دروس بعنوان ( وقفات مع آية من كتاب الله )
يوليو 22, 2016خطبة عن ( أم عمارة: ( نسيبة بنت كعب)
يوليو 23, 2016الخطبة الأولى ( فاطمة الزهراء بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم )
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
يقول الله تعالى في محكم آياته : (قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى ) الشورى 23، وروى البخاري في صحيحه (أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – قَالَ « فَاطِمَةُ بَضْعَةٌ مِنِّى ، فَمَنْ أَغْضَبَهَا أَغْضَبَنِي » وفي البخاري : (فَأَقْبَلَتْ فَاطِمَةُ – عَلَيْهَا السَّلاَمُ – تَمْشِى ، لاَ وَاللَّهِ مَا تَخْفَى مِشْيَتُهَا مِنْ مِشْيَةِ رَسُولِ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – فَلَمَّا رَآهَا رَحَّبَ قَالَ « مَرْحَبًا بِابْنَتِي » . وفي البخاري : (قَالَ صلى الله عليه وسلم « يَا فَاطِمَةُ أَلاَ تَرْضَيْنَ أَنْ تَكُونِي سَيِّدَةَ نِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ – أَوْ – سَيِّدَةَ نِسَاءِ هَذِهِ الأُمَّةِ »
إخوة الإسلام
فاطمة الزهراء هي بنت رسول الله محمد بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم القرشية سيدة نساء الأمة، وأحب الناس إلى رسول الله .أمها خديجة بنت خويلد بن أسد القرشية سيدة سيدات بيت النبوة. لقِّبت بالزهراء، وكانت تُكنى أم الحسن وأم الحسين، وكان يطلق عليها أم أبيها. زوجها هو علي بن أبي طالب القرشي الهاشمي، وابناها هما الحسن والحسين سيدا فتيان الجنة. ولدت فاطمة -رضي الله عنها- سنة إحدى وأربعين من مولد النبي صلى الله عليه وسلم ، وأنكح رسول الله فاطمة -رضي الله عنها- علي بن أبي طالب رضي الله عنه بعد وقعة أُحد، وكان سنُّها يوم تزويجها خمس عشرة سنة وخمسة أشهر ونصفًا، وكان سنُّ عليٍّ إحدى وعشرين سنة وخمسة أشهر. وكانت فاطمة -رضي الله عنها- أصغر بنات رسول الله ؛ إذ كانت زينب الأولى، ثم الثانية رقية، ثم الثالثة أم كلثوم، ثم الرابعة فاطمة الزهراء، وانقطع نسل رسول الله إلا منها؛ فإن الذكور من أولاده ماتوا صغارًا، وأما البنات فإن رقية -رضي الله عنها- ولدت عبد الله بن عثمان فتوفي صغيرًا، وأما أم كلثوم -رضي الله عنها- فلم تلد، وأما زينب -رضي الله عنها- فولدت عليًّا ومات صبيًّا، وولدت أمامة بنت أبي العاص فتزوجها عليّ ، ثم بعده المغيرة بن نوفل. قال الزبير : انقرض عقب زينب. وفي قصة زواجها كما في سنن البيهقي( عَنْ عَلِىٍّ رَضِىَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : لَقَدْ خُطِبَتْ فَاطِمَةُ بِنْتُ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- فَقَالَتْ لِي مَوْلاَةٌ لِي : هَلْ عَلِمْتَ أَنَّ فَاطِمَةَ تُخْطَبُ؟ قُلْتُ : لاَ أَوْ نَعَمْ قَالَتْ : فَاخْطُبْهَا إِلَيْهِ قَالَ قُلْتُ : وَهَلْ عِنْدِي شَيْءٌ أَخْطُبُهَا عَلَيْهِ قَالَ فَوَاللَّهِ مَا زَالَتْ تُرَجِّينِي حَتَّى دَخَلْتُ عَلَيْهِ وَكُنَّا نُجِلُّهُ وَنُعَظِّمُهُ فَلَمَّا جَلَسْتُ بَيْنَ يَدَيْهِ أُلْجِمْتُ حَتَّى مَا اسْتَطَعْتُ الْكَلاَمَ فَقَالَ :« هَلْ لَكَ مِنْ حَاجَةٍ ». فَسَكَتُّ فَقَالَهَا ثَلاَثَ مَرَّاتٍ قَالَ :« لَعَلَّكَ جِئْتَ تُخْطُبُ فَاطِمَةَ ». قُلْتُ : نَعَمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ :« هَلْ عِنْدَكَ مِنْ شَيْءٍ تَسْتَحِلُّهَا بِهِ ». قَالَ قُلْتُ : لاَ وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ :« فَمَا فَعَلَتِ الدِّرْعُ الَّتِي كُنْتُ سَلَّحْتُكَهَا ». قَالَ عَلِىٌّ : وَاللَّهِ إِنَّهَا لَدِرْعٌ حُطَمِيَّةٌ مَا ثَمَنُهَا إِلاَّ أَرْبَعُمِائَةِ دِرْهَمٍ قَالَ :« اذْهَبْ فَقَدْ زَوَّجْتُكَهَا وَابْعَثْ بِهَا إِلَيْهَا فَاسْتَحِلَّهَا بِهِ »
أيها المسلمون
وقد ولدت – رضي الله عنها- له الحسن والحسين وأم كلثوم وزينب، ولم يتزوج عليٌّ عليها غيرها حتى ماتت. وكانت فاطمة -رضي الله عنها- من قلب رسول الله بمكان؛ إذ كانت من أحب الناس إليه، كيف لا وهي بنت مَن رزقه الله حبها، وهي خديجة رضي الله عنها، وكانت أشبه الناس بها، فلما ماتت كانت تقوم مقام أمها في تخفيف الآلام والأحزان عنه ، وتساعده في شئون حياته ومعيشته، حتى بعد زواجه وزواجها رضي الله عنها. وكانت -رضي الله عنها- تستعين به وتستشيره في قضاء حوائجها، لعلمها بأنه سيخفف عنها ويدلها على الخير؛ وفي ذلك يروي زوجها علي رضي الله عنه كما في صحيح البخاري قال(عَلِىٌّ أَنَّ فَاطِمَةَ – عَلَيْهِمَا السَّلاَمُ – أَتَتِ النَّبِىَّ – صلى الله عليه وسلم – تَشْكُو إِلَيْهِ مَا تَلْقَى فِى يَدِهَا مِنَ الرَّحَى ، وَبَلَغَهَا أَنَّهُ جَاءَهُ رَقِيقٌ فَلَمْ تُصَادِفْهُ ، فَذَكَرَتْ ذَلِكَ لِعَائِشَةَ ، فَلَمَّا جَاءَ أَخْبَرَتْهُ عَائِشَةُ – قَالَ – فَجَاءَنَا وَقَدْ أَخَذْنَا مَضَاجِعَنَا ، فَذَهَبْنَا نَقُومُ فَقَالَ « عَلَى مَكَانِكُمَا » . فَجَاءَ فَقَعَدَ بَيْنِى وَبَيْنَهَا حَتَّى وَجَدْتُ بَرْدَ قَدَمَيْهِ عَلَى بَطْنِى فَقَالَ « أَلاَ أَدُلُّكُمَا عَلَى خَيْرٍ مِمَّا سَأَلْتُمَا ، إِذَا أَخَذْتُمَا مَضَاجِعَكُمَا – أَوْ أَوَيْتُمَا إِلَى فِرَاشِكُمَا – فَسَبِّحَا ثَلاَثًا وَثَلاَثِينَ ، وَاحْمَدَا ثَلاَثًا وَثَلاَثِينَ ، وَكَبِّرَا أَرْبَعًا وَثَلاَثِينَ ، فَهْوَ خَيْرٌ لَكُمَا مِنْ خَادِمٍ » . وفي مشهده الأخير وهو صلى الله عليه وسلم على فراش الموت، كان لها هذا الموقف المؤثر، كما في سنن ابن ماجة والمستدرك للحاكم (عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ لَمَّا وَجَدَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- مِنْ كَرْبِ الْمَوْتِ مَا وَجَدَ قَالَتْ فَاطِمَةُ وَاكَرْبَ أَبَتَاهْ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « لاَ كَرْبَ عَلَى أَبِيكِ بَعْدَ الْيَوْمِ إِنَّهُ قَدْ حَضَرَ مِنْ أَبِيكِ مَا لَيْسَ بِتَارِكٍ مِنْهُ أَحَدًا الْمُوَافَاةُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ». وفي صحيح مسلم (فَأَقْبَلَتْ فَاطِمَةُ تَمْشِى مَا تُخْطِئُ مِشْيَتُهَا مِنْ مِشْيَةِ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- شَيْئًا فَلَمَّا رَآهَا رَحَّبَ بِهَا فَقَالَ « مَرْحَبًا بِابْنَتِى ». ثُمَّ أَجْلَسَهَا عَنْ يَمِينِهِ أَوْ عَنْ شِمَالِهِ ثُمَّ سَارَّهَا فَبَكَتْ بُكَاءً شَدِيدًا فَلَمَّا رَأَى جَزَعَهَا سَارَّهَا الثَّانِيَةَ فَضَحِكَتْ. فَقُلْتُ لَهَا خَصَّكِ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- مِنْ بَيْنِ نِسَائِهِ بِالسِّرَارِ ثُمَّ أَنْتِ تَبْكِينَ فَلَمَّا قَامَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- سَأَلْتُهَا مَا قَالَ لَكِ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَتْ مَا كُنْتُ أُفْشِى عَلَى رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- سِرَّهُ. قَالَتْ فَلَمَّا تُوُفِّىَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قُلْتُ عَزَمْتُ عَلَيْكِ بِمَا لِى عَلَيْكِ مِنَ الْحَقِّ لَمَا حَدَّثْتِنِي مَا قَالَ لَكِ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فَقَالَتْ أَمَّا الآنَ فَنَعَمْ أَمَّا حِينَ سَارَّنِي فِي الْمَرَّةِ الأُولَى فَأَخْبَرَنِي « أَنَّ جِبْرِيلَ كَانَ يُعَارِضُهُ الْقُرْآنَ فِى كُلِّ سَنَةٍ مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ وَإِنَّهُ عَارَضَهُ الآنَ مَرَّتَيْنِ وَإِنِّي لاَ أُرَى الأَجَلَ إِلاَّ قَدِ اقْتَرَبَ فَاتَّقِى اللَّهَ وَاصْبِرِي فَإِنَّهُ نِعْمَ السَّلَفُ أَنَا لَكِ » . قَالَتْ فَبَكَيْتُ بُكَائِي الَّذِى رَأَيْتِ فَلَمَّا رَأَى جَزَعِي سَارَّنِي الثَّانِيَةَ فَقَالَ « يَا فَاطِمَةُ أَمَا تَرْضَىْ أَنْ تَكُونِي سَيِّدَةَ نِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ أَوْ سَيِّدَةَ نِسَاءِ هَذِهِ الأُمَّةِ ». قَالَتْ فَضَحِكْتُ ضَحِكِي الَّذِى رَأَيْتِ. )
أيها المسلمون
ومن مواقف فاطمة الزهراء رضي الله عنها مع الصديق أبي بكر رضي الله عنه ، أنه حين توفي رسول الله وجاءته تطلب إرثها؛ فعن أبي الطفيل قال: جاءت فاطمة -رضي الله عنها- إلى أبي بكر ، فقالت: يا خليفة رسول الله، أنت ورثت رسول الله أم أهله؟! قال: بل أهله. قالت: فما بال سهم رسول الله؟ قال: إني سمعت رسول الله يقول: “إذا أطعم الله نبيًّا طعمة ثم قبضه جعله للذي يقوم بعده”، فرأيتُ أن أردَّه على المسلمين. فقالت: أنت ورسول الله أعلم. ولقد كان لرسول الله المعلم والمربي تأثيرٌ كبيرٌ في شخص ابنته فاطمة رضي الله عنها، فمن يوم أن جاء جبريل بقوله تعالى: {وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِينَ} [الشعراء: 214]، فقد روى البخاري في صحيحه (أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ قَامَ رَسُولُ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – حِينَ أَنْزَلَ اللَّهُ ( وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِينَ ) قَالَ « يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ – أَوْ كَلِمَةً نَحْوَهَا – اشْتَرُوا أَنْفُسَكُمْ ، لاَ أُغْنِى عَنْكُمْ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا ، يَا بَنِى عَبْدِ مَنَافٍ ، لاَ أُغْنِى عَنْكُمْ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا ، يَا عَبَّاسُ بْنَ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ ، لاَ أُغْنِى عَنْكَ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا ، وَيَا صَفِيَّةُ عَمَّةَ رَسُولِ اللَّهِ ، لاَ أُغْنِى عَنْكِ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا وَيَا فَاطِمَةُ بِنْتَ مُحَمَّدٍ سَلِينِي مَا شِئْتِ مِنْ مَالِي ، لاَ أُغْنِى عَنْكِ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا » . وفي سنن البيهقي والمستدرك للحاكم ( قَالَ ثَوْبَانُ : فَدَخَلَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- عَلَى فَاطِمَةَ وَأَنَا مَعَهُ وَقَدْ أَخَذَتْ مِنْ عُنُقِهَا سِلْسِلَةً مِنْ ذَهَبٍ فَقَالَتْ : هَذِهِ أَهْدَاهَا لِي أَبُو حَسَنٍ وَفِى يَدِهَا السِّلْسِلَةُ فَقَالَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- :« أَيَسُرُّكِ أَنْ يَقُولَ النَّاسُ فَاطِمَةُ بِنْتُ مُحَمَّدٍ فِي يَدِهَا سِلْسِلَةٌ مِنْ نَارٍ ». فَخَرَجَ وَلَمْ يَقْعُدْ فَعَمَدَتْ فَاطِمَةُ إِلَى السِّلْسِلَةِ فَبَاعَتْهَا فَاشْتَرَتْ بِهِ نَسَمَةً وَأَعْتَقَتْهَا فَبَلَغَ ذَلِكَ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- فَقَالَ :« الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِى نَجَّى فَاطِمَةَ مِنَ النَّارِ ». ومن ملامح شخصية فاطمة الزهراء رضي الله عنها أنها كانت الأصدق لهجة ويُروى في ذلك عن عائشة -رضي الله عنها- أنها كانت إذا ذُكرت فاطمة بنت النبي ، قالت: “ما رأيت أحدًا كان أصدق لهجة منها إلا أن يكون الذي ولدها”. وكانت رضي الله عنها الأشد حياء، إذا كان مربيها أشد حياءً من العذراء في خدرها، فكيف نتوقع أن تكون هي رضي الله عنها؟! فلقد بلغ من شدة حيائها -رضي الله عنها- أنها كانت تخشى أن يصفها الثوب بعد وفاتها، وأنها استقبحت ذلك كثيرًا حتى جعلت لها أسماء بنت عُمَيْس -رضي الله عنها- نعشًا، وهو أول ما كان النعش آنذاك. ثم الأكثر من ذلك أنها -رضي الله عنها- أمرت أسماء أن تغسّلها هي وزوجها فقط، وأن لا تُدخِل عليها أحدًا، فكانت -رضي الله عنها- أول من غُطِّي نعشها من النساء في الإسلام. ففي المستدرك ( عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : قد مرضت فاطمة مرضا شديدا فقالت لأسماء بنت عميس : ألا ترين إلى ما بلغت أحمل على السرير ظاهرا أسماء : ألا لعمري و لكن أصنع لك نعشا كما رأيت يصنع بأرض الحبشة قالت : فأرنيه قال : فأرسلت أسماء إلى جرائد رطبة و فقطعت من الأسواف وجعلت على سرير نعشا وهو أول ما كان النعش فتبسمت فاطمة و ما رأيتها متبسمة بعد أبيها إلا يومئذ ثم حملناها و دفناها ليلا) ،وكانت رضي الله عنها ترضى بأقل القليل ، فهي رضي الله عنها – وإن كانت تعلم أنها بنت سيد المرسلين وخاتم النبيين وسيد ولد آدم- لم تطمع في الحياة، ولم تطمح نفسها إلى الخيال بالعيش الراغد والحياة الهنيئة، بل إنها قد ضُرب بها المثل في زواجها اليسير المهر، القليل المؤنة، فقد كان مهرها درعًا، وأساس متاعها ما هو إلا سرير مشروط، ووسادة من أَدَمٍ حَشْوُها ليفٌ، وقِرْبة. وبعد زواجها -رضي الله عنها- عاشت حياة بسيطة متواضعة، فهي تطحن وتعجن خبزها بيديها مع إدارة كافة شئون بيتها الأخرى، إضافةً إلى واجبات زوجها عليها كما تعلمتها في بيت أبيها .
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية ( فاطمة الزهراء بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم )
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
ومن فضائل فاطمة الزهراء رضي الله عنها : (1) :أنها كانت أحب أهل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم إليه فقد روى الترمذي (أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ قَالَ كُنْتُ جَالِسًا عِنْدَ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- إِذْ جَاءَ عَلِىٌّ وَالْعَبَّاسُ يَسْتَأْذِنَانِ فَقَالاَ يَا أُسَامَةُ اسْتَأْذِنْ لَنَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-. فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ عَلِىٌّ وَالْعَبَّاسُ يَسْتَأْذِنَانِ. فَقَالَ « أَتَدْرِى مَا جَاءَ بِهِمَا ». قُلْتُ لاَ أَدْرِىَ. فَقَالَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- « لَكِنِّى أَدْرِى ». فَأَذِنَ لَهُمَا فَدَخَلاَ فَقَالاَ يَا رَسُولَ اللَّهِ جِئْنَاكَ نَسْأَلُكَ أَيُّ أَهْلِكَ أَحَبُّ إِلَيْكَ قَالَ « فَاطِمَةُ بِنْتُ مُحَمَّدٍ ». فَقَالاَ مَا جِئْنَاكَ نَسْأَلُكَ عَنْ أَهْلِكَ. قَالَ « أَحَبُّ أَهْلِي إِلَىَّ مَنْ قَدْ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتُ عَلَيْهِ أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ » . قَالاَ ثُمَّ مَنْ قَالَ « ثُمَّ عَلِىُّ بْنُ أَبِى طَالِبٍ ». قَالَ الْعَبَّاسُ يَا رَسُولَ اللَّهِ جَعَلْتَ عَمَّكَ آخِرَهُمْ قَالَ « لأَنَّ عَلِيًّا قَدْ سَبَقَكَ بِالْهِجْرَةِ » . (2) : وهي رضي الله عنها شجنة من رسول الله صلى الله عليه وسلم ففي مسند أحمد (رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ « فَاطِمَةُ شُجْنَةٌ مِنِّى يَبْسُطُنِي مَا بَسَطَهَا وَيَقْبِضُنِي مَا قَبَضَهَا وَإِنَّهُ يَنْقَطِعُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ الأَنْسَابُ وَالأَسْبَابُ إِلاَّ نَسَبِى وَسَبَبِي ». (3): وهي رضي الله عنها من خير نساء العالمين ففي سنن الترمذي (عَنْ أَنَسٍ رضى الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ « حَسْبُكَ مِنْ نِسَاءِ الْعَالَمِينَ مَرْيَمُ ابْنَةُ عِمْرَانَ وَخَدِيجَةُ بِنْتُ خُوَيْلِدٍ وَفَاطِمَةُ بِنْتُ مُحَمَّدٍ وَآسِيَةُ امْرَأَةُ فِرْعَوْنَ » وقد روت رضي الله عنها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم الكثير من الأحاديث التي تدل على فقهها وعلمها
أيها المسلمون
وأما عن وفاة فاطمة الزهراء رضي الله عنها فلم تمض على وفاة رسول الله حوالي ستة أشهر حتى مرضت وانتقلت إلى جوار ربها ليلة الثلاثاء لثلاث خلون من شهر وهي بنت سبع وعشرين سنة،.وكانت أول أهله لحوقًا به، وصلى عليها زوجها علي بن أبي طالب بعد أن غسّلها هو وأسماء بنت عميس رضي الله عنها، وكانت أشارت عليه أن يدفنها ليلاً. لقد ضربت لنا فاطمة الزهراء رضي الله عنها نموذجا فريدا ومثلا أعلى في حياتها فرضي الله عن فاطمة الزهراء وعن آل بيت رسول الله أجمعين
الدعاء