خطبة عن (الْقَلْبُ السَلِيم)
يناير 29, 2024خطبة عن (منزلة الشهادة والشهداء في الإسلام)
يناير 31, 2024الخطبة الأولى (علاج المرأة الناشز)
الحمد لله رب العالمين. اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان. ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له. وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد أيها المسلمون
يقول الله تعالى: (الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا (34) وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا إِنْ يُرِيدَا إِصْلَاحًا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا خَبِيرًا) (34)، (35) النساء
إخوة الإسلام
من آيات الله تعالى، ومن دلائل قدرته، ونعمه علينا: أن خلق لنا من أنفسنا أزواجاً، لنسكن إليهن، وجعل بيننا وبينهن مودة ورحمة، فقال تعالى: (وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ) الروم: (21)، وأمر الله تعالى بالإحسان بين الزوجين، والمعاشرة بالمعروف، فقال تعالى: (وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا) (19) النساء
ومع هذا فالله تعالى يعلم بأنه سوف يكون بين الأزواج والزوجات أحيانا خلافات، وهذا واقع لا محالة، فالخلاف بين البشر سنة من سنن الله في خلقه، قال تعالى: (وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ (118) إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ) هود: (118)، (119)، ولذلك، فقد بين الله لنا كيفية التعامل مع هذا الخلاف والاختلاف، وكيف نعالجه، فمن الملاحظ أن بعض البيوت تنهار بسبب عدم معرفتها بأحكام الشرع في معالجة هذا الاختلاف، ويكون من جراء ذلك الويلات، فقد أمر الله تعالى كلاً من الزوجين بالوفاء للآخر بالحقوق، وأمر أن تكون المعاشرة بينهما بالمعروف، لأن الفراق ما بين الزوجين انهيار للأسرة، وضياع للأولاد، وسبب للتعاسة، والأمراض النفسية، وتقطيع الأواصر، وتكريس الخلافات بين الأسر والعوائل،
ولما ذكر الله تعالى قوامة الرجال على النساء، وأن الرجل هو القائد والأمير، وأنه السيد في بيته، وذلك بما فضله الله من العقل، وقوة الجسد، وقيامه بالنفقة، وقدرته على تحصيل الرزق، فإن الله تعالى ذكر أوصاف النساء الصالحات، بعد ذكر وظائف الرجال، فقال تعالى: (فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ) النساء:34، فهذا القسم الأول من النساء، وهن المطيعات الصالحات. ثم ذكر الله تعالى القسم الثاني من النساء بعده، فقال تعالى: (وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ): وهن الزوجات العاصيات المتمردات، فالمرأة الناشز هي العاصية لزوجها، الرافعة لنفسها عليه تكبراً، وهي المتعالية، المستعصية عليه، التاركة لأمره، المعرضة عنه، المبغضة له، فإذا دعاها لم تجبه، وإذا خاطبها لم تخضع لأمره، وترفع صوتها عليه، وتتأبى عندما يناديها إلى فراشه، أو تخرج من بيته بغير إذنه، وتؤذيه بالقول والفعل، أو تكون مسترجلةً، تعمل أعمال الرجال، فهذه بعض صفات الزوجة الناشز، وقد تغتر بجمالها، أو حسبها، أو مالها، فيؤدي ذلك إلى الاستعلاء على الزوج، والتكبر عليه وهذا كله من النشوز.
ومن المعلوم أن نشوز المرأة على زوجها محرم شرعا، بل الواجب عليها طاعته في المعروف، وفي غير معصية، لأن النشوز يولد الشحناء والبغضاء، ويوجب النفور، ويقسّي النفوس، ويلحق البلاء بالطرفين، ويؤدي إلى ضياع الأولاد، ووجود القدوة السيئة بينهم، وقد بيّن النبي ﷺ عظم حق الزوج على زوجته، ففي مسند أحمد: (قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- «إِذَا صَلَّتِ الْمَرْأَةُ خَمْسَهَا وَصَامَتْ شَهْرَهَا وَحَفِظَتْ فَرْجَهَا وَأَطَاعَتْ زَوْجَهَا قِيلَ لَهَا ادْخُلِي الْجَنَّةَ مِنْ أَيِّ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ شِئْتِ». وفي سنن الترمذي وغيره: (عَنِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ «لَوْ كُنْتُ آمِرًا أَحَدًا أَنْ يَسْجُدَ لأَحَدٍ لأَمَرْتُ الْمَرْأَةَ أَنْ تَسْجُدَ لِزَوْجِهَا»، وفي الصحيحين: (قَالَ النَّبِيُّ – صلى الله عليه وسلم – «إِذَا بَاتَتِ الْمَرْأَةُ مُهَاجِرَةً فِرَاشَ زَوْجِهَا لَعَنَتْهَا الْمَلاَئِكَةُ حَتَّى تَرْجِعَ ».
أيها المسلمون
وإذا كان الخلاف بين الزوجين أمرا واردا، وأن بعض الزوجات قد يحصل ويقع منها النشوز ،فقد بين الله لنا العلاج، وذكر لنا كيفية التعامل مع هذا النوع من النساء الناشزات، فقال تعالى: (وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ) أي: تمردهن، برؤية الأمارات الدالة عليه، (فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا ):
فالمرتبة الأولى في علاج نشوز المرأة: الوعظ والنصح ترغيباً وترهيباً، والتخويف بالله تعالى، وأن يذكرها بعقابه، ويبيّن لها ما ذكره ربها من حق زوجها عليها، وتحريم معصيته في المعروف، ويذكرها بحسن الصحبة التي جاءت بها الشريعة، وجميل العشرة التي ينبغي أن تكون عليها، ويذكرها بما أوجب الله له عليها من الحق والطاعة، وما يلحقها من الإثم بالمخالفة والمعصية، وما يسقط بذلك من حقوقها، من النفقة، والكسوة، وما يباح له من ضربها، وهجرها، وهذا أول ما ذكره الله تعالى من الإجراءات بين الزوجين، إذا نشزت المرأة، ولا بأس أن يأتي لها بالموعظة من غيره، كشريط تستمع إليه، أو شيء تقرأه، أو رجل صالحٍ من أقربائها مثلاً يعظها ويذكرها.
فإن لم تستجب الزوجة الناشز، وما زالت مصرة على مخالفتها لزوجها، فعليه أن ينتقل للمرحلة التالية من مراتب العلاج والاستصلاح وهي: (وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ): والهجران: ألا يجامعها، وأن يُوَلِّيهَا ظَهْرَهُ فِي فِرَاشِهِ. قال سعيد بن جبير: الهجر هجرُ الجماع. وجاء أيضاً: ” لا يكلمها ولا يحدّثها، وذلك عليها شديد”. والهجر إنما يكون في المضجع لا في البيت، فلا يجوز له أن يهجرها في غير الفراش، ففي مسند أحمد وغيره: (عَنِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ سَأَلَهُ رَجُلٌ مَا حَقُّ الْمَرْأَةِ عَلَى الزَّوْجِ قَالَ «تُطْعِمُهَا إِذَا طَعِمْتَ وَتَكْسُوهَا إِذَا اكْتَسَيْتَ وَلاَ تَضْرِبِ الْوَجْهَ وَلاَ تُقَبِّحْ وَلاَ تَهْجُرْ إِلاَّ فِي الْبَيْتِ»،
وهذا الهجر من عدم الجماع، وعدم التحدث إليها يشعرها بجدية الزوج في تصرفه، وأن هنالك حقاً ما أزعجه، لدرجة أنه صار مولياً لها، وهذا فيه تأثير شديد في نفسها، وهذه الطرق الإلهية، والخطوات القرآنية، من أحكم الحاكمين الذي خلق المرأة وخلق الرجل، ويعلم ما يؤثر في هذا وما يؤثر في هذه. وليكن معلوما أنه لهذه اللحظة لا زالت قضية الخلاف والنشوز سرية بينهما، فالوعظ بينهما، وكذلك الهجر بينهما،
أيها المسلمون
فإذا لم ترتدع الزوجة الناشز بالموعظة، ولا بالهجران، انتقل الزوج معها إلى المرتبة الثالثة والعلاج الأشد، وهو الضرب، لقوله تعالى: (وَاضْرِبُوهُنَّ): ولكن الشرع لم يهمل الضرب، بل قيده، ففي سنن الترمذي وغيره، قال ﷺ: (فَإِنْ فَعَلْنَ فَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ ضَرْبًا غَيْرَ مُبَرِّحٍ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلاَ تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً)، فأذن الله لك أيها الزوج أن تضرب ضرباً غير مبرّح، فلا تسيل دما، ولا تكسر لها عظما. وسأل عطاء ابن عباس: ما الضرب غير المبرّح ؟ قال: “بالسواك ونحوه”، وَمَعْنَاهُ اِضْرِبُوهُنَّ ضَرْبًا لَيْسَ بِشَدِيدٍ وَلَا شَاقّ ولا مُجَرِّح. لا يَظْهَرُ لَهُ أَثَرٌ عَلَى الْبَدَنِ مِنْ جُرْحٍ أَوْ كَسْرٍ”. وقال ﷺ لمن سأله عن حق الزوجة على الزوج: (أَنْ تُطْعِمَهَا إِذَا طَعِمْتَ، وَتَكْسُوَهَا إِذَا اكْتَسَيتَ، وَلا تَضْرِبْ الْوَجْهَ وَلَا تُقَبِّحْ -أي لا تقل قبحك الله أو قبح الله وجهك- وَلا تَهْجُرْ إِلا فِي الْبَيْتِ) رواه أحمد وغيره،
وإذا قدر الرجل على تأديب زوجته بغير الضرب فلا يجوز له الضرب، لأن الله ذكر قبله مراحل ومراتب، وكذلك ألا يضرب في غضبٍ أو عصبية، وأيضاً ألا يضرب بقصد الإهانة والإيذاء، بل بقصد التقويم والتأديب، فليتق الله الذين يضربون زوجاتهم لأتفه الأسباب، من قساة القلوب، غلاظ الطباع، ليس في قلوبهم رحمة، فمنهم من ضرب زوجته حتى ماتت، ومنهم من تسبب لها بعاهة مستديمة، فهذا كله محرم على الزوج، وفي سنن ابي داود: (قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- «لاَ تَضْرِبُوا إِمَاءَ اللَّهِ». فَجَاءَ عُمَرُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فَقَالَ ذَئِرْنَ النِّسَاءُ عَلَى أَزْوَاجِهِنَّ. فَرَخَّصَ فِي ضَرْبِهِنَّ فَأَطَافَ بِآلِ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- نِسَاءٌ كَثِيرٌ يَشْكُونَ أَزْوَاجَهُنَّ فَقَالَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- «لَقَدْ طَافَ بِآلِ مُحَمَّدٍ نِسَاءٌ كَثِيرٌ يَشْكُونَ أَزْوَاجَهُنَّ لَيْسَ أُولَئِكَ بِخِيَارِكُمْ». ومن الملاحظ أن الرِّجَالَ وَالنِّسَاءَ لَا يَسْتَوُونَ فِي ذَلِكَ؛ فَإِنَّ الْعَبْدَ يُقْرَعُ بِالْعَصَا وَالْحُرَّ تَكْفِيهِ الْإِشَارَةُ؛ وَمِنْ النِّسَاءِ، بَلْ مِنْ الرِّجَالِ مَنْ لَا يُقِيمُهُ إلَّا الْأَدَبُ، فَإِذَا عَلِمَ ذَلِكَ الرَّجُلُ فَلَهُ أَنْ يُؤَدِّبَ، وَإِنْ تَرَكَ فَهُوَ أَفْضَلُ. وكان النبي ﷺ قد تزوج من النساء عدداً واجتمع عنده في وقت واحد تسع منهن، فقالت عَائِشَة: مَا ضَرَبَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ شَيْئًا قَطُّ بِيَدِهِ، وَلا امْرَأَةً، وَلا خَادِمًا، إِلَّا أَنْ يُجَاهِدَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ.
والشرع الحنيف لم يترك الزوج، وإنما وعظه وذكره في الآية، وخوفه وتوعده بالعقاب إن طغى، والحساب إن بغى، فقال تعالى: (فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ). أي: رجعن عن النشوز إلى طاعتكم يا أيها الأزواج، (فَلاَ تَبْغُواْ عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً )، أي: فلا تطلبوا طريقاً من الضرب، أو الهجران على سبيل التعنت والانتقام، فإذا حصلت الطاعة مسحت الأخطاء، وإذا تابت الزوجة وعادت ،فيجب ترك العقوبة والتوبيخ عما مضى، وأن يعود الزوج إلى البشاشة والملاطفة، وأنواع الإحسان وعدم التعيير بما مضى.
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية (علاج المرأة الناشز)
الحمد لله رب العالمين. اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان. ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له. وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد أيها المسلمون
أما المرتبة الرابعة، في علاج نشوز المرأة على زوجها فهي: اختيار الحكمين: قال تعالى: (وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا)، فينبغي اختيار حكما من أهله وأقاربه، وحكما من أهلها وأقاربها، ليكونا قادرين على إنجاح المهمة والاصلاح، قال المفسرون: لأنّ الأقارب أعرف ببواطن الأحوال، وأطلب للصلاح، – وآمن وأحفظ للأسرار فتحصل بهما طمأنينةٌ أكثر- ونفوس الزوجين تسكن إليهم، ويبرز إليهم ما في ضمائرهما من الحب والبغض وإرادة الصحبة والفرقة، وموجبات ذلك ومقتضياته وما يخفيانه عن الأجانب، ولا يحبان أن يطلعوا عليه، فيتبين الحكمان أسباب الخلاف، ويستمعان من الطرفين، ثم يجتمعان ويتحاوران ويتشاوران فيما هو الأصلح للزوجين من الموافقة أو المفارقة، وإذا كان الاستمرار فبأي طريقة يكون، وماذا يلزم به الطرفان، وإذا كان الفراق فبأي طريقة يكون؟ طلاقاً خلعاً فسخاً بعوض بغيره، فإن تعذر أن يكون الحكمان من أقارب الزوجين فلا بأس أن يكون من الأجانب كما قال العلماء، فإن لم يكن لهم أهل، قد يكونان في بلد غربة، جاليات إسلامية في الخارج، أو كان ولم يكن فيهم من يصلح لذلك، ليس بعدلٍ، لا يوجد من أقاربها أو من أقاربه من يصلح، قال العلماء: (فَإِنَّ الْحَاكِمَ يَخْتَارُ حَكَمَيْنِ عَدْلَيْنِ مِنْ الْمُسْلِمِينَ، – وبالإضافة إلى ذلك – وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَكُونَا جَارَيْنِ).
فالحكمان: (إِنْ يُرِيدَا إِصْلَاحًا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا خَبِيرًا): وهذا يبين أهمية صلاح النية من الحكمين والزوجين معا، وفي ذلك أيضا إشارة إلى الإخلاص وحسن النية، وألا يدخرا وسعاً في ذلك، فانظر إلى أثر حسن نية الحكمين على صلاح الأمر بين الزوجين، وانظر إلى تأثير حسن النية في الحصول على النتيجة المرجوة، فإذا حسنت نية الحكمين وكانا ينويان التوفيق بين الزوجين ولا يدخران وسعاً في الإصلاح، يوفق الله، للألفة والمودة، والرحمة، يوفقه الله للحق والصواب، وأما التدخل الغير حكيم فهو مفسد، وقد قال ﷺ: «لَيْسَ مِنَّا مَنْ خَبَّبَ امْرَأَةً عَلَى زَوْجِهَا أَوْ عَبْدًا عَلَى سَيِّدِهِ». [أي: أفسد عليه]. الدعاء