في سداد ما عليك ، وقد روى الترمذي عن أنس (رضى الله عنه ) قال 🙁 ما خطبنا رسول الله ( صلى الله عليه وسلم) إلا قال : قَالَ مَا خَطَبَنَا نَبِيُّ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- إِلاَّ قَالَ « لاَ إِيمَانَ لِمَنْ لاَ أَمَانَةَ لَهُ وَلاَ دِينَ لِمَنْ لاَ عَهْدَ لَهُ ».
أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم لي ولكم
( الخطبة الثانية) (وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ )
الحمد لله رب العالمين ,حمدا يوافى نعمه , ويكافئ مزيده ,. وأشهد أن لا إله إلا الله , وحده لا شريك له .. وأشهد أن سيدنا محمدا عبده ورسوله , .. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين أما بعد . أيها المسلمون
وما زلنا مع قوله تعالى ( وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ ) .. فبعد أن تعرفنا على (الأمانة ) ,وصورها , نتعرف على ( العهد ),.والعهد هو كل ما ألزمت به نفسك تجاه الآخرين فمثلا . إذا عاهدت شريكا لك في تجارة , أو زراعة ,على نسبة معينة من الربح ,فقد ألزمت نفسك بذلك , وعليك أن تفي بعهدك وكذا.. إذا أعطيت إنسانا عهدا ألا تفشى سره, أو أن لا تضرب عنقه , فعليك أن تفي بعهدك … وقد روى ابن حبان أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم ) قال : ( أيما رجل أمن رجلا على دمه ,ثم قتله ,فأنا من القاتل برئ, وإن كان المقتول كافرا ).. ومن العهد الذى يجب الوفاء به ,أن لا تعود إلى ذنبك بعد ما تبت إلى الله منه , وعزمت أن لا تعود إليه , … فعلى الإنسان أن يحترم عهوده , ومواثيقه, والتزاماته وفى الحديث يقول ( صلى الله عليه وسلم ) : ( المسلمون عند شروطهم ) 0والذى لا يفي بعهده ,يسمى غادرا , والغدر من صفات المنافقين , .. فمن صفات المنافقين كما أخبر الرسول (صلى الله عليه وسلم) :(وإذا عاهد غدر) , والحق سبحانه وتعالى ,يقول في محكم آياته : ( وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْئُولًا ) الاسراء 34
الدعاء