خطبة عن حديث (إِنَّ مِنْ أَشْرَاطِ السَّاعَةِ: أَنْ يُرْفَعَ الْعِلْمُ وَيَثْبُتَ الْجَهْلُ)
سبتمبر 22, 2018خطبة عن (الإسلام علمني)
سبتمبر 22, 2018الخطبة الأولى ( من علماء الإسلام : سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ )
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
يقول الله تعالى في محكم آياته وهو أصدق القائلين : (إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ ) (28) فاطر ، وروى أبو داود في سننه : (عَنْ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ « إِنَّ اللَّهَ يَبْعَثُ لِهَذِهِ الأُمَّةِ عَلَى رَأْسِ كُلِّ مِائَةِ سَنَةٍ مَنْ يُجَدِّدُ لَهَا دِينَهَا ». وفي سنن الترمذي : (رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ « مَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَبْتَغِى فِيهِ عِلْمًا سَلَكَ اللَّهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ وَإِنَّ الْمَلاَئِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا رِضًا لِطَالِبِ الْعِلْمِ وَإِنَّ الْعَالِمَ لَيَسْتَغْفِرُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَمَنْ فِي الأَرْضِ حَتَّى الْحِيتَانُ فِي الْمَاءِ وَفَضْلُ الْعَالِمِ عَلَى الْعَابِدِ كَفَضْلِ الْقَمَرِ عَلَى سَائِرِ الْكَوَاكِبِ إِنَّ الْعُلَمَاءَ وَرَثَةُ الأَنْبِيَاءِ إِنَّ الأَنْبِيَاءَ لَمْ يُوَرِّثُوا دِينَارًا وَلاَ دِرْهَمًا إِنَّمَا وَرَّثُوا الْعِلْمَ فَمَنْ أَخَذَ بِهِ أَخَذَ بِحَظٍّ وَافِرٍ ».
إخوة الإسلام
إن العلماء ورثة الأنبياء، فهم قائمون في الأمة مقامهم، ومضطلعون بدورهم، والناس دائمًا تتطلع إليهم، وعيونهم معلقة بهم، خاصة وقت الأزمات والنوازل، وكلما كان العالم الرباني منظورًا إليه، مقتدى به، كانت التبعة أعظم، والمحنة أشد، فالعالم الرباني هو رجل الأمة ودليل العامة، ودرع الحق والشرع الذي يحمي بيضة الدين، ويذب عن حياضه، وبثباته على الحق يثبت الكثيرون، لذلك ما من عالم رباني قام في الأمة إلا تعرض لكثير من المحن والابتلاءات، وعالمنا الرباني الذي نتحدث عنه اليوم إن شاء الله ، هو سيد التابعين، وقدوة السلف، وفقيه الفقهاء السبعة، وجبل العلم، وآية الحفظ، والعالم العامل، والزاهد العابد، إنه الإمام أبو محمد (سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ) بن حرب بن أبي وهب بن عمرو القرشي المخزومي المدني. وأمه هي أم سعيد بنت حكيم بن أمية بن حارثة بن الأوقص السُّلَميّة ، وقد ولد سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ في أواخر خلافة عمر بن الخطاب رضي الله عنه بالمدينة، ورغم نسبه القرشي في أعرق بطونها إلا أنه نشأ بالمدينة، وترعرع وظل بها طوال حياته لم يفارقها أبدًا إلا لحج، أو عمرة، أو جهاد، وكانت المدينة وقتها درة الأمصار الإسلامية، بها ثلة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وأزواجه رضوان الله عليهم، فاستغنى سعيد بن المسيب بالمدينة عن غيرها، وانقطع لمن بها من الصحابة، فجلس إلى أعلامهم، ونهل من علومهم، وأخذ أيضًا من أزواج النبي صلى الله عليه وسلم، وقيل أنه كان يسير الأيام والليالي في طلب الحديث الواحد ، وسَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ قد وهبه الله في نشأته الباكرة ذكاءً متوقدًا، وذاكرة قوية، حتى شهد له كبار الصحابة والتابعين بعلو المكانة في العلم، وكان رأس فقهاء المدينة في زمانه، والمقدم عليهم في الفتوى، حتى اشتهر بفقيه الفقهاء، وكان عبد الله بن عمر -رضي الله عنه- وهو المقدم في الفتوى بالمدينة آنذاك- إذا سئل عن مسألة صعبة في الفقه، كان يقول: سلوا سعيدًا فقد جالس الصالحين. ومن شدة اهتمامه بالعلم، وبحديث النبي صلى الله عليه وسلم أحبه الصحابة جميعًا، وأثنوا عليه، وزوَّجه أبو هريرة رضي الله عنه من ابنته، واصطفاه بالرعاية والعناية، وحمل سعيد بن المسيب حديث أبي هريرة كله، وهو الأكثر رواية من بين الصحابة، كما اختص سعيد بن المسيب حديث ابن عمر رضي الله عنهما، وحمل عنه علم أبيه أمير المؤمنين عمر بن الخطاب، خاصة أقضيته الشهيرة، حتى برع فيها، وصار الناس يسألونه عنها في حياة ابن عمر.
لذلك كان سعيد بن المسيب إمامًا من كبار علماء الأمة، وممن جمع بين العلم والعمل، فلقد كان عابدًا ورعًا تقيًا، مشهورًا بالمحافظة على صلاة الجماعة بالصف الأول وتكبيرة الإحرام، حتى قال عن نفسه: ما أذن المؤذن من ثلاثين سنة إلا وأنا في المسجد، وما فاتتني الصلاة في الجماعة منذ أربعين سنة، حتى إن الطاغية مسلم بن عقبة المري لما استولى على المدينة سنة 63هـ في موقعة الحرة منع الناس من الصلاة في المسجد النبوي؛ فخاف الجميع منه ما عدا سعيد بن المسيب، الذي رفض أن يخرج من المسجد النبوي؛ أو يترك صلاة الجماعة، وكان أيضًا مشهورًا بسرد الصوم، وقيام الليل، وكثرة الذكر، والزهد الشديد، حتى قال عن نفسه: ما أظلني بيت بالمدينة بعد منزلي، إلا أن آتي ابنة لي، فأسلم عليها أحيانًا، فالإمام سعيد بن المسيب من أئمة المسلمين وسادتهم، ومن أعلامهم الكبار، الذين شهد لهم أهل العلم، وأنزلوه منازلهم، وعرفوا قدرهم، وهذه هي بعض أقوال أهل العلم في الإمام سعيد بن المسيب: قال مكحول الدمشقي: طفت الأرض كلها في طلب العلم، فما لقيت أحدًا أعلم من سعيد بن المسيب. وقال الزهري: جالسته سبع حجج، وأنا لا أظن عند أحد علمًا غيره. وقال يحيى بن حبان: كان رأس المدينة في دهره، وقال قتادة: ما رأيت أحدًا أعلم بالحلال والحرام من سعيد بن المسيب.
أيها المسلمون
ومن كلماته الخالدة ،ونظرته إلى النفس ، قوله : ما أكرمت العباد أنفسها بمثل طاعة الله عز وجل، ولا أهانت أنفسها بمثل معصية الله، وكفى بالمؤمن نصرة من الله أن يرى عدوه يعمل بمعصية الله. وكان يقول: يد الله فوق عباده فمن رفع نفسه وضعه الله، ومن وضعها رفعه الله، الناس تحت كنفه يعملون أعمالهم فإذا أراد الله فضيحة عبد أخرجه من تحت كنفه فبدت للناس عورته ،أما عن مفهومه للعبادة : فعن بكر بن خنيس، قال: قلت لسعيد بن المسيب وقد رأيت أقواماً يصلون ويتعبدون: يا أبا محمد ألا تتعبد مع هؤلاء القوم? فقال لي: يا ابن أخي إنها ليست بعبادة، قلت له: فما التعبد يا أبا محمد؟ قال: التفكر في أمر الله والورع عن محارم الله وأداء فرائض الله تعالى. ومن مواقفه الفريدة والتي تدل على تقواه وزهده ، فعن ابن أبي وداعة، قال: كنت أجالس سعيد بن المسيب ففقدني أياماً فلما جئته قال: أين كنت؟ قال: توفيت أهلي فاشتغلت بها، فقال: ألا أخبرتنا فشهدناها، قال: ثم أردت أن أقوم فقال: هل استحدثت امرأة، فقلت: يرحمك الله ومن يزوجني وما أملك إلا درهمين أو ثلاثة، فقال: أنا، فقلت: أو تفعل، قال: نعم، ثم حمد الله تعالى وصلى على النبي صلى الله عليه وسلم وزوجني على درهمين أو قال: ثلاثة قال: فقمت ولا أدري ما أصنع من الفرح فصرت إلى منزلي وجعلت أتفكر ممن آخذ وممن أستدين فصليت المغرب وانصرفت إلى منزلي واسترحت وكنت وحدي صائماً فقدمت عشائي أفطر كان خبزاً وزيتاً، فإذا بآت يقرع، فقلت: من هذا? قال: سعيد، قال: فتفكرت في كل إنسان اسمه سعيد إلا سعيد بن المسيب فإنه لم ير أربعين سنة إلا بين بيته والمسجد فقمت فخرجت فإذا سعيد بن المسيب فظننت أنه بدا له، فقلت: يا أبا محمد إلا أرسلت إلي فآتيك، قال: لأنت أحق أن يؤتى، قال: قلت: فما تأمر، قال: إنك كنت رجلاً عزباً فتزوجت فكرهت أن تبيت الليلة وحدك وهذا امرأتك فإذا هي قائمة من خلفه في طوله، ثم أخذها بيدها فدفعها بالباب ورد بالباب فسقطت المرأة من الحياء فاستوثقت من الباب ثم قدمتها إلى القصة التي فيها الزيت والخبز فوضعتها في ظل السراج لكي لا تراه ثم صعدت إلى السطح فرميت الجيران، فجاءوني فقالوا: ما شأنك؟ قلت: ويحكم زوجني سعيد بن المسيب ابنته اليوم وقد جاء بها على غفلة، فقالوا: سعيد بن المسيب زوجك? قلت: نعم، وها هي في الدار، قال: فنزلوا هم إليها وبلغ أمي فجاءت، وقالت: وجهي من وجهك حرام إن مسستها قبل أن أصلحها إلى ثلاثة أيام، قال: فأقمت ثلاثة أيام ثم دخلت بها فإذا هي من أجمل الناس، وإذا هي من أحفظ الناس لكتاب الله وأعلمهم لسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأعرفهم بحق الزوج، قال: فمكثت شهراً لا يأتيني سعيد ولا آتيه، فلما كان قرب الشهر أتيت سعيداً وهو في حلقته فسلمت عليه فرد علي السلام ولم يكلمني حتى تقوض أهل المجلس فلما لم يبق غيري، قال: ما حال ذلك الإنسان، قلت: خيراً يا أبا محمد على ما يحب الصديق ويكره العدو، قال: إن رابك شيء فالعصا فانصرفت إلى منزلي فوجه إلي بعشرين ألف درهم، .،وقد حرص سعيد على حضور صلاة الجماعة، وواظب على حضورها أربعين سنة لم يتخلف عن وقت واحد، وكان سعيد تقيًّا ورعًا، يذكر الله كثيرًا، جاءه رجل وهو مريض، فسأله عن حديث وهو مضطجع فجلس فحدثه، فقال له ذلك الرجل: وددت أنك لم تتعن ولا تتعب نفسك، فقال: إني كرهت أن أحدثك عن رسول الله وأنا مضطجع،
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية ( من علماء الإسلام : سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ )
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
وكان سعيد بن المسيب شديدًا في الحق، لا يداهن الحكام ، ولا يسكت عن خطاياهم، وكان يقول: «لا تملئوا أعينكم من أعوان الظلمة إلا بإنكار من قلوبكم، لكي لا تحبط أعمالكم الصالحة» ، فمن أجل ذلك فقد كانت بينه وبين الأمويين خصومة لما رأى من سوء سيرتهم، وكان لا يقبل عطاءهم المفروض له في بيت المال حتى جاوز بضع وثلاثون ألفًا، وكان يدعى إليها فيأبى ويقول: «لا حاجة لي فيها حتى يحكم الله بيني وبين بني مروان»، وقد عاش سعيد طيلة حياته مرفوع الرأس، عزيز النفس، فلم يحنِ رأسه أبدًا لأي إنسان، حتى ولو ألهبوا ظهره بالسياط، أو هددوه بقطع رقبته، . وقد تعرض سعيد بن المسيب لمحنتين : كانت أول محنة مع الظالمين سنة 63هـ عندما وقعت فاجعة الحرة بأهل المدينة، وانتهك جيش يزيد بن معاوية بقيادة مسلم بن عقبة المري حرمة المدينة، وأخذ الطاغية مسلم بن عقبة المري في استعراض الناس على السيف، فقتل منهم المئات، وأحضر الإمام سعيد بن المسيب بين يديه، فقال له: بايع، فقال سعيد: أبايع على سيرة أبي بكر وعمر، فغضب الطاغية من ذلك، لأن الطغاة على مر العصور تؤرقهم وتقض مضاجعهم سيرة العمرين، وأخبار العدل والإحسان في عهدهما، فغضب الطاغية، وأمر بضرب عنقه، فقام أحد أعيان المدينة وشهد أن الإمام سعيد مجنون لا يقبل منه، فأعرض عنه الطاغية وتركه. ولما استوثق الأمر لابن الزبير سنة 64هـ أرسل جابرًا بن الأسود واليًا من طرفه على المدينة، فدعا الناس إلى البيعة لابن الزبير، فقال سعيد بن المسيب: لا حتى يجتمع الناس – يقصد في جميع الأمصار – فضربه ستين سوطًا، فبلغ ذلك ابن الزبير، فكتب إلى جابر يلومه ويقول: مالنا ولسعيد. وفي سنة 84هـ توفي عبد العزيز بن مروان بمصر، وكان ولي عهد الخليفة، ولما طلب من سعيد المبايعة رفض بشدة لعدم صلاحية الوليد للولاية – بحسب رأي الإمام سعيد – فقام والي المدينة هشام بن المغيرة بجلد الإمام سعيد في محضر عام من الناس، وقام بتشهيره على حمار، وقد ألبسوه ثوبًا من شعر، وطافوا به في المدينة، ثم ردوه إلى السجن، وكان الإمام وقتها قد جاوز الستين سنة، ومع ذلك لم يعط بيعته، وصمم على رأيه، ولو هددوه بالقتل ما تغير موقفه أبدًا. وبعد أن ضربوه وشهروه وحبسوه، منعوه من إلقاء الدروس بالمسجد النبوي، ومنعوا أحدًا من الجلوس إليه، فكان الإمام العَلَم الذي يفتقر الناس إلى علمه، أفقه فقهاء المدينة، والمعول عليه عند نوازل الأمور يجلس وحيدًا في المسجد، لا يجرؤ أحد على مجالسته، وكان هو يشفق على الغرباء أن ينالهم أذى إذا طلبوا الحديث معه، فيقول لمن جاءه: إنهم قد جلدوني، ومنعوا الناس أن يجالسوني.
ولما تولى الخلافة الوليد بن عبد الملك سنة 86هـ بزيارة المدينة، ودخل المسجد النبوي فوجد حلقة علم سعيد بن المسيب، فأرسل يطلبه فرفض الإمام سعيد بعزة العالم، واستعلاء المؤمن الحق أن يفض درس علمه ويذهب للخليفة، فغضب الوليد بشدة وهم بقتله، وكان الوليد يبغض الإمام سعيد بن المسيب بوجه خاص لسببين: أولهما رفض سعيد مبايعته بولاية العهد من قبل، ثانيهما رفض سعيد طلب خطبة الوليد لابنته التي زوجها على ثلاثة دراهم لتلميذه كثير بن أبي وداعة، ولما رأى الناس عزم الوليد على الفتك بالإمام سعيد قالوا له: يا أمير المؤمنين فقيه المدينة، وشيخ قريش، وصديق أبيك، وأخذوا في تهدئته حتى صرفوه عنه. ولكن على الرغم من كثرة المحن التي تعرض لها الإمام سعيد أيام الأمويين إلا إنه كان يرفض الخروج عليهم، أو حتى الدعاء عليهم؛ فلقد قال له رجل من آل عمر بن الخطاب: ادع على بني أمية، قال سعيد: اللهم أعزَّ دينك، وأظهر أولياءك، وأخز أعداءك، في عافية لأمة محمد صلى الله عليه وسلم، وهكذا يكون علماء الأمة الكبار، كمال في كل حال.
أيها المسلمون
وذات يوم مرض سعيد، واشتد وجعه، فدخل عليه نافع بن جبير يزوره، فأغمى عليه، فقال نافع: وَجِّهوه، ففعلوا، فأفاق فقال: من أمركم أن تحولوا فراشي إلى القبلة.. أنافع؟ قال: نعم، قال له سعيد: لئن لم أكن على القبلة والملة والله لا ينفعني توجيهكم فراشي، ولما احتضر سعيد بن المسيب ترك مالاً، فقال: اللهم إنك تعلم أني لم أتركها إلا لأصون بها ديني، ومات سعيد سنة ثلاث أو أربع وتسعين من الهجرة، فرحمه الله رحمة واسعة. وقد أوصى سعيد في مرضه الذي مات فيه، فقال: «إذا ما مُت، فلا تضربوا على قبري فُسطاطًا، ولا تحملوني على قطيفة حمراء، ولا تتبعوني بنار، ولا تُؤْذِنُوا بي أحدًا. حسبي من يُبَلِّغني ربي، ولا يتبعني راجز». وقد أعقب سعيد من الأبناء محمد وسعيد وإلياس وأم عثمان وأم عمرو وفاختة، وأمهم أم حبيب بنت أبي كريم بن عامر بن عبد ذي الشرى الدوسية، ومريم وأمها أم ولد، إضافة إلى زوجة أخرى وهي ابنة الصحابي أبي هريرة.
الدعاء