خطبة عن أحكام النائم والصبي والمجنون وحديث (رُفِعَ الْقَلَمُ عَنْ ثَلاَثَةٍ)
يناير 25, 2020خطبة عن حرمة دم المسلم وحديث (لاَ يَحِلُّ دَمُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ إِلاَّ بِإِحْدَى ثَلاَثٍ)
يناير 25, 2020الخطبة الأولى ( وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ )
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
يقول الله تعالى في محكم آياته : (هَاأَنْتُمْ هَؤُلَاءِ تُدْعَوْنَ لِتُنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَمِنْكُمْ مَنْ يَبْخَلُ وَمَنْ يَبْخَلْ فَإِنَّمَا يَبْخَلُ عَنْ نَفْسِهِ وَاللَّهُ الْغَنِيُّ وَأَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ) (38) محمد
إخوة الإسلام
لقد دعا الله عز وجل عباده إلى تدبر القرآن ، فقال الله تعالى : {كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آَيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ} [ص: 29]، وفي نفس الوقت ، فقد أنكر الله على من أعرض عن تدبر القرآن ، فقال الله تعالى :{أَفَلَمْ يَدَّبَّرُوا الْقَوْلَ أَمْ جَاءَهُمْ مَا لَمْ يَأْتِ آَبَاءَهُمُ الْأَوَّلِينَ} [المؤمنون: 68]، واليوم -إن شاء الله – موعدنا مع آية من كتاب الله ، نتدبرها ، ونسبح في بحار معانيها ، ونرتشف من رحيقها المختوم ، مع قوله تعالى : (وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ) (38) محمد ، يقول الطبري في تفسيرها : وإن تتولوا أيها الناس عن هذا الدين الذي جاءكم به محمد صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم , فترتدّوا راجعين عنه ،يهلككم ثم يجيء بقوم آخرين غيركم بدلا منكم يصدّقون به, ويعملون بشرائعه ، ثم لا يبخلوا بما أُمروا به من النفقة في سبيل الله, ولا يضيعون شيئا من حدود دينهم, ولكنهم يقومون بذلك كله على ما يُؤمرون به. ، وقد ذكر المفسرون أقوالاً عدة في هؤلاء الذين يستبدلون بالمخاطبين في الآية، فقيل : اليمن ،وقيل الفرس ،وقيل الروم ،وقيل الملائكة ،وقيل سائر الناس، واختاره مجاهد، والمعنى أن الله سيستبدل بكم آخرين سامعين مطيعين له ولأوامره، كما قال ابن كثير. فإن في الآية ترهيباً من التولي عن طاعة الله ،وتحذيرا من أن يجري على المتولين سنة الاستبدال التي جرت على أمم سابقة. وقد ذكر الماوردي في تفسيره ( معنى ( وَإِنْ تَتَوَلَّوْا ) : أحدها : وإن تتولوا عن كتابي. الثاني: عن طاعتي. الثالث: عن الصدقة التي أُمرتم بها. الرابع: عن هذا الأمر فلا تقبلونه” – استحقوا الوقوع تحت طائلة الاستبدال، وإذ ذاك، سيكونون على جادة لا تعرف الحيدة عن طريق الحق، ولا تعرف البخل عن بناء هذا الصرح الإسلامي الكبير. إن سنة الله حاكمة، تخاطب بها هذه الأمة مثلما خوطبت بها غيرها، لقد نزلت هذه الآية على من نزلت إليهم هذه الآية: (كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ) آل عمران 110، ولا تعارض؛ فإن الخيرية رهينة بما تلا هذه البداية: (تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ) آل عمران 110، فالآية المذكورة فيه وهي قوله تعالى : (وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ) ، فالمراد منها التخويف فقط ، وإلا فلا يوجد من هو أفضل من الصحابة (رضي الله عنهم) ، ولا مثلهم ، قال القرطبي رحمه الله : هو إخبار عن القدرة ، وتخويف لهم ، لا أن في الوجود من هو خير من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ”
أيها المسلمون
ففي قوله تعالى : (وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ) ، إشارة ربانية، لأولئك الذين تركوا بعض الأعمال الصالحة ،كالإنفاق في سبيل الله ،بأن الله غني عنهم ، وعن نفقاتهم, كما في الآية (وَاللَّهُ الْغَنِيُّ وَأَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ) محمد 38. ، وفي الآية تقرير وتهديد بالاستبدال الرباني ،لمن فرط في باب النفقة في سبيل الله تعالى, والقلب المؤمن يخشى من الدخول في أولئك القوم ،الذين عناهم الله بقوله: (يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ). فهذا الاستبدال دليل على أن الله لا يريدهم ، ولم يفوزوا برضوانه ومحبته ،حيث قال تعالى : (ثُمَّ لا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ). ، فأي ظلال نستوحيه من هذه الآية ؟! وأي تهديد يمس القلوب الخاشعة ،من هذا التهديد الرباني “يستبدل”؟!. ، وإذا كان الله تعالى قرر أن يستبدل من قصر في باب النفقة فقط ،فكيف بمن كانت حياته كلها تقصير ،وتفريط ، وإعراض عن مراضي الرب تبارك وتعالى ؟ ، إنها همسة لي ولك: الزم باب العمل لله ،وابذل جهدك ومالك ووقتك في سبيل الله ،حتى لا تكون ممن عناهم الله بقوله: (يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ).
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية ( وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ )
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
إن هذا الدين دين الله، وقد تكفل الله بحفظه إلى قيام الساعة، وتكفل بإظهاره على الدين كله، ولو كره المشركون ، والمحظوظ من استخدمه ربه لخدمة دينه، فليست الدعوة إلى الله ، والمنافحة عن دينه ،مربوطة بجهة معينة ،أو بأشخاص بعينهم ،بل ترعاها عناية سماوية ؛ فلو كان الدين يتأثر بالأشخاص ،لتأثر بوفاة مبلغه لنا – عليه الصلاة والسلام – نعم قد يوجد ضعف في اتباع هذا الدين وحملة الشريعة ، ويدال أهل الباطل عليهم ،لكنه ضعف مؤقت، وفق سنة كونية .فاتقوا الله إخوتي، وليخف كل منا على نفسه من الاستبدال ، وليحاول بكل ما أعطاه الله من قوى وقدرات المساهمة في نصرة الإسلام والمسلمين بنفسه وماله ، وإلا فلا يلومن إلا نفسه ، وليوجه كل منا لنفسه اللوم والعتاب ،بأنه هو أحد أسباب ما يحدث للمسلمين من شتات واستضعاف ومصائب ، ودع عنك بعد ذلك معاذيرها وجدالها ـ فما أهلك الخلق إلا إتباع هوى النفوس وإسترسالها ، وتزكيتهم لأنفسهم ، وعدم حثها على العمل الخالص لله تعالى ـ وقل لها ، قال الله تعالى : (وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ (30) وَمَا أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ فِي الْأَرْضِ وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ) (30) ،(31) الشورى
الدعاء