خطبة عن ( من صور عقوق الوالدين وعقوبته)
مارس 12, 2016خطبة عن ( بر الوالدين، وكيف تكون بارا بوالديك)
مارس 12, 2016الخطبة الأولى ( من صور البر بالوالدين )
الحمد لله رب العالمين ..اللهم لك الحمد كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك .. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له .وأشهد أن محمدا عبده ورسوله اللهم صل وسلم وبارك عليه وعلى آله واصحابه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
في الصحيحين : ( عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- أَىُّ الْعَمَلِ أَفْضَلُ قَالَ « الصَّلاَةُ لِوَقْتِهَا ». قَالَ قُلْتُ ثُمَّ أَىٌّ قَالَ « بِرُّ الْوَالِدَيْنِ ». قَالَ قُلْتُ ثُمَّ أَىٌّ قَالَ « الْجِهَادُ فِى سَبِيلِ اللَّهِ ».
إخوة الإسلام
للبر بالوالدين صور متعددة : فمن بر الوالدين الإعتراف بفضلهما والدعاء لهما،ففي صحيح الأدب المفرد عن أبي مرة مولى أمِّ هانئ بنت أبي طالب:(أنه ركب مع أبي هريرة إلى أرضه بـ[العقيق] فإذا دخل أرضه صاح بأعلى صوته: عليكِ السلامُ ورحمةُ الله وبركاتُه يا أمَّتاه! تقول: وعليك السلام ورحمة الله وبركاته، يقول: رحمكِ اللهُ كما ربيتيني صغيراً، فتقول: يا بُنيَّ! وأنت، فجزاك الله خيراً ورضي عنك كما بررتني كبيراً).. ولعظم حق الوالدين كان الولد وما ملك لوالده؛ فعند الإمام أحمد أَنَّ أَعْرَابِيًّا أَتَى النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ إِنَّ لِى مَالاً وَوَالِداً وَإِنَّ وَالِدِى يُرِيدُ أَنْ يَجْتَاحَ مَالِى. قَالَ « أَنْتَ وَمَالُكَ لِوَالِدِكَ إِنَّ أَوْلاَدَكُمْ مِنْ أَطْيَبِ كَسْبِكُمْ فَكُلُوا مِنْ كَسْبِ أَوْلاَدِكُمْ ». واعلم أخي المسلم أن دعوة الوالدين مستجابة : ففي صحيح مسلم: ( كَانَ جُرَيْجٌ رَجُلاً عَابِدًا فَاتَّخَذَ صَوْمَعَةً فَكَانَ فِيهَا .فَأَتَتْهُ أُمُّهُ وَهُوَ يُصَلِّى فَقَالَتْ يَا جُرَيْجُ. فَقَالَ يَا رَبِّ أُمِّى وَصَلاَتِى. فَأَقْبَلَ عَلَى صَلاَتِهِ فَانْصَرَفَتْ فَلَمَّا كَانَ مِنَ الْغَدِ أَتَتْهُ وَهُوَ يُصَلِّى فَقَالَتْ : يَا جُرَيْجُ فَقَالَ يَا رَبِّ أُمِّى وَصَلاَتِى فَأَقْبَلَ عَلَى صَلاَتِهِ فَانْصَرَفَتْ فَلَمَّا كَانَ مِنَ الْغَدِ أَتَتْهُ وَهُوَ يُصَلِّى فَقَالَتْ يَا جُرَيْجُ. فَقَالَ أَىْ رَبِّ أُمِّى وَصَلاَتِى. فَأَقْبَلَ عَلَى صَلاَتِهِ فَقَالَتِ اللَّهُمَّ لاَ تُمِتْهُ حَتَّى يَنْظُرَ إِلَى وُجُوهِ الْمُومِسَاتِ. فَتَذَاكَرَ بَنُو إِسْرَائِيلَ جُرَيْجًا وَعِبَادَتَهُ وَكَانَتِ امْرَأَةٌ بَغِىٌّ يُتَمَثَّلُ بِحُسْنِهَا فَقَالَتْ إِنْ شِئْتُمْ لأَفْتِنَنَّهُ لَكُمْ قَالَ فَتَعَرَّضَتْ لَهُ فَلَمْ يَلْتَفِتْ إِلَيْهَا فَأَتَتْ رَاعِيًا كَانَ يَأْوِى إِلَى صَوْمَعَتِهِ فَأَمْكَنَتْهُ مِنْ نَفْسِهَا فَوَقَعَ عَلَيْهَا فَحَمَلَتْ فَلَمَّا وَلَدَتْ قَالَتْ هُوَ مِنْ جُرَيْجٍ. فَأَتَوْهُ فَاسْتَنْزَلُوهُ وَهَدَمُوا صَوْمَعَتَهُ وَجَعَلُوا يَضْرِبُونَهُ فَقَالَ مَا شَأْنُكُمْ قَالُوا زَنَيْتَ بِهَذِهِ الْبَغِيِّ فَوَلَدَتْ مِنْكَ. فَقَالَ أَيْنَ الصَّبِىُّ فَجَاءُوا بِهِ فَقَالَ دَعُونِى حَتَّى أُصَلِّىَ فَصَلَّى فَلَمَّا انْصَرَفَ أَتَى الصَّبِىَّ فَطَعَنَ فِى بَطْنِهِ وَقَالَ يَا غُلاَمُ مَنْ أَبُوكَ قَالَ فُلاَنٌ الرَّاعِى قَالَ فَأَقْبَلُوا عَلَى جُرَيْجٍ يُقَبِّلُونَهُ وَيَتَمَسَّحُونَ بِهِ وَقَالُوا نَبْنِى لَكَ صَوْمَعَتَكَ مِنْ ذَهَبٍ. قَالَ لاَ أَعِيدُوهَا مِنْ طِينٍ كَمَا كَانَتْ فَفَعَلُوا)
واعلم أخي المسلم .. أنك مهما كنت بارا بوالديك ومهما قدمت لهم من خدمات ونفقات فلن توفي الوالدين حقهما. قال رجل لعمر بن الخطاب رضي الله عنه: إن لي أماً بلغ منها الكبر أنها لا تقضي حوائجها إلا وظهري لها مطية، فهل أديت حقها؟ قال: لا. لأنها كانت تصنع بك ذلك وهي تتمنى بقاءك، وأنت تصنعه وأنت تتمنى فراقها، ولكنك محسن، والله يثيب الكثير على القليل.. وبيَّن رسول الله صلى الله عليه وسلم بما يجزي الولد والده، ففي صحيح مسلم عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم « لاَ يَجْزِى وَلَدٌ وَالِدًا إِلاَّ أَنْ يَجِدَهُ مَمْلُوكًا فَيَشْتَرِيَهُ فَيُعْتِقَهُ ».. وعن أبي بردة أنه شهد ابن عمر رضي الله عنهما، ورجل يماني يطوف بالبيت، حمل أمه وراء ظهره يقول: (إني لها بعيرها المذلل .. إن أُذعرت ركابها لم أذعر)..ثم قال: يا ابن عمر، أتُراني جزيتها؟ قال: (لا، ولا بزفرة واحدة) ، ويقول ابن عباس رضي الله عنهما (ثلاث آيات مقرونات بثلاث: لا تقبل واحدة بغير قرينتها ( وَأَطِيعُواْ اللَّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ). فمن أطاع الله ولم يطع الرسول لم يقبل منه. ( وَأَقِيمُواْ الصلاةَ وَاتُواْ الزكاةَ ) . فمن صلى ولم يزك لم يقبل منه. و(أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ ) فمن شكر الله ولم يشكر لوالديه لم يقبل منه)
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية ( من صور البر بالوالدين )
الحمد لله رب العالمين ..اللهم لك الحمد كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك .. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له .وأشهد أن محمدا عبده ورسوله اللهم صل وسلم وبارك عليه وعلى آله واصحابه أجمعين
اما بعد ايها المسلمون
وأسوق صورا للبر عند السابقين : فهذا أبو الحسن علي بن الحسين زين العابدين رضي الله عنهم كان من سادات التابعين، وكان كثير البر بأمه حتى قيل له: إنك من أبر الناس بأمك، ولسنا نراك تأكل معها في صحفة، فقال: أخاف أن تسبق يدي إلى ما سبقت إليه عينها، فأكون قد عققتها. وهذا حيوة بن شريح وهو أحد أئمة المسلمين والعلماء المشهورين، يقعد في حلقته يعلّم الناس ويأتيه الطلاب من كل مكان ليسمعوا عنه، فتقول له أمه وهو بين طلابه: قم ـ يا حيوة ـ فاعلف الدجاج، فيقوم ويترك التعليم.
أيها الموحدون
أما عقوق الوالدين فهو كبيرة من الكبائر..ففي صحيح البخاري عن أَبِى بَكْرَةَ عَنْ أَبِيهِ رضى الله عنه قَالَ قَالَ النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم « أَلاَ أُنَبِّئُكُمْ بِأَكْبَرِ الْكَبَائِرِ ». ثَلاَثًا. قَالُوا بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ . قَالَ « الإِشْرَاكُ بِاللَّهِ وَعُقُوقُ الْوَالِدَيْنِ ». ولعقوق الوالدين صور كثيرة .قد يجهلها البعض منا . ويجب علينا أن نتعرف عليها حتى لا نقع فيها .. ومن أخطأ في واحدة منها فليتب إلى الله منها ويطلب العفو من والديه في الدنيا قبل أن يحاسب عليها في الآخرة .فمن صور العقوق للوالدين إبكاء الوالدين وتحزينهما: سواء بالقول أو الفعل، أو رفع الصوت عليهما ؛ وإغلاظ القول معهما قال تعالى :[وَلا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلاً كَرِيماً] الاسراء 23، أي: لينًا طيبًا حسنًا .ومن العقوق التأفف،والتضجر من أوامرهما قال تعالى [فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ] وهو كلّ ما قبُح من الكلام والأحوال. ونستكمل الموضوع إن شاء الله
الدعاء